العدد (161) - اصدار (2-2006)
كل يوم يستيقظ عادل متأخرًا ويذهب إلى المدرسة متكاسلاً, يتمارض في بعض الأحيان فيوم صداع ويوم مغص شديد ويوم حرارة, لا يواظب على دروسه ولا يهتم إن جاءت نتائجه مرتفعة أو متدنية, وفي كل يوم يسمع النصائح نفسها, فمن أبيه يسمع: لقد تأخرت عن المدرسة والحياة لا تنتظر المتأخرين..., ومن أمه يسمع: التلميذ النجيب يحرص على دراسته حتى يحظى بمستقبل أفضل..., ومن المعلم يسمع: يا عادل طلب العلم هو عملك الآن حاول أن تغير من نفسك
على حائط غرفتي صورة لجندي عربي يحتضن بندقيته. الجندي كان ينظر لشيء بعيد غير موجود بالصورة وحوله الصحراء شاسعة وخالية, ذات يوم غادر الجندي الصورة, حين غادرها سمعت أصواتا لبنادق ودبابات وصواريخ, خفت لكنني لما تذكرت ملامح الجندي العربية الأصيلة أحسست بالأمان
صار عمره خمس سنوات, صار يركب الدراجة بلا مساعدة من أحد. أراقبه, يداه على المقبض, قدماه على الدواستين.. يحاول السير ببطء, يسرع بحذر وينطلق ملوحًا لي.. (مع السلامة). لقد أتقن ركوب الدراجة حديثًا.. كفرخ صغير يطير لأول مرة.. غطت يداه خدوش ورضوض كثيرة أثارت إشفاقي حين غسلته مساء, لكنها كانت بالنسبة إليه وسامًا تلقاه في رحلته نحو قيادة الدراجة الزرقاء التي أهدته إياها عمته سلمى في عيده الخامس
عند قدوم الربيع, عاد زوج من عصافير الثلج إلى المنحدرات الصخرية الشاهقة عند شاطئ البحر, قادمين من أرض بعيدة من الجنوب, بنيا عشاً على صخرة شاهقة على حافة البحر تمامًا. وضعت العصفورة بيضة, وبقيت في العش تدفئها بجسدها, وكانت تخشى أن تتركها لحظة واحدة, خوفًا من أن تصيبها الريح الباردة بالتجمد, وكانت تغطيها حتى لا تسقط عليها الأمطار, لدرجة أنها بالكاد تجد وقتًا لتأكل أو تنام
لجدي منصور حكايات عجيبة, يقصها علينا بأسلوبه الشائق عندما يزورنا كل صيف في ضيعتنا, ولذلك فنحن ننتظر تلك الزيارات بفارغ الصبر, ونطلب منه الحكايات, فينظر إلينا مبتسمًا, ثم تلتمع عيناه ببريق ساحر, وتبدأ الحكايات في التدفق كأنها شلال ينساب برقة وعذوبة.. قال جدنا منصور