المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

أبوظبي

إعلان جوائز ابن بطوطة للأدب الجغرافي

أعلنت في أبو ظبي نتائج (جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي) في سنتها الثانية, وهي الجائزة التي تأسست العام الماضي في إطار مشروع (ارتياد الآفاق)الذي أطلقته (دار السويدي) برعاية الشاعر محمد أحمد السويدي, ويشرف عليه الشاعر نوري الجرّاح. وتمنح الجائزة سنويًا لأفضل الأعمال المحققة في أدب الرحلة ضمن سعي الدار لإحياء الاهتمام بالأدب الجغرافي.

ويهدف المشروع الذي كرمته مجلة (العربي) في ندوتها الفكرية (الغرب بعيون عربية) التي أقيمت العام الماضي, إلى إحياء الاهتمام بالأدب الجغرافي من خلال تحقيق المخطوطات العربية والإسلامية التي تنتمي إلى أدب الرحلة والأدب الجغرافي بصورة عامة, من جهة, وإلى تشجيع الأدباء والكتاب العرب على تدوين يومياتهم في السفر, ودراسة أدب الرحلة العربي الذي عرف إهمالاً كبيراً من جانب المؤسسات الثقافية العربية على ما له من أهمية استثنائية في بناء جسر ثقافي بين المشرق والمغرب وبين العرب والعالم, وبالتالي تدعيم فكرة لقاء الشعوب والثقافات, وقيام حوار حضاري بين الأمم والجماعات الإنسانية المختلفة. وقد عرفت الجائزة هذا العام إضافة مهمة هي تكريس فرع منها للدراسات الواقعة في حقل الأدب الجغرافي. وتسعى (دار السويدي) من خلال إصداراتها وجائزتها إلى التنقيب عن المخبوء والمجهول من المخطوطات العربية والإسلامية الموجودة في كنف المكتبات العربية والعالمية, وإخراجه إلى النور, وبالتالي إضاءة الزوايا الظليلة في الثقافة العربية عبر علاقتها بالمكان, والسفر فيه, والكشف عن نظرة العربي إلى الذات والآخر, من خلال أدب الرحلة بصفته من بين أبرز حقول الكتابة في التراث العربي, لم ينل اهتماماً يتناسب والأهمية المعطاة له في مختلف الثقافات.

والمخطوطات الفائزة هي: (الرحلة البدرية إلى المنازل الرومية) (القرن السادس عشر) لبدر الدين الغزي, من تحقيق مهدي الرواضية, و(إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار), وهي رحلة إلى فرنسا وبلجيكا وإنجلترا و إيطاليا سنة 1876 وكتبها إدريس الجعيدي السلوي وحققها وقدّم لها: د. عز المغرب معنينو, و(الرحلة المعينية 1938 (لماء العينين بن العتيق, من تحقيق وتقديم د.محمد الظريف, وجائزة الرحلة المعاصرة للكاتب التونسي علي مصباح عن كتابه (مدن ووجوه- رحلات إلى اسطنبول, المغرب, لشبونة), أما جائزة الدراسات في الأدب الجغرافي فقد فاز بها د.عبد النبي ذاكر (المغرب) عن دراسته الأكاديمية المحكمة المسماة (الرحلة العربية إلى أوربا وأمريكا والبلاد الروسية- خلال القرنين التاسع عشر والعشرين-دراسة في المحتمل). وستوزع الجوائز في احتفال يقام في الجزائر خلال ندوة (الرحالة العرب والمسلمون: اكتشاف الذات والآخر), التي ستنعقد من 22 إلى 25 من هذا الشهر (نوفمبر) بإشراف (ارتياد الآفاق) و(المكتبة الوطنية في الجزائر).

القاهرة

بعد 50 عامًا من التدهور: ترميم آثار القاهرة

بعد سنوات من العمل بآثاره تقرر أن يفتتح شارع المعز الشهر المقبل, ومن المنتظر أن يتم ذلك وسط مظاهر احتفالية موسعة تتناسب مع أهمية الشارع الذي يضم عددا هائلا من آثار مصر الإسلامية.وقد تم ترميم عدد كبير من الآثار في إطار مشروع تطوير القاهرة التاريخية من بينها: مجموعة السلحدار ومسجد برقوق وسبيل محمد على بالنحاسين الذى سيتحول إلى أول متحف للنسيج في مصر. كما انتهى ترميم قصر بشتاك والمدرسة الكاملية ومدرسة الأشرف برسباي وحمام إينال وبوابتي النصر والفتوح. ومن جهة أخرى ستجرى إعادة صياغة واجهات البيوت الحديثة وتطويرها لتتماشى مع نسق الشارع وتاريخه وقيمته الحضارية.

وتتميز القاهرة بخصوصية شديدة في معمارها, إذ أسهمت ظروف تاريخية وجغرافية عديدة في نشر غالبية عمائرها بين أحيائها العتيقة: مصر القديمة والفسطاط, مرورا بمنطقة القلعة وأحياء الدرب الأحمر والخليفة والسيدة زينب, فالخيامية وشارعي الجمالية والمعزلدين الله حتى بوابة النصر, ثم بوابة الفتوح في السور الشمالي للقاهرة الفاطمية. ولذلك فإن هذه العمائر قائمة في شوارع وحارات وأزقة ودروب قد لا يزيد عرض الواحد منها على المترين! وهنا تكمن المخاطر التي تحيق بآثارها (والتي تضم 312 آثرا مسجلا), فضلاً عن أن معظم هذه الآثار يقطن بها سكان منهم من توارثها عن أجداده, ومنهم من اتخذها مأوى له, وكلاهما أضفى عليها مظاهر الحياة بصبغته الخاصة, التي تفتقر إلى الوعي والفهم, فجعلها جزءاً من الحياة المشوهة الحديثة, لتصبح مسخاً من أماكن كانت ذات يوم.. آثارا!

وستجد على سبيل المثال لدى دلوفك لسبيل حسين الحبشي, الذي يعود تاريخه للعصر العثماني (مسجل برقم: 558) تجد جدرانه مطلية باللونين: الأحمر الباهت والأزرق السماوي, وتبصر صفيحتين تحويان نباتات هشة ذابلة, ثم تصعد للطابق الثاني حيث يقع الكتّاب, فتجده خاليا من زخارفه وطلائه القديم, واستحداثات في دورات المياه وصرف في مبنى الكتاب ألحق به, أدى إلى تحلل الجدران أسفله, مما يهدد بانهيار أسفل السبيل, فضلا عن أنك تجده ـ السبيل ـ مجرد بيت يحوي بعض الأثاث المتواضع, من كراسي نصف مهشمة, إلى مرآة, إلى أسرّة ودواليب وملابس وأوان وغيرها, مما يؤكد أنك تجلس في بيت متواضع الحال, لا أثر يحمل في طياته تاريخا بأكمله!

فعلى مدى الأعوام الخمسين الماضية, عانت المباني الأثرية القاهرية مختلف أنواع التدهور, التي لم تكن معروفة من قبل, ومن بين العوامل التي تعجل بتدهور هذه المباني: ارتفاع منسوب المياه تحت السطحية, والبنية التحتية التي تنوء بأحمالها, وارتفاع الكثافة السكانية في أحياء القاهرة, وعدم القيام بصيانة الآثار, وغزو وسائل النقل الحديث لقلب المدينة القديمة, ونزوح أهالي السويس وبورسعيد إلى هذه المناطق بسبب حرب 67, وتأجير المباني الأثرية لأصحاب الأنشطة الصناعية والتجارية, مما نتج عن ذلك من تلوث وأحماض واستخدام لمعدات تسبب اهتزازات هائلة, فضلا عن إدخال تعديلات على التصميم المعماري للمبنى بما يتناسب مع نوع النشاط .

وأثناء هذه الأعوام الخمسين, كانت هيئة الآثار المصرية هي الجهة الحكومية الوحيدة التي كان منوطا بها حماية المباني التاريخية بالقاهرة وصيانتها, وكان يعاونها عدد من البعثات الأثرية الأجنبية, ورغم ما بذل من جهود فمن الواضح أن الأعمال التي تم تنفيذها ـ مقارنة بحجم ما يلزم من أعمال لإنقاذ القاهرة ككل ـ لم تكن إلا نقطة في بحر. فضلا عن ذلك لم يراع التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية المعنية بأمر الآثار, وهي حقيقة مؤسفة أدت إلى إفراغ الأعمال التي تمت من كامل فعاليتها. فعلى سبيل المثال عند القيام بمحاولة لحل مشكلة ملكية المباني الأثرية في القاهرة, نشب جدل حاد بين وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف ومحافظة القاهرة والقطاع الخاص, وغني عن القول أن هذا الجدل قد أضر ضررا بالغا بعملية اتخاذ القرار وبسرعة التنفيذ.

لكن هذه السطور ليست سوى القليل من المشكلات التي اعترضت الدولة في القيام بعمليات ترميم الآثار وإعادتها كما كانت, إن لم يكن إضافة بعض اللمسات التي تضيف إلى جمالها ورونقها.

مصطفى عبد الله

دمشق

رافينا دمشق.. جسر حضاري بين الشرق والغرب

مهرجان رافينا الإيطالي مهرجان موسيقي دولي يقدم حفلة سنوية كبرى في أحد أهم المواقع في العالم تحت شعار جسر من الأخوة على سبل الصداقة من خلال الفن والثقافة, ولقد اختار المهرجان أن يقدم عرضه هذا العام في سورية, ولذلك بلاشك مغزاه السياسي, فتأكيد الصداقة بين الغرب والعالم العربي هو رد غير مباشر على نظرية صراع الحضارات التي يريد لها البعض أن تكون هي الإطار العام للعلاقة بيننا وبين الغرب في حين يدرك معظم جيراننا في الغرب أننا علَمنا العالم عبر التاريخ حوار الحضارات باحترامنا القيم والعقائد وتقبلنا وتقديرنا للتنوع الحضاري البشري.

واختار مهرجان رافينا الإيطالي أن يقدم هذا العام عرضه الموسيقي في مدرج بصرى الشام جنوب دمشق, عاصمة الشرق والغرب, وموطن لقاء الحضارات عبر التاريخ الطويل, دمشق مدينة الروح والجسد, ليكون هذا العرض على مسمع ومشهد جمهور دولي عريض فاق خمسة عشر ألفا ضمن المدرج التاريخي العظيم, وملايين الناس عبر الإرسال التليفزيوني الإيطالي.

وقد احتفل مهرجان رافينا هذا العام بميلاده الخامس عشر بتميز أظهر البنية والمواضيع التي أعطت مهرجان رافينا خصائصه من حيث تنوع اللغات الفنية المتواصلة فيما بينها كالموسيقى والمسرح والرقص والسينما والأدب والفنون الرمزية من جهة والعلاقة مع الشرق وشعوب الشرق وحضاراته من جهة أخرى.

بعد سراييفو وبيروت والقدس وموسكو وايريفان واسطنبول ونيويورك والقاهرة بدأت رحلة جديدة للمهرجان.. من رافينا الى دمشق ومنها الى الشرق... عبر الهند وإندونيسيا في محاولة لإزالة الحواجز بين الغرب والشرق, فرافينا التي احتفلت العام الماضي بمرور 1600 عام على اصطفائها عاصمة لإمبراطورية الغرب عندما كانت أختها بيزنطة عاصمة شهيرة لإمبراطورية الشرق, كانت جسور الأخوة تترامى على شطآن البحر المتوسط بين الشعوب التي عاشت هناك. إن جسر الصداقة الجديد بين رافينا ودمشق يمثل بلا ريب عودة الى منابع حضارة المتوسط وتوطيدا لعلاقات الصداقة بين إيطاليا وسورية سيما وأنها أظهرت للوجود منذ عام 1964 أضخم الممالك القديمة في العالم على يد العالم الكبير والبرفيسور الرائع باولو ماتييه الذي اكتشف مملكة إيبلا الأثرية منذ أربعين عاما, وماكان لذلك من أثر كبير في إغناء المعرفة الإنسانية بمكنوزات المكتبة الشهيرة التي كشف النقاب عنها في تلك المملكة والتي توضح العلاقات التجارية والسياسية السائدة في المنطقة في العصور القديمة.

جاء هذا المهرجان الموسيقي المتميز بقيادة المايسترو العالمي ريكاردو موتي ومشاركة أكثر من 360 عازفا من إيطاليا وسورية كمناسبة دولية أظهرتنا في وضع يعكس حقيقة موقعنا الحضاري في العالم, مبعدا عنا تلك الصور المشوهة التي يريد البعض أن يلصقها بنا, وهي الصور التي تؤثر سلبا ليس فقط في السياحة عندنا, بل أيضا في الوضع الاقتصادي وفي صورتنا العامة في الخارج.

يأتي هذا العرض الموسيقي المهم ليلفت إلينا أنظار العالم ويضع صورتنا في إطار مختلف لنثبت للعالم أن البلد الذي اجتمعت في ركن صغير من أركانه عشرات الآلاف من الجماهير , ما هو إلا بلد ينعم بالأمن والاستقرار من جهة ويحمل مخزونا حضاريا راقيا من جهة أخرى.

من الواضح أن موتي قد بذل مجهودا واضحا في اختيار البرنامج الموسيقي الذي قدمه في بصرى الشام وأنه لم يأت لكي يقدم مقتطفات من إحدى سيمفونيات بيتهوفن التي قتلت عزفا, وإنما اختار سيمفونيات ومقطوعات مختارة من نورما أشهر مؤلفات الموسيقار الشهير فيتشينتسو بيلليني (1801 ـ 1835) التي تعود الى فترة احتلال الرومان لبلاد الغول في القرن الأول قبل الميلاد حيث أحبت نورما, كبيرة كهنة معبد دروديكال, الروماني باليون الذي رزقها ولدين وتنحى بعد ذلك عن حبها, بل أكثر من ذلك فقد أحب إحدى عذراوات المعبد أدالجيزا, لذلك عزمت على قتل ولديها لكنها أعلنت عوضا عن ذلك حربها على الرومان, لكن نورما عندما اكتشفت أن باليون قد أسر حررته خفية ووضعت نفسها مكانه لتحرق حية, ويكتشف باليون في النهاية أنه لايزال يحب نورما فيقرر أن يحترق معها.

أما القصيدة السيمفونية الثانية التي أتحفت العالم في تلك الأمسية فهي بيني دي روما أو شجر الصنوبر في روما (1924) لأوتورينو ريسبيغي (1879ـ 1936) كواحدة من أشهر ثلاثة أعمال له إضافة الى نوافير روما (1918) والمهرجانات الرومانية (1929).

تتألف بيني دي روما من أربعة مشاهد يصور الأول منها أطفالا يلعبون في فيلا بورغيزه وفجأة يتحول المشهد الى مدخل سراديب الأموات التي يظهر فيها في العمق البابا غريغوريوس المقدس, أما المشهد الثالث فهو وصف جميل لضوء القمر فوق الجانيكولوم مظهرا نداءات الليل, ويأتي المشهد الأخير ليصور المسير العسكري في طريق آبيان الشهير عندما يسير الجيش القنصلي عبر قوس النصر الى العاصمة مظهرا المجد الذي يقود الى السلام في مقاطعه الموسيقية الرائعة.

والحقيقة أن الجمع بين بيلليني وريسبيغي يعد اختيارا موفقا في حد ذاته لأنه يحمل رسالة واحدة للعالم تقول إن روما الحرب والقوة لم تجمع العالم وتجعله يعيش في سلام, بل جمعته روما الحضارة والمحبة.

وهكذا قدم لنا مهرجان رافينا في هذا العرض الفريد حدثا فنيا غاية في الأهمية, لايمكن أن ننسى فيه بسهولة هذا الإنشاد الجميل الذي قدمه كل من تاتانيا سيريان وجوزيبي جيبالي وإلديبراندو داركانجيلو حيث صدحت أصواتهم وسط هذا الصرح التاريخي الروماني العظيم الذي فتحت أبوابه على مر القرون للعالم أجمع.

د. دارم طباع - سورية

الرباط

المشهد السينمائي بالمغرب: اختلاف الزوايا.. وتنويع الفرجة

شكلت السينما الفرجة الأكثر هيمنة في الصيف المغربي لهذه السنة, واحتلت واجهة الإشعاع الثقافي من خلال تعدد المهرجانات التي اختارت أن تحتفي بالفن السابع وتجعله العنوان البارز في أنشطتها, بل إن الاهتمام بالسينما أعاد الحياة لمهرجانات كانت قد اختفت, ودشن مهرجانات أخرى ترى النور لأول مرة.

ومرد هذا الاهتمام بالفن السابع إلى الحركية المتميزة التي طبعت الصناعة السينمائية المغربية والتراكم الفيلموغرافي الملحوظ وتواتر حركة الإنتاج, الشيء الذي أعاد الفيلم المغربي إلى الواجهة سواء على المستوى الوطني أو في المحافل الدولية. وهذا يحفز ـ بطبيعة الحال ـ على إنعاش المهرجان السينمائي بالمغرب, الذي أخذ أوجها متعددة تنوعت معها الفرجة حتى صار للمغرب صيف سينمائي بامتياز.

كانت البداية بالدورة الخامسة لمهرجان الرباط السينمائي الذي نُظم ضمن فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان الرباط الدولي للثقافة والفنون, حيث قُدمت أفلام متنوعة ذات مرجعيات ثقافية وفنية مختلفة أعطت للمهرجان تنوعا في الفرجة والمواضيع والأسلوب السينمائي. وقد ضمت لائحة المسابقة الرسمية الأفلام التالية: (ما يطلبه المستمعون) من سورية, و(حكايات ليلى) من اليونان, و(يحيا الجزائر) من الجزائر, و(طائرة الورق) من لبنان, و(فودكا ليمون) من أرمينيا, و(بابوسيا) من روسيا, و(الفضولي الصغير) من فرنسا, و(زمان رجل القصب) من العراق, و(أحلى الأوقات) من مصر, و(طاسوما) من بوركينا فاسو. بالإضافة إلى الشريطين المغربيين (درب مولاي الشريف) لحسن بنجلون, و(جوهرة بنت الحبس) لسعد الشرايبي. أما الافتتاح فقد كان مصريا, ويتعلق الأمر بشريط (حب البنات) الذي تم عرضه بحضور مخرجه خالد الحجار والممثلين ليلى علوي وحنان ترك وأشرف عبدالباقي.

وقد تابع أفلام المسابقة الرسمية لجنة للتحكيم ترأستها الممثلة المصرية إلهام شاهين, بينما ضمت في عضويتها كلا من المخرجة أوزان بالسي من المارتنيك, والممثلة السنغالية عيساتو ديوب, والمخرجة الكندية جانين أوفرار, ومديرة مؤسسة السينما بكركاس الفينزويلية باتريسيا كيسر, والمخرج المغربي مصطفى الدرقاوي, والمخرج السوري محمد أسامة, والفنان التشكيلي المغربي محمد شبعة, والمخرج الفرنسي جون بيير ليدو. وهي اللجنة التي منحت جائزة الحسن الثاني الكبرى لمهرجان الرباط السينمائي الدولي الخامس للفيلم السوري (ما يطلبه المستمعون) للمخرج عبداللطيف عبد الحميد, فيما حازت جائزة أفضل دور نسائي الممثلة الروسية أولغا أوريسشينكو في فيلم (بابوسيا), وجائزة أحسن دور رجالي الممثل العراقي سامي قفطان في فيلم (زمان رجل القصب), وجائزة لجنة التحكيم للفيلم الأرمني (فودكا ليمون), ومنحت اللجنة جائزة تقديرية خاصة للممثلة المصرية هند صبري عن دورها في فيلم (أحلى الأوقات), كما نوهت بالشريطين المغربيين.

عرف مهرجان الرباط السينمائي أنشطة أخرى موازية لمسابقة الأفلام الطويلة, تمثلت في تكريم كل من المخرج المغربي مصطفى الدرقاوي, وتكريم مدير المركز الثقافي المصري السيد محمد عيد الذي انتهت مهمته بالمغرب أخيرا. كما تمثلت في بانوراما السينما المغاربية, وسينما الطفل, وعروض الشاشة الكبرى بفضاء الأوداية, وتكريم المخرج الياباني طاكشي كيطانو بعرض أهم أفلامه, وتمثلت أيضا في الاحتفاء بالسينما الصينية والسينما الفنزويلية.

أما المحطة السينمائية الثانية فقد كانت من خريبكة (مدينة الفوسفات) حيث عودة الحياة لمهرجان السينما الإفريقية الذي تأخر عن موعده كثيرا حتى ظننا أنه تلاشى, لكن تضافر الجهود الغيورة جعلت المهرجان يستمر ويحقق الموعد السينمائي الإفريقي في دورته التاسعة في الفترة ما بين 17 و24 يوليو في حلة أكثر بهاء تحت شعار (السينما والتسامح), وبمشاركة مكثفة شملت 15 فيلما إفريقيا في المسابقة الرسمية وهي: (تحيا الجزائر) لندير مخناش من الجزائر, و(أنا وصديقي الأبيض) لبيير ياميبكو من بوركينا فاسو, و(هدوء الغابة) لفلوران وينكار من الكاميرون وباسيك باكوبيو من إفريقيا الوسطى, و(عجلات حرة) لسيديكي باكابا من ساحل العاج, و(فيلم هندي) لمنير صالح من مصر, و(النهر) لماما غيتا من غينيا, و(نهافالا) لفلورا كوميز من غينيا بيساو, و(كابالا) للأسان كوياتي من مالي, و(جوهرة) لسعد الشرايبي و(درب مولاي الشريف) لحسن بنجلون من المغرب, و(هيرماكونو) لعبد الرحمن سيسلكو من موريتانيا, و(حب طفل) لديوكاي باي من السنغال, و(أبونا) لصالح هارون من تشاد, ثم (عرائس الطين) لنوري بوزيد و(رقصة الريح) للطيب الوحيشي من تونس. هذا بالإضافة إلى فيلم الافتتاح (خيط الروح) للمخرج المغربي حكيم بلعباس. وتتبع أفلام المسابقة لجنة للتحكيم ترأسها السنغالي بابا ديوب, وضمت في عضويتها كلا من كلودين دغام من فرنسا, وكبريال كوناتي من مالي, والمعطي قبال وحميد اتباتو من المغرب. منحت الجائزة الكبرى للمهرجان مناصفة بين (درب مولاي الشريف) من المغرب و(عرائس الطين) من تونس, وجائزة الأداء النسائي للجزائرية لبنى أزبان, والأداء الرجالي لمحمد شويخ عن دوره في الفيلم التونسي (رقصة الريح), وجائزة لجنة التحكيم للفيلم البوركينابي (أنا وصديقي الأبيض). فيما نال جائزة (السينيفيليا) (دون كيشوت) التي تمنحها لجنة مكونة من منخرطي الأندية السينمائية بالمغرب كل من (جوهرة) من المغرب و(رقصة الريح من تونس). وقد كان ضيف هذه الدورة الممثل المصري يوسف شعبان, فيما تم تكريم كل من الممثل المغربي العالمي حميدو بنمسعود والسيد محمد بركات الذي كان مديرا سابقا لمهرجان خريبكة للسينما الإفريقية. أما الأنشطة الموازية للمهرجان فتقاسمتها ندوة (السينما والهجرة) وحفلات توقيع كتب تنتمي إلى حقل السينما عبارة عن دراسات ومتابعات وسيناريوهات مطبوعة.

أما المفاجأة السينمائية فقد بزغت من شمال المغرب حيث دشنت مدينة أصيلة الدورة الأولى لمهرجان سينمائي نوعي يحمل اسم (ملتقى أصيلة الأول لسينما جنوب ـ جنوب) نظمته مؤسسة منتدى أصيلة في الفترة ما بين 23 و29 يوليو بمسابقتين رسميتين خصت الأولى الأفلام الطويلة, بينما تناولت الثانية القصيرة والمتوسطة, وهكذا تتبع الجمهور أفلاما (جنوبية) بمستويات فنية متنوعة وتجارب ذات خصوصية تحمل انتماءها ومناخها الحضاري والثقافي توزعت بين آسيا وإفريقيا وأوربا الشرقية وأمريكا الجنوبية, وهذه الأفلام هي: (من نظرة عين) لإيهاب لمعي من مصر و(الملائكة لاتحلق فوق الدار البيضاء) لمحمد عسلي من المغرب الذي حاز الجائزة الفضية, و(الزائر) لبسام الزوادي من مملكة البحرين, و(العبور) لراجيف فيجايا راغافان من الهند الحائز على جائزة أحسن سيناريو, و(رؤى حالمة) لواحة الراهب من سورية الحائز على جائزة أحسن تمثيل نسائي مناصفة للممثلة ريم علي, و(شيزو) لغوكا أوماروفا من كازاخستان الحائز على جائزة أحسن تمثيل رجالي للممثل أولزاس نوسوباييف, و(زنار النار) لبهيج حجيج من لبنان, و(غريب) لسانتياغو لوزا من الأرجنتين الحائز على أهم جائزة في المهرجان (جائزة أصيلة الذهبية) (أي الجائزة الكبرى), ثم (عروس الظلام) لوليام كووك من الصين, و(طهران, السابعة صباحا) لأمير شهاب راضا من إيران الحائز على جائزة أحسن تمثيل نسائي مناصفة للممثلة نازانين فارحاني. أما الأفلام القصيرة والمتوسطة فقد برز ضمنها كل من (مستوى البحر) لجورج أوفاشفيلي من جورجيا الذي حاز الجائزة الذهبية للأفلام القصيرة, و(الشيخات) لعلي الصافي من المغرب الذي حاز الجائزة الذهبية للأفلام التسجيلية, ثم (أرض النساء) لجان شمعون من لبنان الذي حاز تنويه اللجنة الخاص. وقد ترأس لجنة التحكيم الإنجليزي موريس دي هادن, وساهم في عضويتها كل من الإيرانية مانيجه حكمت, والمصري علي أبوشادي, والسينغالي ماكينا ديوب, وريستام إيبراجيمبيكوف من أذربيجان, والمغربيين سمية نعمان ومحمد باكريم.

بهذه الحركية السينمائية تنتعش صناعة الفن السابع بالمغرب لأنها تشكل المحك الحقيقي لاختبار مستوى الفيلموغرافيا المغربية وقدرتها على مسايرة التجارب التي قطعت أشواطا مهمة قبلنا, توازي وتيرة الإنتاج السينمائي المغربي دينامية المهرجانات السينمائية بالمغرب?!

عبد المجيد شكير

طرابلس

سرديات بن جلون في ليبيا

شهدت مدينة طرابلس عددًا من الأمسيات الثقافية والفكرية برعاية المركز الثقافي الفرنسي, ضمن برنامج موسع شمل مجالات مختلفة, تاريخية وفنية وأدبية وغيرها.

ومن أهم الأمسيات الفكرية الأدبية المتميزة, الحوار الثقافي الذي دار بين عدد من الباحثين والكتّاب والأدباء في طرابلس, والكاتب الفرنسي المغربي الطاهر بن جلون, من خلال أمسيتين: الأولى كانت أدبية والثانية ذات طابع فكري.

في الأمسية الأدبية استمع الحاضرون إلى قراءات أدبية متنوعة بصوت الكاتب وترجمة عربية مصاحبة, وقد غلب على القراءات الطابع الأدبي, من روايات مختلفة أهمها روايتا (هرودة) و(طفل الرمال).

والواقع أن القراءات السردية ليست من التقاليد المتعارف عليها كثيرًا في ليبيا, لذلك بدا الجمهور متحمسا أكثر لسماع قصائد شعرية للكاتب, وهو أمر لم يتحقق, والسبب يعود إلى صعوبة الترجمة الأدبية السريعة من الفرنسية إلى العربية, ورغم أن الأديب الطاهر بن جلون يتحدث بالعربية, فقد درس بالمغرب خلال المرحلتين الثانوية والجامعية, إلا أن النص الأدبي السردي يحتاج إلى تركيز ومعالجة مسبقة قبل ترجمته إلى أي لغة.

اللقاء الثاني كان محوره محاضرة فكرية بعنوان: (العالم العربي والحداثة) حضرها جمهور كبير من الباحثين والدارسين وأساتذة الجامعات, وبالطبع كانت شهرة الكاتب سببًا في زيادة الاهتمام والحضور.

لقد عرّف الكاتب الطاهر بن جلون, والذي ولد في طنجة سنة 1947, باهتماماته الصحافية والسياسية من خلال المقالات التي يكتبها في الصحافة الفرنسية وبالأخص مقالاته في صحيفتي اللوموند ونوفيل اوبزرفاتور, وكذلك المقالات التحليلية بالصحف الإيطالية والإسبانية مثل صحيفتي لاستسيا والباييز.

ولكن ينبغي القول إن شهرته الصحفية قد جاءت بعد شهرته الأدبية باعتباره روائيا, فقد نال عام 1987 جائزة جونكور عن روايته (ليلة القدر), وجاءت رواياته الأخرى لتنال الأهمية نفسها, ولاسيما رواية (مها الحكيم مها المعتوه), ورواية (مأوى الفقراء). ولقد اختار الكاتب أن يكتب بالفرنسية ولكن من خلال التجارب والحياة التي عاشها في المغرب, فكل رواياته ترجع إلى زمن طفولته وشبابه بالمغرب.

استندت محاضرة (العالم العربي والحداثة) إلى مداخل نقدية للأوضاع العربية والبنى الاجتماعية والسياسية في البلدان العربية, من منطلق نقد الذات أولا قبل نقد الآخر.

وهذا المنحى الفكري قد سيطر على المحاضرة, فسار توجهها في إطار البحث عن بعض الخصائص الإيجابية التي تتوافر في الغرب باعتباره (كيانا واضحا اجتماعيا وثقافيا متجانسا), في مقابل عدم توافر هذه الخصائص في المجتمعات العربية.

ولقد اعتبر المحاضر أن مشكلات العالم العربي أساسها عدم الاعتراف بحقوق الفرد وعدم التركيز على الفردية واعتبارها من القيم المهمة التي انبنت عليها الحضارة الغربية.

والمقصود طبعًا الفرد الذي له صوت قوي ومؤثر وله كيان, وليس الفرد داخل القبيلة أو العائلة. إن الفردية هي من عناصر الحداثة الأساسية والتي شكّل عدم تحققها عقبة أمام الانخراط في سلك الحداثة.

ومن دون تعريف محدد لمصطلح الحداثة, ينتقل الباحث إلى العنصر الثاني المفقود في المجتمعات العربية, وهو معيار الزمن, إذ إن التفاعل مع الزمن هو الذي يفرق بين الناس, وليس مجرد الثقافة ونوعية الحضارة.

وهنا اعتبر المحاضر أن من شروط الحداثة المفقودة في البلاد العربية عدم الاستفادة من الزمن, وهو المعنى المرادف لفكرة كيف يمكن أن أكون. أي أن المشكل هو الاختلاف في تقدير الزمن وفهمه, والمسألة مع الغرب ليست صراعًا بقدر ما هي اختلاف في فهم الزمن. وهنا يرجع الأستاذ بن جلون إلى التاريخ العربي, فيضرب مثلاً بالحضارة العربية في القرن العاشر, عندما كان العربي يسافر ويتنقل ويحاول أن يعرف كل شيء من حوله في إطار زماني ومكاني موسع ومبرمج من دون تردد أو مخاوف.

العنصر الثالث الذي تستند إليه الحداثة المفقودة كمشروع حقيقي في وطننا العربي هو التعامل مع المرأة, إذ يقول المحاضر إن معاملة المرأة تكشف عن نوعية المجتمع وتكوينه إلى درجة يمكن اختصارها في مقولة: قل لي كيف تتعامل مع المرأة أقل لك من أنت!

وهنا يحاول المحاضر أن يدافع عن الموقف الفرنسي من قضية الحجاب منتقلا إلى عنصر آخر يقارب العلمانية, أو فصل الدين عن الدولة. على اعتبار أن ذلك القاطع هو أساس من مكونات المجتمع الفرنسي وهو أيضًا عنصر من عناصر الحداثة, مهما اختلفنا في تقييم هذا العنصر.

هذه باختصار بعض ملامح محاضرة الطاهر بن جلّون والتي تعرضت إلى نقاش موسع, وركز معظم النقاش على غياب الخصوصية لدى الكاتب, كذلك عدم التركيز على أهمية تعدد الرؤى وزوايا النظر, فما طرحه بن جلون بحسب معظم آراء المناقشين يدور في صلب الفهم الغربي للحضارة, والحداثة بمرتكزاته التقليدية. وإذا كان الأستاذ الطاهر بن جلون قد استهدف نقد الذات العربية, فإن المناقشين قد اندفعوا بالمقابل في نقد الغرب.

ولقد بدا الأستاذ بن جلون, ومن خلال ردوده أنه يتحدث عن تجربة ذاتية يعيشها تقوم على فكرة الانخراط في المجتمع الفرنسي, وهي تجربة أساسها محاولة انصهار المهاجرين في داخل فرنسا كليًا. ولذلك بدت المحاضرة ذات طابع إعلامي وصحفي وغاب عنها الفكر المعمق. كما أن المنحى الذاتي ظل هو المسيطر, رغم أن الحديث قد اعتمد على نقل تجربة حداثية عملية واضحة وملموسة ومعيشة في فرنسا, بعكس آراء المناقشين التي سارت في اتجاه مغاير والتي تستطلع مشروعات تنظيرية ذات أفق مفتوح!

ولكن ظلت التجربة الأدبية لدى المحاضر بعيدة عن التناول, فهو لم يشر إلى تجربته الأدبية بحكم موضوع المحاضرة أولاً, ولأن السياق لم يتطلب هذا الاختيار.

رغم ذلك جاءت بعض الاستفسارات من الحضور منبهة لما طرحه بن جلون حول مسألة انتقال الرواية إلى البلاد العربية عن طريق الكاتب محمد حسين هيكل برواية (زينب) وهذه قضية رأى فيها المحاضر محاولة غير مكتملة, لأن الرواية تتطلب أن يكون هناك اعتراف بالفردية وهذا لم يتحقق في الوطن العربي. ولم يجب الطاهر بن جلون أيضا عن علاقة الرواية بأشكال التعبير الشفهي القديم في الكتابة العربية, مثل الحكايات القديمة وقصص ألف ليلة وليلة وغيرها, وعدم الإجابة عن هذا التساؤل وكذلك عن غيره, جعل المحاضرة غير مكتملة عمليًا, وربما تكتمل في لقاء آخر قريب, يعبر عن التواصل ويولد احتكاكًا فكريًا نحتاج إليه

رمضان سليم





من إصدارات (ارتياد الآفاق)





المناطق الأثرية, بين الاعتداءات والترميمات





المناطق الأثرية, بين الاعتداءات والترميمات





صورتان تعكسان الفارق في التطور العمراني الذي خلط الاماكن الأثرية بالعشوائيات الحضرية





صورتان تعكسان الفارق في التطور العمراني الذي خلط الاماكن الأثرية بالعشوائيات الحضرية





الشرق والغرب على مدرج بصرى الشام





 





درع أصيلة





الفائزون لحظة حصاد الجوائز





غريب سانتياجو لوزا, وجائزة أصيلة الذهبية





ابن جلون: مشكلات العالم العربي عدم الاعتراف بحقوق الفرد