عواصم الثقافة العربية: تنمية ثقافية أم احتفاليات عابرة؟

عواصم الثقافة العربية: تنمية ثقافية أم احتفاليات عابرة؟
        

حديث الشهر 

تجربة العواصم الثقافية العربية في سنتها الخامسة. وهي تجربة يجب أن نعطيها قدرها من خلال المناقشة لندرك مدى جدواها وفاعليتها في دفع التعاون الثقافي العربي المشترك لعلنا نصل من خلال هذه التجربة إلى بداية صحيحة للتنمية الثقافية.

         أليس جميلا أن تكون لنا عاصمة للثقافة العربية تتجدد كل عام؟

         أليس جميلا أن تتقدم الثقافة إلى مواقع الصدارة ضمن أولويات الواقع العربي بعد طول تعثر وسط المهملات المخزنة في خلف دواعي الأمن العربي؟

         من المؤكد أن هذا تقليد رائع, خاصة وهو يدخل سنته الخامسة عبر خمس عواصم عربية حظيت بهذا الشرف ومازالت العاصمة السادسة تستعد له. فقد كانت البداية مع مدينة القاهرة العريقة, ثم انتقل إلى تونس الشابة المتوثبة, ثم إلى الشارقة على حافة الخليج الطامحة إلى التميز, ثم كان الدور على بيروت التي كانت تزيح من على جسدها رماد حرب أهلية ضارية وطويلة. وفي هذا العام تبدأ أفراح الرياض عاصمة الصحراء العربية التي لا تكف عن التجدد.. وفي العام القادم تنتظر الكويت دورها لتنضم إلى هذا المهرجان الثقافي الحافل.

         ولكن.. روعة هذا التقليد لا تحجب السؤال: هل حقق مشروع العاصمة الثقافية الآمال التي عقدت عليه حين أقرت منظمة اليونسكو هذا الأمر وأعطت لعالمنا العربي حقه في عاصمة ثقافية خاصة, على غرار ما تفعله أوربا في اختيار عاصمة ثقافية لها كل عام وهو الأمر الذي أقرته منذ عام 1985 وحافظت عليه؟

         علينا أن نعترف أن كثيراً من المظاهر الثقافية التي حدثت في العديد من المدن التي تم اختيارها كعواصم ثقافية تنتمي إلى ذلك النوع الاحتفالي المؤقت السريع الزوال أكثر مما تندرج في إطار محاولات ترسيخ القيم الثقافية والإسراع في إعداد البنية التي يتطلبها العمل الثقافي. وقليلة هي المدن التي انتهزت هذه الفرصة كي تدعم العمل الثقافي الذي طال تعثره والذي يعاني من التخلف في كثير من مظاهره. ولعل المثقفين اللبنانيين الذين كانت عاصمتهم آخر عاصمة للثقافة العربية في القرن العشرين كانوا هم من أوضح الأصوات التي انتقدت الكيفية والعشوائية التي تم بها اختيار وإدارة المظاهر الثقافية لعاصمتهم.

مأزق العواصم

         ولعل أهم الانتقادات التي طرحها المثقفون اللبنانيون هي التي توضح لنا مأزق بقية المدن التي اختيرت كعواصم للثقافة العربية, وأولها على سبيل المثال هو اكتشاف ذلك النقص الحاد في البنى الثقافية وضعف الامكانات أو انعدامها تقريبا من أجل تجديد وإنشاء هذه البنى. فقد أعدت الحكومة اللبنانية لائحة طويلة شملت 380 مشروعا رصدت لها مليون دولار فقط رغم أنه كان بينها إنشاء أوركسترا سيمفوني وإحياء المكتبة الوطنية وإقامة متحف للفن التشكيلي وتكوين مكتبة سينمائية وإنشاء دار للأوبرا وإنشاء العديد من المتاحف الإقليمية. وكل هذه  المشروعات لا يقابلها غير تلك الميزانية البالغة التواضع.

         هل حدث هذا الأمر في بقية العواصم الأخرى؟ أعتقد أنه حدث مع اختلاف ضئيل في التفاصيل. فيبدو أن الثقافة قد تقدمت فجأة على سلم الأولويات دون أن تعرف ما هي احتياجاتها الحقيقية.

         مشكلة عواصم الثقافة العربية كمشروع أنه جاء بمعزل وغياب كامل عن الخطة الشاملة للثقافة العربية, هذه الخطة التي تم وضعها في عام 1985 وكانت ثمرة لجهود حوالي 600 مفكر عربي حاولوا جميعا أن يضعوا خطة عربية شاملة للنهوض بالواقع الثقافي العربي ومحاولة لوضع خطة للتكامل الثقافي. وقد كان هذا المشروع ثمرة لإعلان الأمم المتحدة عن عقد التنمية الثقافية من عام 80 إلى عام 1990. وقد أحدث هذا الإعلان نقلة نوعية في النظر إلى العمل الثقافي حيث اعتبره نشاطا جديرا بالتنمية مثل بقية النشاطات الاقتصادية والصحية والتربوية. وقد زادت الاعتمادات الثقافية إلى حد كبير ولكن ظلت البلاد العربية تعاني نقصا حادا في المكتبات والورش المسرحية والموسيقية والمنتديات الأدبية, بل إن حركة النشر العربي ظلت في أدنى مستوياتها قياسا بحركة النشر على مستوى العالم وزادت قيود الرقابة صرامة في أغلب البلاد العربية ضد الكتّاب ومؤلفاتهم.

         وكان من الممكن لو تم بعث الروح في هذه الخطة ومحاولة تنفيذها بشكل عربي جماعي, أن تأخذ التنمية الثقافية شكلا جادا يبتعد بها عن تلك المظاهر الاحتفالية.

ماذا يحدث في عالم الرياضة؟

         من المؤكد أن هدف اليونسكو من مشروع الإعلان عن العواصم الثقافية العربية كان مغايرا لما يتم الآن. لقد كان الهدف الرئيسي منه هو التركيز على بناء المؤسسات وليس على المظاهر الاحتفالية. وهو أمر شبيه بما يحدث في المسابقـات الرياضـيـة الكبرى.. فلا يمكن أن تقام أي بطولة في أي دولة في العالم دون أن تقدم ملفا يشمل ما لديها من ملاعب وتجهيزات رياضية وأماكن لإقامة المشاركين ووسائل الاتصال للوفود الإعلامية. أي أن معالم البنية الأساسية يجب أن تكتمل قبل السماح لأي دولة بإقامة هذه البطولة. ولا أدري لماذا لا يتم الأخذ بهذه المقاييس قبل السماح لأي مدينة بأخذ لقب العاصمة الثقافية, فالعديد من مدننا العربية الكبرى لا تملك أوركسترا للموسيقى السيمفونية أو دارا للأوبرا, أو مسارح مجهزة للقيام بمواسم مسرحية متصلة, أو صناعة سينمائية, أو بأضعف الإيمان مكتبة خاصة بالسينما. وبعض المدن العربية لا تملك متحفا للفن الحديث, أو مسرحا صالحا للعروض المتقدمة, أو حتى مكتبة وطنية معدة ومفهرسة وفقا للأساليب العصرية, ومع ذلك فهي تسعى لأن تكون عاصمة ثقافية!

         يبدو أن الاحتفالية فقط هي الهدف حتى لو استلزم ذلك جلب كل أشكال الفنون من خارج الحدود وجعلها تحتفل نيابة عنا. وذلك مأزق ربما ساعدنا على الخروج منه أن نرى ماذا فعلت أوربا بعواصمها الثقافية ـ لمـاذا لا نقلدها في التنفيذ, كما قلدناها في الأفكار!

عاصمة سياسية أم ثقافية؟

         في عالمنا العربي يبدو أن هناك نوعا من الخلط بين العاصمة السياسية والعاصمة الثقافية فعند الاختيار يتم اختيار الأولى بشكل آلي لتقوم بالواجهة الثقافية دون التفكير في إيجاد بدائل أخرى. وفي الواقع فإن علينا الاعتراف أن العديد من دولنا العربية هي دول المدينة الواحدة. بمعنى أن هناك مدينة واحدة تملك كل مقومات المدن العصرية وتزخر بالمؤسسات المتنوعة بينما تخلو بقية مدنها من أي مؤسسة مهمة اللهم إلا مؤسسات البيروقراطية المحلية التي يطلق عليها تجاوزا مؤسسات الحكم المحلي. ولأن الثقافة في تلك الدول هي أيضا شأن مركزي لذلك تركز كل جهودها ومؤسساتها في تلك المدينة الواحدة التي غالبا ما تكون هي العاصمة السياسية.

         لذلك ربما بدا منطقيا ـ وهو في الحقيقة منطق أعوج ـ أن يتم اختيار العاصمة السياسية حيث توجد المسارح ودور النشر والمتاحف والصحف والمجلات ومقاهي المثقفين وأرصفتهم, وكل ما هو في متناول اليد من أدوات الثقافة ومن العناصر الجاهزة لإقامة عدد من الاحتفاليات الصاخبة تصورها الصحف وتنقلها شبكات الأثير. وفي سبيل هذا الأمر تم إهمال المدن الأخرى التي لا تملك شيئا إلا فقرها وعزلتها وكأن العاصمة الثقافية جاءت كإضافة جديدة لتكريس دور المدينة الأوحد الذي يجب أدوار بقية المدن. وقد تناسينا في سبيل ذلك أن للثقافة عمقها التاريخي, وأن العديد من تلك المدن المنسية كانت منارات قديمة من منارات العلم والحضارة قامت بدورها وأنجبت أعلامها ولاتزال تحمل آثارا كبيرة من عبق هذه التجربة التاريخية. فالإسكندرية لا يقل زخمها التاريخي عن القاهرة, وفاس لا يقل تأثيرها في تشكيل الوجدان المغربي عن الرباط, وكذلك تحمل المهدية من عبق التاريخ ما لا يقل عن تونس, وكذا فإن حلب الشهباء وتجربتها لا تقل شأنا عن دمشق, وغير ذلك كثير.

         وهناك العديد من المدن التي فرض عليها النسيان الثقافي لأن الأضواء السياسية قد انتقلت منها إلى مدن أخرى.

         وعندما قامت أوربا بتجربة اختيار المدينة الثقافية لم تخضع لأضواء عواصمها السياسية رغم غناها وعراقتها الثقافية, ولكنها اختارت هذه المناسبة كي تلقي الضوء وبذكاء على بقية المدن الأخرى التي ربما لا يعرفها الغرباء. بل ووجدت في هذه المناسبة فرصة ذهبية لتجديد وتحديث المؤسسات الثقافية في هذه المدن ووضعها على الخريطة السياحية بهدف تنميتها ثقافياً وعلمياً بل وأصبح لهذه المدن مهرجانات خاصة ظلت تقيمها حتى بعد أن انتهت فترة اختيارها كعواصم ثقافية وانتقلت الأضواء إلى مدن أخرى. وعلى سبيل المثال فقد اختيرت في العام الماضي مدينة (فايمار) الألمانية وليس برلين أو بون أو حتى فرانكفورت, وكلها تعد عواصم ثقافية حية ومزدهرة على مدار العام. ولكن تم اختيار فايمار لأنها مدينة أديب ألمانيا العظيم (جوته) وهو يمثل مرحلة مركزية في الثقافة الأوربية بشكل خاص والعالمية بشكل عام, فقد كانت عبقريته الأدبية هي النقلة من ثقافة العصور الوسطى إلى الثقافة المعاصرة. وقد عاش دوي الحروب النابليونية التي خلخلت الأنظمة المستقرة في أوربا, لذلك فقد أحدثت كتاباته نقلة نوعية في مفهوم الثقافة وتحديثها.

         لذا كان من الطبيعي أن تحظى مدينته بهذا الاهتمام. وقد كانت في العام الماضي أحد محاور الثقافة والسياحة حقاً, وكانت مناسبة مهمة لإلقاء الضوء على تاريخ هذه المدينة.

         لقد بدأت فكرة اختيار عاصمة ثقافية أوربية في عام 1985 بناء على اقتراح قدمته وزيرة الثقافة اليونانية ميلينا ميركوري. ولعل عشاق السينما يذكرون هذه الممثلة الرائعة التي تألقت في فيلم (أبدأ الأحد) وعاشت في المنفى سنوات طويلة ثم عادت إلى اليونان لتتولى مهامها الثقافية بعد زوال الحكم العسكري في بداية الثمانينيات. وتكريما لهذا الاقتراح تم اختيار العاصمة (أثينا) حتى تكون العاصمة الثقافية الأولى والحديثة لأوربا تكريما للدور الذي لعبته الثقافة الإغريقية في الوجدان الأوربي. وهو نفس الأمر الذي حدث سابقا عندما قررت اللجنة الأولمبية إعادة الألعاب الأولمبية إلى الحياة في العصر الحديث فتم اختيار اليونان وأثينا بالذات لتكون بداية لها.

عمر التجربة

         وقد شملت احتفالية العاصمة الثقافية العديد من العناصر الثقافية مثل الموسيقى والرقص وفنون المسرح والرسم والتصوير الضوئي والسينما وتصميم الأزياء ورسوم الكارتون (الكوميك) والنحت وفنون الشارع.. وعناصر أخرى كثيرة. (ترى كم عنصراً فنيا من هذه الفنون  يتوافر في عواصمنا الثقافية؟).

         وهكذا نرى أن عمر مشروع العاصمة الثقافية في أوربا قد بلغ 15 عاما لم تقترب فيها من العواصم السياسية إلا فيما ندر. فقد ذهبت إلى انتو ديرب في بلجيكا لتلقي الضوء على مدينة الفنان روبينز. وذهبت إلى بلفاست حيث عاش جيمس جويس وبيكيت, ثم إلى جلاسجو وستراسبورج, وعادت إلى اليونان مرة أخرى حيث تم اختيار سالونيك كعاصمة تاريخية وثقافية, ثم ذهبت إلى لوكسمبورج إحدى الممالك الأوربية الصغيرة, واستقرت في العام قبل الماضي على ضفاف نهر التاج في لشبونة, وخلال كل هذه الرحلة كانت هناك مدن جديدة تضاف إلى الخريطة الثقافية ومدن تتطور, ومنشآت ثقافية تقام في مدن بعيدة عن أضواء السياسة والسياسيين.

         وفي هذا العام 2000 تستعد أوربا للعاصمة الثقافية الجديدة براغ التي هي عبارة عن متحف مفتوح حافل بالمباني التراثية الأوربية التي تنتمي إلى مملكة بوهميا الأولى. وقد تقدم بترشيح هذه المدينة الرئيس التشيكي فاسيلاف هافيل وهو الكاتب المسرحي وأحد رموز الثورة المخملية التي قادت التغيير في تشيكوسلوفاكيا والخروج بها من النظام الشيوعي, اضافة إلى الفائزة بجائزة نوبل للسلام لوريت إيلي فاسيل.

         وسوف يبدأ الاحتفال بمؤتمر عالمي ضخم يعقده منتدى 2000 تحت عنوان (الحاجات الروحية للعالم في قرن جديد).

         ثم تنتقل العاصمة الثقافية الأوربية شمالا في عام 2001 إلى حافة بحر البلطيق حيث مدينـة (ريجـا), ولا اعتقد أن العديدين خارج أوربا وربما في داخلها أيضا يعرفون أن هذه المدينة هي عاصمة جمهورية لاتفيا من جمهوريات البلطيق التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي السابق في عام 1990. إنها مدينة تاريخية يعود تأسيسها إلى عام 1201, أي أن الاحتفال باختيارها عاصمة ثقافية يكون أيضا احتفالا بمرور 800 عام على إنشائها. وهي رغم بعدها النائي عن مركز أوربا فإنها كانت عرضة للعديد من الصراعات التي عرفتها هذه القارة. فقد كانت تحت تأثير الحكم الألماني, ثم تعرضت للاحتلال الروسي, وعندما انتصرت السويد على روسيا استولت عليها ثم أصبحت تحت نفوذ الاتحاد السوفييتي. لقد خرجت من كل هذه الصراعات بشخصية تحتوي على العديد من ملامح كل تلك المؤثرات الثقافية وهي تستعد لهذه المناسبة عن طريق إحياء كل هذا التراث رغبة منها في تشكيل ملمح أساسي لشخصيتها المستقلة.

         لقد ازدهرت كل هذه المدن الصغيرة وأحيت تراثها القديم ورممت عماراتها وصنعت مجموعاتها الثقافية الصغيرة من فرق موسيقية ومسرحية, وأصدرت العديد من المطبوعات بخصوص هذه المناسبة بل وأعدت البنية السياحية لاستقبال الزوار أيضا.

تأصيل الظاهرة

         والآن.. كيف السبيل إلى تأصيل ظاهرة العواصم الثقافية العربية؟

         لا أريد أن يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم أنني ضد فكرة العاصمة الثقافية, فبالنسبة لرجل مثلي قضى جل عمره في قطاع العمل الثقافي يدرك جيداً ما هي أهمية مثل هذه الفرصة, وكيف يمكن أن تساعد مناسبة مثل هذه تختلط فيها العوامل السياسية والمشاعر الوطنية في إعطاء العمل الثقافي دفعة متميزة. ولكن تجربة السنوات الطويلة قد علمتني أن المظاهر الاحتفالية مهما بلغت درجة الإبهار فيها تذهب وتزول بعد وقت قصير ولا يبقى غير العمل المؤسسي الغائب حتى الآن عن خارطة التخطيط للمدن الثقافية.

         إن علينا أولا, إذا أردنا أن نقيم تنمية ثقافية حقيقية في عالمنا العربي الفصل بين العاصمة السياسية والعاصمة الثقافية, وأن نتطلع إلى مدن الصف الثاني المحرومة من كل هذه الخدمات حتى يشعر أهلها أولا قبل الغرباء أن هناك شيئا جديدا قد أضيف إليهم. كما أن على كل دولة أن تفعل كما تفعل عندما تريد ترشيح نفسها لإقامة أي دورة رياضية وأعنى أن تقدم ملفا متكاملا بكل ما لديها من منشآت سواء منها التي تم تجهيزها أو التي مازالت تحت التجهيز ويحدد هذا الملف الأولويات بالنسبة لكل مدينة واحتياجاتها أيضا.

         تبقى بعد ذلك مسألة على جانب كبير من الأهمية وهي التمويل. وأعتقد أنه لا غنى عن عمل جماعي عربي مشترك في هذا الجانب يتم فيه تقديم الأموال وتبادل الخبرات. إن عمر كل عاصمة يحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل من الإعداد والتجهيز. وعلينا خلال هذه السنوات أن نضع خطة شاملة لتنمية أي مدينة ووضع بيان بالمنشآت الناقصة ويتم تدبير المبالغ من خلال صندوق عربي مشترك للتنمية الثقافية لا يوجه الإنفاق فيه إلا لهذه الغاية وهنا يمكن التذكير بقرار مؤتمر وزراء الثقافة العرب الذي عقد في تونس عام (1985) بإنشاء صندوق للتنمية الثقافية على مستوى الوطن العربي باقتراح مقدم من المرحوم سمو الأمير فيصل بن فهد. وكذلك يجب ألا نترك المجال للجهود الحكومية فقط لأن قواعد البيروقراطية كفيلة بقتل كل إبداع, ولكن علينا أن نتيح الفرصة للجمعيات الأهلية والمؤسسات غير الحكومية حتى تقوم بدورها, فقد أصبح هذا الاتجاه هو السائد بين مختلف دول العالم وهو الأسلوب المتبع في الدول الأوربية التي سبقتنا في هذا المجال.

         إن عواصم الثقافة العربية حلم جميل لكل الذين يحملون هموم الثقافة في عالمنا العربي, ولكننا لا نريد أن نحوله إلى حلم ليلة صيف. إننا نريد عملا باقيا يزدهر كلما أشرقت عليه شمس نهار جديد.

 

سليمان العسكري