النفط العربي في ظل "الجات"

النفط العربي في ظل "الجات"
        

          عومل النفط في ظل جات 1947 على أنه حالة خاصة, وذلك على الرغم من عدم وجود نص صريح بذلك, وكان أهم الشركاء التجاريين الذين أبرموا إتفاقية جات 1947 من الدول الصناعية الغربية الذين رأوا من صالحهم عدم إثارة موضوع النفط بصراحة في إطار جات, وذلك حتى يمكنهم الاحتفاظ بحريتهم وحرية شركاتهم النفطية العالمية في السيطرة على هذا المصدر الطبيعي الحيوي, كمية وسعراً.

          وفي ظل تلك السيطرة, ارتفع إنتاج النفط العربي من مليون برميل يومياً عام 1950 إلى نحو 20 مليون برميل يومياً في أوائل السبعينيات, بينما انخفض سعر البرميل من 2.18 دولار عام 1947 إلى 1.80 دولار عام 1960 حيث استمر عند هذا المستوى حتى أوائل السبعينيات, وفي مقابل ذلك الانخفاض ارتفع الرقم القياسي لأسعار الصادرات الغربية التي يتم تبادلها مع النفط من 100 إلى نحو 300  ضعف خلال الفترة المذكورة, وبذلك انخفض السعر الحقيقي للنفط في أوائل السبعينيات إلى نحو 70 سنتا للبرميل في مقابل دولارين عام 1947, ولم تكن الدول المصدّرة للنفط تحصل على أكثر من 50% من هذا السعر أو ما يعادل 30 سنتاً للبرميل.

          ولم تكن عضوية جات 1947 تضم من الدول النفطية من يستطيع الدفاع عن مصالحها, فاستمر الصمت أو ما يسمّيه البعض (اتفاق الجنتلمان), وفي ظل تلك الظروف, أمكن لدولة كالولايات المتحدة أن تضع وتنفذ سياسات لحماية أسعار نفوطها المحلية من الانهيار أمام منافسة النفوط الرخيصة المستوردة من الشرق الأوسط.

          وباستثناء انخفاض ملحوظ في التعريفة على الواردات البتروكيماوية, لم يتغير شيء يذكر بالنسبة للنفط أثناء أو بعد جولة أوروجواي التي أقرّت جات 1994 وإنشاء المنظمة العالمية للتجارة World Trade Organization (WTO) والتي سنشير إليها فيما بعد باسم المنظمة.

          أما التعريفة الجمركية على واردات النفط الخام في الدول الصناعية الغربية المستهلكة للنفط OECD, فكانت إما منخفضة للغاية أو لا توجد أصلاً, ويستدل من ذلك الانخفاض أن هدف التعريفة لم يكن تحقيق غرض تجاري تقليدي كحماية منتج محلي بقدر ما كان تأمين الحصول بسهولة على تلك السلعة الاستراتيجية من مصادرها الخارجية, ومن ناحية أخرى, فإن حماية المنتج المحلي, حينما كانت توجد صناعة نفطية مهمة كما هو الحال في الولايات المتحدة, أمكن تحقيقه بفرض قيود كمية كما أوضحنا.

حماية جمركية

          وبالنسبة للمشتقات النفطية, فإن حرص الدول الصناعية المستوردة للنفط على توطين صناعة التكرير على أراضيها عقب التوسع في الاعتماد عليه كمصدر للطاقة بعد الحرب العالمية الثانية, جعلها تفرض من القيود الكمية والجمركية ما يؤمن لها الحماية الكافية, وبالإضافة إلى ذلك, لجأت تلك الدول, إلى فرض ضرائب محلية بمستويات عالية على المشتقات النفطية بعد خروجها من المصافي بحيث توفر لها موارد مالية سخية وتحرم الدول المصدّرة للنفط من الحصول على نصيبها العادل من الريع النفطي, كما تحرمها أيضاً ما يمكن أن ينعكس على حجم الطلب على النفط من زيادة فيما لو لم تُفرض تلك الضرائب, ويشهد تاريخ الصناعة أنه في كل مرة ينخفض سعر النفط الخام تقوم الدول الصناعية (وخاصة الاتحاد الأوربي) بزيادة الضرائب المحلية على المشتقات النفطية, وبذلك يتعطل أثر انخفاض سعر النفط في زيادة الطلب عليه.

          وقد شهدت جولة طوكيو عام 1979 - تحت تأثير الهزات النفطية خلال السبعينيات - محاولة غربية لم تنجح لوضع قيود على حرية الدول النفطية في توجيه سياستها النفطية, كذلك لم تنجح جولة أوروجواي في ترويج محاولة مماثلة, وبخاصة فيما يخص موضوع القيود على التصدير والتسعير المزدوج, ولذلك لم تتضمن جات 1994 نصوصاً صريحة تتعلق بقطاع النفط.

          غير أن الصورة تختلف إذا ما تعمّقنا في دراسة أحكام جات واتفاقياتها المتعددة, فمن ناحية يكاد الرأي ينعقد على أن النفط ومشتقاته يخضع لأحكام جات, وإن كان لم يرد بشأنه نصوص مباشرة صريحة, ومن ناحية أخرى, فإن جات واتفاقياتها المتعددة تحمل من الآثار ما يمكن أن ينعكس على قطاع النفط, فيما لو أثيرت حوله مشاكل وخرج عضو عن (إتفاق الجنتلمان), وخاصة فيما يتعلق بموضوع التجارة والبيئة والذي مازال مفتوحاً للتفاوض, وموضوع الخدمات الذي يتوقع التوسع فيه خلال دورة المفاوضات القادمة عام 2000, وموضوع الاستثمار والمنافسة الذي تستهدف الدول الصناعية فرضه على الدول النامية.

          وبالنسبة لموضوع التجارة والبيئة, فقد شكّلت له لجنة خاصة مازالت تدرس وتتفاوض في محاولة للتوصل إلى توصيات يمكن أن تتحول إلى قرارات ملزمة وتؤثر على قطاع النفط.

          كذلك صارت التكتلات الاقتصادية الإقليمية تخضع لمعاملة خاصة في ظل جات 1994, وهو ما يتيح الفرصة أمام مجموعة كدول الخليج النفطية, والتي تحتل مركزاً مؤثراً في السوق العالمية للنفط, لكي تمارس التفاوض في إطار المنظمة من منطلق جماعي منسّق حماية لمصالحها المشتركة.

          وكانت جات 1947 تنفذ على أساس بروتوكول يعرف باسم Protocol of Provisional Application, ويسمح بالانضمام إليها على أساس اختياري بما لا يتعارض مع القوانين المحلية السارية في الدول المنضمة وقت الانضمام, أما جات 1994 فلا يُسمح فيها بالاختيار, وإنما يقبل العضو الالتزام بكامل الالتزامات ويتمتع بكامل الحقوق, مع منح بعض الاستثناءات والإعفاءات للدول النامية والدول الأقل نموّاً لكي تقوم بتعديل قوانينها المحلية بما يتلاءم مع أحكام الاتفاقية, ويزول أغلب تلك الاستثناءات بعد مضي فترات زمنية معينة.

مبادئ الرعاية

          وتقوم قواعد اتفاقية جات 1994 التي صارت سارية اعتباراً من أول يناير 1995 بإشراف المنظمة على عدد من المبادئ الأساسية, أهمها:

          (1) مبدأ الدول الأولى بالرعاية غير المشروط (MFN) Unconditional Most Favored Nations (مادة 1:I جات) والذي يقضي بأن أي ميزة أو حصانة يمنحها عضو المنظمة لعضو آخر أو لسلعة منشؤها أو مقصدها دولة أخرى ينبغي أن تمنح فوراً غير مشروطة لباقي الدول الأعضاء.

          (2) مبدأ المعاملة الوطنية National Treatment (مادة III) والذي يتعلق بالضرائب والتدابير التي يطبّقها العضو داخل أراضيه, ويقضي بأن الضرائب والقوانين المحلية والتدابير والشروط التي تفرض على المنتجات المستوردة يجب أن تعامل معاملة لا تقل في مزاياها عمّا يمنح لنظيرها من المنتجات المحلية.

          (3) مبدأ حظر القيود الكمية على التجارة (مادة X) والذي يقضي بأنه, باستثناء حالات معينة كالنقص الشديد في المواد الغذائية, يحظر على عضو المنظمة أن يفرض أو يحتفظ بقيود على استيراد أو تصدير أو البيع بقصد تصدير أي منتج, غير ما يفرض في صورة ضرائب ورسوم جمركية, سواء اتخذت تلك القيود المحظورة شكل حصص أو تراخيص استيراد أو تصدير أو أي تدابير أخرى.

          (4) ويعزز هذا المبدأ بالمادة XIII التي تنظم القيود الكمية غير الممنوعة والتي تقضي بعدم التمييز عند تطبيق تلك القيود والموانع وأن يتم توزيع التجارة بنمط يقترب قدر المستطاع من النمط الذي كان يمكن أن يحدث لو لم تكن هناك موانع أو قيود.

          (5) ويلتزم الأعضاء بمقتضى بروتوكول مراكش الموقع عام 1994 بتخفيض التعريفة الجمركية على اختلاف في درجات الخفض, ابتداء من الصفر أي إلغاء التعريفة بالكامل, أو الخفض فقط, أو الربط بمعنى الالتزام بعدم زيادتها مستقبلاً إلا بموافقة الأعضاء, أو الخفض مع الربط, وبالإضافة إلى ذلك يلتزم العضو بتحويل كل العوائق الأخرى إلى تعريفة جمركية بحيث تنعكس على السعر تحقيقاً لمبدأ الشفافية.

          ومن مقتضى تلك المبادئ الأساسية أن تتم حماية الصناعة المحلية فقط عن طريق الرسوم والضرائب الجمركية, وهو ما ينعكس على سعر السلعة, وليس عن طريق قيود تؤثر على حجم أو كمية السلعة المتداولة, وتنطبق تلك القواعد على كل من الصادرات والواردات.

          وتشترط جات 1994 في الرسوم الجمركية, سواء فرضت على الصادرات أو الواردات, أن يكون تطبيقها على أساس مبدأ الدولة الأولى بالرعاية غير المشروط, كذلك يمكن أن تربط التعريفة bound, بمعنى الالتزام بعدم زيادتها, وذلك عن طريق التفاوض ثم إدراجها في جداول الالتزامات والامتيازات Schedules of concessions or commitments, ويجري التفاوض بالنسبة لكل منتج على حدة, كما يتم الربط على أساس تبادلي بين مَن يرغب في ذلك من أعضاء المنظمة, ومتى تم الربط, فإنه لا يجوز تعديل التعريفة بالزيادة إلا بعد التشاور والإتفاق مع باقي الشركاء التجاريين أعضاء المنظمة, وفي حال الموافقة على التعديل, يكون للأطراف المتضررة الحق في تعويض مقبول سواء بتخفيض أو تثبيت بنود أخرى لها قيمة تجارية لتلك الأطراف مقابل ما لحقهم من أضرار نتيجة للتعديل.

الريع الاقتصادي

          وقد يرى البعض أن ما يزيد على تكلفة الإنتاج في النفط يعتبر في حكم الضرائب أو الرسوم الجمركية على الصادرات مما يجوز التفاوض بشأنها وتخفيضها أو ربطها, ولكن الواقع أن الفرق بين تكلفة الإنتاج بمفهومها الضيق وبين سعر تصدير النفط لا يعتبر ضريبة على الصادرات, وإنما هو نوع من الريع الاقتصادي, ويعتبر ثمناً أو تعويضاً عن نضوب المادة الخام, مستقلاً عن تكلفة الإنتاج, وهو بهذه الصفة يدخل في التكلفة الكلية باعتباره قسطاً لاستهلاك رأس المال (الخزان النفطي) الذي يتآكل نتيجة لنضوب الاحتياطيات, ولا يغير من طبيعة الريع النفطي أن يختلف حجمه تبعاً لاختلاف ظروف الإنتاج والتكلفة بين حقل وآخر, ولذلك لا يمكن فصله عن السعر أو خفضه أو ربطه كما يحدث بالنسبة للضريبة أو الرسم الجمركي, وسوف نعود لمناقشة هذا الموضوع بتفصيل أكبر في مقال قادم.

          والآن, بعد أن تجاوز أعضاء المنظمة نحو 135 عضواً, صارت تتشدد مع من يطلب الانضمام إليها, إذ يطلب منه استيفاء شروط لم تكن تطلب ممن انضموا من قبل, والمعروف أن دول مجلس التعاون الخليجي صارت أعضاء في المنظمة باستثناء السعودية وعمان اللتين تقدّمتا بطلب العضوية ومازالتا في دور استكمال الإجراءات, وهناك من الموضوعات ما يسهل حسمه, ولكن هناك أيضاً ما قد يصبح مثار خلاف أو مصدر ضغط على الدولة التي تطلب الانضمام, ومن أمثلة الموضوعات المرتبطة بالنفط والغاز:

          (1) مدى سيطرة الحكومة على إنتاج وتصدير النفط ومشتقاته.

          (2) عضوية الدولة في اتحاد لمصدّري النفط مثل أوبك.

          (3) التباين بين الأسعار المحلية وأسعار التصدير وسياسة التسعير المزدوج.

          (4) التعريفة والضرائب المرتبطة بالتصدير.

          (5) أنشطة شركات القطاع العام ووضعها الاحتكاري في هذا القطاع والضغط على الدول المنضمة لتحقيق المزيد من الخصخصة.

          (6) أساليب التجارة غير العادلة ومن أمثلتها الدعم والإغراق.

          (7) الاستثمار والمنافسة.

          (8) التجارة في الخدمات وبخاصة في مراحل استكشاف وإنتاج ونقل وتصنيع النفط.

          (9) ومع أن الاتفاق الخاص بمشتريات الحكومة يعتبر اتفاقاً جماعياً P1urilateral وليس متعدد الأطراف Multilateral مما يترك الحرية للدول أعضاء المنظمة حرية الانضمام أو عدم الانضمام إليه, غير أن الدلائل تشير إلى أن ثمة ضغطاً تمارسه المنظمة على من يرغب في الانضمام بعد نفاذ الإتفاقية منذ يناير 1995 لكي يقبل أيضاً الانضمام إلى اتفاقية المشتريات الحكومية.

          والأصل أن شروط انضمام دولة نامية للمنظمة تعتبر أكثر مرونة من انضمام دولة متقدمة, إلا أن هذه الميزة لا تُمنح بشكل تلقائي, وإنما يلزم التفاوض حولها, خاصة وأن اتفاقية جات لا تتضمن تعريفاً محدداً للدولة النامية والدولة المتقدمة, وهنا يدخل الكثير من الضغوط السياسية, وعلى العموم, فإن المرونة التي تتمتع بها الدولة النامية تكاد تقتصر على الفترات الزمنية التي تُمنح لها لتعديل أوضاعها وفقاً لجات, وقد انقضى من تلك المهلة جانب كبير.

          وبديهي أن الدول النامية لا تستطيع التخفف من مخاطر جات 1994 بالانضمام إليها على أساس انتقائي, إذ إن الإتفاقية الجديدة - كما ذكرنا - ملزمة بكاملها على خلاف اتفاقية 1947 التي كانت تتيح للعضو الموافقة على البعض دون الكل.

ضد الدول النامية

          وفي محاولة لتشجيع انضمام الدول النامية للمنظمة العالمية للتجارة, تؤكد دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD أن التجارة الخارجية تعتبر المدخل الرئيسي للتنمية في الدول النامية, وأن الاستثناءات والمزايا التي كانت تلك الدول تتمتع بها في إطار جات لم تحقق أغراضها, بل على العكس فقد استخدمت ضدها, وتدعو الدراسة إلى إلغاء تلك المزايا والاستثناءات, وأن تتعامل الدول النامية مع الدول المتقدمة في مجال التجارة على قدم المساواة, فتفتح الدول النامية أسواقها, وتقوم بإزالة أو تخفيف القيود الحمائية, وتنتقد الدراسة نظام الأفضليات المعمم Generalized System of Preference (GSP) الذي يوفر للدول النامية معاملة تفضيلية, كما تؤكد أن التطبيق العملي لهذه المعاملة التفضيلية لم يسفر عن نتائج إيجابية بالنسبة للدول النامية, بل على العكس, كانت سبباً في إضعاف قوتها التفاوضية, كما شجعت على خلق ظروف جعلت الدول النامية ذاتها هدفاً وضحية لسياسة التمييز, ويرجع السبب بالدرجة الأولى إلى ضعف اقتصادات الدول النامية وعدم قدرتها على أن تكون شريكاً تجارياً قوياً.

          وعلاجاً لذلك, تدعو الدراسة الدول النامية لتبسيط نظم الاستيراد وتحرير تجارتها الخارجية من القيود, وتعميق مساهمتها في اتفاقية جات وأجهزتها, وكنتيجة لذلك - كما تقول الدراسة - فإن تحرير التجارة وتوجيه اقتصادات الدول النامية للانفتاح على الخارج, يمكن أن يحقق لها فوائد عدة مثل ازدياد قدرتها التنافسية والتي تستلزم إعادة هيكلة صناعاتها المحلية بقصد زيادة كفاءتها, وتوجيه عوامل الإنتاج إلى الأنشطة التي تحقق فيها أكبر قدر من الكفاءة الإنتاجية, كذلك تتضمن تلك الفوائد الحصول على السلع الاستهلاكية من الأسواق العالمية بأقل الأسعار, وتخلص دراسة OECD إلى أن الاندماج في النظام العالمي للتجارة لم يعد طريقا ذا اتجاه واحد, بل صار ذا اتجاهين, ويعتمد على المعاملة بالمثل وعلى الأخذ والعطاء بين الدول الصناعية المتقدمة وبين الدول النامية.

          ويمكن تلخيص الإيجابيات والسلبيات نتيجة للانضمام للمنظمة العالمية للتجارة فيما يلي:

أولا : الايجابيات:

          (1) الانتفاع بنظام الدولة الأولى بالرعاية في توسيع نطاق الصادرات, وإن كانت الإتفاقية تتضمن نصوصاً قد تثير بعض المشاكل بالنسبة لحرية الدول المصدّرة للنفط في تقرير سياساتها الإنتاجية والتصديرية.

          (2) إن خضوع التجارة للأحكام متعددة الأطراف يضفي عليها قدراً أكبر من الشفافية والوضوح.

          (3) إن آلية تسوية النزاع في إطار المنظمة, بما اكتسبته من تحسين, تضمن نتائج أكثر انصافاً لحمم الخلافات.

          (4) القدرة على المساهمة في المفاوضات التي تجري مستقبلاً في إطار المنظمة, وهو ما يمكنها من التعبير عن وجهة نظرها وتأييد التوصيات التي تخدم مصالحها وتدرأ عنها الضرر.

          (5) استفادة بعض الدول النفطية التي لديها صناعة بتروكيماوية مهمة من التخفيضات الكبيرة التي طرأت على التعريفة خلال جولة أوروجواي, ومع ذلك, قد لا يتسع السوق بدرجة كافية .

ثانيا: السلبيات:

          (1) تقلص القدرة على حماية الصناعة المحلية نتيجة لما تقضي به اتفاقيات جات من إزالة العوائق الكمية وحظر تقديم الإعانات والدعم.

          (2)  التكيّف مع متطلبات الإتفاقية يمكن أن يكون صعباً ومؤلماً في بعض القطاعات وخاصة بالنسبة لإزالة الإعانات والدعم من بعض الصناعات.

          (3)  ازدياد حدّة المنافسة, وهو الهدف الرئيسي للمنظمة, سوف يتطلب جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لرفع كفاءة الصناعة المحلية, ومع اتجاه المنظمة لفرض أحكامها على الاستثمار بعد أن أخضعت لها تدابير الاستثمار المرتبطة بالتجارة, فإن سيطرة الدولة على اقتصادها الوطني يصبح مهدداً بالضعف.

          (4) ومع أن اتفاقيات جات لا تقضي بإزالة نظام الأفضليات المعمم الذي تتمتع به الدول النامية, فإن مزايا ذلك النظام سوف تتآكل مع الوقت, لأن خفض التعريفة الجمركية من مؤداه تقلص هامش التفضيل, فضلاً عن أنه لا يسري على الدول التي يتجاوز دخلها حدّاً معيناً.

          وقد التقت الآراء, بما في ذلك آراء البنك الدولي وسكرتارية جات و OECD, على أن أكبر المستفيدين من جات 1994 سيكون المستهلك العادي في الدول الصناعية المتقدمة, وأن الدول النامية, وبخاصة في إفريقيا, ستتعرض لخسارة صافية. غير أن البعض حاول تخفيف وقع الضرر بقوله إن تلك الخسارة سوف تحدث فقط في المدى القصير, أما في المدى البعيد, فإن التحديات التي ستواجهها اقتصادات الدول الفقيرة ستفرض عليها تصحيح هياكلها الاقتصادية, ومن ثم ترتفع إلى مستوى المنافسة العالمية وتستفيد منها.

          وأما بالنسبة للدول المصدّرة للنفط, فقد قال سوذرلاند رئيس جات السابق إنها سوف تستفيد من النمو الاقتصادي الذي سيحدث نتيجة لانتعاش التجارة.

 

حسين عبدالله