الغذاء والدواء.. أسرار حرب خفية فوزي عبدالقادر الفيشاوي

الغذاء والدواء.. أسرار حرب خفية

أول شيء يقع في الصميم من الحياة، ويقع في الخطو الأول منها ، وتتمثل فيه حاجة الإنسان الأولى، هو الطعام.. فالطعام هو قوام الحياة الأول . والطعام هو كل ما يسوغ في الفم ، وينهضم في قناة الهضم، وتمتصه الأمعاء، ويأخذ منه الجسم كل ما يحتاج إليه من طاقاته ، ويبني منه خلاياه وكل جزء فيه، ويعوض منه ما تلف وانهدم. غذاؤك ودواؤك قد يتعارضان وتنشأ بينهما حرب خفية.. وقد يتوافقان ويحل بينهما الوئام والسلام. وكل ذلك، إنما يتأسس على صنيعك أنت وحدك .. فماذا أنت صانع؟.

يكثر الحديث عن ألياف الطعام ومعجزاتها. إن للألياف دورا غير منكور في خفض مستوى الكوليسترول بالدم، وفي الوقاية من أمراض الشريان التاجي، وفي تنشيط الحركـة الدودية للأمعاء. وهي كذلك تفيد في الوقاية من سرطان القولون ، وفى إزالة الآلام من القولون العصبي. ثم إنها تحمي الأسنان واللثة وتقويهما، وتقي الإنسان من الإصابة بالتهاب الـزائدة الدودية والبـواسير وتصلب الشرايين. ويتحدث بعضهم عن دور الألياف،، الوقاية من السمنة، حيث تشكل حجما زائدا، دون زيادة تذكر في قيمة الطعام السعرية. إذن ففي ألياف الطعام خير كثير.هذا حق. ولكن البعض يتساءل عن محاذير الإفراط في تناولها ، وعن أضرار ذلك .

الألياف تنفع وتضر

والحق أن للعلماء قاموا بتجارب كثيرة استهدفت الإجابة عن مثل هذا التساؤل. ولم تكن هذه مهمة سهلة بطبيعة الحال، ولكن العلماء تمكنوا من كشف اللثام عن بعض هذه المحاذير. لقـد وجدوا أن الألياف نفسها والموارد المصاحبة لها مثل حامض الفينيك يمكن أفي تسبب للمسرفين بعض الأضرار، حيث إنها تثبط امتصاص العناصر المعدنية الأساسية خاصة الحديد والزنك والكالسيوم، حينما تتحد معها وتحولها إلى مركبات معقدة غير قـابلة للذوبان. ولهؤلاء الذين يسرفون في تناول الألياف، ويتعاطون في نفس الوقت، أدوية للعلاج ، نسوق نتائج دراسات الباحثين " لقد وجدوا أن للألياف تأثيرا مضافا للدواء ، حينما يخفض من كميته التي يمتصها الجسم، وقـد استبان لهم، أن المرضى الذين يعالجون بواسطة عقار ( digoxin ) تقل لديهم كمية الدواء الممتص ، حينما يتناولون وجبهات غذائية غنية بالألياف . وفي الوقت نفسـه، فقد لوحظ انخفاض شديـد في معدل امتصاص الدواء، كلما تعاطى المريض دواءه عقب تناول وجبته مباشرة. وسائل يسأل: وما معنى هذا؟ الواضح إنه إذا كـان من المفيد والضروري أن يحوي طعام المرء كمية لا بأس بها من الألياف الغذائية، إلا أنه من الواجب ألا ننسى القاعدة الذهبية التي تقول "إن خير الأمور الوسط ". وإذن فلا ينبغي الإفراط في تناول الألياف مهما كانت المغريات. فيء آخر نحن ذاكروه في يتعـاطى أدوية تتداخل في تأثيرها مع الألياف ، إنه ينبغي تنظيم وجباتهم ومواعيد تعاطيهم للدواء، لئلا تحدث لديهم تداخلات غير سارة.

الألبان في الميدان

بعض المرضى يتعاطون المضاد الحيوي " تتراسيكلين "، أو يتعـاطون أدويـة هي في حقيقتهـا تتراسيكلين ولكنها تخفت تحت أسماء كثيرة تجارية مثل ريفرين، بروستاسين، ليدرمايسين ، امبراسين، روندومـايسين ، فيبراميسين، نيوتترين ، بيوتترين وغيرها، إذن بل هؤلاء جميعا نقول إنه ينبغي الحذر عند تناول الألبان ومنتجاتها . فلقد تمكن الباحثون من إماطة اللثام عن سر مهم، وهو أن هذه الأغذية من شأنها أن تخفض معدلات امتصاص الجسم، لعائلة التتراسيكلينات . والسر كله يكمن في كالسيوم اللبن. فقد اتضح أنه يكون معقدات مع التتراسيكلين. وهذا من شأنه أن يعيق امتصاص الجسم لكل من الكالسيوم والدواء. وربما يتسـاءل البعض .. إذن هل نوصي المرضى باستبعاد اللبن ومنتجاته من وجباتهم، تجنبا لمتاعب التدخلات ؟ ونقول: لا. إن أحدا لا ينبغي أن يوصي بذلك .. فاللبن خير غذاء للمريض والصحيح .. ولكن الذي ندعو إليه دائما هو التنظيم.. أعني أن اللبن لا ينبغي أن يجتمع في المعدة مع التتراسيكلين في آن واحد. وأعني أن الفترة الزمنيـة بين تعاطى الدواء وتناول اللبن، يجب أن تطول. بل إنه يفضل أخذ هذا الدواء على معدة خالية، تحقيقا للفائدة وتجنبا لكل تداخل ضار. بقي أن نزيد أن العلماء وجدوا أن الوجبات الغذائية اللبنية، تعوق امتصاص بعض الأدويـة مثل دواء ( Methotrexate )، وهـو دواء يستخدمه مرضى السرطان. ونعود فنقول إن المطلوب هو الحذر .. والمطلوب هو التنظيم.

ذكر ما يحدث في الخفاء

ثمة مريض يعاني من أنيميا نقص الحديد، يوصيه طبيبه المعالج بتناول الأغذية الغنية بالحديد، أو الأغذية المدعمة بالحديد، أو ينصحه بتناول بعض مقويات الحديد. ولكن مريضنا هذا - ومع الأسف- كان يعاني من متاعب صحية أخرى ، استوجبت علاجـه بالمضاد الحيوي تتراسيكلين. بعض العارفين لأسرار التداخلات، يبتسمون الآن. والحق معهم. فمثل هذه (الوصفة) العلاجية، التي يجتمع فيها الحديد مع التتراسيكلين، لا يرجى منها شفـاء وهؤلاء يعرفون - ولا ريب- ما بين الدواء وعناصر الغذاء المعدنية ثنائية وثلاثية الشحنة الموجبة مثل الحديـد والكالسيـوم والـزنك والمغنسيـوم، من تداخلات وتثسابكات ضارة. فما من مرة اجتمع فيها للدواء بهذه العناصر، إلا وتكونت عنها معقدات يصعب على الجسم استخلاص الفائدة منها، نظرا لقلة امتصاصها. ولكن ما هو الحل؟ إنه حل بسيط جدا، ولكنه فعال. كل ما على المريض أن يفعله هو أن يتعاطى دواءه قبل أو بعد تناول مقويات وأغذية الحديد، بفترة لا تقل عن ثلاث ساعات، تجنبا لاجتماع المتنافرين. والآن نأتي إلى هؤلاء الذين يتعاطون مضادات التجلط anticoagulants مثل عقار ( warfarin ) إن هؤلاء جميعا حينما يتناولون أغذية غنية في فيتامين (ج)، أو يتعاطون بانتظام جرعات كبيرة من الفيتامين ، يقل في أجسامهم، معدل امتصاص الدواء، إلى حد كبير أهل الخبرة والاختصاص يقولون، إن جرعة الفيتامين الوافرة، يتسبب عنها نوع من الإسهال diarrhea ، مما يؤدي لخفض تركيز الدواء وتقل عندئذ الفائدة من تعاطيه. أما عن دور الأحماض الأمينية الغنائية. في التداخلات ، فقد لوحظ أن هذه المواد تتداخل مع أدوية مثل ( levodopa ) و ( methylodopa ) مما يـؤدي لخفض معدل امتصاصها في الجسم .

أين ذهبت الفعالية؟

إن من أوجب الحقائق التي لابد من معرفتها عن التدخلات الدوائية الغذائية ، تلك الحقيقة التي تقول: "أن لبعض الأغذية قدرة كبيرة على إحـداث تحوير أو تعديل في فعالية الدواء داخل الجسم" خذ على سبيل المثال ، البصل المسلوق أو المقلي، إنه يزيد من فعالية أدوية مانعات التجلط.

ومثل هذا التأثير عرف عن مجموعة الأغذية الغنية في فيتامين E . غير أن كثرة تناول الأغذية الغنية في فيتامين K ، مثل القنبيط والكـرنب واللفت والخس وأشباهها، يمكن أن يخفض من فعالية أدوية مانعات التجلط وفي حالة المرضى الذين يتعاطون ( الليثيوم ) كعلاج لحالات الاكتئاب والاضطرابات العصبية، فإن محتوى الوجبة الغذائية من الملح، يؤثر كثيرا في مستويات الليثيوم بالدم، فالوجبات الغذائية الفقيرة في الملح يمكن أن تتسبب في تأثيرات عكسية على هؤلاء المرضى، وربما ظهرت عليهم أعراض التسمم بالليثيـوم. وعلى عكس ذلك في الأغذية المملحة كالبطاطس الشبس والسوركروت وبعض الخضر المعلبة والأغذية سريعة التجهـيز، حيث تتسبب في خفض مستويات الليثيوم بالدم ويقل الفعل الدوائي. ونذكر كذلك من التداخلات الضارة بالفاعلية، ما يحدث للمرضى الذين يتعاطون أدوية علاج الدرن، وهم في الوقت نفسه يتناولون الفسيخ والتونة في طعامهم، ففي هذه الأغذية توجد مادة الهيستامين، التي تتداخل مع الدواء، محدثة تأثيرا ضارا يظهر في صورة هرش وصداع. بقي أن نزيد أن إضافة الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية إلى المواد الغذائية، أو تنـاولها منفردة، يؤدي لتداخلات كثيرة مع الدواء، فتقل فعاليته أو تزيد من آثاره الجانبية الضارة. إن هناك حامضا أمينيا مشهودا هو "التربتوفان " ، يستخدمه بعض المرضى كعلاج طبيعي لعدم انتظام النوم أو الإرهاق العصبي. ولكن بعض هؤلاء المرضى ربما يعانون من ارتفاع ضغط الدم، فيتعاطون بانتظام عقاقير مانعة للضغط المرتفع مثل Monoamine oxidase inhibitors فإن حدث ذلك، فاعلم أن العاقبة وخيمة. فـالأحماض الأمينية معـروفة بتثبيطها لامتصاص هذا الدواء . وإذن فلا فائدة ترجى من العقار، ولا فائدة ترجى من الحامض، وتتدهور حالة المريض العصبية. ومن غريب التدخلات ، ما يعانيه المرضى الذين يتعاطون التتراسيكلين، من صداع مؤلم شديد، نتيجة لتعاطيهم مصادر غنية في فيتامين ( أ ). ونزيد إلى ما سبق، فنذكر ذلك الضرر الذي يحدث للبكتريا النافعة الموجودة بقناة الهضم، نتيجة تعاطي المضادات الحيوية. وهي البكتيريا التي تساهم في تكوين جزء من فيتـامين (ب) المضاد للأنيميا. وهكذا تزيد حاجة الجسم لمصدر خـارجي لهذا الفيتامين ، كلما تعاطى الإنسان هذه الأدوية. إنها حقائق لابد من معرفتها وتداولها، ليعرف الناس الضرر ، ومن أين يأتي العلاج؟!.

حديث التيرامين

ثمة إنزيمات تفرزها خلايا المخ، يربط للعلماء بينها وبين الكثير من الاضطرابات العقليـة التي تصيب البعض . ومن هذه الإنزيمات، إنزيم يدعى مؤكسد الأمين الأحـادي ( Monoamino oxidase ( MAO . فعند العلماء أن انخفاض مستوى هذا الإنزيم يرتبط بظهور حالات الشيزوفرينيا والاكتئاب الهوسي . وهكذا وجدنا عقار " MAO " كثيرا ما يصفه الأطباء، لعلاج حـالات الاكتئاب. ولكنهم- في نفس الوقت- يطلقون تحذيراتهم لمرضاهم، بضرورة الامتناع عن تناول الأغذية التي تتميز باحتوائها على مادة " التيرامين "، مثل الأجبان القديمة، والمش، والأسماك المخللة والمملحة والنقانق المتخمرة ولحم السلام المتخمر ولبن الزبادي وأكباد البقر والدواجن واللوز والتين المعلب والسجق وغيرهـا. وقـد وجدوا أن اجتماع عقـار ( MAO) مع التيرامين في جسم الإنسـان في آن واحـد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم إلى درجة خطيرة، ويسبب صداعا شديدا وقد يؤدي إلى تلف بالمخ وحدوث نزيف دماغي .. وربما أفضى إلى الوفاء .. إن الحذر واجب ، والامتناع مطلوب مطلوب .

مشروبك المفضل وتداخلاته

مشروبات كثيرة يتناولها الإنسان، وهو لا يدري أنها تتداخل مع دوائه. خذ منها العرقسوس licorice .. فقد عرف العلماء أنه يرفع ضغط الدم، وأن له تداخلات ضارة مع الأدوية المانعة لضغط الدم المرتفع ( antihypertensives )، وكذلك أدوية مدرات البول ( diuretics ) التي تعطى بالفم- والحقيقة التي نريد أن نعيهـا، أن حامض الجليسويزيك ( glycyrhizicacid ) ، وهو المادة الرئيسية الفعالة في العرقسوس، تتسبب في زيادة قدرة الجسم على الاحتفاظ بالصوديوم ( Sodium retention ) مع قلة احتفاظه بالبوتاسيوم ( potassium depletion ) .. وهكذا يزيد ضغط الدم، ويحدث الضرر. وإذن نقول لن يتعاطون هذه الأدوية ، إن تجنب العرقسوس مفيد ومطلوب، لئلا تسوء حالتهم. ولمن يتعاطون الأدوية المنومة ننصح بتجنب المشروبات المحتوية على الكافيين مثل الشاي والقهوة والكولا. فقد وجد أنه نتيجة للتدخلات الضارة التي تحدث بين الدواء وهذه المشروبات ، فإن تأثير الدواء يقل بدرجة ملحوظة، وفي الوقت نفسه تزيد حدة الآثار الجانبية للدواء كالأوراق الاضطراب العصبي. ومن غرائب التداخلات، أنهم وجدوا أن شرب اللبن يضاعف من الآثار الجانبية لمضادات الحساسية، كما أن عصير البرتقال من شأنه أن يبطل فاعلية البنسلين العلاجية.

الدواء في المعارضة

للغذاء تأثيرات على فعالية الدواء وامتصاصه في الجسم .. وللدواء كذلك تأثيرات مشابهة على الغذاء وعناصره . فالإسبرين - على سبيل المثال - يتلف كثيرا فيتامين (ج) . وإذن .. وجب تعويض نقص هذا الفيتامين لن يتعاطون الإسبرين بانتظام. أما الملح الإنجليزي (كبريتات المانيزنا)، فيتداخل مع كالسيوم الأغذية ويحوله إلى كبريتات كالسيوم غير ذائبة. وهكذا يعجز الجسم عن الإفادة من هذا العنصر الحيوي. وتظهر عليه أعراض نقصه . ولعلنا نشير إلى دراسات مستفيضة أجراها الدكتور بريان مورجان أستاذ علم التغذية بجامعة كولومبيا، عن تداخلات العقاقير مع فيتامينات الأغذية، حيث يذكر أن الزيوت المعدنية التي يكثر استخدامها في الأدوية الملينة، تمنع الأمعاء من امتصاص الفيتامينات التي تذوب في الدهون مثل A, D, E,K.

وياحبذا التداخلات

العلماء يتوصلون من آن لآخر، أثناء سيرهم في الطريق الملتوي المؤدي إلى أسرار التداخلات ، إلى حقائق مبشرة عن بعض تداخلات الأغذية والأدوية المعنية. إن العداء إذن ليس دائما. وهكذا .. فكلما كان الطبيب واعيا وعالما بدقائق التداخلات وأسرارها - الضار منها والمفيد - كانت نصائحه أقيم وأنفع . إننا نذكر ما أعلنه باحثو التداخلات عن دواء ( Griseofulvin ) الذي يستخدمه البعض لعلاج العدوى الفطرية. فقد وجدوا أن درجة امتصاص هذا الدواء بالجسم ، تتحسن كثيرا جدا ، إذا ما أخذ عقب تناول الوجبات الغذائية الغنية بالدهون. والطريف أنهم لاحظوا أن هذا الدواء يفقد قيمته، وتقل بشدة درجة امتصاصه، إذا كانت الوجبة الغذائية المصاحبة فقيرة في دهونها، أو كانت غنية في بروتيناتها . مثال آخر نذكره، ففي حالة المرضى الذين يعالجون بعقار ( Nitrofurantion ) الخاص بحالات عدوى المسالك البولية ، وجد أن الأغذية بوجه عام تفيد كثيرا في تحسين فعالية هذا الدواء أما دواء ( Cimetidine ) الذي يستخدمه مرضى قرحة المعدة، لتقليل الاضطرابات المعوية التي يعانونها ، فقد وجد أن الوجبات الغذائية تفيد كثيرا في تنظيم تركيز الدواء ، خلال الفترات ما بين الوجبات وبعضها. وينصح الأطباء مرضاهم الذين يتعاطون الأدوية موسعات الشعب الهوائية مثل دواء ( Theophylline ) بضرورة تناول الوجبات الغنية بالبروتين. وأساس ذلك تداخل مفيد يحدث بين الدواء والغذاء، يؤدي لخفض فترة نصف العمر للدواء ( half - life ) في بلازما الدم ، وهم يرجعون هذا الأثر المفيد لحدوث زيادة في معدل تمثيل الدواء بالجسم. وفي الآونة الأخيرة، تمكن المشتغلون بالتداخلات من إثبات تداخل مفيد بين أحد الأدوية المدرة للبول ، واسمه ( phenytion ) وفيتامين حامض الفوليك. وتداخل آخر مفيد يحدث بين بعض أدوية الصدفية والسرطان، ونفس الفيتامين. ووجدوا أن بعض أدوية علاج مرضى الدرن تتداخل إيجابيا مع فيتامين (ب6)، ويفيد ذلك في منع نوبات التشنج العصبي. كما يفيد هذا الفيتامين في منع ظهور الآثار الجانبية للأدوية مثل ضعف الأطراف والشعور بوخز خفيف، وغيرها من التأثيرات العصبية . خلاصة القول أنه ليس هناك عداء خالص بين الغذاء والدواء، وليس هناك توافق تام بينهما. إن الأمر إذن يتوقف على الفهم والعلم والتنظيم.

" التداخلات ".. ثقافة واجبة

لاشك أن السنوات الأخيرة شهـدت طفـرة في معلوماتنا عن التعارض الـسلبي للأدوية والأغذية، بل إن كثيرا من المتخصصين يعتقدون أن أغلب الآثار الجانبية الضـارة للدواء، ترجع أساسـا إلى هذا التعارض السلبي مع الأغذية، فعندما تؤدي مكونات الغذاء إلى تغيير العملية التفاعلية للدواء، أو حينما يؤدي الدواء إلى التأثير على قيمة الغذاء، فإن كلا منهما يؤدي بالتبعية إلى أعراض جانبية ثم مضاعفات وخيمة تصيب المريض. ولكي نتفادى هذه الآثار الضارة، فإن الأمر يستلزم معرفة الغذاء المناسب وغير المناسب لكل دواء، ويستلـزم تحقيق ذلك ضرورة أن تضم عبوات الأدوية تحذيرات بالأغذية المتعارضة معها، حتى يكون المستهلك على بينة من آثار الجمع بين الغذاء والدواء. إن العلاج الدوائي يجب أن يكون دائما جنبا إلى جنب مع العلاج الغذائي المناسب. إنهما معا هما السبيل، لتجنب الحرب الخفية بين الغـذاء والـدواء. وبهما معا سـوف يحل الوئام والسـلام بين المتنافرين من بعد اختلاف " ثقافة التداخلات- إذن- مهمة وضرورية، وإذا كانت أسرار التداخلات الغذائية الدوائية، قد دخلت في مجال نظر العلماء والأطباء، فإن أملنـا أن تدخل في مجال ثقافة الناس أجمعين، الصحيح منهم والمريض، وأن يحدث ذلك في القريب.

 

فوزي عبدالقادر الفيشاوي






الغذاء قد يكون مساعداً للدواء وقد يكون معوقاً له





غذاؤنا ينبغي ألا نختاره على أساس سعراته الحرارية فقط بل بحساب تداخلاته مع غيره ومع الدواء أيضاً