جذور خلايا الدم أمل جديد لمرضى السرطان والإيدز عصام عزو

جذور خلايا الدم أمل جديد لمرضى السرطان والإيدز

توصل العلماء إلى اكتشاف جذر خلية الدم ، وهي خلية توجه وتنتج وهي مفتاح العناصر الأساسية لكل خلايا الدم وجهاز المناعة ، واستخلاصها والسيطرة عليها ومعالجتها يبشر بعلاج جديد لكل من السرطان والإيدز وأمراض أخرى تتعلق بالدم وجهاز المناعة .

يحتوي دم الإنسان على مجموعات متنوعة من الخلايا، كل منها ذات مواصفات خاصة مما يسمح لها بأداء دور حيوي داخل الجسم. تقوم خلايا الدم الحمراء erythrocytes بنقل الأكسجين - أود الحياة - إلى أنسجة الجسم والعودة بثاني أكسيد الكربون للتخلص منه كما توقف الصفائح الرقيقة نزف الدم بزيادة سرعة التجلط. وهناك خلايا الدم البيضاء التي تكون جهاز المناعة البشري الذي يحمي أنسجة الجسم من الأجسام الغريبة من فيروسات أو كائنات دقيقة مختلفة.

جذور خلايا الدم

من العجيب أن تظهر الأنواع المختلفة من خلايا الدم من مصدر واحد، ومن خلية تحكم أساسية هي جذر الدم hematopoietc، والتي توجد أوليا في نخاع العظام. وأي اختلال أو ضرر في خلايا النخاع - إما نتيجة علاج كيميائي أو إشعاعي- يؤدي إلى تلف ودمار في جهاز المناعة ومصدر الدم.

ويعد زرع نخاع العظام أملا كطريقة علاج للمرضى الذين سبق لهم التعرض لمثل هذا النوع من العلاج، الذي قد أدى إلى دمار في مصدر إنتاج الدم لديهم.

وحديثا فلقد ازدهرت البحوث وتجمعت المعلومات عن جذر خلية الدم بصورة كبيرة مما يبشر بتحسين طرق زرع النخاع، ويعيد الأمل لمرضى سرطان الدم الأبيض "اللوكيميا" والإيدز وبعض مرضى أنواع فقر الدم وأمراض أخرى.

وقد تعتمد طرق العلاج الحديث - بالضرورة - على تفهم شامل لكل من طبيعة ودور خلايا النخاع. وبصورة عامة يعرف جذر الخلية بتكرار انقسامها مما يتيح إنتاج خلايا مختلفة، والتي تتجمع وتتحد في سلالة واحدة، والذي يؤدي في النهاية لفرز نوع واحد من الخلايا، مثل كرات الدم الحمراء.

خلايا النخاع

ينشأ جذر خلايا الدم (الهيماتوبيوتيك) مبدئيا من البويضة، في مرحلة تكون الجنين البشري، ومع النمو تنتقل إلى الكبد، أي تخلق خلايا الدم في كبد الجنين، مركز الدم.

هناك أنواع متباينة من الجذور، اعتمادا على النوع الغالب والخاص عند بدء تكونها، ومن هنا ينشأ دور كل مجموعة وقدرتها على تأدية وظائفها، وتعتبر خلية التوتيبوتينت Totipotent هي اللب الرئيسي لهذه المجموعة، وخلية واحدة منها تكفي باستمرار لإعادة بناء وتجديد جهاز مصدر الدم الداخلي وجهاز المناعة.

أما جذر الخلايا الأقل أهمية فهو بلوريبوتينت - plo ripotent، وهي تؤدي بدورها إلى خطوط مختلفة من الخلايا.

زرع النخاع

أهم المقومات التي تدخل هي جذر الخلايا، فخلايا النخاع ممكن أن تحفظ في حالة حية وجيدة في أوعية خاصة، ثم تزرع في المريض، وتعمل جذور الخلايا بها على استعادة المريض لإنتاج دمه وجهاز مناعته.

ولقد توصلت البحوث إلى طريقتين للزرع، إما من شخص إلى آخر "الوجينيك" Allogeneic أو من الشخص نفسه "أوتوترانس بلانتيشن" autotransplantation وفي الحالتين فإن البشائر الأولى لتلك الخلايا الناتجة لها قدرة على التكاثر بطرق مختلفة وبمعدل هائل. يحدثنا العلماء أن في الشخص العادي يولد من 3 إلى 10 بلايين من صفائح، وخلايا حمراء وبيضاء، فضلا عن عدد غير محدود من الخلايا الليمفاوية، هذا في خلال ساعة واحدة، كما يرتفع هذا المعدل الإنتاجى إلى عشر مرات أو أكثر وقت الحاجة إلى ذلك، علما بأن فترة عمر خلايا الدم لها قيم مختلفة ومدى واسع من التغير، فالدم يكمل دورته كل 120 يوما تكون قد قطعت الخلايا خلالها أكثر من 300 ميل. تمكث الصفائح أسبوعا أو أكثر في الجهاز الدوري، أما النيتروفيلس فأجلها ثماني ساعات قبل فنائها ومرورها إلى الأنسجة، وهناك بعض الخلايا الليمفاوية - على العكس - ممكن أن تعيش عدة أعوام، أو إلى فترة تمتد لعمر الشخص.

ولا يقتصر دور جذر خلايا الدم على تكوين خلايا متباينة كما يبدو، ولكن تعتبر مصدرا مهما لإنتاج خلايا المناعة المعروفة باسم الخلايا البالغة الكبيرة Macrophages وهي خلايا كبيرة توجد في معظم أجهزة الجسم، وليس فقط في تيار الدم المتدفق.

وأول ما تبادر في فكر العلماء هو. كيفية فصل جذور الخلايا من ضمن خلايا مجموعات الدم المختلفة في النخاع. ولقد اتضح أن هذه العملية ليست بالهينة على الأقل في عالمنا وبإمكانات الأجهزة المحدودة في هذا المجال. ومن هنا كان الأرجح - الذي حظي بقدر كبير من الاهتمام والتركيز- هو الاستفادة بالنخاع المتاح ومحاولة زرعه، وحاليا الهدف الأساسي في مجال بحوث جذر خلايا الدم هو تطوير وتحسين علاج أمراض الدم وجهاز المناعة.

يعتبر زرع النخاع طريقة علاج لهؤلاء المرضى الذين دمر جهازهم المناعي أو مصدر إنتاج دمهم نتيجة لمرض اللوكيميا (سرطان إبضاض الدم الذي تتكاثر فيه الخلايا البيضاء بمعدل سرطاني) أو علاج كيميائي أو إشعاعي أو لأي سبب آخر غير معروف.

والطريقة الوحيدة الفعالة في الحصول على كمية وفيرة من جذور الخلايا هي فصل نخاع من واهب بواسطة إبرة أو حقنة، وهي عملية تستلزم تخديرا كاملا، وهي طريقة يكتنفها صعوبات ومعوقات ذات طبيعة خاصة.

فهنا يستلزم إمداد المريض بتيار مستمر من خلايا دم حمراء وصفائح ومضادات حيوية لفترة طويلة قد تمتد إلى أسابيع، إلى أن تبدأ جذور الخلايا عملها في إنتاج كميات وفيرة من مكونات الدم السليم، كما يستلزم وجود جهاز مناعة المريض في حالة من الخمول التام حتى لا يترتب عليه رفض لجذور الخلايا المنقولة إليه، في حين يكون جهاز المناعة الجديد في محاولة للتعرف على المضيف كجسم غريب، ويسمى هذا التفاعل طعما ضد مرض مضيف. تحت هذه الظروف من الممكن أن يتم تدمير للأنسجة وبعض أجهزة جسم المريض وهنا يجب حماية المريض من خطر مهاجمته من جهاز المناعة الجديد.

شروط الواهب

عادة ما يعتبر أخ أو أخت المريض ضمن واهبي النخاع، حيث لا يوجد تعارض في أنسجتهم عن تلك الشروط اللازمة، وعند تعذر ذلك يكون الواهب من الأقارب، وهذا يستلزم التناسق، ويتم التوصل لهؤلاء المتطوعين عن طريق نظام التسجيل HLA، وهذا النظام له مميزات متعددة، أهمها أن جذور الخلايا ممكن أن يمد بها المريض حتى في حالة عدم توافق أنسجته مع ذويه. وهناك عدد متضاعف من الواهبين للمريض الواحد، حيث يجرى لهم اختبار صلاحية وخصوصا ضد اللوكيميا والأورام الخبيثة.

ومسجل عدد كبير من الواهبين في نظام HLA والموجود في أوروبا والولايات المتحدة ويسمى بالنظام الأمريكي الدولي لواهبي النخاع، ويدخل ضمن برامج مدعمة من معاهد الصحة العالمية ومسجل به ما يقرب من 330000 شخص.

وبالرغم من هذا العدد الضخم من المسجلين، فإن فرصة وجود شخص مناسب متدنية للجنس الأبيض 4:1، وهي أقل من ذلك للأجناس الأخرى، وضعيفة جدا للمخلطين، فضلا عن أن جسم المريض يمكن أن يلفظ النخاع الجديد بنسبة 10 إلى 20 في المائة، زيادة على بعض المشاكل الطبية الناجمة بنسبة 50 في المائة من الحالات.

وفي هذه الطريقة من طرق زرع النخاع لا يدخل نخاع شخص قريب أو غريب داخل جسم المريض، والتي يتم فيها استخلاص جذور خلايا دم المريض، وتجميعها في أنابيب اختبار، ثم تحفظ خارج الجسم في حالة صالحة حتى انتهاء فترة المعالجة الكيميائية أو الإشعاعية كمحاولة لتدمير الخلايا الخبيثة، ومن مميزات الأوتولوجيس أنها تسمح باستخدام جرعات كبيرة من كل من العلاج الكيميائي أو الإشعاعي بدون المخاطرة بالإضرار الدائم لخلايا تكوين الدم وجهاز المناعة وبعد انتهاء فترة العلاج يعاد للمريض نخاعه عن طريق الوريد الذي تذهب عبره جذور خلايا الدم إلى مكانها الأصلي في النخاع.

احتمالية فصل الخلايا الخبيثة من جذور خلايا الدم في النخاع أيضا تحتل مساحة واسعة في بحوث الطب الأساسية، وحتى الآن لم يتم التوصل إليها، ولكن المحاولات مستمرة لتطهير النخاع من الخلايا الخبيثة.

الجديد في بحوث جذر خلايا الدم

الأمل في أن يحتفظ الإنسان بجذر خلايا دمه تحت الطلب عند الحاجة في أي لحظة تبشر بعلاج لإعادة بناء جهازي الدم والمناعة، ولقد توصل الباحثون إلى طرق التحكم في جذور خلايا الدم معمليا. ومن المتوقع في القريب تطبيقها على المرضى. فهنا تتم معالجة النخاع المستخلص من الضرر والمرض الذي ألم به، ثم إعادته ثانية للجسم فمثلا من الممكن عن طريق التحكم والتوجيه تغيير خواص جذور الخلايا المناعية، أي يكون لها خواص مناعة خاصة ومختلفة مما يسمح لها بتحمل وتأدية دور جديد محدد ضد نوعية من الأمراض ذات طبيعة خاصة.

تظهر جميع أنواع المعالجات ممكنة، فمثلا ممكن توجيه جذر خلايا الدم وهي خارج جسم الإنسان لكي تكون جسيمات مضادة ضد خلايا السرطان أو الإيدز. وهذه الأهداف ليست خيالية - كما تبدو- فلقد تم تطبيقها على بعض حيوانات التجارب، ويتبقى فقط الربط التقني بين ما حدث في أنبوبة الاختبار وبين ما سيحدث في الإنسان.

وتواصل البحوث واستمرارها سوف يساعد الطب في شق مجال جديد لمعالجة الأمراض، تلك المعالجات التي ستتضمن عدة أفكار مؤثرة في تطور الأحداث نحو رفع كفاءة وتعزيز مناعة الجسم الطبيعية، كما أن.

طرق الوقاية والعلاج - في النهاية - سوف تتحسن وتتقدم لاعتمادها على نوعية خاصة من الأسلحة والتي سوف يعد لها جهاز الجسم المناعي بحيث يستطيع بقوة أكبر منع الغزو البيولوجي الخارجي.

ويبقى دور جذور الدم الركيزة الرئيسية في نمو وإعاشة مصدر الدم وجهاز المناعة، والضمان الحاسم للوصول إلى تلك الغايات والأهداف.

 

عصام عزو







مكونات الدم البشري في صورة مأخوذة بالمجهر التداخلي - مكبرة ألف مرة





في انتظار عملية نقل نخاع العظام





التعقيم المطلق هام بعد عمليات نقل النخاغ