حرية الإدارة.. "إعادة نظر"

حرية الإدارة.. "إعادة نظر"

أن لم تكن هناك حرية إدارة فلن تكون هناك أخلاق لأنها تحكم سلوك الأفراد.

إن لم تكن للإنسان حرية الاختيار فيما يفعل، أعني إذا كان سلوكه يتم باستمرار عن طريق الجبر، فلن يكون لكلامنا معنى حين نقول له: ما كان ينبغي عليك أن تسلك على هذا النحو، وإنما كان عليك أن تتصرف على نحو مخالف. بل إن جميع الأوامر الأخلاقية سوف تكون في هذه الحالة بغير معنى. ومن ناحية أخرى فلو كان يسلك، باستمرار، سلوكا جبرياً، فكيف يمكن أن يكون مسئولا اخلاقيا عن أفعاله؟ كيف يمكن، مثلا معاقبته على عمل لم يكن في استطاعته أن يمتنع عن عمله..؟

الواقع أن الأخلاق، كما يقول جود، تقوم على مبدأين أساسيين هما: الاستحسان والاستهجان (أو اللوم والثناء) وهما ينهاران مع غياب الحرية، فلو لم يكن في استطاعتك أن تقول لشخص ما إنه ينبغي عليك أن تفعل الفعل "س"، وأن تمتدحه إذا فعله، وتلومه إذا لم يفعله، فلن يكون ثمة حكم أخلاقي. وإذا لم يكن في استطاعة هذا الشخص إلا أن يفعل "ص"، فسوف يكون من اللغو يقينا، أن تقول إنه كان ينبغي عليه أن يفعل الفعل "س"، مثلما يكون من اللغو أن تقول عن الحجر الذي يسقط من حالق إنه كان ينبغي عليه أن يسقط إلى أعلى لا إلى أسفل. باختصار: ما لم يكن لدى الإنسان قدرة على الاختيار، فسوف تغدو الأخلاق بلا معنى.

ومن غريب ما يمكن أن نلاحظه في هذه المشكلة كما يقول "ولتر ستيس" أن الفلاسفة وعلماء النفس الذين ينكرون حرية الارادة لا يفعلون ذلك إلا في لحظات الاحتراف، أعني في قاعات المحاضرات أو في دراساتهم وبحوثهم فحسب. لأنهم عندما يصلون إلى لحظة القيام بعمل ما، من الناحية العملية، وربما كان أتفه الأعمال، فانهم يسلكون بطرق مختلفة، كما لو كانوا، هم وغيرهم، أصحاب إرادة حرة. فهم يسألونك على مائدة الطعام: هل تختار هذا الطبق أو ذاك؟ ويسألون الطفل: لِمَ يقول الكذب؟ وسوف يعاقبونه لو أنه إختار أن يسلك طريق الخطأ. وذلك كله يتناقض مع عدم الإيمان بحرية الإرادة. مما يجعلك تتشكك في هذه المشكلة، وتتساءل: أهي حقا مشكلة؟ أم أنها مجرد نزاع لفظي لا يعود إلى شيء سوى الخلط والغموض والالتباس في معاني الألفاظ، وهو ما يسمى في الفلسفة المعاصرة، وفقا للرأي السائد: مشكلة الدلالات اللفظية".

غير أن المشكلة لا هي زائفة، ولا هي على هذه الدرجة من البساطة، إذ يكاد اجماع الباحثين ينعقد على أن "حرية الإرادة" من أعقد الموضوعات التي درستها الفلسفة على الاطلاق، وأكثرها إثارة للضجيج والجدل: منذ أقدم العصور حتى عصرنا الحاضر: من أفلاطون حتى سارتر. بل هي من بين المشكلات القليلة التي اشتركت في دراستها علوم متعددة، إذ تضرب بجذور عميقة: في الفلسفة واللاهوت، والاجتماع، والأخلاق، وعلم النفس، والإنثروبولوجيا، والقانون، والبيولوجيا.. الخ. بل إن علماء الطبيعة أنفسهم دخلوا أطراف نزاع في هذه المشكلة على نحو ما سنعرف بعد قليل. وربما لا يكون ذلك غريبا في حد ذاته طالما أن الموضوع يتعلق بوجود الإنسان نفسه وهو لغز محير ولكن الغريب حقا، أنه رغم تكاتف هذه العلوم جميعاً في دراسة هذه المشكلة، فان الفشل في حلها كان عاما! إذ لا يزال الجدل يحتدم حولها حتى الآن، ولا يزال لها مكانها المرموق في الفلسفة المعاصرة. ولعل ذلك هو السبب في أن جامعة نيويورك عقدت مؤتمراً فلسفياً حول هذا الموضوع يومي 9 و10 فبراير عام 1957 حضره ما يزيد على خمسة وعشرين فيلسوفا من الفلاسفة المعاصرين، ونشرت بحوثه في كتاب بعنوان: "الحتمية والحرية في عصر العلم الحديث". أشرف عليه سدني هوك الذي نظم المؤتمر وطبع الكتاب عشرات المرات، مما يدل بوضوح على أن المشكلة لا تزال حية في الفكر المعاصر، وأن تطور علم الطبيعة زاد من حدتها.

والواقع أن هذه المشكلة بدأت مع ظهور الفلسفة في بلاد اليونان، فمن المعروف أن فلاسفة الإغريق كانوا أول من درسها، فقد عرض لها ديمقريطس، وأفلاطون، وأرسطو، وأبيقور.. الخ. كما أنها ازدهرت في العصور الوسطى مسيحية وإسلامية على السواء، وان اصطبغت بصبغة دينية ظاهرة. فتركزت عند فلاسفة الإسلام في العلاقة بين الفعل الإلهي والفعل البشري. وكانت عند فلاسفة المسيحية مشكلة التوفيق بين الإرادة البشرية والنعمة الإلهية. لكنها اتخذت طابعا علميا في العصور الحديثة منذ ظهور العلم في القرن السابع عشر. ذلك لأن اكتشاف القوانين العلمية قد أدى أولا إلى التحكم في الأشياء المادية، ثم إلى التحكم بعد ذلك في سلوك أشياء تعلو على هذه الأرض، كالنجوم والكواكب. ونظر إلى الكون في عصر نيوتن "1642 1727" على أنه آلة ضخمة أو ساعة دقيقة هائلة يسير كل شيء فيها وفقا لقانون صارم. لكن الإنسان مع ذلك، ظل خارج نطاق السببية أو "الحتمية الطبيعية"، فقد كانت "الطبيعة البشرية" لا تزال منعزلة عن الطبيعة بمعناها العام، أعني أنها كانت مستثناة ومستقلة عن الحتمية السائدة في الظواهر الطبيعية. وهو ما عبرت عنه، فلسفيا، النظرة الثنائية عند ديكارت "1596 1650" التي وضعت حاجزا صلبا بين الطبيعة الفيزيائية والطبيعة البشرية. ثم جاء "دارون" "1809 1882" وكشف عن العملية المنتظمة والمعقدة على نحو هائل التي تتحكم في أشكال الحياة ذاتها. وهنا بدا كأن الزحف المستمر لفكرة الحتمية وسيادة مبدأ السببية، والتفسير الآلي للسلوك، قد بلغ أقصى مداه. وراحت الأسئلة تطرح في إلحاح عن مدى إمكان خضوع الأفعال البشرية نفسها للقوانين العلمية. وهكذا تولى علم البيولوجيا دعم المذهب الجبري حين درس مشكلة الوراثة والبيئة وأثرها في شخصية الإنسان. ولم يكن ثمة خلاف بين العلماء على أثر هذين العاملين، لكن الخلاف تركز حول القدر الدقيق الذي ينبغي أن ينسب إلى كل منهما، ولا يزال هذا الخلاف قائما حتى اليوم.

غير أن الدراسة البيولوجية للإنسان شأنها شأن الدراسات العلمية الأخرى كانت، ولا تزال، تؤيد المذهب الجبري، وتدعم التفسير الحتمي للسلوك البشري. ولا يعني ذلك أن سلوك الإنسان، بالضرورة، محدد سلفا بما ستزوده به "الجينات" أو المورثات من خصائص، وإنما هو حتمي بمعنى أن ما سوف يكون عليه هو نتيجة مركب كونته هذه الوراثة الأولى مع البيئة المحيطة التي يتطور فيها.

وإذا كان علم البيولوجيا قد انحاز إلى المذهب الجبري، والتفسير الحتمي للسلوك البشري، فإن من الباحثين من اتجه إلى علم النفس آملا أن تؤدي بحوثه ودراساته إلى "تسوية" نهائية لهذه المشكلة ترضي أطراف النزاع جميعاً. يقول "هنترميد" في هذا المعنى: "إن أيا من جانبي النزاع الخاص بحرية الارادة لم يفلح في قهر الجانب الآخر. ومازالت هذه المشكلة أكثر أبناء الفلسفة اثارة للضجيج والمتاعب. ولكن هناك على الأقل احتمالا في أن يؤدي تطور علم النفس إلى تسوية نهائية لهذه المسألة القديمة العهد. ولو حدث ذلك لكان هذا يوما سعيدا لأمها الفلسفة، إذ إن هذا سيثبت مرة أخرى رأيها القائل أنه ليس كل أفراد ذريتها حالات مستعصية مستحيلة تقويمها. ولا جدال في أن الفلسفة سوف يسعدها التخلص من هذه المشكلة. إذ لا توجد من المشكلات ما أثارت من المتاعب قدر ما أثارت هذه".

لكن يبدو أن "ميد" كان متفائلا أكثر من اللازم، فهذا واحد من علماء النفس في بلادنا يصف موضوع الإرادة وحده بأنه: "من الموضوعات الحائرة التي فقدت أوراق اعتمادها في نظر كثير من المدارس السيكولوجية فهو كالمنبوذ السياسي الذي جرد من جنسيته، فأخذ يجتاز البحار جيئة وذهابا من دون أن يوفق إلى الدخول في ميناء يستقر فيها. فقوم يرون أن موضوع الإرادة من الموضوعات الميتافيزيقية العامة التي يجب أن تعالج بطريقة مذهبية على غرار مسألة الوجود والعدم، والخير والشر.. الخ. ويرى قوم آخرون أن موضوع الإرادة لا يتعدى النظر في الحركات الإرادية كما يفهمها عالم البيولوجيا.. ويذهب بعضهم إلى أن موضوع الإرادة من اختصاص علم الاجتماع".

مشكلة الاختيار

وفضلا عن ذلك فان علم النفس في دراسته لمشكلات السلوك البشري، بصفة عامة، قد انتهى إلى تدعيم المذهب الجبري والتفسير الحتمي! فقد كشف في تحليله لهذا السلوك عن أن الاختيار أو القرار يحدث دائما نتيجة لشروط معينة. فعندما تتوافر هذه الشروط يحدث "الاختيار". وعندما تغيب لا يكون هناك اختيار!

كما أن مدرسة التحليل النفسي، بصفة خاصة، قد دعمت موقف أنصار الحتمية الذاتية حين فسرت قوانا الواعية: كالارادة والعقل، والضمير.. الخ بأنها محكومة تماما بقوى "لا عقلية"، يرقد معظمها تحت عتبة الشعور، ولا نعرف شيئا عن تكوينها، ولا نستطيع أن نحسب مقدار أثرها على الشعور. وهم يشبهون المنابع الرئيسية لطبيعتنا ببحر من الغرائز والدوافع ليس له قرار يضطرب بعواصف اللبيدو وأمواج الرغبة وعلى هذه الأمواج يتأرجح الشعور والوعي كما تتأرجح قطعة من الفلين على سطح الماء..!

وليست مدرسة التحليل النفسي هي وحدها التي تؤدي إلى هذه النتيجة، بل إن معظم مدارس علم النفس المعاصر تدعمها بطريقة أو بأخرى. فالمدرسة السلوكية مثلا تحاول أن تدرس الإنسان على أنه آلة تعتمد في سلوكها على المثير والاستجابة. والذهن إما أن يدرس دراسة موضوعية كما يدرس النبات وحركات الكواكب. وإما أن يحذف من مجال الدراسة. يقول جون واطسن "1878 1958" مؤسس المدرسة السلوكية إن عالم النفس السلوكي يضع الموجود البشري أمامه ثم يقول: ما الذي يستطيع هذا الكائن أن يفعله؟ ومتى يبدأ في عمل هذه الأشياء..؟ وإذا لم يكن في استطاعته أن يعمل هذه الأشياء بسبب طبيعته الأصلية، فما الذي يمكن أن يتعلم أن يفعله..؟

وهكذا يتعامل مع الموجود البشري كما يتعامل مع "العينة" في المعمل، ويتساءل عالم النفس السلوكي كيف تسلك هذه "العينة" في الموقف الفلاني؟ ومتى تسلك بطريقة معينة، وما هي الأسباب التي تجعلها تسلك على هذا النحو؟

الإرادة والوجدان

معنى ذلك أن الدراسات العلمية منذ ظهور العلم الحديث في القرن السابع عشر حتى الآن كانت تتجه إلى تدعيم المذهب الجبري والتفسير الحتمي للسلوك البشري. لكن الغريب حقا أن هذه الجهود المضنية التي بذلها العلماء لم تفلح لا في حل هذه المشكلة، ولا في إقناع الإنسان بأن سلوكه حتمي بالضرورة "فمهما حاولنا أن نقنع الإنسان بأنه أسير القوانين الطبيعية، فاننا لن ننجح تماما في أن نقضي على ما لديه من شعور بالحرية". فحرية الارادة يدل عليها شهادة الوجدان، ويقتنع بها الإنسان أتم الاقتناع: "كما يشهد سليم العقل والحواس من نفسه أنه موجود، ولا يحتاج في ذلك إلى دليل يهديه، ولا معلم يرشده، فكذلك يشهد أنه مدرك لأعماله الاختيارية، يزن نتائجها ويقدرها بارادته. ثم يصدرها بقوة ما فيه. ولو لم يكن الأمر كذلك: أفكان إجماع الناس ينعقد على نسبة الأفعال إلى أصحابها: الوجدان يشهد، والحس يشاهد أن الفرد يرفع يده بالسيف ويضرب آخر فيقتله، هو الذي ضربه. ويقول الرائي والمخبر إن فلانا قتل فلانا أو ضربه، أو اعتدى عليه: فنسبة الأفعال الى من صدرت عنه من العباد مما لا يحتاج إلى بحث ولا نظر".

إذا كانت الدراسات العلمية قد أدت إلى تدعيم المذهب الجبري والتفسير الحتمي على هذا النحو القوي الذي وصل في بعض الأحيان إلى حد الشطط، فان حرية الإرادة لم تعدم أنصارا يقفون بجانبها ويدافعون عنها، ويصلون في هذا الدفاع إلى حد الشطط أيضا!

الحرية المطلقة

مذهب اللاجبرية أو اللاحتمية الخالصة، على الطرف المقابل، يذهب إلى أن الفعل البشري حر حرية مطلقة، فهو بغير سبب وبلا مقدمات على الاطلاق! وبناء على رأي هذا الفريق فان الإنسان يمكن أن يفعل في أي لحظة دون أن يكون هناك ارتباط على الاطلاق بين الحاضر من ناحية والماضي والمستقبل من ناحية أخرى. والواقع أن هذا المذهب ينتهي إلى نتائج غريبة، فهو يرى أن الفاعل حين يسلك سلوكا معيناً، فإنه لا يكون مقيدا في فعله هذا بأي شيء داخليا أو خارجياً، فهو لا يسلك سلوكه هذا لأنه يحقق أعلى رغبة من رغباته، ولا لأنه يجلب أعظم قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس كما يقول المذهب النفعي. ولا لأنه صادر عن سلطة الواجب الداخلية على نحو ما يذهب كانط "1724 - 1804" وهو ليس مقيدا في فعله بتركيبه الجسمي أو العقلي، أو بالوراثة أو البيئة التي نشأ فيها.. انه باختصار شديد يفعل الفعل "س" ويستبعد البدائل الأخرى، فهو لا يرتبط بغاية تغريه بهذا السلوك، ولا بمقدمات تضطره إليه، ان فعله هو ببساطة مجرد صدفة. وتعبر هذه اللاجبرية أو اللاحتمية الخالصة عما يسمى "حرية اللا مبالاة" التي تعني العشوائية أو العفوية التي هي سلب للعقل والقانون، فكل شيء ممكن ولا شيء مستحيل. ولا شيء مؤكد في حياة الإنسان، فالرجل الفاضل قد ينقلب فجأة، ولغير ما سبب، إلى رجل سيىء السلوك. وهكذا تصبح كل جهود التربية بغير جدوى! تلك وجهة النظر المقابلة التي تصل أحيانا إلى حد الشطط في دفاعها عن حرية الإرادة!ولا شيء يهدم المسئولية الخلقية كما تهدمها حرية اللا مبالاة هذه، لأن الفاعل حين يسلك سلوكاً معيناً، فإنه يفعل فعله، كما ذكرنا، بلا سبب، وبلا هدف أو غاية، ومن ثم فهو غير مسئول عنه. فالسلوك الذي أسلكه في لحظة معينة لا يرتبط على الإطلاق بما حدث لي في الماضي، إذ لو كانت هناك رابطة بين الماضي والحاضر، لكان معنى ذلك أن الفعل، جزئياً أو كلياً، يرتبط بمقدمات معينة، لكن القول بأنني في كل لحظة شخص جديد تصدر عني أفعالي في إستقلال كامل عن ماضيّ، فهو يؤدي إلى هدم الهوية الشخصية، ويعفيني بالتالي من المسئولية، والهوية الشخصية لا تعني شيئا سوى التشابه الذاتي. والشرط الأول لا مكان أن أكون مذنباً أو غير مذنب، أعني أن أصبح موضوعا لحكم أخلاقي هو هذا التشابه الذاتي: أن أكون أنا نفس ي باستمرار شخصاً واحدا في هوية ذاتية مع نفسي. وهذا الشرط هو ما يقضي عليه مذهب اللاجبرية أو اللاحتمية الخالص.

مذهب الجبر أو التفسير الحتمي للسلوك يقوض المسئولية الخلقية، وكذلك يفعل مذهب اللاجبرية أو اللاحتمية الخالص، الأول مرفوض لأنه لا يفسح المجال لحرية الاختيار، ويشدد على الربط الضروري بين النتيجة وأسبابها، ويجعل الشعور الداخلي بالحرية مجرد وهم سببه "الوعي" بالفعل كما قال اسبنوزا. والثاني ينادي "بحرية اللامبالاة"، ولا يقيم وزناً لأسباب الفعل حتى انقلب سلوك الإنسان إلى عشوائية تامة وعفوية خالصة، يفعل ما يشاء في أي وقت يريد!

 

إمام عبدالفتاح إمام