أغاني الماء

 أغاني الماء
أغاني الماء

شعر

ماءٌ أخضر
يتدفق في أشجار بيضاءْ
شهبٌ. وسماء زرقاءْ
ترقص عاريةً
فوق القمم الشمَّاءْ
سحبٌ هاربةٌ تطويها الريح
وتطعمها للبحر المهتاج
فيمضغها في استرخاءْ

* * *
أفلاكٌ تتصادمُ
أفلاكٌ تتناغمُ
فوق البشرِ المذهولين الغرباءْ

* * *
تلك زهورُ الأحلامِ
يباغتها الشوق
فتطلق أجنحة
يسكنها البرقُ
تهدِّئها الأنداءْ
ها هو إنسان تتقاذفه الأنحاءْ
يمشي تحت الأمطار
يناشد ليلاً مسحورا
أن يتلألأ بالأضواءْ
يمشي ممتلئاً بالأسرار
وبالخوف يحاصره المجهول
غني فتلاحقه الأصداءْ
تلك امرأةٌ تتوجعُ من ألم العشقِ
وتدعوه إلى فعل الحبِّ
ونبذ البغضاءْ
تصدح في الأفق
أناشيدُ رعاةٍ
يبتهلون إلى رب الأمطارِ
الخضراءْ
أسرابُ أساطيرٍ
تتداعى نحو النبعِ اللالاء
المرعى يَخْضَرُّ
وقلب النجمِ الأشقرِ
يستلقي فوق وسادته السوداءْ
كون مثقوبٌ
ألسنةٌ من لهب يتمادى
نهر من أيامٍ خرساء
يتدحرجُ في صمتٍ
بين صخورِ الآمالِ الغافيةِ
على وعدِ الأقدارِ
الغامضةِ الملساءْ

* * *
ها هم أطفالٌ يلتهمون سعادتهم
وسط زغاريد قلوبٍ واجفةٍ
تتساندُ في إعياءْ
أقواس من فرح
وجسور من ليل ونهار
أشرعة من صبح ومساء
موسيقى صادحةٌ
في حوصلة الطائر
تبحر فوق شتاءْ
تتناثر في الفوضى الأشياءْ
سفن من أهواءٍ
توغل مولعة
بمواجهةِ العاصفة الرعناءْ
كي تلقي أحمالَ أغانيها
في قلبِ البحر
وتراقص أسماكَ القرشِ
يحاصرها الموجُ
ليرتفع نداءْ
يأتي مرتجَّا
ليزلزل كل الأرجاءْ
يا هذا الإنسانُ العابرُ
جسرَ الأحزانِ وبحرَ الأنواءْ
لا ينجيك سوى الحبِ
يفجِّرُ فيكَ الشوقَ
إلى موسيقى تغمرُ
كل الأرضِ صفاءْ
تملأ كل شرايين الأشجارِ
أغاني الماءْ
يا هذا الإنسانُ الخائفُ
لا ينجيك سوى قلب من صخرٍ
لا قلب بكَّاءْ
يا هذا الإنسان المستوحش
لا ينجيكَ من الوهم
سوى حضن وفاءْ
يا هذا الإنسان المغترُّ
بما تحويه خزائنهُ
كل خزائن هذي الدنيا
إلا ما يحمله القلبُ خواءْ
لا ينجيكَ سوى كفِّ أخيكَ
ولا يدفئ بردك إلا الشوقُ
وحاذرْ
ما أكثر ما حولكَ من أعداءْ
كل وجودٍ لا يسكنه الحب هباء
كل وجودٍ لا يسكنه الحبُ شقاءْ

 

محمد إبراهيم أبوسنة