ولدي يخاف من المدرسة

 ولدي يخاف من المدرسة

الخوف من المدرسة هو نوع من اتلخوف المرضي، قوامه قلقل وخوف مبالغ
فيه يسيطران على الطفل، وهو مرتبط بمثير وأوضاع تتعلق
بالمدرسة بشكل مباشر، أو بشكل غير مباشر.
يلجأ الطفل الخوّاف من المدرسة, كآلية نفسية دفاعية, إلى تمويه خوفه وقلقه من المدرسة, عبر وسائل متعددة, هي:

- ادعاءات مرضية تظهر على الطفل, مثل الشعور الحاد بالصداع, والإسهال, وآلام حادة في المعدة والأمعاء, والتهاب الحنجرة, وهذه الأعراض النفسية (اللاعضوية) تعرف بزملة أعراض خواف المدرسة, حيث تختلف هذه الأعراض النفسية لخواف المدرسة عن الأعراض المرضية ذات المنشأ العضوي, بأنها تظهر بشكل مفاجئ لحظة اقتراب موعد ذهاب الطفل الخواف إلى المدرسة, أو في حال إجبار الطفل الخوّاف على الذهاب إلى المدرسة عنوة من قبل أحد والديه, وسرعان ما تختفي هذه الأعراض بمجرد تيقّن الطفل الخوّاف بأنه لن يذهب إلى المدرسة.

- محاولات متكررة ودءوب من قبل الطفل الخوّاف بإعطاء صورة رديئة وسلبية عن المدرسة والمعلم (أو المعلمة) والتلاميذ.

- أولاً: رهبة الانفصال عن الأم.
- ثانياً: الخوف العصابي من المعلم/أو المعلمة.
- ثالثاً: الخبرات المدرسية وتشمل:
- اضطهاد الطفل من قبل أحد الأطفال.
- الخبرات المدرسية غير السارة بسبب الإعاقة.

هل هناك علاج؟

هناك نمطان من الخوف المرضي من المدرسة, يختلف كل واحد منهما عن الآخر اختلافات بيّنة من حيث فترة العلاج, ومدى تدخل المعالج, ثم أخيراً مدى تأثير كل نمط في حياة الطفل النفسية والاجتماعية, وهذان النمطان هما: النمط الحاد, والآخر نمط مزمن.

- الخوف من المدرسة من النمط الحاد: يتميز الخوف من المدرسة من النمط الحاد, بأنه لا يترافق بمشكلات سلوكية أو نفسية, وفي الوقت نفسه, لا يكون الطفل الذي يقع ضحية لهذا النمط من الخوف المرضي من المدرسة قد سبق أن عانى من مشكلات سلوكية أو نفسية, وبالتالي, من ناحية أخرى, يكون خوف الطفل في هذه الحال محصوراً بالمدرسة فقط, بينما تسير حياة الطفل خارج المدرسة سيراً سويّاً وطبيعياً, وهذا النمط من الخوف من المدرسة يمكن السيطرة عليه بسهولة وخلال فترة زمنية قصيرة نسبياً, دون تدخل المعالج النفسي أو السلوكي والاكتفاء بمساعدة الأهل فقط ضمن ظروف مناسبة.

والعلاج يتضمن تحرير المثير الشرطي الذي يسبب الاستجابة الخوافية, من استجابته الخوافية, بحيث يتمكن الطفل من ممارسة المثير الشرطي دون أن تستتبعه الاستجابة الخوافية.

ففي حالة الخوف من المدرسة الناتج عن رهبة الانفصال عن الأم, وهي من أكثر الحالات شيوعاً وانتشاراً, فإن العلاج يتضمن تحرير المثير الشرطي (المدرسة التي تفصل الطفل عن أمه), من الاستجابة التي يحدثها (الخوف الناتج عن رهبة الانفصال عن الأم), بحيث يتمكن الطفل من ممارسة المثير الشرطي (الذهاب إلى المدرسة), دون أن تستتبعه الاستجابة الخوافية, وفي الوقت نفسه دون أن يستدعي ممارسة المثير الشرطي (الذهاب إلى المدرسة) رهبة الانفصال عن الأم, وهذا يتطلب الربط ما بين المدرسة والأم, كأن - مثلاً - تذهب الأم بصحبة طفلها الخواف إلى المدرسة, وتدخل معه إلى الصف وتبقى بصحبته لفترة من الزمن, ثم تعود به, وتكرر الأم هذا الإجراء لعدة مرات بحيث يربط الطفل ما بين المدرسة والأم. وفي مرحلة ثانية, عندما يتم الربط ما بين المدرسة والأم, تكتفي الأم بتوصيل طفلها إلى المدرسة والدخول بصحبته إلى الصف لفترة زمنية قصيرة, ثم تخرج الأم بمفردها من الصف دون طفلها على أن تبقى قريبة منه بحيث يراها (كأن تجلس أمام الباب أو بالقرب من النافذة على مرأى من طفلها), وعندما لا يثير ممارسة المثير الشرطي الاستجابة الخوافية, يمكن للأم في مرحلة لاحقة الاكتفاء بتوصيل الطفل إلى المدرسة فقط, دون أن تدخل معه, وانتظاره في الخارج عند عودته, أما إذا استتبع ممارسة المثير الشرطي الاستجابة الخوافية, يجب تكرار المحاولة حتى يتحرر المثير الشرطي من استجابته.

- الخوف من المدرسة من النمط المزمن: يترافق هذا النمط من الخوف من المدرسة عادة بمشكلات سلوكية ونفسية شتى, أو يكون الطفل - وهو غالباً في مرحلة متقدمة من العمر - قد عانى سابقاً من مشكلات نفسية وسلوكية وعدم تكيفية, وهذا النمط من الخوف المرضي من المدرسة لا يكون محصوراً بالمدرسة فقط, ولكنه جزء من مشكلات سلوكية ونفسية تشمل مجمل الحياة الاجتماعية والنفسية للطفل, مما يؤدي بالطفل إلى الانسحاب تجاه المواقف والتجارب والأنشطة التي تتطلب تكيّفاً فعّالاً, وبالتالي, يؤثر ذلك على نمو الطفل الاجتماعي والنفسي, ويحدث اضطرابات بالشخصية.

وإذا ما استمر الخوف المرضي من المدرسة مترافقاً بمشكلات سلوكية ونفسية وعدم تكيفية لدى الطفل, دون علاج, فإن ذلك سيعيق تعلّم الطفل للمهارات, والتفاعل مع الأقران, وتنمية الحسّ الاجتماعي, واكتساب المعرفة مستقبلاً, مما ينبئ بحدوث اضطرابات عصابية, وتكيف رجاعي ضعيف وسلبي تجاه المواقف والاتجاهات والتجارب التي تتطلب تكيّفاً فعّالاً, وبالتالي الفشل في إنجاز الأعمال والمهمات التي تتطلب الاستقلالية والاعتماد على النفس والقدرات الذاتية, وهذا النمط من الخوف من المدرسة, يتطلب تدخل المعالج النفسي أو السلوكي بأسرع وقت دون تباطؤ.

 

أحمد إبراهيم اليوسف