عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

المرأة والزهرة

المرأة كالربيع، تحمل سر الخصوبة وتجدد الحياة. وقد وثقت الطبيعة في قدرتها فأعطتها ميزة الولادة والتناسل، وهيأت جسمها لحمل أمانة الحياة الجديدة تسعة أشهر كاملة مع كل مخلوق جديد. ولكن من النادر علينا في ظل مجتمع ذكوري أن نعترف بذلك، أو أن نعطي المرأة المساواة التي تستحقها. ورغم أن الحكيم القديم يقول "لا تضرب المرأة حتى ولو بزهرة" فإن الإحصاءات العالمية تبين لنا أن العنف ضد النساء في تصاعد مستمر. فقتل الإناث في سن الرضاعة لايزال موجودا في العديد من البلدان المتخلفة، وكذا إجهاض النساء اللواتي يحملن إناثا بعد أن ساعد العلم الحديث على اكتشاف ذلك، إضافة إلى عمليات التشويه التي تتم أثناء الختان العشوائي. المشكلة أن هذه المرأة هي الأم وهي التي تعد الأجيال القادمة للمستقبل، فالمرأة المقموعة تنتج أطفالا يرضعون القمع مع لبنها، والمرأة حرة الفكر تصبح مدرسة لكل من يخرج من رحمها، وطريق المرأة العربية إلى تلك الحرية مازال طويلا. إنه ذلك اللحن الذي لم يتم على حد تعبير فريدة النقاش التي تشارك في ملف هذا العدد حول المرأة، فهي قد شاركت في كل معارك التحرر وفاتها أن تحرر نفسها، على الأقل لم تضع هذا ضمن أولوياتها. وقد اكتسبت المرأة العربية حقين أساسيين هما حق التعليم وحق العمل، ولكنها في العديد من بلداننا العربية فشلت في نيل بقية حقوقها وخاصة حقها في المشاركة السياسية. من أجل ذلك تعيد العربي فتح ملف المرأة العربية مرة أخرى. وهو على أي حال ملف غير قابل للإغلاق، لأن قضية المرأة هي قضية المجتمع المدني ككل، ومقياس تقدمه وتخلفه. وتتسع صفحات العربي للمزيد من القضايا والتجارب، فهي تنتقل من تحرر المرأة إلى تحرر الشعوب ضد كل صنوف التمييز. فتذهب إلى جنوب إفريقيا لتقدم تجربة حية للنضال ضد كل أصناف التفرقة العنصرية، وهي انتصار لإرادة الروح البشرية ضد كل عوامل القمع والإذلال، وتقدم من خلالها الأمل لأهلنا في فلسطين الذين يعانون من نفس الأوضاع تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي. وتذهب العربي إلى الرياض عاصمة العرب الثقافية لتقدم تجربتها في إعادة بناء وتجديد البنية الثقافية ورصدا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، ثم تقيم العربي مواجهة وتعريفا مع د. رشدي راشد الذي قضى عمره خادما للتراث العربي والإسلامي، واكتشف فيه مناطق مجهولة لم يذهب إليها أحد، ولعل هذا الحوار هو الأول من نوعه بالعربية الذي يلقي الضوء على واحد من أبرز علماء العرب عبر الحدود. ولا يمكن الإحاطة بكل ما في هذا العدد الحافل من آراء وأفكار، فكل مقالة فيه أشبه بعصارة ربيعية تسري في عروق الثقافة العربية لتعيد إليها التجدد والحياة.

 

المحرر