معرض العربي

معرض العربي

الباشا يجلس في المقهى

"علاقتي باللون تلقائية، آتية من مخزون وماض وذاكرة عميقة الجذور" أمين الباشا

امرأة, ثمرة, عصفور, زهرة وغيرها من المفردات الفنية الجميلة, التي تتضمنها مجمل أعمال الفنان أمين الباشا, لتشكّل في النهاية عالمه الفني الجميل, حيث تعتبر تلك المفردات مفاتيحه السحرية التي تفتح أبواب المتعة البصرية للعين المتذوّقة.

وُلد الفنان (أمين الباشا) في بيروت عام 1932م, وتربى في كنف عائلة متسامحة ومنفتحة على الفنون, ونشأ في بيت تتبدّل فيه اللوحات من حين لآخر, تعلق بخاله الموسيقي والفنان خليل مكنية, فانجذب في البداية لتعلم الموسيقى مع أخيه توفيق - الموسيقار المعروف - ولكنه لم يستمر في ذلك فترة طويلة, وفي السابعة عشرة من عمره, رافق فناناً هنغارياً للرسم أشهراً عدة, فتطوّرت قدراته الفنية في الرسم ومن ثم زادته رغبة في تعلمها, وبعد أن أنهى دراسته التحق بالأكاديمية اللبنانية للفنون التشكيلية, وفيها تعرف على المدارس الفنية واطلع على أساليبها المختلفة, وعلى تجارب الفنانين أمثال ماتيس وديفي وبيكاسو وسيزان.

وفي عام 1958م, نال جائزة السفارة الفرنسية, وعلى أثرها سافر إلى باريس,وامتدت إقامته اثني عشر عاماً فيها حيث التحق بالمدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة.

اتجه في البداية للرسم من الطبيعة, ومن ثم اتخذ التجريد وسيلته في التعبير فترة من الزمن, وبعدها عاد الفنان الباشا بالجمع ما بين الأسلوبين, إلى أن شكّل له أسلوبه الخاص المتفرّد والقائم على العفوية وصدق الانفعال, منتمياً إلى الطبيعة وحب الناس وألفة الأمكنة.ومن المواضيع المحببة للفنان أمين الباشا, نختار لوحة (المقهى البلدي) حيث نلاحظ من خلالها أحد ملامح فن الباشا في بنائه للمشهد الفني, والقائمة على عنصرين ظاهرين هما: عنصر الضوء الآتي من خارج المقهى المنسكب على مربعات السيراميك والمنساب على كتف المرأة والكرسي, وعنصر الظل الظاهر في النصف الآخر للمقهى. وكما نلاحظ تحديده للمساحات اللونية من خلال تماس الألوان بعضها بعضا , مع إلغائه للبعد الثالث في تسطيحه للأشكال, وإبرازه للعلاقة الحميمة ما بين النسوة في حوارهن في الخارج وتضادها مع الهدوء والسكينة والوحدة داخل المقهى, إضافة للتقابل الجميل الذي أوجده الفنان لقطع السيراميك بسحرها الشرقي مع أوراق الشجر, وذلك بغية خلق التوازن للمشهد الفني .

 

خالد عبدالمغني