إلى أن نلتقي

 إلى أن نلتقي

لماذا لم يخلق الله زهرة متوسطة الجمال؟

تختلف أنواع الزهور، باختلاف الأرض التي تنبت فيها، والمناخ الذي تتأثر به، وطبعا باختلاف الشتلات والبذور. تختلف في الشكل ودرجات الألوان، كما تختلف روائحها وعطورها، ولكنها تتفق جميعا في كونها جميلة، ولا أظن أن هناك من قال عن زهرة من هذه الزهور المختلفة إنها أقل جمالا أو إنها متوسطة الجمال!

هل كان ذلك لأن فكرة الجمال ذاتها تقترب من أن تكون فكرة مطلقة؟ فالجمال إما أن يكون أو لا يكون!

هل تنفرد فكرة الجمال وحدها بهذا التميز؟ لقد جاءت إلينا فكرة الجمال مع فكرة (الحق) و(الخير) من عالم الفلسفة القديمة كأفكار كلها مطلقة، ودخلت كلها في العصور الحديثة في امتحانات النسبية، فهل يمكن القول إن فكرة الجمال هي التي نجحت في هذه الامتحانات لأن الجمال إما أن يكون أو لا يكون؟ ولأن فكرة الجمال وجدت من صنع الطبيعة، من صنع الله!

وإذا كانت امتحانات النسبية قد نجحت في افتراس فكرة الحق والخير، لأن نتاج هاتين الفكرتين يخضع للحكم الإنساني سواء في مرحلة إنجازه أو في مرحلة تقدير قيمته كحق أو كخير، فهل نجحت الزهور في هذه الامتحانات لأنها وقعت في المسافة بين صنع الله، وتقدير هذا الصنع من جانب البشر؟! لكن ماذا حدث لفكرة الجمال في الفن والأدب، وهي في هذا الإطار من صنع البشر سواء في مرحلة الإنجاز أو في مرحلة تقدير قيمته كجمال!؟

إن تاريخ النقد الأدبي كله يؤكد أن فكرة النسبية لم تتوان عن افتراس فكرة الجمال في الأدب، والفن الذي ينتجه البشر، وإخضاعهما لقانون النسبية!

لكن يبقى أن فكرة الجمال المطلق لمن يرى أنها تتمثل في الزهور التي يخلقها الله تبدو وكأنها تبعث برسالة من نوع خاص إلى الفنان الإنسان الذي يبدع الأدب والفن!

رسالة تقول كلماتها:

"إن ظروف الحياة وطرق تطورها المعقدة قد تدفع الإنسان إلى أن يقبل برغيف خبز متوسط الجودة لتحقيق فكرة الخير، كما قد يقبل أحيانا بمواقف نصف عادلة لتحقيق فكرة الحق، ولكن بالله عليكم وبحق زهوره الجميلة دائما لا تقبلوا عملا فنيا وأدبيا متوسط الجمال تحت أي شعار، فالعمل الفني إما أن يكون جميلاً أو لا يكون"!!

 

أبوالمعاطي أبوالنجا