قيادة الذات والتعلُّم من المستقبل

قيادة الذات  والتعلُّم من المستقبل

   وفقًا للأستاذ الألماني بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا TIM، مؤلف كتاب نظرية U، أوتو شارمر، نحن نتعلم إمّا من خبرات الماضي - كما يفعل معظمنا - أو من المستقبل. فعندما نواجه بتوقّعات أو تصوّرات أو أفكار جديدة - تمثّل مستقبلًا في طريقة للظهور- نقوم بـ «تنزيل» معلوماتنا المتعلقة بالفكرة أو التصور. فإذا كانت عقولنا وقلوبنا مغلقة، تضعف إرادتنا عن تبنّيها، فنرفضها ولا نتعلم منها شيئًا. أما إذا فتحنا عقولنا وقلوبنا، نقبلها كحقيقة جديدة، يمكن التفكير فيها، والاهتمام بها، والتعاطف معها على نحو عميق، حتى يأتي وقت نكون فيه على استعداد للتخلي عن معرفتنا القديمة لمصلحة معرفة جديدة متطورة. 

مع‭ ‬الوقت‭ ‬نبلور‭ ‬رؤية‭ ‬طازجة‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬المستقبل،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬نبدأ‭ ‬رحلة‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والتجريب‭ ‬بالتطبيق،‭ ‬وإذا‭ ‬تحسَّن‭ ‬أداؤنا،‭ ‬يصبح‭ ‬هذا‭ ‬التعلّم‭ ‬الجديد‭ ‬مدمجًا‭ ‬في‭ ‬ممارساتنا‭ ‬وحياتنا‭.‬

‭ ‬نحتاج‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬التعلّم‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬إلى‭ ‬قيادة‭ ‬متمكنة‭ ‬ومنضبطة‭ ‬لذواتنا،‭ ‬تساعدنا‭ ‬على‭ ‬اكتشاف‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مرئيًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬بعيون‭ ‬العقل،‭ ‬وعيون‭ ‬القلب،‭ ‬وعيون‭ ‬الروح‭. ‬وتزيدنا‭ ‬معرفة‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬بشأن‭ ‬دفاعنا‭ ‬عن‭ ‬أنماط‭ ‬تفكيرنا‭ ‬القديمة‭ ‬وشعورنا‭ ‬بمخاصمة‭ ‬الجديد‭ ‬والخوف‭ ‬منه‭. ‬والكثير‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬الكفاح‭ ‬نحو‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير‭ ‬ما‭.‬

‭ ‬فكيف‭ ‬نمكّن‭ ‬أنفسنا‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬ذواتنا‭ ‬بصورة‭ ‬شاملة،‭ ‬حيث‭ ‬نستطيع‭ ‬قيادتها‭ ‬وتوجيهها‭ ‬نحو‭ ‬حياة‭ ‬أفضل؟‭ ‬وكيف‭ ‬نتمتع‭ ‬بطاقة‭ ‬إيجابية‭ ‬وموارد‭ ‬باطنية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬عالم‭ ‬سريع‭ ‬التغيّر،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المرونة‭ ‬والمقاومة‭ ‬والاستجابة‭ ‬الفورية،‭ ‬والإبداع،‭ ‬ومهارات‭ ‬تعلّم‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬متوقعة؟‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬قيادة‭ ‬الذات‭ ‬متطلّب‭ ‬سابق‭ ‬لقيادة‭ ‬الآخرين،‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬الكاتب‭ ‬الفنلندي‭ ‬بينتي‭ ‬سيدانمانلاكا،‭ ‬ويتساءل‭: ‬كيف‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يدير‭ ‬الآخرين‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬نفسه؟

 

شركة‭ ‬الذات‭ ‬المحدودة

  ‬لشرح‭ ‬مصطلح‭ ‬قيادة‭ ‬الذات،‭ ‬يقدّم‭ ‬سيدانمانلاكا‭ ‬نموذجين‭: ‬يطلق‭ ‬على‭ ‬الأول‭ ‬‮«‬نموذج‭ ‬شركة‭ ‬الذات‭ ‬المحدودة‮»‬،‭ ‬تكون‭ ‬فيه‭ ‬الذات‭ ‬هي‭ ‬المدير،‭ ‬وعليها‭ ‬قيادة‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬بصورة‭ ‬جيدة‭. ‬وتتكون‭ ‬شركة‭ ‬الذات‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬أقسام‭: ‬قسم‭ ‬الجسد،‭ ‬وقسم‭ ‬العقل،‭ ‬والقسم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والقسم‭ ‬الروحي،‭ ‬وقسم‭ ‬العمل‭.  ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬ذات‭ ‬إدارة‭ ‬عمليات‭ ‬هذه‭ ‬الأقسام‭ ‬ومراقبة‭ ‬وظائفها‭ ‬وضبط‭ ‬التفاعل‭ ‬بينها‭. ‬وهنا‭ ‬يكون‭ ‬القائد‭ ‬والتابع‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسه‭. ‬أو‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬القائد‭ ‬هو‭ ‬وعي‭ ‬الذات‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬الجسد،‭ ‬والعقل،‭ ‬والمشاعر،‭ ‬والقيم‭. ‬

أما‭ ‬النموذج‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬‮«‬السلامة‭ ‬الشاملة‮»‬،‭ ‬ويتطلّب‭ ‬الأداء‭ ‬الأمثل‭ ‬من‭ ‬الذات،‭ ‬لتكون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬جيدة‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬مرتفعة‭ ‬للسلامة‭. ‬ويتكون‭ ‬النموذج‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬الخمسة؛‭ ‬الجسدية،‭ ‬والعقلية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والروحية،‭ ‬والمهنية،‭ ‬وعندما‭ ‬يرتفع‭ ‬منحنى‭ ‬السلامة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الجوانب‭ ‬تتمتع‭ ‬الذات‭ ‬بالكفاءة‭ ‬والشعور‭ ‬الطيب‭.‬

‭ ‬

عناصر‭ ‬ملموسة

‭ ‬يجد‭ ‬سيدانمانلاكا‭ ‬أن‭ ‬قيادة‭ ‬الذات‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬ملموسة،‭ ‬فالحالة‭ ‬الجسدية‭ ‬تعني‭ ‬غذاء‭ ‬متوازنًا،‭ ‬وتمارين‭ ‬رياضية‭ ‬أو‭ ‬مشيًا،‭ ‬وتنفسًا‭ ‬جيدًا،‭ ‬وقدرًا‭ ‬ملائمًا‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬والراحة‭ ‬والاسترخاء‭. ‬وتعني‭ ‬الحالة‭ ‬العقلية‭ ‬طاقة‭ ‬تفكير‭ ‬وإبداع‭ ‬نشطة،‭ ‬وفضولًا‭ ‬وتعلّمَ‭ ‬أشياء‭ ‬جديدة،‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات،‭ ‬واتجاهات‭ ‬إيجابية‭. ‬وتمثّل‭ ‬الحالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬رعاية‭ ‬العلاقات‭ - ‬سواء‭ ‬مع‭ ‬الشريك‭ ‬أو‭ ‬الأطفال‭ ‬أو‭ ‬الأهل‭ ‬أو‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬أو‭ ‬الزملاء،‭ ‬أو‭ ‬الناس‭ ‬عمومًا‭ - ‬وتوافر‭ ‬وقت‭ ‬للهوايات‭ ‬ولخدمة‭ ‬المجتمع‭. 

بينما‭ ‬تعني‭ ‬الحالة‭ ‬الروحية‭ ‬وجود‭ ‬أهداف‭ ‬سامية،‭ ‬وقيم‭ ‬عليا‭ ‬ورؤى،‭ ‬والعيش‭ ‬بصورة‭ ‬متوازنة،‭ ‬أي‭ ‬وجود‭ ‬أهداف‭ ‬ومحفّزات‭ ‬روحية‭ ‬توجّه‭ ‬الحياة‭. ‬وتعني‭ ‬الحالة‭ ‬المهنية‭ ‬توافر‭ ‬أهداف‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وقدرات‭ ‬كافية‭ ‬لتحقيقها،‭ ‬وتقييم‭ ‬أداء‭ ‬جيد،‭ ‬وتنمية‭ ‬وتطوير‭ ‬مستمر‭. ‬

ونظرًا‭ ‬لصعوبة‭ ‬الانضباط‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬قيادة‭ ‬الذات‭ ‬وإحداث‭ ‬تغيير‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي،‭ ‬ينصحنا‭ ‬بالالتزام‭ ‬بعشرة‭ ‬مبادئ‭ ‬يراها‭ ‬مفيدة‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬خبرته‭:‬

المبدأ‭ ‬الأول‭: ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬معنى،‭ ‬وطرح‭ ‬الإنسان‭ ‬أسئلة‭ ‬مهمة‭ ‬مثل‭: ‬مَن‭ ‬أنا؟‭ ‬وما‭ ‬مهمتي‭ ‬في‭ ‬الحياة؟‭ ‬وبماذا‭ ‬سأساهم‭ - ‬وليس‭ ‬علامَ‭ ‬سأحصل؟‭ ‬أي‭ ‬خطة‭ ‬للحياة،‭ ‬ورؤية‭ ‬تقود‭ ‬وتوجّه،‭ ‬ويتعيّن‭ ‬تحديثها‭ ‬باستمرار،‭ ‬لأنّ‭ ‬الحياة‭ ‬مليئة‭ ‬بالمفاجآت‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬الذات‭ ‬معنى‭ ‬في‭ ‬وجودها‭ ‬الشخصي‭ ‬وفي‭ ‬علاقاتها‭ ‬وفي‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬ككل‭. ‬

‭ ‬ويتعيّن‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬أيضًا،‭ ‬اكتشاف‭ ‬روعتها‭ ‬الباطنية‭ ‬وإيمانها‭ ‬العميق‭ ‬الذي‭ ‬يشكّل‭ ‬هدف‭ ‬الحياة‭ ‬ويخلق‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬منها،‭ ‬لتدرك‭ ‬أنها‭ ‬جزء‭ ‬صغير‭ ‬من‭ ‬الكون‭. ‬

المبدأ‭ ‬الثاني‭: ‬التركيز‭ ‬وفعل‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬الهدف‭: ‬فعندما‭ ‬يتطلع‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬بلوغ‭ ‬أمر‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬قيمة،‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬عليه‭ ‬بوعي‭ ‬وبواقعية‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬العمل،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدمج‭ ‬الحلم‭ ‬بالقيم‭ ‬وبالشجاعة‭ ‬الضرورية‭ ‬للمخاطرة‭ ‬والتحرر‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬التفكير‭ ‬القديمة،‭ ‬ليصبح‭ ‬المرء‭ ‬ما‭ ‬يريد‭. ‬ويبدأ‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬لإدارة‭ ‬الوقت‭ ‬هنا،‭ ‬بتحديد‭ ‬الأولويات،‭ ‬رغم‭ ‬صعوبة‭ ‬الاختيار،‭ ‬وتذكر‭ ‬أنّ‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬لن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬شيء‭. ‬وقد‭ ‬يعني‭ ‬التركيز‭ ‬أحيانًا،‭ ‬غلبة‭ ‬العيش‭ ‬الباطني‭ ‬على‭ ‬العيش‭ ‬الظاهري‭. ‬والانتقال‭ ‬من‭ ‬الجري‭ ‬لتحقيق‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الإنجاز‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬دائم‭ ‬الانشغال‭ ‬ومتخم‭ ‬بالمعلومات‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬استيعابها،‭ ‬إلى‭ ‬اتّباع‭ ‬الحدس‭ ‬واعتماد‭ ‬الصمت‭ ‬وتعلُّم‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬صوت‭ ‬الباطن‭ ‬المحفز‭ ‬للعيش‭ ‬بسلام‭.‬

 

الأصالة‭ ‬والتجديد

المبدأ‭ ‬الثالث‭: ‬الأصالة‭ ‬التي‭ ‬يشترك‭ ‬فيها‭ ‬معظم‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬ذواتهم،‭ ‬فهم‭ ‬يعيشون‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬ولا‭ ‬‮«‬يمثّلون‮»‬‭. ‬فلا‭ ‬يسرق‭ ‬التمثيل‭ ‬طاقاتهم،‭ ‬بل‭ ‬تمدهم‭ ‬الحقيقة‭ ‬بطاقة‭ ‬إيجابية‭. ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬اكتشف‭ ‬الإنسان‭ ‬هويته،‭ ‬وأهدافه،‭ ‬وماهية‭ ‬مساهمته،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬سعيدًا‭ ‬إذا‭ ‬قبَل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭ ‬المطلقة‭ ‬لحياته؛‭ ‬ويصبح‭ ‬الحلّ‭ ‬الوسط‭ ‬مؤلمًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭. ‬وعندما‭ ‬يلبّي‭ ‬حاجاته‭ ‬ورغباته‭ ‬الحقيقية،‭ ‬يوفّق‭ ‬أسلوب‭ ‬حياته،‭ ‬حيث‭ ‬يستيقظ‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ ‬متطلعًا‭ ‬ليومه؛‭ ‬وتكون‭ ‬السعادة‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬حالاته‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬مستعدًا‭ ‬للاستماع‭ ‬لذاته‭ ‬الأصيلة،‭ ‬ستقوده‭ ‬إلى‭ ‬أشخاص‭ ‬وأماكن‭ ‬ومواقف‭ ‬تجلب‭ ‬له‭ ‬السرور‭. 

المبدأ‭ ‬الرابع‭: ‬التجديد،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬التعلّم‭ ‬باستمرار،‭ ‬وتبني‭ ‬المرونة‭ ‬والشجاعة،‭ ‬لأنّ‭ ‬التعلم‭ ‬والتغيير‭ ‬مفتاحا‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وفي‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية‭. ‬وعندما‭ ‬يصبح‭ ‬التغيير‭ ‬أمرًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬للحياة،‭ ‬يتعزز‭ ‬الاستعداد‭ ‬لتغيير‭ ‬الذات‭ ‬بصورة‭ ‬مستمرة،‭ ‬ويفهم‭ ‬أن‭ ‬التغيير‭ ‬لا‭ ‬يهدد‭ ‬البقاء،‭ ‬بل‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬تحدّ‭ ‬يمكن‭ ‬مواجهته‭. ‬وتعني‭ ‬المرونة‭ ‬الحضور‭ ‬التام‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬تقدير‭ ‬الجدة‭. ‬وينصح‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قائد‭ ‬ذاته‭ ‬فضوليًا‭ ‬وعفويًا‭ ‬كالأطفال،‭ ‬ويعتبر‭ ‬العقلية‭ ‬الفضولية‭ ‬هبة‭ ‬عظيمة‭ ‬ينبغي‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها،‭ ‬ومفتاحًا‭ ‬للإبداع‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المجهول‭ ‬وتوقّع‭ ‬فقد‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه،‭ ‬يعيق‭ ‬التغيير،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬الخوف‭ ‬الشديد‭ ‬أحيانًا‭ ‬إلى‭ ‬التغيير‭ ‬الشخصي‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬الحماس‭ ‬تمامًا‭. ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬علينا،‭ ‬ألّا‭ ‬نقاوم‭ ‬تغييرًا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يخدمنا،‭ ‬بل‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لتقبّل‭ ‬التغيير‭ ‬كمكان‭ ‬آمن‭ ‬ومألوف‭.   

المبدأ‭ ‬الخامس‭: ‬الثقة‭ ‬بالنفس،‭ ‬والإيمان‭ ‬بالذكاء‭ ‬الكوني‭ ‬الضروري‭ ‬للتعلّم؛‭ ‬حيث‭ ‬يُرى‭ ‬الإنسان‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬المخاطرة‭ ‬خارج‭ ‬منطقة‭ ‬راحته،‭ ‬وتعلّم‭ ‬مهارات‭ ‬جديدة،‭ ‬غير‭ ‬أنّ‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬قدرات‭ ‬هم‭ ‬جيدون‭ ‬فيها،‭ ‬ليصبحوا‭ ‬أفضل‭. ‬

لكن‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬لآخر‭ ‬اتخاذ‭ ‬هواية‭ ‬جديدة‭ ‬يكون‭ ‬المرء‭ ‬مبتدئًا‭ ‬فيها‭ ‬حقًا،‭ ‬ليخبر‭ ‬ألم‭ ‬التعلّم‭ ‬ومتعته‭. ‬أما‭ ‬الإيمان‭ ‬بوجود‭ ‬قوة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الذات،‭ ‬فيولّد‭ ‬طاقة‭ ‬روحية‭ ‬تقابل‭ ‬طاقة‭ ‬الجسد‭ ‬المادية‭. 

المبدأ‭ ‬السادس‭: ‬الصبر،‭ ‬فعلى‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صبورًا‭ ‬ومؤمنًا‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬سيحدث،‭ ‬ويستعد،‭ ‬ويعلم‭ ‬أنه‭ ‬سيفوز‭ ‬بجزاء‭ ‬صبره‭. ‬فعندما‭ ‬يكون‭ ‬التلميذ‭ ‬جاهزًا،‭ ‬يظهر‭ ‬المعلم‭. ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يجلب‭ ‬الصبر‭ ‬الجميل‭ ‬المكافآت،‭ ‬فما‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ينفتح‭ ‬على‭ ‬الجديد‭ ‬ويستعد‭ ‬لاقتناص‭ ‬الفرص‭.‬

‭ ‬

الإصرار‭ ‬والتواضع

المبدأ‭ ‬السابع‭: ‬الإصرار‭ ‬والانضباط،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬التغيير‭ ‬بسهولة‭ ‬ولا‭ ‬يجري‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة،‭ ‬بل‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الانضباط‭. ‬فيمكن،‭ ‬مثلًا،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬التعاسة‭ ‬عادة‭ ‬سيئة‭ ‬لدى‭ ‬شخص،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لخياراته،‭ ‬فإذا‭ ‬أراد‭ ‬حياة‭ ‬المسرّة،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬انضباط‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬كسر‭ ‬أنماط‭ ‬سلوكية‭ ‬قديمة‭ ‬وغير‭ ‬واعية‭ ‬قادته‭ ‬إلى‭ ‬التعاسة،‭ ‬وعليه‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬حدودًا‭ ‬لنفسه،‭ ‬ويلتزم،‭ ‬ويركز‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬نفسه‭ ‬لأبعد‭ ‬من‭ ‬حدوده‭ ‬المعتادة‭. ‬ويتذكر‭ ‬أن‭ ‬خطوة‭ ‬الألف‭ ‬ميل‭ ‬تبدأ‭ ‬بخطوة‭.‬

المبدأ‭ ‬الثامن‭: ‬الحساسية،‭ ‬وتعلّم‭ ‬قراءة‭ ‬الإشارات‭ ‬الضعيفة،‭ ‬ليصبح‭ ‬الإنسان‭ ‬قائدًا‭ ‬لذاته؛‭ ‬أي‭ ‬قبول‭ ‬تناقض‭ ‬الحياة‭ ‬الظاهر،‭ ‬كأن‭ ‬يكون‭ ‬المرء‭ ‬صلبًا‭ ‬وحساسًا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬وتعني‭ ‬شدة‭ ‬الحساسية‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬القوة‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬محاولات‭ ‬إخفاء‭ ‬الحقيقة،‭ ‬تنمو‭ ‬حساسية‭ ‬‮«‬الرؤية‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬الآخرين‭ ‬التي‭ ‬تعدّ‭ ‬قدرة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية‭ ‬وفي‭ ‬العمل‭. ‬فهي‭ ‬تمكّن‭ ‬من‭ ‬استباق‭ ‬التغيرات‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬أبكر‭ ‬من‭ ‬الآخرين،‭ ‬وفتح‭ ‬نوافذ‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬وليس‭ ‬النمو‭ ‬والتطور‭ ‬سوى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الحساسية‭ ‬والوعي‭.‬

المبدأ‭ ‬التاسع‭: ‬الحب،‭ ‬وهو‭ ‬المصدر‭ ‬الأكثر‭ ‬قوة‭ ‬للطاقة؛‭ ‬وربما‭ ‬المصدر‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية‭. ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬العالم‭ ‬ينقلب‭ ‬رأسًا‭ ‬على‭ ‬عقب‭. ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬الشغف‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬التعاطف‭ ‬أيضًا‭. ‬وهو‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬قوة‭ ‬الحياة‭ ‬الكونية‭ ‬بصورة‭ ‬متعددة‭ - ‬الطيبة،‭ ‬والدفء،‭ ‬والفهم،‭ ‬والكرم،‭ ‬والحنان‭ - ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬بطرق‭ ‬متباينة‭. ‬

المبدأ‭ ‬العاشر‭: ‬التواضع،‭ ‬وذلك‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬المرء‭ ‬مستعدًا‭ ‬للخدمة‭ ‬ولأداء‭ ‬الواجب،‭ ‬وواثق‭ ‬بنفسه‭ ‬مع‭ ‬شعور‭ ‬بالتواضع،‭ ‬وإدراك‭ ‬روعة‭ ‬المساهمة‭ ‬المقدّمة‭ ‬وصغرها‭ ‬مهما‭ ‬كبرت‭ ‬■