معرض يجمع جورج بهجوري وسمير فؤاد بهجات وتفاصيل تقفز فوق أسوار الوقت

معرض يجمع جورج بهجوري وسمير فؤاد بهجات وتفاصيل تقفز فوق أسوار الوقت

اسمان كبيران في عالم الفن التشكيلي المصري، جمع بينهما غاليري «بيكاسو» بالقاهرة، في حشد لأعمال فنية تُزخرف ما لدى صاحبيها من مشروعات فنية شغوفة بالحياة، ومُتشبثة بتلابيب العابر، وهما الفنانان جورج بهجوري وسمير فؤاد.

يواصل جورج بهجوري، 87 عامًا، بث ما لديه من أصوات، أكثرها مُعاصر جدًا، معجون بشعبية واسعة، وهي سمة من سمات صاحبها على مدار مشروعه، فجعل مثلاً «كرة القدم» واحدة من ركائز معرضه، وجعل تهافت جمهورها ولاعبيها مركزًا للرؤية، والتأمل، فهم مُتشحون بالترقب والأمل حد العنان، مُجتمعون ومُتحلقون، زاد بهجوري من صدوحه عبر وجوهه وخطوطه الكاريكاتيرية المميزة.
ويعود من حلبة المعاصرة وضجيج منافساتها المجنونة، إلى صوت بعيد أرسله إلى كوكب الشرق وعاد به من جديد، مقدمًا لوحات لأم كلثوم، يتشح بها رداء التراث المصري، قدمها عبر البورتريه، وأخرى في تكوين أوسع بمصاحبة فرقتها الموسيقية، وجعلها تُرسل عبر ألوانه الغارقة في بهجة الحياة الكثير من الطرب.
في المعرض، الذي يضم 45 لوحة، تجد لمحات من الشعبية، والصوفية، وشخوصا عاديين، وباعة فاكهة، وكثيرًا من ملامح المحلية المصرية التي تتسم بها أعمال بهجوري، المعروف بعلاماته في المعارض الفنية العالمية، كصاحب تجربة جامعة بين المدرستين المصرية والفرنسية، وحكى عنها في كتابه «من بهجورة إلى باريس».

طعم الزمن
عبر لوحاته، يُعيد الفنان المصري سمير فؤاد الاطلاع على خريطة الزمن، يفردها على طاولته التشكيلية، في محاولة للمس تجاعيد التفاصيل ونزع نوستالجياتها إلى العنان، والاحتماء بجميل اللحظات الأسيرة داخل الخزانات.
ففي معرضه «طعم الزمن»، استعان التشكيلي سمير فؤاد، 75 عاما، بمدخل شعري لمعرضه الجديد، عبر ترنيمة للشاعر المصري أمين حداد، تتأمل نصل الوقت ومروره المتراوح بين الخفة والثقل، وفقد مزاجه الخاص، وجعل المقطع الشعري مقدمة لكلمة معرضه:

طعم الزمن بالراحة
طعم الدقائق... لما تبقى دقائق
زمن بيتراقب
ثواني تتاوب
ماراثون بطيء... ما بين العقارب
ومفيش أمل حتى ولو كاذب
بين ماراثون العقارب، يتسع عالم سمير فؤاد لـعالم يتغير بلا رحمة، فبه ترى رجلاً ينكفئ على عوده، مُنقبًا في رأسه عن أغنية قديمة، ربما تفتـــح النافـــــذة لشوق بات ضــــــرورة لمواصلة ما تبقى من ألحان أصبحت عزيزة.
تراقب تحول عروس، تستعد لحفل زفاف وتتساءل; «هل هي مناسبة سعيدة؟ وإذا كانت فلماذا يشي وجهها بكل هذا الحزن، يقول فؤاد عن فلسفة معرضه: «تصعد بك خيالات الماضي أرجوحة إلى السماء السابعة وتهبط على صهوة حصان خشبي عاجز عن الحركة، تخوض على ظهره معارك مثل التي خاضها دون كيخوته ضد أعداء من نسج خيال».
ويضيف: «الطفل الذى يسكن بداخلك يعبث ويمزح ويضحك... ويتساءل دوما وبإلحاح... لماذا؟ وأين؟ وكيف؟ وتعتريه النشوة مع كل شيء يجود بسره... وكل باب يظهر ما وراءه... وتصبح مثل جوديث في قلعة ذي اللحية الزرقاء، تنساق وراء رغبتها في معرفة ما وراء الأبواب السبعة الموصدة، حتى لو كانت في النهاية ستدفع روحها ثمنًا لهذا، يختفي ذلك الطفل رويدًا تحت طيات الزمن... ولكنك دائما تهفو إلى روحه الوثابة، وحماسه النضر، ومزاحه البريء، وتحاول أن تستدعيه بين حين وحين، خاصة وأنت أمام لوحة جديدة».
يعتمد فؤاد في حكيه على «خيالات الماضي» بظلال باهتة، ودرجات لونية متأرجحة في بحر من السكون وبعيدة عن الحدة التي لا تتماشى مع حالته التأملية للزمن، وإصراره على استحضار لقطات منزوعة من بندول الساعة .

من أعمال سمير فؤاد

إحدى لوحات سمير فؤاد

إحدى لوحات جورج بهجوري