الشاعر الروائي أحمد فضل شبلول: «الماء العاشق» تشمل الشعر والسّرد والغرائبية والرمزية
المتابع لمسيرته الأدبية التي بدأت مع منتصف السبعينيات من القرن الفائت، وتستمر حتى اليوم من دون توقف، يدرك أن الشاعر والروائي أحمد فضل شبلول وزَّع اهتماماته الأدبية والبحثية على عديد من المجالات؛ القصيدة للأطفال والكبار، والقصة للناشئة والأطفال، والرواية للكبار، والمقال الصحفي، والدراسات حول الاتجاهات والظواهر الأدبية في الثقافة العربية، وصناعة المعاجم الأدبية، والإشراف على الأقسام الثقافية في مواقع وشبكات إلكترونية في أوربّا، والإسهام في تحرير مجلات عربية عريقة، مثل «العربي» الكويتية، وإدارة محطات تلفزيونية في المجال الثقافي، مثل قناة «البوادي»، ومراجعة وتدقيق مراجع علمية صادرة عن دور نشر جامعية أو أكاديمية، والإسهام في إنشاء كيانات واتحادات أدبية في مجالات جديدة، مثل «اتحاد كتّاب الإنترنت العرب»، الذي كان نائبًا لرئيس مجلس إدارته، بعد أن أسهم في تأسيسه وإعطائه شرعية الوجود على أرض الواقع، رغم أنه كيان افتراضي، ولذلك كان من الطبيعي أن يظفر باثنتين من جوائز الدولة في بلده مصر؛ جائزة التفوق عن مجمل أعمال دورة 2019، ومن قبلها جائزة الدولة التشجيعية في مجال شعر الطفل، الذي أسهم فيه بقسط وافر من القصائد والدواوين.
من هنا كان لـ «العربي» معه هذا الحوار...
< ما تقييمك لحصاد رحلتك التي بدأت من الإسكندرية وجابت الآفاق حتى كوريا الجنوبية؟
- الحمد لله... كان حصادًا جيدًا ومثمرًا، فأنا لم أتوقف في يوم من الأيام طوال أكثر من 45 سنة عن القراءة والكتابة والإبداع في مختلف المجالات الأدبية، حتى المسرح الذي كتبته عن حرب أكتوبر عام 1973، وحصلت المسرحية التي كتبتها وقت الحرب، وكانت بعنوان «آدم وحواء يتحدثان عن حرب أكتوبر»، على إحدى جوائز هيئة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بالإسكندرية، وكانت الجائزة عبارة عن مجموعة من الكتب الأدبية لبعض كتَّاب الإسكندرية، وكان الشاعر د. عمر الجارم (ابن شقيق الشاعر علي الجارم) وقتها رئيسًا لهذه الهيئة، ومن وقتها أصبحت عضوًا فيها، ثم انتُخبت بعد ذلك عضوًا في مجلس إدارتها.
ومنذ ذلك الوقت وأنا لم أنقطع عن القراءة والكتابة، حيث بدأت أنتظم في نوادي الأدب بقصر ثقافة الحريّة بالإسكندرية؛ ونادي الشعر، ونادي القصة، ونادي المسرح، ونادي السينما، وإذا بالموهبة الشعرية تتفجّر أكثر، فأنقطع للكتابة الشعرية، لكن أظل على تواصل مع بقية الأندية الأدبية والفنيّة الأخرى، وأجد في عوالم الفنون التشكيلية مصدرًا آخر للمتعة والتذوق والجمال، فأحرص على حضور المعارض الفنية التي تقام بإحدى قاعات ذلك القصر العريق.
ولأنني بدأت حياتي فائزًا في إحدى المسابقات الأدبية، وهي مسابقة المسرح، كما سبق القول، فإنني لم أتنازل عن الفوز في مسابقات شعرية أخرى على مستوى محافظة الإسكندرية. وأتذكر أن قيمة إحدى الجوائز للشباب كانت خمسة جنيهات مصرية، وفي حفل توزيع الجوائز قرر محافظ الإسكندرية وقتها، عبدالتواب هديب، مضاعفة قيمة الجائزة لتكون عشرة جنيهات، وكانت مبلغًا كبيرًا حينذاك.
كنت أيضًا أكتب في المجلات الأدبية عند منتصف سبعينيات القرن الماضي، مثل مجلة الجديد، التي كان يرأس تحريرها د. رشاد رشدي، وكانت المكافأة أيضًا خمسة جنيهات، ثم بدأت أنشر في مجلة الكاتب، التي كان يرأس تحريرها الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور. وغيرها من المجلات مثل: مجلة الكلمة، ومجلة أمواج، السكندريتين، إلى أن صدرت مجلة إبداع، التي رأس تحريرها الناقد د. عبدالقادر القط، فصرت أنشر فيها بصفة شبه منتظمة، كما كنت أنشر كثيرًا في مجلة الشّعر التي رأس تحريرها الشاعر د. عبده بدوي، وغيرها من المجلات المصرية والعربية.
وكانت لزيارات كتّاب القاهرة للإسكندرية، وخصوصًا خلال فصل الصيف تأثيرًا مهمًا، حيث نلتقي معظمهم إما في قصور الثقافة أو على المقاهي والكافيتيريات، وأتذكر أنني حضرت جانبًا من جلسات نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وثروت أباظة في مقهى الشانزليزيه بلوران على كورنيش الإسكندرية، وكنت وقتها أقرأ بعمق ما يكتبه الحكيم، لأن كتاباته تبعث على التفكير والتأمل إلى جانب المتعة، أما محفوظ فكنت قد قرأت معظم رواياته قبل أن ألتقيه أكثر من مرة، بينما لم أكن قرأت شيئًا لثروت أباظة، فقط شاهدت فيلم «شيء من الخوف» المأخوذ عن روايته.
هذه بدايات مهمة لأن أنشغل طوال عمري بالأدب والقراءة والفكر والكتابة، خاصة أنني لمست أثناء جلوسي مع محفوظ والحكيم أن قضية الكتابة هي قضية حياة، فإما تكون أو لا تكون، وقد اخترت أن أكون.
لذا، أمضيت حياتي كلها بين القراءة والكتابة ومشاهدة الأفلام السينمائية وزيارة معارض الفنون التشكيلية، وأتذكر أن أول شيء فعلته في زيارتي الأولى لباريس عام 2002 كان الذهاب إلى متحف اللوفر، وهو ما أسهم في تشكيل ملامح روايتي «اللون العاشق» فيما بعد.
هكذا أسهمتُ بشكل كبير في الحياة الثقافية والأدبية، ومضت السنون إلى أن وجهت لي دعوة في عام 2007 للمشاركة في افتتاح المركز الكوري للثقافة العربية والإسلامية في مدينة انتشون الكورية المجاورة للعاصمة سيول، فكان انفتاحًا آخر على الثقافة والأدب الكوريين، وكتبت وقتها دراسة أقارن فيها بين عالم السيرك في رواية «العشب العائم» للكاتب الكوري الشهير سو سان، وعالم السيرك من خلال القصيدة الرائعة «مرثية لاعب سيرك» للشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، التي كتبها عام 1966، وترجمت الدراسة للغة الكورية وقتها، ثم نُشرت في مجلة إبداع المصرية. وأتذكر يا أستاذ مصطفى أنك كنت معنا في هذه الرحلة المهمة، وأنك نشرت عن هذه المناسبة مقالًا على صفحات جريدة الأخبار المصرية تحت عنوان «مرثية لاعب سيرك... جسر للتواصل مع الثقافة الكورية».
< إلى أيّ مدى تستطيع أن تقول إنك أخلصت للشعر في خضمّ أنواء هذه الرحلة الصعبة، على رأي الشاعرة الفلسطينية الكبيرة فدوى طوقان؟
- الشعر كان منطلقي الأساسي، رغم أنني بدأت بكتابة المسرح عن طريق تلك المسرحية التي ضاعت منّي، لكنني وجدت في الشعر رحابة أكبر وقدرة أوسع ومجازًا أرفع، كما أنني وجدت أن من السهولة نشر قصائد الشعر، فكانت قصائدي الأولى في مجلات الجديد والكاتب وصباح الخير (وبمناسبة صباح الخير، كنت أراسل باب «قال الشاعر»، الذي كان يشرف عليه وقتذاك الشاعر الكبير فؤاد حداد، وكان يرد على رسائلي في بريد المجلة، ببعض النصائح، مشيرًا إلى بعض الأبيات أو السطور الشعرية، إلى أن فوجئت بأنه ينشر لي قصيدة كاملة، مثلي في ذلك مثل كبار الشعراء الذين ينشرون في المجلة رائجة الانتشار وقتها. فتأكدت أنني أسير على النهج الصحيح).
عندئذ وُلدت فكرة جمع ما كتبته ليُنشر بين دفتي أول ديوان يحمل اسمي؛ فكان «مسافر إلى الله»، الذي صدر عام 1980 عن طريق جماعة أدبية وفنيّة قمنا بتكوينها في الإسكندرية عام 1979 عُرفت باسم «جماعة فاروس للآداب والفنون»، كما كانت هناك مجلة ثقافية للجماعة تحمل اسم مجلة فاروس، كنت رئيسًا لتحريرها، وكانت تطبع بطريقة الماستر.
بعد ذلك أصدرت ديواني الثاني «ويضيع البحر» عام 1985 في سلسلة «كتاب المواهب» عن المركز القومي للفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، تلاه ديوان «عصفوران في البحر يحترقان» (بالاشتراك مع الشاعر السكندري عبدالرحمن عبدالمولى) عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1986.
ثم ذهبت للعمل في المملكة العربية السعودية، لكن الشعر لم ينقطع، بل أمدته الغربة برؤى جديدة وأفكار مغايرة ومفردات لم تكن موجودة في عالَمي الشعري قبل السفر للعمل بالرياض، فكتبت في أثناء عملي هناك قصائد ديوان «الإسكندرية المهاجرة»، وقصائد ديوان «شمس أخرى بحر آخر»، ثم كانت قصائد ديوان «تغريد الطائر الآلي»، وهي تجربة مختلفة تمامًا، حيث انغمستُ في عالم الكمبيوتر ودخلت عالم الإنترنت وقت أن كان عالمًا بكرًا.
بل إنني كتبت مقالات كتابي «أدباء الإنترنت أدباء المستقبل» عام 1996 في الرياض أيضًا. ونشرت قصيدتي «عتاب من سوالب الأسلاك» في مجلة إبداع عندما كان يرأس تحريرها الناقد د. عبدالقادر القط، الذي اختار تلك القصيدة ضمن اختياراته لأهم قصائد القرن العشرين في مصر في كتابه عن «شعر القرن العشرين»، الذي صدر عن مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري.
< وبعد عودتك من الغربة؟
- توالت دواوين: «الطائر والشباك المفتوح،» و«الماء لنا والورد»، و«بقايا من زوايا شمعتك»، و«بين نهرين يمشي»، و«امرأة من خشخاش»، و«اختبئي في صدري»، وغيرها.
<هل يمكن القول إن الشاعر أحمد فضل شبلول تحوّل تمامًا للرواية عبر هذا الحضور الكبير الذي حققه في الساحة السردية بروايته «اللون العاشق»، التي استبطن فيها سيرة واحد من أعظم الرسامين السكندريين على مستوى العالم، ليهدي القارئ هذا العمل عن محمود سعيد، صاحب العديد من اللوحات الخالدة، وفي المقدمة منها «بنات بحري»؟
- في حقيقة الأمر أنا لم أتحوّل تمامًا إلى الرواية، لكن الرواية فرضت نفسها عليّ منذ أصدرت روايتي الأولى «رئيس التحرير... أهواء السيرة الذاتية»، حيث رأيت في كتابة العمل الروائي مساحة أكبر للفضفضة، ومساحة أعظم لاكتشاف العالم والشخصيات من حولنا، وجدت في الرواية دورًا أكبر للزمن، وأهمية أعظم للمكان، إلى جانب تقنيات كتابية لا يستطيع أن يحملها الشعر على عاتقه.
ووجدت أن الرواية تستطيع أن تستوعب الشعر بداخلها، إلى جانب أشكال أدبية أخرى، ولذا جاءت روايتي الثانية «الماء العاشق» تحمل الشعر إلى جانب السرد، وتحمل الغرائبية والعجائبية إلى جانب الواقعية والرمزية.
وعندما جاءتني فكرة الكتابة عن شخصية تشكيلية معروفة هي شخصية الفنان محمود سعيد، بدأت أكتب عنها متأثرًا بزياراتي لمعارض الفنون التشكيلية، ومشاهدة اللوحات والتماثيل والبورتريهات والمنحوتات وأشغال الفريسك، والعكوف على قراءة موسوعة «العين تسمع والأذن ترى» للدكتور ثروت عكاشة، فضلًا عن أنني شاهدت معظم لوحات محمود سعيد، وقرأت معظم ما كُتب عن هذا الفنان الذي رحل عام 1964، وكان عمري وقتها 11 سنة، فلم أحظ بلقائه. وعندما عرفت أنه نال جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 1960 كأول فنان تشكيلي يحصل عليها، وأنه تسلّم الجائزة من الرئيس جمال عبدالناصر، فضلًا عن وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، وفي الوقت نفسه كان الفنان خال الملكة فريدة (زوجة الملك فاروق)، وجدت ساعتها أن شخصية محمود سعيد تحمل جوانب درامية كثيرة، وأنه يستحق التوقف عنده وعند أعماله الفنية التي كان أشهرها «بنات بحري».
غير أن هذا السعي نحو الرواية لم يُنسني الشعر، فقد حصلت منذ شهور قليلة على منحة تفرُّغ من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة لإنجاز ديوان شعر جديد في بابه يحمل عنوانًا مؤقتًا هو «هوامش على دفتر العقل»، وأعتقد أن قصائده تأتي مكملة لتجربتي في ديواني الأسبق «تغريد الطائر الآلي»، كما أنني على وشك الانتهاء من تجرية شعرية أخرى تحمل عنوان «السايكو السكندري»، الذي أحاول فيه المضيّ على نهج الهايكو الياباني، لكن بطريقة أكثر ملاءمة للذائقة العربية، حيث تختلف الطبيعة المصرية أو السكندرية تمامًا عن الطبيعة اليابانية التي هي عماد قصيدة الهايكو، فلا توجد لدينا غابات ولا محيطات ولا أعاصير أو انفجارات بركانية أو زلازل، ولا توجد لدينا مئات الجزر البحرية (يوجد باليابان أكثر من 3 آلاف جزيرة)، كما لا توجد لدينا عقيدة بوذا أو غيرها من الاختلافات الحادة بين الأدب الياباني والأدب المصري، وأيضًا الاختلافات في العقائد الدينية.
كما أن الهايكو الياباني لا يعتمد على الأنسنة أو المجاز، وأعتقد أن المجاز والأنسنة من أساسيات الأدب العربي، لذا جاء «السايكو السكندري»، ليحتفل بأشياء غير موجودة في الهايكو الياباني، بما فيها طول القصيدة، فالهايكو الياباني عدد سطوره ثلاثة أسطر، وقد تجاوزت عن هذا الطول وعن قلّة عدد الكلمات في السايكو السكندري، حيث يتحكم في هذا الطول تماسُك القصيدة وعناصرها البنائية، وليس عدد أبيات أو أسطر محددة سلفًا، وإن كان هناك بعض الشعراء العرب، مثل الصديق الشاعر عِذاب الرّكابي كتبوا ما يسمى «الهايكو العربي»، محاولين اقتفاء أثر الهايكو الياباني.
إذن السعي الشعري موجود مع السعي الروائي، المهم أن أواصل الطريق فوق درب الأدب المليء بالمفاجآت الأدبية السارّة، مثل حصولي على جائزة الدولة للتفوق في الآداب هذا العام، وغيرها من الأنباء.
< ألا تعتبر أن نشرك أكثر من رواية ورقيّة هنا في مصر، أو هناك في الأردن، يُعد تراجعًا عن مشروع الرواية الرقمية الذي كنت أحد المدافعين بقوة عن حق وجوده؟
- بالفعل كنت أحد المدافعين عن مشروع الرواية الرقمية أو الأدب الرقمي عمومًا، بل ومن المبشّرين به من خلال كتبي «أدباء الإنترنت... أدباء المستقبل» و«تكنولوجيا أدب الأطفال»، و«ثورة النشر الإلكتروني»، ومشاركتي في ملتقيات وندوات ومؤتمرات مصرية وعربية ودولية في هذا الموضوع، ولكنني – حقيقة – لم أمارس كتابة الرواية الرقمية، لأن الكتابة الورقية بالنسبة إليّ هي التي تسعفني في الوقت الحالي، وهناك مَن هم أقدر مني في مشروع الرواية الرقمية التي أشجعها وأدعمها متى كانت كتابة حقيقية، لا مجرد ادعاء أو موضة.
< ممارستك اليومية للعمل في مجال الصحافة الثقافية من خلال إشرافك على القسم الثقافي بالشبكة العملاقة «ميدل إيست أونلاين» في لندن، هل تؤثر سلبًا على تفرّغك للإبداع الشعري أو الروائي؟
- حقيقة أنا المستفيد الأول من العمل الصحفي في شبكة عملاقة مثل «ميدل إيست أونلاين»، لأنها تطلعني يوميًا - بل لحظيًّا - على المستجدات العربية والعالمية في كل المجالات، وأعتقد أن على الكاتب أو الأديب أن يكون على اطّلاع مستمر بما يطرأ حوله من أحداث قد تؤثر على مسيرة البشرية، بالتأكيد هذه الأحداث ستنعكس على كتاباته وأدبه بشكل أو آخر، حتى لو كان يكتب الرواية التاريخية أو قصيدة عن الطبيعة.
لذا أرى أن عملي الصحفي في مجال الصحافة الرقمية مفيد جدًا لي، فضلًا عن مواكبتي لأحدث تقنيات النشر الرقمي من خلال تدريباتنا المستمرة على كل ما هو جديد في هذا المجال، بما يجعلنا في مجال المنافسة المستمرة مع بقية المواقـــع الأخرى العملاقة؛ سواء العربية أو الأجنبية.
ومع ذلك، أحاول الفصل بين عملي كمحرر رقمي، وكتاباتي الأدبية والإبداعية، سواء من ناحية إدارة الوقت، أو مشاركاتي المستمرة في الندوات والملتقيات والمؤتمرات.
< ما تعليقك على حصولك في الانتخابات الأخيرة للتجديد النصفي لمجلس نقابة اتحاد كتّاب مصر على أعلى عدد من أصوات الناخبين؟
- الحمد لله، تربطني صلات جيدة بمعظم أدباء مصر، سواء الكبار منهم أو الشباب، وهم يعرفون جدّيتي ويثقون بأدائي النقابي والدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم في اتحاد الكتّاب، سواء الرعاية الصحية أو المعاشات والإعانات، أو الأنشطة الثقافية وخلافه مما تقدمه نقابة الاتحاد، فضلًا عن أنني أرأس حاليًا لجنة العلاقات العربية، وعقدنا أكثر من ندوة لبعض الكتّاب العرب المقيمين في مصر، أو الزائرين لها.
لذا، فعندما رشّحت نفسي لمجلس إدارة نقابة الاتحاد، حصلت على أعلى الأصوات، وهو ما حدث من قبل عام 2001 عندما رشحت نفسي لأول مرة لمجلس إدارة الاتحاد، كان ترتيبي الثاني بعد الكاتب الراحل عبدالعال الحمامصي، الذي أحرز المركز الأول، مما أزعج رئيس الاتحاد وقتها، وكان الكاتب الكبير فاروق خورشيد، الذي أدلى بتصريح صحفي يعبّر فيه عن رفضه لأن يكون رئيس الاتحاد هو مَن يحصل على أعلى الأصوات، وقال (وكان يقصدني): كيف يحصل أحد الشباب على أصوات عالية فيصير بعدها رئيسًا أو نائبًا لرئيس الاتحاد دون أن تكون لديه خبرة ثقافية وإدارية، وهو ما يمثّل كارثة للاتحاد؟!
< لديك كتاب أصدرته عام 1998 بعنوان «أصوات سعودية في القصة القصيرة»، ألا تفكر في تحديثه ليشمل المستجدات في الساحة السردية السعودية حتى اليوم وإصداره في طبعة جديدة؟
- عملت لعدد من السنوات في المملكة العربية السعودية، وكنت أتابع ما ينشر في صحفها اليومية ومجلاتها الأسبوعية والشهرية، وأتلقّى الكتب والمؤلفات من الكتّاب السعوديين، لا سيما أنني كنت من مرتادي النادي الأدبي بالرياض في منطقة الملز، وكنت أكتب في جريدة «الجزيرة» ومجلات أخرى، وقرأت عددًا من المجاميع القصصية، كتبت عنها في بعض المجلات الخليجية، ثم جمّعتها في كتاب حمل عنوان «أصوات سعودية فــــي القصة القصيرة».
لكن منذ عودتي إلى مصر لم أتمكن من متابعة الإنتاج الأدبي السعودي بالقدر الذي يجعلني أعكف على وضع كتاب جديد أو تحديث لكتاب قديم، وإن كنت لم أتوقف عن متابعة بعض الأعمال الروائية للكتّاب السعوديين، فعلى سبيل المثال قرأت رواية «بنات الرياض» لرجاء الصانع، وقرأت روايات لغازي القصيبي وعبده خال ويوسف المحيميد وأميمة الخميس ورجاء عالم وحسين علي حسين، وأعمالًا لخالد أحمد اليوسف وعبدالعزيز الصقعبي وغيرهم.
< وما هو مشروعك الشاغل الآن بعد نيل جائزة الدولة للتفوق في الآداب، التي تنافس عليها أمامك نحو 50 اسمًا، أكثرهم من اللامعين؟
- مشروعي الذي أعكف عليه يأتي على محورين؛ الأول إنجاز الجزء الثاني من رواية «اللون العاشق»، التي كتبتها عن محمود سعيد. وكنت في الجزء الأول قد توقفت عند عام 1935 وهو العام الذي كان الفنان يرسم فيه لوحته الشهيرة «بنات بحري»، وفي الجزء الثاني أحاول أن أتناول مجمل حياته عن طريق تقنية الـ «فلاش باك»، أو الرجوع إلى الوراء في أثناء لحظة احتضاره واقتراب وفاته في 8 أبريل عام 1964.
أما المحور الثاني، فهو العمل الشعري وإنجاز ديوان «هوامش على دفتر العقل»، وعكوفي على الخروج بقصائد جديدة عن «السايكو السكنـــدري»، الذي تحدثت عنه معك منذ قليل.
< دراستك إدارة الأعمال، وعملك في الشركة المصرية للسياحة والفنادق، كيف أفاداك على المستويين: الإبداعي والإنساني؟
- تخرجت في كلية التجارة شعبة إدارة الأعمال، ودرست مواد لم أكن لأدرسها لو أنني التحقت بقسم اللغة العربية بكلية الآداب، وهذا الأمر قرّبني من الحياة المعاصرة أكثر مما لو درست المواد الأدبية البحتة، وعندما عُيّنت في الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق (وهي إحدى الشركات المملوكة للدولة) عملت في إدارة شؤون العاملين، مما قرَّبني أكثر من مشاكل العاملين اليومية، سواء مشاكلهم مع الإدارات المختلفة، أو مشاكلهم الحياتية وظروفهم المعيشية المتفاوتة، وقد استفدت بما عايشته في عملي أثناء كتابتي لرواية الماء العاشق.
وحاليًا أفكر في مشروع رواية جديدة عن مشاكل العاملين في الجهاز الإداري بالدولة، لقد وجدت عناصر درامية رائعة في أثناء عملي بالشركة تصلح لكتابة رواية واقعيّة، لكن المشكلة: من أين أبدأ؟ ■