مطبخ مولانا رمضان العالَم السِّحري للمرأة العربية

مطبخ مولانا رمضان العالَم السِّحري للمرأة العربية

مولانا‭ ‬رمضان‭... ‬إمبراطور‭ ‬الشهور‭ ‬وسلطان‭ ‬الخيرات‭ ‬وسفينة‭ ‬البركات‭ ‬والطقوس‭ ‬الموغلة‭ ‬في‭ ‬القدم،‭ ‬والمرأة‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬الملكة‭ ‬التي‭ ‬تحب‭ ‬أن‭ ‬تستقبل‭ ‬هذا‭ ‬الإمبراطور،‭ ‬وتظهر‭ ‬خلال‭ ‬أيامه‭ ‬قدراتها‭ ‬وخصوصيتها‭ ‬وطقوسها،‭ ‬بما‭ ‬يليق‭ ‬بسلطان‭ ‬عزيز‭ ‬عليها‭ ‬تنتظره‭ ‬بشغف‭ ‬ومحبة،‭ ‬وكملكة‭ ‬متوجة‭ ‬في‭ ‬بيتها‭ ‬ومطبخها‭. ‬فعلاقة‭ ‬المرأة‭ ‬العربية‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان‭ ‬علاقة‭ ‬حب‭ ‬وتقديس‭ ‬وبهجة‭ ‬وسحر‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭.‬

المرأة‭ ‬الخليجية‭... ‬زينة‭ ‬البيت‭ ‬وبهجته

 

تنتظر‭ ‬المرأة‭ ‬الخليجية‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬بشغف‭ ‬وحب‭ ‬كبير،‭ ‬وذلك‭ ‬لإظهار‭ ‬طقوسها‭ ‬ومميزاتها،‭ ‬حيث‭ ‬تجدد‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬المظاهر‭ ‬في‭ ‬حياتها،‭ ‬فتبدأ‭ ‬التحضيرات‭ ‬له‭ ‬قبل‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬حلوله،‭ ‬وتشتري‭ ‬أواني‭ ‬جديدة‭ ‬وتعدّ‭ ‬الملابس‭ ‬التراثية‭ ‬لها‭ ‬ولأسرتها،‭ ‬كما‭ ‬تزيّن‭ ‬البيت‭ ‬بالأثاث‭ ‬الجديد‭ ‬والمصابيح‭ ‬والألوان،‭ ‬وتشعل‭ ‬البخور‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬حولها،‭ ‬وتنثر‭ ‬العطور‭.‬

وقديماً‭ ‬كان‭ ‬النساء‭ ‬يتعاونَّ‭ ‬في‭ ‬دق‭ ‬الحَبّ‭ (‬طحن‭ ‬الدقيق‭) ‬أمام‭ ‬البيوت،‭ ‬وقد‭ ‬كست‭ ‬وجوههن‭ ‬الفرحة‭ ‬والبهجة‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬هذا‭ ‬الشهر،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تؤمِّن‭ ‬المرأة‭ ‬كل‭ ‬مستلزمات‭ ‬بيتها‭ ‬من‭ ‬الدقيق‭ ‬والحبوب‭ ‬والبهارات‭ ‬والعطور‭ ‬طوال‭ ‬الشهر‭. ‬

واعتادت‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬تفصيل‭ ‬ثياب‭ ‬جديدة‭ ‬لها‭ ‬ولأبنائها‭ ‬وبناتها‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬عادة‭ ‬قديمة‭ ‬تُمارس‭ ‬داخل‭ ‬البيت،‭ ‬حيث‭ ‬تحصل‭ ‬البنات‭ ‬على‭ ‬كناديرهن‭ (‬الزي‭ ‬الإماراتي‭)‬،‭ ‬والأولاد‭ ‬على‭ ‬كنادير‭ ‬بيضاء‭ (‬جلباب‭ ‬أبيض‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬إمكانات‭ ‬الأسرة‭. ‬

‭ ‬

المرأة‭ ‬فارسة‭ ‬‮«‬الغبقة‮»‬

‮«‬الغبقة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬عند‭ ‬أهل‭ ‬الخليج‭ ‬بأنها‭ ‬عشاء‭ ‬رمضاني‭ ‬متأخر‭ ‬يسبق‭ ‬السحور،‭ ‬وعادةً‭ ‬هي‭ ‬اسم‭ ‬وليمة‭ ‬تؤكل‭ ‬عند‭ ‬منتصف‭ ‬الليل،‭ ‬وهي‭ ‬كلمة‭ ‬عربية‭ ‬صحيحة،‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬الغبوق،‭ ‬وهو‭ ‬حليب‭ ‬الناقة‭ ‬الذي‭ ‬يُشرب‭ ‬ليلاً،‭ ‬وعكسه‭ ‬الصبوح‭ ‬الذي‭ ‬يشرب‭ ‬من‭ ‬حليب‭ ‬الناقة‭ ‬صباحاً‭.‬

وتجتهد‭ ‬المرأة‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬تجهيز‭ ‬الغبقة‭ ‬والاهتمام‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬تنقطع‭ ‬طوال‭ ‬أيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭.‬

 

المرأة‭ ‬وليالي‭ ‬القرقيعان

في‭ ‬أيام‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬والثالث‭ ‬عشر‭ ‬والرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬تحتفل‭ ‬المرأة‭ ‬الخليجية‭ ‬بليالي‭ ‬القرقيعان،‭ ‬حيث‭ ‬يُلبسن‭ ‬الأطفال‭ ‬الصغار‭ ‬الذكور‭ ‬الملابس‭ ‬التقليدية‭ ‬الشعبية،‭ ‬كالعباءة‭ ‬والعقال‭ ‬والدشداشة،‭ ‬وعليها‭ ‬الصديري‭ ‬و«الخريطة‮»‬‭ (‬كيس‭ ‬معلّق‭ ‬في‭ ‬الرقبة‭ ‬وبه‭ ‬خيط‭ ‬يشد‭ ‬على‭ ‬الصدر‭)‬،‭ ‬وترتدي‭ ‬الفتيات‭ ‬الصغيرات‭ ‬‮«‬الدراعات‮»‬‭ (‬فساتين‭ ‬تقليدية‭)  ‬و«البختق‮»‬‭ (‬غطاء‭ ‬أسود‭ ‬شفاف‭ ‬للرأس‭ ‬وبه‭ ‬بعض‭ ‬النقوش‭ ‬الذهبية‭)‬،‭ ‬ويتزينّ‭ ‬بالحلي‭ ‬التقليدية‭.‬

ويطوف‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬بيوت‭ ‬الأقارب‭ ‬والجيران‭ ‬بعد‭ ‬الإفطار‭ ‬وحتى‭ ‬السحور،‭ ‬منشدين‭ ‬الأغاني‭ ‬بأصوات‭ ‬عالية،‭ ‬وهم‭ ‬يطرقون‭ ‬أبواب‭ ‬المنازل‭ ‬لتفتح‭ ‬لهم‭ ‬ربة‭ ‬المنزل‭ ‬وتعطيهم‭ ‬خلطة‭ ‬‮«‬القرقيعان‮»‬‭ ‬من‭ ‬حلوى‭ ‬ومكسرات‭ ‬في‭ ‬الأكياس‭ ‬التي‭ ‬يحملونها‭.‬

والقرقعة‭ ‬هي‭ ‬الصوت‭ ‬المنبعث‭ ‬من‭ ‬احتكاك‭ ‬الأواني‭ ‬الحديدية‭ ‬التي‭ ‬يحملون‭ ‬فيها‭ ‬الحلويات،‭ ‬ويغني‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬تجوالهم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأناشيد‭ ‬التراثية‭ ‬الخليجية،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬تنشده‭ ‬البنات‭: ‬قرقيعان‭ ‬وقرقيعان،‭ ‬بين‭ ‬اقصير‭ ‬ورميضان‭... ‬عادت‭ ‬عليكم‭ ‬صيام،‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬وكل‭ ‬عام‭.‬

يالله‭ ‬سلّم‭ ‬ولدهم‭ (‬اسم‭ ‬الولد‭ ‬أو‭ ‬البنت‭)‬،‭ ‬يالله‭ ‬خله‭ ‬لأمه‭... ‬عسى‭ ‬البقعة‭ ‬ما‭ ‬اتخمه،‭ ‬ولا‭ ‬توازي‭ ‬على‭ ‬أمه‭. ‬

وتختلف‭ ‬مسميات‭ ‬هذه‭ ‬الليلة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬فنجدها‭ ‬باسم‭ ‬قرقيعان‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والكويت‭ ‬والسعودية،‭ ‬وباسم‭ ‬‮«‬قرقاعون‮»‬‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬و«قرنقعوه‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الكرنكعوة‮»‬‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬و«القرنقشوه‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الطَلْبة‮»‬‭ ‬في‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان،‭ ‬وفي‭ ‬الإمارات‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬حق‭ ‬الليلة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬حق‭ ‬الله‮»‬‭.‬

 

تجمعات‭ ‬نسائية

اعتادت‭ ‬نساء‭ ‬الإمارات‭ ‬التجمع‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬إحدى‭ ‬الجارات‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬لطحن‭ ‬الحَبّ‭ ‬وإعداد‭ ‬الهريس،‭ ‬والخبيص،‭ ‬والبلاليط،‭ ‬وخبز‭ ‬رقاق،‭ ‬واللقيمات،‭ ‬وكذلك‭ ‬تنظيف‭ ‬المنزل‭ ‬وإعداده‭ ‬بصورة‭ ‬تليق‭ ‬بالشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬وقد‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬تبديل‭ ‬أثاث‭ ‬البيت،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬العادة‭ ‬الرمضانية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬وجبات‭ ‬الإفطار‭ ‬بين‭ ‬البيوت‭ ‬قبيل‭ ‬إطلاق‭ ‬المدفع‭ ‬مباشرة،‭ ‬أو‭ ‬التجمع‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد،‭ ‬وتأتي‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬تحمل‭ ‬معها‭ ‬طبقاً‭ ‬شهياً‭ ‬أعدته‭ ‬لهذه‭ ‬المناسبة،‭ ‬وسط‭ ‬الفرحة‭ ‬بشهر‭ ‬الخيرات‭.‬

وتتميز‭ ‬مجالس‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬بأجوائهن‭ ‬الخاصة،‭ ‬حيث‭ ‬يتجمعن‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬البيوت‭ ‬قبل‭ ‬صلاة‭ ‬العشاء‭ ‬ويصلين‭ ‬معاً،‭ ‬ويتناولن‭ ‬التمور‭ ‬والأطعمة‭ ‬الخفيفة‭ ‬مما‭ ‬تجود‭ ‬به‭ ‬الضيافة،‭ ‬وتدور‭ ‬بينهن‭ ‬أكواب‭ ‬القهوة،‭ ‬وقد‭ ‬يحضر‭ ‬مجالسهن‭ ‬صغار‭ ‬الصبية،‭ ‬بينما‭ ‬تجلس‭ ‬الفتيات‭ ‬للاستماع‭ ‬إلى‭ ‬حكايات‭ ‬النساء‭ ‬الكبيرات‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجاربهن‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬ويسمى‭ ‬مكان‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬‮«‬الهرجة‮»‬‭.‬

 

‮«‬سيدنا‭ ‬رمضان‮»‬‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬العربي

‮«‬ريحة‭ ‬رمضان‮»‬‭ ‬و‮«‬يوم‭ ‬القرش‮»‬‭ ‬و«عواشر‭ ‬مبروكة‮»‬،‭ ‬مسميات‭ ‬تطلقها‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية،‭ ‬لاستقبال‭ ‬‮«‬سيدنا‭ ‬رمضان‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الاسم‭ ‬الذي‭ ‬يطلقونه‭ ‬على‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬العربي،‭ ‬كناية‭ ‬عن‭ ‬تفضيله‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬أشهر‭ ‬السنة‭.‬

وكان‭ ‬النساء‭ ‬يجتمعن‭ ‬فوق‭ ‬سطوح‭ ‬منازلهن‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬رؤية‭ ‬هلال‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬رمضان،‭ ‬لتطلق‭ ‬الزغاريد‭ ‬فرحاً‭ ‬بقدومه‭.‬

وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬يتأكد‭ ‬دخول‭ ‬الشهر،‭ ‬تنطلق‭ ‬ألسنة‭ ‬أهل‭ ‬المغرب‭ ‬بالتهنئات‭ ‬قائلين‭: ‬‮«‬عواشر‭ ‬مبروكة‮»‬،‭ ‬والعبارة‭ ‬تقال‭ ‬بالعامية‭ ‬المغربية‭ ‬وخاصة‭ ‬بالنساء،‭ ‬وتعني‭ ‬‮«‬أيام‭ ‬مباركة‮»‬‭ ‬للشهر‭ ‬الكريم‭ ‬بعواشره‭ ‬الثلاث‭: ‬عشرة‭ ‬الرحمة،‭ ‬وعشرة‭ ‬المغفرة،‭ ‬وعشرة‭ ‬العتق‭ ‬من‭ ‬النار‭.‬

ويطلق‭ ‬الجزائريون‭ ‬على‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬رمضان‭ ‬‮«‬ريحة‭ ‬رمضان‮»‬،‭ ‬وتبدأ‭ ‬النساء‭ ‬بإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬المنزل،‭ ‬وتنظيفه،‭ ‬وتنظيمه‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬
بـ‭ ‬‮«‬التغيير‭ ‬الموسمي‮»‬،‭ ‬ويعاد‭ ‬طلاء‭ ‬جدران‭ ‬المنازل،‭ ‬وتجهز‭ ‬غرفة‭ ‬‮«‬بيت‭ ‬القعاد‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استقبال‭ ‬الضيوف‭ ‬فيها،‭ ‬ويستقبل‭ ‬التونسيون‭ ‬رمضان‭ ‬بما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬القَرش‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬النساء‭ ‬أجود‭ ‬أنواع‭ ‬الحلويات‭ ‬فيه‭.‬

وتهتم‭ ‬ربة‭ ‬البيت‭ ‬المغربية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬بزينة‭ ‬البيت‭ ‬وتجهيزه‭ ‬لاستقبال‭ ‬الضيوف‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬والجيران،‭ ‬حيث‭ ‬تزدان‭ ‬أركان‭ ‬المنزل‭ ‬بالزهور‭ ‬الطبيعية‭ ‬والأعشاب‭ ‬الخضراء،‭ ‬وتعبق‭ ‬أرجاؤه‭ ‬برائحة‭ ‬طيبة،‭ ‬وتقوم‭ ‬الأم‭ ‬المغربية‭ ‬بقصّ‭ ‬الحكايات‭ ‬الدينية‭ ‬على‭ ‬الصغار‭ ‬طوال‭ ‬الأمسيات‭ ‬الرمضانية،‭ ‬وتجتمع‭ ‬الفتيات‭ ‬والسيدات‭ ‬في‭ ‬سهرات‭ ‬رمضانية‭ ‬تسمَّى‭ ‬‮«‬البوقالات‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تدور‭ ‬أحاديث‭ ‬السمر‭ ‬وقراءة‭ ‬الطالع‭ ‬وتبادل‭ ‬الأمثال‭ ‬والقصص‭ ‬الشعبية‭. ‬

وفي‭ ‬ليلة‭ ‬القدر‭ ‬تقوم‭ ‬السيدات‭ ‬والفتيات‭ ‬بتزيين‭ ‬البيوت‭ ‬ويرتدين‭ ‬اللباس‭ ‬التقليدي‭ ‬‮«‬كالكاراكو‮»‬،‭ ‬ويرسمن‭ ‬الحناء‭ ‬على‭ ‬الأيادي‭.‬

وتلبس‭ ‬الفتيات‭ ‬دون‭ ‬سن‭ ‬البلوغ‭ ‬فستاناً‭ ‬جديداً‭ ‬أو‭ ‬‮«‬تكشيطة‮»‬‭ (‬لباس‭ ‬نسائي‭ ‬تقليدي‭ ‬مغربي‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬تكسو‭ ‬أيديهن‭ ‬نقوش‭ ‬الحناء،‭ ‬وتمتلئ‭ ‬حقائبهن‭ ‬الصغيرة‭ ‬بالتمر‭ ‬والجوز‭ ‬والمكسرات‭.‬

 

‮«‬حق‭ ‬الملح‮»‬‭... ‬الهدية‭ ‬التونسية‭ ‬المميزة

‭ ‬تنفرد‭ ‬المرأة‭ ‬التونسية‭ ‬بعادة‭ ‬تميزها‭ ‬عن‭ ‬السيدات‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬حق‭ ‬الملح‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬هدية‭ ‬يقدمها‭ ‬الزوج‭ ‬لزوجته‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭.‬

وهذه‭ ‬الهدية‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬قطعة‭ ‬ذهبية،‭ ‬اعترافاً‭ ‬بالتضحيات‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إسعاد‭ ‬الأسرة‭ ‬طوال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭.‬

وسميت‭ ‬الهدية‭ ‬بحق‭ ‬الملح،‭ ‬لأن‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬رغم‭ ‬صيامهن،‭ ‬يتذوقن‭ ‬درجة‭ ‬ملوحة‭ ‬الطعام‭ ‬دون‭ ‬ابتلاعه،‭ ‬حرصاً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مذاق‭ ‬الطبخ‭ ‬مناسباً‭ ‬للأسرة،‭ ‬وتعود‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬التونسية‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭.‬

 

‮«‬تكريزة‮»‬‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬الشام

تعرف‭ ‬أجواء‭ ‬وعبادات‭ ‬وطقوس‭ ‬رمضان‭ ‬وسط‭ ‬الشاميين‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬تكريزة‭ ‬رمضان‮»‬،‭ ‬ويبدو‭ ‬التصاق‭ ‬تلك‭ ‬الطقوس‭ ‬بالمرأة‭ ‬السورية،‭ ‬فيطلق‭ ‬أهل‭ ‬الشام،‭ ‬وخاصة‭ ‬السوريين،‭ ‬على‭ ‬العشر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬‮«‬المرق‮»‬،‭ ‬لاهتمام‭ ‬الأسر‭ ‬بموائد‭ ‬الإفطار‭ ‬والأكلات‭ ‬الشهية،‭ ‬أما‭ ‬العَشر‭ ‬الوُسْطَى‭ ‬منه‭ ‬فيسمونها‭ ‬‮«‬الخِرَق‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬لشراء‭ ‬ثياب‭ ‬وكسوة‭ ‬العيد‭ ‬ولوازمه،‭ ‬وأما‭ ‬العَشر‭ ‬الأواخر‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬فيسمونها‭ ‬‮«‬صر‭ ‬الورق‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تنهمك‭ ‬النسوة‭ ‬بإعداد‭ ‬حلوى‭ ‬العيد،‭ ‬خصوصاً‭ ‬المعمول‭ ‬المحشو‭ ‬بالجوز‭ ‬أو‭ ‬الفستق‭ ‬الحلبي‭.‬

 

المرأة‭ ‬المصرية‭... ‬شمعة‭ ‬مولانا‭ ‬رمضان

‭ ‬يعد‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬العالَم‭ ‬السحري‭ ‬للمرأة‭ ‬المصرية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الريف‭ ‬أو‭ ‬المدينة‭ ‬أو‭ ‬الصحراء،‭ ‬فلها‭ ‬طقوس‭ ‬مميزة‭ ‬جداً‭ ‬لاستقبال‭ ‬مولانا‭ ‬رمضان،‭ ‬هذا‭ ‬الضيف‭ ‬العزيز‭ ‬على‭ ‬قلبها‭ ‬وبيتها،‭ ‬فنجد‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬حيث‭ ‬بدو‭ ‬مطروح،‭ ‬الذين‭ ‬يستطلعون‭ ‬الهلال‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬وما‭ ‬تكاد‭ ‬الرؤية‭ ‬تثبت‭ ‬حتى‭ ‬يشعلون‭ ‬النيران‭ ‬العالية،‭ ‬ليعلم‭ ‬بدو‭ ‬المنطقة‭ ‬والمناطق‭ ‬المجاورة‭ ‬بقدومه،‭ ‬ثم‭ ‬تجمع‭ ‬‮«‬كبيرة‭ ‬النجع‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬زوجة‭ ‬شيخ‭ ‬القبيلة‮»‬،‭ ‬30‭ ‬حبة‭ ‬أو‭ ‬حصاة‭ ‬لعدّ‭ ‬وحساب‭ ‬أيام‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭.‬

وكانت‭ ‬النساء‭ ‬قبل‭ ‬رمضان‭ ‬تعد‭ ‬وجبة‭ ‬‮«‬القديد‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تذبح‭ ‬كل‭ ‬عائلة‭ ‬شاة‭ ‬من‭ ‬قطيعها،‭ ‬ويوضع‭ ‬الملح‭ ‬على‭ ‬لحمها‭ ‬وينشر‭ ‬في‭ ‬الشمس‭ ‬فترات‭ ‬طويلة،‭ ‬ليكون‭ ‬خزين‭ ‬الشهر‭ ‬من‭ ‬اللحوم،‭ ‬وكذلك‭ ‬تخزين‭ ‬‮«‬الرُب‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يصنع‭ ‬من‭ ‬التمر،‭ ‬وهو‭ ‬يشبه‭ ‬العسل‭ ‬الأسود‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ ‬والطعم‭. ‬

ونجد‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬الغربية‭ ‬بدلتا‭ ‬مصر‭ ‬أن‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬يقمن‭ ‬بمهنة‭ ‬المسحراتي،‭ ‬تلك‭ ‬المهنة‭ ‬التي‭ ‬يمتهنها‭ ‬الرجال‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الموروث‭ ‬الشعبي‭ ‬عن‭ ‬رمضان‭.‬

 

المرأة‭ ‬شمعة‭ ‬فانوس‭ ‬رمضان

تتعدد‭ ‬القصص‭ ‬عن‭ ‬أصل‭ ‬الفانوس‭ ‬المصري،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يروى‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬العصر‭ ‬الفاطمي،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يُسمح‭ ‬للنساء‭ ‬بترك‭ ‬بيوتهن‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬وكان‭ ‬يسبقهن‭ ‬غلام‭ ‬يحمل‭ ‬فانوساً‭ ‬لتنبيه‭ ‬الرجال‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬سيدة‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬لكي‭ ‬يبتعدوا،‭ ‬وهكذا‭ ‬كانت‭ ‬النساء‭ ‬يستمتعن‭ ‬بالخروج،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬يراهن‭ ‬الرجال‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬للسيدات‭ ‬حرية‭ ‬الخروج‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت،‭ ‬ظل‭ ‬الناس‭ ‬متمسكين‭ ‬بتقليد‭ ‬الفانوس،‭ ‬حيث‭ ‬يحمل‭ ‬الأطفال‭ ‬الفوانيس‭ ‬ويمشون‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬ويغنون‭.‬

 

موكب‭ ‬الرؤية‭ ‬عيد‭ ‬للنساء‭ ‬بمصر

يذكر‭ ‬الباحث‭ ‬التراثي‭ ‬الراحل‭ ‬عبدالحميد‭ ‬حواس‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬القيّم‭ ‬‮«‬رسالة‭ ‬في‭ ‬بركة‭ ‬رمضان‭ ‬الجمعية‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬الطقوس‭ ‬الغريبة‭ ‬للمرأة‭ ‬المصرية،‭ ‬حيث‭ ‬يذكر‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يطلق‭ ‬على‭ ‬الاحتفال‭ ‬بموكب‭ ‬الرؤية‭ ‬‮«‬عيد‭ ‬النسوان‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬النساء‭ ‬يعتبرن‭ ‬أن‭ ‬الليلة‭ ‬ليلتهن،‭ ‬ولابد‭ ‬لكل‭ ‬منهن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬والتوجه‭ ‬للفرجة‭ ‬على‭ ‬الموكب‭ ‬الذي‭ ‬يمتّد‭ ‬من‭ ‬المسجد‭ ‬الجامع‭ ‬إلى‭ ‬جبل‭ ‬المقطم،‭ ‬ثم‭ ‬لبيت‭ ‬الوالي‭ ‬في‭ ‬القلعة‭ ‬للاحتفال‭ ‬بقدوم‭ ‬رمضان،‭ ‬والمدهش‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬منهن‭ ‬كن‭ ‬يشترطن‭ ‬في‭ ‬وثيقة‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬حقهن‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬للاحتفاء‭ ‬بليلة‭ ‬الرؤية،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الرجل‭ ‬أن‭ ‬يسأل‭ ‬نساءه‭ ‬أين‭ ‬كنّ‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة،‭ ‬وذلك‭ ‬لعلمهم‭ ‬باحتفالهن‭ ‬بها‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ينتهين‭ ‬من‭ ‬أعمالهن‭ ‬وإفطار‭ ‬أسرتهن،‭ ‬كانت‭ ‬لديهن‭ ‬رخصة‭ ‬أو‭ ‬سماح‭ ‬اجتماعي‭ ‬تخفف‭ ‬فيه‭ ‬قبضة‭ ‬الهيمنة‭ ‬الرجالية،‭ ‬تمكنهن‭ ‬من‭ ‬الحركة‭ ‬المستقلة‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ ‬ملتقياتهن‭ ‬الدورية‭ ‬مع‭ ‬صديقاتهن‭.‬

وفي‭ ‬الاحتفال‭ ‬بليلة‭ ‬القدر‭ ‬تتجمع‭ ‬نساء‭ ‬مدينة‭ ‬رشيد‭ ‬أعلى‭ ‬أسطح‭ ‬المنازل،‭ ‬ويقضين‭ ‬الوقت‭ ‬حتى‭ ‬الفجر‭ ‬بين‭ ‬الحديث‭ ‬الديني‭ ‬وترديد‭ ‬الأدعية‭ ‬وتقليب‭ ‬وجوههن‭ ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬آملات‭ ‬أن‭ ‬تنفتح‭ ‬لهن‭ ‬‮«‬طاقة‭ ‬القدر‮»‬،‭ ‬ويستجاب‭ ‬لهن‭ ‬الدعاء‭.‬

أما‭ ‬أغرب‭ ‬طقس‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬فإنه‭ ‬يحدث‭ ‬بدولة‭ ‬أوغندا،‭ ‬التي‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬جوهرة‭ ‬إفريقيا‭ ‬وقلبها،‭ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬عادة‭ ‬غريبة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬لدى‭ ‬قبائل‭ ‬‮«‬اللانجو‮»‬‭ ‬بمنطقة‭ ‬شمال‭ ‬وسط‭ ‬أوغندا،‭ ‬فمن‭ ‬عاداتهم‭ ‬ضرب‭ ‬الزوجات‭ ‬عند‭ ‬غروب‭ ‬الشمس‭ ‬على‭ ‬رؤوسهن‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭!‬

وقد‭ ‬انتقلت‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬إلى‭ ‬المسلمين‭ ‬من‭ ‬الأصول‭ ‬نفسها،‭ ‬فأصبحت‭ ‬الزوجات‭ ‬يُضربن‭ ‬على‭ ‬رؤوسهن‭ ‬قبل‭ ‬الإفطار،‭ ‬وبرضا‭ ‬تام،‭ ‬ثم‭ ‬تجهز‭ ‬المرأة‭ ‬الإفطار،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬طبقين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬شوربة‭ ‬الموز‭. ‬

كل‭ ‬عام‭ ‬ورمضان‭ ‬كريم،‭ ‬وكل‭ ‬نسائنا‭ ‬بخير‭ ‬وعطاء‭ ‬وبهجة‭■‬