التمثيل الشعبي والديمقراطية المغيَّبة في المشرق العربي

التمثيل الشعبي والديمقراطية المغيَّبة في المشرق العربي

كانت بداية التمثيل الشعبي في الولايات العربية في بلاد الشام أواخر الحكم العثماني مرتبكة، وبنيت على قاعدة نظام الملل العثماني، فأسست مجالس محلية تمثل زعماء الطوائف والأعيان وكبار الملاكين.  وفي مرحلة الاستعمار  الأوربي التي تلتها لم تتبدل كثيرًا طبيعة هذا التمثيل، بل دخلت الطائفية والقبلية في صلب النظام السياسي العربي، واستمرت مع تغيير شكلي في بنية الدول العربية التي نالت استقلالها السياسي بعد الحرب العالمية الثانية. 

 

بداية، تجدر الإشارة إلى أن أبسط تحديد للتمثيل الشعبي السليم يتلخص في مبدأ أن «الشعب مصدر السلطات»، فيحكم نفسه بنفسه عن طريق نواب يتم اختيارهم عبر الانتخاب الحر.
 هذه المقولة تتضمن السمات الأساسية للتمثيل الديمقراطي السليم:
أ- التمثيل الديمقراطي الشعبي يشكل أرقى أشكال العمل السياسي، ويتوقف على أدائه نجاح أو فشل عملية التنمية البشرية والاقتصادية المستدامة من جهة، والتطور الاجتماعي التدريجي من جهة أخرى.
ب- يتطلب حكم الشعب للشعب وبالشعب نفسه وجود قوانين سليمة يساعد تطبيقها بشكل جيد على الارتقاء بوعي الناس، وصولا إلى مجتمع ديمقراطي حقيقي يشعر فيه المواطن بأن حرياته الأساسية مصانة وفي حمى القانون. 
ج- لما كانت ممارسة الديمقراطية عبر الاستفتاء الشعبي أو الانتخاب البرلماني واجبًا وطنيًا، شددت الدول المتطورة على ألا تشوب تلك الممارسة ضغوط مالية أو قمعية، وألا تخضع لمعوقات منظورة أو مستترة تجعل الديمقراطية مجرد لعبة برلمانية شكلية.
وانطلاقًا من هذا الفهم العلمي للتمثيل الشعبي، يمكن القول إن الهدف من ممارسة التمثيل الشعبي السليم هو تطوير الوعي لدى الشعب ونوابه، في النظرية والممارسة معًا، بحيث تولّد نخبا سياسية منتخبة دوريًا عبر الاقتراع الديمقراطي، إلى جانب صوغ قوانين جديدة تتلاءم مع التحولات الاقتصادية والسياسية والفكرية المتبدلة باستمرار. 
كانت الطائفية والقبلية أبرز الركائز التي بني عليها التمثيل الشعبي في الدول العربية المستقلة في المشرق العربي. لذا حصر التمثيل بأبناء الأسر التاريخية، وأسر الأعيان ذات النفوذ والسيطرة على مناطق بكاملها، بالإضافة إلى سيطرتها على القوى المنتجة من الفلاحين والحرفيين، وصغار التجار. فخضع التمثيل الشعبي لمسار تاريخي لم تحترم فيه القوانين الدستورية. وتشوهت الممارسة الديمقراطية لتفويض الشعب في اختيار ممثليه إلى المجالس النيابية والمحلية. 
وبدا واضحًا أن التمثيل الشعبي السليم لا يستقيم إلا باحترام النظم الدستورية، وأوليات تطبيقها، وتعميق دورها في تطوير وعي الناس ومشاركتهم الإيجابية في بناء مجتمع تسوده الحريات الأساسية، وينتفي فيه القمع ومصادرة الحريات الفردية والعامة.

سلبيات الطائفية والقبلية
بدأ تشويه التمثيل الشعبي إبان المرحلة الاستعمارية الأوربية للمشرق العربي، واستمر في مرحلة الاستقلال السياسي التي أعقبتها. فلعبت الطائفية والقبلية دورًا أساسيًا في تجديد الطبقة السياسية الحاكمة في هذه المنطقة، ويمكن إجمال سلبياتها على الشكل التالي: 
1 - استمر انتخاب المجالس التمثيلية الشعبية في المشرق العربي بوتيرة تراجعية من الطائفية في وقت مبكر في أواسط القرن التاسع عشر إلى المذهبية المتشددة في المرحلة الراهنة التي تشهد نزاعات دموية في أكثر من دولة عربية. 
واعتمدت قوانين انتخابية تشوه التمثيل الشعبي عبر مجالس تمثيلية يتم اختيارها على قاعدة تمثيل الطوائف والقبائل الكبرى بصورة توافقية من خلال تحكم زعمائها بتشكيل اللوائح الانتخابية على طريقة المحادل (المحادلة: الظلم والمراوغة) التي تلغي كل أشكال المعارضة الديمقراطية. 
وأعطيت المجالس المنتخبة، وفق هذه الديمقراطية المشوهة، صلاحيات تشكيل الحكومات بطريقة توافقية أيضًا تلغي كل أشكال الرقابة، من داخل الحكومة أو من خارجها. وقمعت المعارضة الشعبية بشدة، وتزايد الفساد بصورة مرعبة نظرًا لغياب الرقابة الشعبية وعدم تمثيلها بعدد متزايد من أبناء الطبقات الدنيا والوسطى في البرلمان. 
2 - عملت الحكومات المتعاقبة في المشرق العربي على إصدار تشريعات مالية واقتصادية وسياسية في خدمة زعماء الكتل البرلمانية. وانتشر الفساد الإداري والمالي على نطاق واسع، وزاد حجم الدين العام، وعجزت الحكومات عن القيام بأي إصلاح جدي. 
3 - لقد عدلت قوانين الانتخاب للمجالس التمثيلية مرارًا من سيئ إلى أسوأ لتشويه التمثيل الشعبي عبر التوافق على توزيع المقاعد على أسس طائفية وقبلية، مع إفساح المجال بصورة متزايدة لتمثيل الأثرياء من أصحاب البنوك، وكبار التجار، وعدد من أصحاب المهن الحرة، والمثقفين من خريجي الجامعات، وكبار العسكريين المتقاعدين. 
وحافظت قوانين الانتخاب المعدلة بعد الاستقلال على الطائفية والقبلية كقاعدة ثابتة لتمثيل الشعب واختيار المجالس النيابية في دول المشرق العربي. واختبرت شعوبها التمثيل الشعبي المشوه انطلاقًا من حماية مصالح القوى التسلطية، وتمثيل بعض المتنفذين من أصحاب الأموال الطائلة، التي غالبًا ما جمعت من طريق الرشوة، وشراء الأصوات، وفساد الإدارة، وتخلف قوانين الانتخاب. 
4 - وبعد قرابة مئة عام على ولادة دول المشرق العربي الحديثة، ما زال التمثيل الشعبي حكرًا على البالغين من الذكور في جميع الطوائف والمناطق. فقد استبعد قانون الانتخاب والممارسة التعسفية للمجتمع الذكوري تمثيل المرأة في البرلمان، رغم أن القانون أعطاها حق الترشح والاقتراع. فجاءت المحصلة النهائية للتمثيل الشعبي والنسائي في تلك الدول سلبية للغاية. 
وساهم تشويه التمثيل الشعبي في تحويل النظام السياسي المسيطر إلى نظام تسلطي لقمع الجندرية (النوع الاجتماعي) واحتكار الذكور لجميع المقاعد البرلمانية عن طريق ديمقراطية شكلية تعطي للمرأة تمثيلاً شكليًا في البرلمان بصفتها زوجة الزعيم، أو شقيقته، أو ابنته. 
وما زال تمثيل المرأة في المشرق العربي ضعيفًا للغاية في المجالس الشعبية، وفي السلطتين التشريعية والتنفيذية، رغم أنها تشكل عدديًا أكثر من نصف سكان تلك الدول. فبقي الإعلان عن حق المرأة في الاقتراع والتمثيل حبرًا على ورق، لأن نسبة تمثليها في البرلمانات المتعاقبة لا تعبر عن الحد الأدنى من حجم الكتلة النسائية الشعبية في جميع الدول العربية، ولا عن دورها الأساس في عملية الإنتاج، والإدارة، والعمل، والإبداع. 
5 - إبان مرحلة الاستقلال السياسي في دول المشرق العربي أقرت السلطات التشريعية والتنفيذية رسميًا باعتماد العمل الحزبي وحق التمثيل لأحزاب المعارضة اليسارية، والليبرالية، والعلمانية في المجالس النيابية المتعاقبة. إلا أن تلك المجالس بقيت خاضعة لضغوط أصحاب المال والنفوذ، فغاب تمثيل أحزاب المعارضة، وبخاصة الديمقراطية منها، في المجالس التشريعية والتنفيذية. 
وما زالت قوى التغيير الديمقراطي السلمي مغيبة عن المشاركة السياسية الفاعلة، وعديمة التأثير في بناء نظام سياسي ديمقراطي حقيقي، يحمي التعددية السكانية والتنوع الثقافي، ويحقق التنمية البشرية والاقتصادية المستدامة في كل دولة عربية.
 واستمر تقسيم الدوائر الانتخابية يعمل لضمان مصالح زعماء الكتل النيابية المسيطرة طوال مرحلة الاستقلال، ويمنع تطور القوى الديمقراطية ولو بحدودها الدنيا في المشرق العربي. 

آفاق التمثيل الشعبي 
استخدم التمثيل الشعبي لتجديد نظام سياسي تسلطي بُني على ركائز ثابتة يصعب تطويرها أو التخلص من سلبياتها الكبيرة. ولم تعدل صيغة التمثيل الشعبي بصورة إيجابية في المشرق العربي، ما يستوجب القيام بتعديلات جذرية في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتطوير الديمقراطية السليمة في هذه المنطقة. 
فغياب الممارسة الديمقراطية السليمة أفضى إلى تشويه التمثيل الشعبي في مجتمعات عربية تقليدية ما زالت أسيرة هيمنة زعماء القوى التقليدية وأصحاب الرساميل الكبيرة. 
ويتشدد تحالف هذه القوى في الحفاظ على صيغة سياسية تضمن مصالحهم الشخصية ومصالح أبنائهم وأحفادهم لعقود طويلة، وهم يحاربون الديمقراطية بقوة، لأنها تسمح باختيار ممثلين للشعب يدافعون عن حقوقه الأساسية، ويمنعون قوى الفساد والإفساد من التحكم بموارد الشعوب العربية وإفقار الغالبية الساحقة منها. 
وفي غياب الرقابة على الفساد ومحاربة الفاسدين، صدرت قوانين ومراسيم كثيرة سمحت باستباحة موارد القطاع العام، وتوظيف الآلاف في مؤسساتها التي تعج بالأنصار والأزلام. ومنهم من يتقاضى رواتب شهرية منتظمة من دون عمل، وتعويضات عن ساعات عمل إضافية لا يقومون بها. فعم الفساد والإفساد على نطاق واسع، وامتلأت وسائل الإعلام بأخبار الصفقات المشبوهة، والأدوية الفاسدة، والأغذية الفاسدة، وتلوث البيئة، والتعديات المستمرة على أملاك الدولة، والتهرب الضريبي، وتجارة المخدرات، واستغلال الوظيفة لتلقي الرشاوى في مراكز عسكرية ومدنية. 
تجدر الإشارة إلى أنه قبيل إصدار أي قانون انتخابي جديد يدور نقاش سياسي لفترة زمنية طويلة حول محاسن الديمقراطية وتطبيق التمثيل الشعبي السليم، وبناء الدولة العادلة، ومحاربة الفساد المستشري، والحد من الهدر الكبير وغير المبرر في إدارات الدولة، وإصلاح نظام التعليم، وحماية البيئة النظيفة. بدورهم، يطالب المتحمسون للإصلاح من ذوي الميول الديمقراطية والليبرالية بضرورة تجاوز الموروث السلبي الذي يعطل ممارسة الديمقراطية، نصًا وتطبيقًا.
وهناك اختلاف حاد في وجهات نظر السياسيين حول تطبيق المواد الدستورية التي تنص على محاكمة الفاسدين من الرؤساء، والوزراء، والنواب. بالإضافة إلى ضرورة إعطاء الضوء الأخضر للمجلس الدستوري الذي أنيطت به محاكمة كبار المسؤولين، كما هي الحال في كثير من الدول التي تحترم قواعد الديمقراطية وتطبقها على جميع المستويات. 
لكن الممارسة الديمقراطية ما زالت عصية على التنفيذ، فلم يحاسب كبار المسؤولين عن الفساد والإفساد والإثراء غير المشروع في دول المشرق العربي. 
واعتمدت أساليب ملتوية لمراعاة التوازنات السياسية التي غالبًا ما توجه الانتخابات النيابية في هذه المنطقة، وتحدد نتائجها مسبقًا من خلال تغييب التمثيل الشعبي السليم. 

تناقض حاد
وبرز تناقض حاد بين الأهداف المرتقبة من قوانين الانتخاب الجديدة ونص الدستور الذي يفرض المساواة بين الناخبين. وغالبًا ما نجح المجلس النيابي القديم في ابتداع صيغة قانونية لكنها غير دستورية لتمرير قانون جديد للانتخاب هدفه ضمان مصالح زعماء الكتل النيابية القوية. 
وقد وظف تحالف زعماء الطوائف والقبائل مع ممثلي الرأسمالية الريعية غير المنتجة الدستور لخدمة رجال السياسة. ومع أن نص الدستور يؤكد أن النائب «يمثل الأمة جمعاء»، فغالبية النواب الجدد هم من غير المعروفين جيدًا لدى الرأي العام، وليست لهم برامج سياسية محددة، ومنهم من لا يفقه جيدًا بالتشريع والنظم الدستورية، ويدين معظمهم بالولاء لزعيم التكتل النيابي الذي أسهم في انتخابهم بطريقة مغايرة للديمقراطية. 
لقد خاب أمل قوى التغيير الديمقراطي السلمي في المشرق العربي، بعد أن فشلوا في انتخاب بعض الوجوه الوطنية القادرة على الانتقال بالحياة السياسية في هذه المنطقة إلى مصاف الدول الديمقراطية المتطورة. 
وما زالت صيغة اللوائح الكبرى معتمدة في التمثيل الشعبي في ظل ديمقراطية مشوهة نتيجة التوافق على قانون انتخاب على قاعدة التمثيل النسبي المشوه، واستخدم المال الانتخابي بكثافة في الانتخابات النيابية في دول المشرق العربي، فالرشوة، وشراء الأصوات، والتلاعب بأصوات الناخبين، من الأساليب التي استخدمت على نطاق واسع في الانتخابات البرلمانية السابقة.
وأدت المعوقات الكثيرة إلى قطع الطريق على المرشحين المستقلين وغير المشمولين برعاية أصحاب السلطة والمال والنفوذ. وتم تغييب الأحزاب السياسية غير الطائفية، على اختلاف أيديولوجياتها، بشكل كامل، أو حظيت بمقاعد قليلة بدعم سلطوي. وتم تهميش جميع المنظمات والاتحادات والروابط النقابية، والشبابية، والنسائية.

ملاحظات ختامية 
ما زال التمثيل الشعبي في دول المشرق العربي أسير قوانين انتخاب تحضر بإشراف زعماء الطوائف والقبائل وكبار المتمولين. فتقسم الدوائر، وتشكل اللوائح المعلبة، ويتم الاصطفاف الشعبي لمصلحة أصحاب النفوذ. ويضرب بالدستور، والديمقراطية، وسلامة التمثيل الشعبي، عرض الحائط. 
وأضيفت إليها أخيرا شحنة مذهبية كبيرة، بالإضافة إلى تدخل إقليمي ودولي، مباشر أو مستتر، واستخدام كثيف للرشوة المالية والفساد الإداري. وهي سمات خطيرة جدًا استثارت نعرات مذهبية باتت تهدد الاستقرار الأمني والسياسي في جميع دول المشرق العربي. فالديمقراطية المشوهة تزيد من حدة الشحن الطائفي، وتوتر الأجواء الداخلية يهدد بنزاعات داخلية دموية في ظروف إقليمية ودولية بالغة التوتر.
 وعلى الرغم من كثرة البحوث التي تصف التمثيل الشعبي بأنه «لعبة ديمقراطية» تعبر عن حرية المواطنين في اختيار ممثليهم بالبرلمان، فإن ممارسة هذه اللعبة على أرض الواقع تشوه جميع سمات الديمقراطية السليمة. وقانون الانتخاب المعلّب لمصلحة أصحاب النفوذ يزيد من حدة التشنج المذهبي.
نخلص إلى القول إن الممارسة الديمقراطية بهذه الطريقة المشوهة في المشرق العربي أفقدتها محتواها الحقيقي في مجال تمثيل الشعب، مع الإبقاء على مظاهر شكلية تبهر المراقبين العرب والدوليين. لكن التمثيل الديمقراطي السليم في المشرق العربي هو اليوم في أسوأ تجلياته، ويتطلب تعديلات جذرية في بنية الأنظمة السياسية البرلمانية القائمة. وهناك حاجة ماسة إلى قوانين انتخاب عصرية تساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وتفسح في المجال أمام تمثيل جميع الفئات الشعبية، والمناطق، والقوميات، والطبقات الشعبية، والأحزاب، والشباب، والنساء، والنقابات المهنية والفنية والثقافية. 
ولابد من فرض رقابة صارمة على القوى المناهضة للديمقراطية أو العاملة على تشويه التمثيل الشعبي، وبشكل خاص القوى الفاسدة التي تستخدم سلاح المال، أو الرشوة، أو استغلال النفوذ، أو التعصب الديني لتعطيل العملية الديمقراطية أو التلاعب بنتائجها. 
لقد أثبت تجربة قرن بكامله من الانتخابات البرلمانية في المشرق العربي أن تجديد النظم السياسية التقليدية في هذه المنطقة قد بني على الطائفية والقبلية، والتمييز بين الذكور والإناث، ومحاربة قوى التغيير الديمقراطي السلمي. فباتت اليوم بحاجة ماسة إلى تغيير جذري لمواكبة التغييرات العالمية. إن الديمقراطية السليمة تحتضن قوى التغيير الوطنية والليبرالية الجامعة، في حين تحتضن مجتمعات المشرق العربي القوى الطائفية والقبلية، التي تدافع بشراسة عن الأنظمة التقليدية القائمة، وتسمح فقط بديمقراطية شكلية تضمن مصالحها بصورة دائمة.
ختامًا، تتحمل قوى التغيير الديمقراطي ذات المصلحة الحقيقية في بناء دول ديمقراطية في المشرق العربي مسؤولية كبيرة في توحيد مجتمعاتها على أسس وطنية جامعة. 
وبات واضحًا أن القوى التسلطية الحاكمة في هذه المنطقة تتشبث بالديمقراطية الشكلية لتعزز سيطرتها على مقدرات شعوبها.
وبالتالي، فالتمثيل الشعبي السليم هو المدخل السليم لضمان الحريات الأساسية، وبناء دولة القانون والمؤسسات في المشرق العربي. 
وتستحق شعوب هذه المنطقة انتخابات ديمقراطية نزيهة، شكلا ومضمونًا، لتعيد ثقتها باستقلال قرارها السياسي، وبقدرتها على تسيير شؤونهم الداخلية دون تدخلات خارجية. ومن أولى واجبات قوى التغيير الديمقراطي أن تعيد صوغ برامجها على أسس وطنية جامعة، وأن تبتكر أساليب جديدة في النضال الديمقراطي السلمي، والارتقاء بالتمثيل الشعبي في هذه المنطقة لبناء دول مركزية قوية وقادرة على وقف النزاعات الداخلية، والحد من تأثير العوامل الخارجية عليها ■