فضاء للحوار بين الكاتب والجمهور في ملتقى النص المسرحي بالسعودية
على مدار 3 أيام، نظمت جمعية الثقافة والفنون في مدينة الدمام شرق السعودية، ملتقى الدمام الأول للنص المسرحي يومي 13 و14 مايو الماضي، وشارك فيه عدد كبير من المسرحيين من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، ومنهم ناصر العمري، وفهد الحارثي، وصالح زمانان، وعبدالعزيز السماعيل، وعلي السعيد، ونايف الثقيل، وسلطان النوة، وياسر الحسن، وغادة البشر، وإبراهيم الحارثي، وعبدالله عقيل، وفهد الأسمر، وعلي آل حمادة، ومن مملكة البحرين خالد الرويعي وحسين خليل.
وقد تحدث مدير الملتقى عباس الحايك عن أهداف الملتقى فقال: «نسعى من خلال هذا التجمع إلى الاحتفاء بالنص المسرحي والتعريف بالكتّاب المسرحيين ونصوصهم، وخلق فضاء من الحوار بين الكاتب والجمهور، من خلال ندوات عدة للبحث عن مضامين المسرح السعودي الجديد، بمشاركة مجموعة من الباحثين».
واعتبر الكاتب المسرحي إبراهيم الحارثي أن «الملتقى سيساهم في تهيئة مساحة حقيقية لتبادل الأحلام بين المشاركين، للوصول إلى مشاريع حقيقية مختلفة»، كما اعتبره المخرج د. نايف الثقيل مبادرة من بيت المسرح الذي أُسس حديثاً في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، واعتبر الملتقى لقاء ودياً يكون الحديث فيه عن النص المسرحي والتجربة الكتابية، باعتبار النص الركيزة الأساسية للعمل والعرض المسرحي».
إهمال واضح
احتوى الملتقى على عدد من القراءات المسرحية وعروض قدمتها الفرق المشاركة للملتقى، وعدد من الندوات الفكرية التي شارك فيها عدد من الكتّاب المسرحيين، وتوزعت على أيام الملتقى، ومن بينها ورقة المسرحي الكاتب صالح زمانان، الذي تحدث عن معاناة المسرح السعودي والتحديات التي واجهها في ورقة بعنوان «الريادة والجمالية في النص المسرحي النسائي بالسعودية»، أكد في مقدمتها أن النص المسرحي في السعودية واجه إهمالاً واضحاً من ناحية المتابعة النقدية والتوثيق، بعكس ما كان في فنون الشعر والرواية والقصة، ويتضح هذا الهجر للمراجع والباحث في تتبّع الحقل المسرحي.
كما تحدث عن غياب فن المسرح عن الأقسام المتخصصة في الجامعات السعودية، مؤكداً أن النظرة الدينية والاجتماعية تجاه المسرح، خصوصاً في الفترة من 1970م حتى 2000م، كانت من أهم الأسباب لهذا الخفوت في المتابعة والنقد والتأريخ في فن الكتابة المسرحية بوجه عام، والكتابة المسرحية النسائية بوجه خاص.
وعن الكتابة النسوية للمسرح السعودي قال زمانان: «بادرت المرأة بحضورها الشخصي، ورفض الوكالة، وإبداء رأيها وأحلامها وقضاياها عبر العمل المسرحي ككاتبة وممثلة ومخرجة وناقدة للعمل المسرحي أيضاً، ونستطيع القول إن المرأة تناولت المسرحية من جميع نواحيها وأطيافها المتعددة الأغراض منذ أربعين سنة تقريباً».
وأكد أنها «كتبت مبكراً، ولم تقف قضية عدم التمثيل النسائي عائقاً، بل دخلت معترك الكتابة المسرحية في السبعينيات، وإن كانت الخطوات خجولة، لكنها في الثمانينيات وضعت بصمتها وقدمت عديداً من التجارب الجيدة».
علاقة وثيقة
ومن أبرز التجارب المسرحية النسوية ما قدمته الكاتبة هند باغفار، والروائية رجاء عالم، وكوثر الميمان، وآمنة صبيان الجهني، وشادية عبداللطيف، وماجة زكي، ورجاء عبدالقادر حسين، وهدى الرشيد، ووفاء الطيب، وخديجة الطليحي، وعبير الباز، وسميرة المداح وملحة عبدالله التي يعتبرها زمانان الأكثر حضوراً على مستوى المشهد السعودي في الكتابة المسرحية.
كما تحدث د. نايف الثقيل في الندوات الفكرية عن «النص المسرحي السعودي الجديد... (حبوس) صالح زمانان مثالاً»، حيث استعرض نص «حبوس» لزمانان، وصرح بأن الأخير أحد الشباب البارزين في حقلَي الشعر والكتابة المسرحية، وحظي إبداعه بالإشادة والتقدير من المهتمين بالشعر والمسرح، والعلاقة بين الشعر والمسرح علاقة أزلية ووثيقة.
وأضاف أن الحوار المسرحي يسهم في تحقيق وظائف من التعريف بالشخصيات على المستويين الذهني والعاطفي، وفصل النص المسرحي من خلال استعراض جميع النواحي الخاصة بمميزات النص وتطوره كنص مسرحي.
وشارك عبدالعزيز السماعيل بعنوان «اتجاهات الما بعد في النص المسرحي الجديد»، مؤكداً أن المسرح الجديد بكل تنويعاته سيعتمد كثيراً على مخرج الدراما تورج والممثل بنصف الحقيقة؛ باعتبارهما كاتبين للنص ومنفذين له في الوقت ذاته، حيث لن يكون الجمهور العنصر الحقيقي والوحيد (الواعي تماماً) الكائن في العرض، بل إن الجميع مدعوون لتحقيق الفرجة والدهشة للجميع؛ المخرج والممثلون والجمهور معاً، واختتمت الندوة الفكرية بمشاركة الكاتب علي السعيد بورقة بعنوان «المسرح السعودي والتغيير الاجتماعي... نماذج مختارة»، موضحاً أن أبرز ما يمكن لنا أن نلاحظه أن النص المسرحي السعودي كان راصداً جيداً للمتغيرات الاجتماعية التي حدثت للمجتمع السعودي كانتقاله من الحياة البدوية والقروية إلى حياة المدينة.
عروض متداخلة
تميّز المهرجان بعروض تمثيلية مصاحبة لكل نص ومتداخلة مع أحداث النص من حيث الأداء التمثيلي الصامت الذي استطاع أن يوصل إلى الجمهور روح القصة، وتميّزه برؤية إخراجية نسائية شاركت فيها المخرجتان آمنة بوخمسين ولين السيوفي، وكانت المرأة حاضرة في بعض العروض، حيث شارك بالتمثيل ميريام عبود ومحمد جميل.
وامتازت العروض أيضاً بالسينوغرافيا والإضاءة المبسطة والعميقة في معناها الممتزج مع حبكة النص المقروء، وكانت النصوص التي تمت قراءتها في ختام المهرجان لكل من الكاتب علي آل حمادة (مونو دراما غترة أبي)، وفهد الأسمر (ثقوب وبأي ذنب)، وصالح زمانان (حبوس)، وإبراهيم الحارثي (نعش ولم يكن شيئاً)، ومن مملكة البحرين حسين عبد علي (القسطل).
واختتم الملتقى بعرض «سأبحر» من تأليف وإخراج جمال صقر، وتمثيل محمد حسن، وقال عنه مخرج العمل: «سأبحر» فكرة راودتني منذ الطفولة المتأخرة حتى مرحلة الشباب المتمردة... كنت أبحر من أحلام اليقظة والبطولات العربية والحلم... كنت أحلم أن أكون مدرساً لمادة التاريخ. ولكن كنت أسأل نفسي: كيف سأكون؟!»■