رسائل الخريف

رسائل الخريف

في ثلاثٍ وستّين رسالة، موجَّهة إلى ابنته التي لم ترَ  الدنيا بعد، يعود الروائي النرويجي كارل أوفـه كناوسجارد (1968) إلى القارئ بعمل سردي صغير الحجم، عميق التفاصيل، يحمل عنوان «خـريف»، مُـلـتـقطاً بعناية فائقة واختيار مقصود مجموعةً مِن الأشياء والأحداث اليومية البسيطة، ليصوغَ مِن خلالها رؤيته للعالم بهدفِ تقديمها لابنته، التي لم تكن قد رأتْ النورَ  بعد. 

كارل‭ ‬أوفِـه‭ ‬كناوسجارد،‭ ‬المقيم‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬السويد،‭ ‬هو‭ ‬الكاتب‭ ‬النرويجي‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرةً‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الإسكندنافية‭. ‬حقّقَ‭ ‬كناوسجارد‭ ‬نجاحاً‭ ‬مدويّا،‭ ‬لفتَ‭ ‬إليه‭ ‬أنظار‭ ‬الدوائر‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الشمالية،‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬سلسلته‭ ‬الروائية‭ ‬‮«‬كفاحي‮»‬‭ (‬2009‭ ‬ذ‭ ‬2011‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬السلسلة‭ ‬التي‭ ‬أثارَت‭ ‬جدلاً‭ ‬واسعاً‭ ‬فور‭ ‬صدورها‭ ‬لسببيْن؛‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬تطابق‭ ‬عنوان‭ ‬السلسلة‭ ‬الروائية‭ ‬مع‭ ‬عنوان‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬للزعيم‭ ‬النازي‭ ‬الألماني‭ ‬أدولف‭ ‬هتلر،‭ ‬‮«‬كفاحي‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬يحمله‭ ‬العنوان‭ ‬مِن‭ ‬تأويلات‭ ‬ضمنية‭ ‬يجرّها‭ ‬الاسم‭ ‬على‭ ‬صاحبه،‭ ‬أما‭ ‬السبب‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬تناول‭ ‬سيرته‭ ‬الذاتية‭/‬الروائية‭ ‬لتفاصيل‭ ‬حميمية‭ ‬تتصلُّ‭ ‬بحياته‭ ‬الشخصية‭ ‬والعائلية،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أثار‭ ‬استياء‭ ‬أقارب‭ ‬كناوسجارد‭  ‬شخصياً‭ ‬بسبب‭ ‬الصراحة‭ ‬المفرطة،‭ ‬التي‭ ‬تلامس‭ ‬تخوم‭ ‬‮«‬نشر‭ ‬الفضائح‮»‬‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬تناوله‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتهم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬اضطّر‭ ‬بعضهم‭ ‬إلى‭ ‬مقاضاة‭ ‬الكاتب‭.‬

نُـشرتْ‭ ‬سلسلة‭ ‬‮«‬كفاحي‮»‬‭ ‬على‭ ‬ستة‭ ‬أجزاءٍ،‭ ‬أو‭ ‬بمعنى‭ ‬أدقّ،‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬ستِ‭ ‬روايات‭ ‬مستقلّة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬صفحات‭ ‬تجاوز‭ ‬الثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬وخمسمئة‭ ‬صفحة‭. ‬وقد‭ ‬استُـقـبـلَ‭ ‬العمل،‭ ‬وعلى‭ ‬الأخصّ‭ ‬الجزءين‭ ‬الأول‭ ‬والثاني،‭ ‬استقبالاً‭ ‬حافلاً،‭ ‬ونال‭ ‬عنه‭ ‬كناوسجارد‭ ‬عدداً‭ ‬مِن‭ ‬الجوائز‭ ‬الأدبية‭ ‬المرموقة‭ ‬داخل‭ ‬النرويج‭ (‬مسقط‭ ‬رأسه‭) ‬وخارجها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ترجمة‭ ‬الرواية‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬مِن‭ ‬اللغات،‭ ‬مِن‭ ‬بينها‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬حيث‭ ‬صدرت‭ ‬الترجمة‭ ‬العربية‭ ‬للجزء‭ ‬الأول‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬موت‭ ‬في‭ ‬العائلة‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬إحدى‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬العربية‭. ‬

في‭ ‬كتابه‭ ‬الأخير،‭ ‬‮«‬خـريـف‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬صدرت‭ ‬ترجمته‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬Penguin‭ ‬Press،‭ ‬يُحـوَّل‭ ‬كناوسجارد‭ ‬دفّـه‭ ‬قلمه‭ ‬مئة‭ ‬وثمانين‭ ‬درجة،‭ ‬مُـلـتـقـطاً‭ ‬الأشياء‭ ‬البسيطة‭ ‬المتناثرة‭ ‬حولنا‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬مُـسـتـخـرجاً‭ ‬مِنها‭ ‬جمالاً‭ ‬بِكراً‭ ‬غائباً‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭. ‬

الكتاب‭ ‬يتسمّ‭ ‬بمسحة‭ ‬شاعرية‭ ‬عالية‭ ‬وإغراق‭ ‬في‭ ‬الذاتية،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يضمُّ‭ ‬أيّ‭ ‬حبكة‭ ‬روائية،‭ ‬ولا‭ ‬أحداثاً‭ ‬ولا‭ ‬شخصيات،‭ ‬وإنما‭ ‬يأخذ،‭ ‬كما‭ ‬أُشيرَ‭ ‬آنفاً،‭ ‬شكل‭ ‬رسائل‭ ‬يحرّرها‭ ‬كناوسجارد‭ ‬إلى‭ ‬ابنته‭ ‬الرابعة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تولَد‭ ‬بعد‭ (‬وقت‭ ‬تأليف‭ ‬الكتاب‭). ‬

ففي‭ ‬الشهور‭ ‬القليلة‭ ‬السابقة‭ ‬على‭ ‬مولدها،‭ ‬يتناول‭ ‬كناوسجارد،‭ ‬كلّ‭ ‬يومٍ،‭ ‬موضوعاً‭ ‬أو‭ ‬فكرةً‭ ‬أو‭ ‬شيئاً،‭ ‬بدايةً‭ ‬مِن‭ ‬فان‭ ‬جوخ‭ ‬وفلوبير‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬موضوعات‭ ‬شديدة‭ ‬البساطة،‭ ‬مثل‭: ‬نموّ‭ ‬الأسنان‭ ‬اللبنية‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال،‭ ‬حقائب‭ ‬التسوّق‭ ‬البلاستيك،‭ ‬الوَحْدَة،‭ ‬مضغ‭ ‬اللبان،‭ ‬التبوّل،‭ ‬أكل‭ ‬التفاح‭... ‬إلخ،‭ ‬مُحاولاً،‭ ‬مِن‭ ‬خلال‭ ‬وصف‭ ‬الأشياء‭ ‬لابنته،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬وصفه‭ ‬لعلاقته‭ ‬بالأشياء‭ ‬ذاتها،‭ ‬اكتشاف‭ ‬مواطن‭ ‬الجمال‭ ‬الكامنة‭ ‬داخل‭ ‬تلك‭ ‬الأشياء‭ ‬الضئيلة‭ ‬العادية‭ ‬الموغلة‭ ‬في‭ ‬البساطة؛‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬ونستعملها‭ ‬يومياً،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬إلى‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تبعثَ‭ ‬لنا‭ ‬بها‭. ‬

يستهلّ‭ ‬كناوسجارد‭ ‬كتابه‭ ‬بعبارة‭ ‬دالّة‭: ‬‮«‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬وحده‭ ‬يا‭ ‬طفلتي‭ ‬أكتبُ‭ ‬لكِ‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬أريد‭ ‬أنَ‭ ‬أصفَ‭ ‬لكِ‭ ‬العالم‭ ‬مِن‭ ‬حولنا،‭ ‬الباب‭ ‬والأرض‭ ‬وصنبور‭ ‬الماء‭ ‬وحوض‭ ‬المطبخ‭ ‬وكرسيّ‭ ‬الحديقة‭ ‬تحت‭ ‬النافذة‭ ‬والشمس‭ ‬والماء‭ ‬والأشجار،‭ ‬أعرف‭ ‬أنّكِ‭ ‬سوف‭ ‬تأتينَ‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬وتختبرين‭ ‬الحياة‭ ‬بنفسِكِ،‭ ‬كما‭ ‬أعرف‭ ‬أنني‭ ‬وأنا‭ ‬أصف‭ ‬ذلك‭ ‬العالم،‭ ‬فإنما‭ ‬أصفه‭ ‬مِن‭ ‬أجل‭ ‬نفسي‭ ‬أيضاً،‭ ‬أن‭ ‬أريكِ‭ ‬العالم،‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬الصغير،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أجعل‭ ‬حياتي‭ ‬جديرةً‭ ‬بأن‭ ‬تُعاشَ‮»‬‭.‬

‭ ‬في‭ ‬رسالةٍ‭ ‬صغيرةٍ‭ ‬لافتة،‭ ‬يطرحُ‭ ‬كناوسجارد‭ ‬على‭ ‬ابنته،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬سؤالاً‭ ‬مهمّا‭: ‬هل‭ ‬الحياة‭ ‬جديرةً‭ ‬حقاً‭ ‬أن‭ ‬تُعاش؟‭ ‬لا‭ ‬يجيبُ‭ ‬كناوسجارد‭ ‬مِن‭ ‬خلال‭ ‬تحليليات‭ ‬فلسفية‭ ‬ولا‭ ‬ميتافيزيقية‭ ‬معقّدة،‭ ‬وهذا‭ ‬منطقي‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬الرسائل،‭ ‬التي‭ ‬تتوسلّ‭ ‬بالأشياء‭ ‬البسيطة‭ ‬والحياتية‭ ‬العادية‭ ‬لمحاولة‭ ‬وصف‭ ‬الحياة،‭ ‬وفهمها‭. ‬

بذكاء‭ ‬الروائي‭ ‬وبمشاعر‭ ‬الأبّ،‭ ‬يتسلّلُ‭ ‬كناوسجارد‭ ‬إلى‭ ‬عقلية‭ ‬الأطفال‭ ‬وهم‭ ‬يفكّرون‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬كي‭ ‬يجيب‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭. ‬يقول‭ ‬إنَّه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬جال‭ ‬بخاطره‭ ‬يوماً‭ ‬طرح‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭: ‬ما‭ ‬جدوى‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الحياة؟

‭ ‬ويضيف‭ ‬أنَّ‭ ‬الحياة‭ ‬يُستدلٌّ‭ ‬بها،‭ ‬لا‭ ‬عليها‭. ‬فالطفل‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬فرقاً‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬حياته‭ ‬تعيسة‭ ‬أم‭ ‬سعيدة،‭ ‬بل‭ ‬إنَّ‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يعنيه‭ ‬في‭ ‬شيء،‭ ‬لأنّ‭ ‬الطفل‭ ‬يعيشُ‭ ‬الحياة،‭ ‬يراها،‭ ‬لكنّه‭ ‬لا‭ ‬يقف‭ ‬لها‭ ‬بالمرصاد،‭ ‬ولا‭ ‬يتأملها،‭ ‬فالطفل‭ ‬ذ‭ ‬بحكم‭ ‬طبيعته‭ - ‬مُنغمسٌ‭ ‬بكل‭ ‬حواسّه‭ ‬وطاقته‭ ‬داخل‭ ‬اللعبة‭/ ‬الحياة‭ ‬انغماساً‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬التماهي‭ ‬الكامل‭. ‬

ويستمرُّ‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬حتى‭ ‬مرحلةٍ‭ ‬معيّنة،‭ ‬حين‭ ‬يحدث‭ ‬الانفصال‭ ‬المحتوم‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الحياة،‭ ‬أي‭ ‬حينما‭ ‬يدركُ‭ ‬الفرقَ‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬تريده‭ ‬ذاته‭ ‬وما‭ ‬تريده‭ ‬الحياة‭ ‬منه‭. ‬فالطفل‭ ‬الذي‭ ‬يسقطُ‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬اللعب‭ ‬وتُدمى‭ ‬يداه‭ ‬أو‭ ‬قدماه،‭ ‬قد‭ ‬يتوقّف‭ ‬بضع‭ ‬دقائق‭ ‬ليبكي‭ ‬أو‭ ‬يشكو،‭ ‬إلا‭ ‬أنّه‭ ‬ما‭ ‬يلبث‭ ‬أن‭ ‬ينهض‭ ‬ليواصل‭ ‬الجري،‭ ‬لينسى‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬اللعبة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشتبك‭ ‬مع‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يُحمِّل‭ ‬العالم‭ ‬مسؤولية‭ ‬ما‭ ‬وقع‭ ‬له‭. ‬يدركُ‭ ‬الطفل،‭ ‬ربما‭ ‬بعقلية‭ ‬أشدّ‭ ‬نضجاً‭ ‬مِن‭ ‬عقلية‭ ‬البالغين،‭ ‬أنّه‭ ‬لو‭ ‬توقّفَ‭ ‬لتأمّلِ‭ ‬ما‭ ‬لحقَ‭ ‬به،‭ ‬لفاتته‭ ‬اللعبة،‭ ‬وفاتته‭ ‬معها‭ ‬متعة‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬اللعِـب‭. ‬

يُشبّه‭ ‬كناوسجارد‭ ‬الأمر‭ ‬بالضغطِ‭ ‬على‭ ‬مِقبض‭ ‬باب‭ ‬الغرفة‭ ‬إلى‭ ‬الأسفل‭ ‬ودفعِ‭ ‬الباب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬للمرور،‭ ‬فيقول‭: ‬‮«‬نعم‮»‬‭ ‬فالباب‭ ‬ينفتحُ‭ ‬أمامكَ‭ ‬للداخل‭ ‬أو‭ ‬للخارج‭ ‬بحسب‭ ‬رغبتك‭ ‬وقدرتك‭ ‬على‭ ‬التحكّم‭ ‬في‭ ‬المقبض،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الحياة‭ ‬جديرةً‭ ‬بأن‭ ‬تُعاش‭. ‬يستطردُ‭ ‬كناوسجارد،‭ ‬مخاطباً‭ ‬طفلته‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬ترَ‭ ‬العالم‭ ‬بعد،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬قارئه‭ ‬المُحتمل‭: ‬‮«‬إنَّ‭ ‬
العالم‭/‬الحياة‭ ‬تعبّرُ‭ ‬بذاتها‭ ‬عن‭ ‬وجودها‭ ‬أمام‭ ‬أبصارنا،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬ننصتُ‭ ‬إلى‭ ‬رسائلها‮»‬‭.‬

الكتاب‭ ‬سلسلة‭ ‬مِن‭ ‬‮«‬الصور‮»‬‭ ‬الإنسانية،‭ ‬المرسومة‭ ‬بشاعرية‭ ‬عالية‭ ‬وحساسية‭ ‬فائقة،‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تفكَّ‭ ‬شـفـرة‭ ‬رسائل‭ ‬العالم‭ ‬الخفيّة‭ ‬والمخبأة‭ ‬داخل‭ ‬الأشياء‭ ‬الصغيرة‭ ‬البسيطة‭ ‬حولنا‭ ‬