إلى أن نلتقي أنور الياسين

إلى أن نلتقي

كلمة عند العرب .. زواج !

بالتأكيد كان الزواج أيام زمان أسهل بكثير من أيامنا هذه. لم تكن هناك تلك المشاكل التي تثار دوما حول المهر والشبكة والبيت والأثاث .. وغير ذلك من لوازم الحياة العصرية، التي ترهق الجيوب والأعصاب. وتكفي خيمة صغيرة على حافة التل وامرأة راضية حتي يتمكن المرء من إنجاب قبيلة بأكملها. ويقال إنه كانت هناك امرأة تعد أسرع نساء العرب في الزواج، وربما كانت أسرع امرأة في العالم. فقد كان يأتيها الرجل راكبا ناقته ويقول لها قبل أن يهبط من على الناقة: خطب. فتبادرة بالقول نكح. يقول لها: قبل. تقول له: أنخ. أي أن عليه أن يهبط فوراً من فوق الناقة لأنه ليس لديها وقت تضيعه في التعارف أو التمهيد حتى لتعرف اسم الزوج المقبل. وحتى بعد أن عجزت هذه المرأة وأسنت ولم تعد قادرة على الحركة جاء ابنها ليأخذها من عند آخر الأزواج ووضعها على ناقته ليعود بها إلى قبيلته فرأت رجلا على ظهر جواده عند حافة الأفق فقالت لولدها: تمهل قليلا يا ولدي فربما كان هذا خاطبا يسعى إلى، فأخذها ابنها يسبها ويلعنها وهو يمضي مبتعداً

تعقدت الحياة. وظهر مجمل هذا التعقد في العلاقات الاجتماعية وخاصة الزواج. اختفت الصور الرومانسية، ولم يعد الفارس يأتي ليجد في انتظاره عذراء تمسك وردة. ولكنها امرأة فاهمة وواعية تمسك "الة حاسبة" لتحسب قيمة كل عاطفة وقيمة كل وعد. الأخطر من ذلك أن الزواج وجد لنفسه مسارب كثيرة يسير فيها حتي بعطي لنفسه مبرراً شرعيا. ففي هذه الأيام أصبحنا نسمع بكثرة عن ظاهرة الزواج العرفي الذي من الصعب أن نطلق علية لفظة "زواج" لأنه يفتقر إلى ركن من أهم أركان المشروعية وهو الإعلان. إنه فقط مجرد مبرر للتلاقي وممارسة الحب دون أي التزام. ودافعه الأساسي هو الأزمة الاقتصادية التي أجلت سن الزواج، وجعلت من الصعب الحصول على سكن مستقل . ودافعه الثاني "فراغة" عين الرجال بطبيعة الحال. لقد انتشر هذا الزواج في بعض الدول العربية بين تلاميذ وتلميذات المدارس وأصبح العقد يكتب على ورقة منزوعة من الكراسة ولا لزوم لشهود من الخارج فزملاء الفصل فيهم الكفاية .

أما أحدث أنواع الزواج، الذي هو شرعي وسري في الوقت نفسه. فهو "زواج المسايرة" الذي انتشر في بعض مناطق الخليج. وهو يعقد على يد مأذون شرعي ويحضرة شهود ولا ينقصه سوى شيء واحد هو الإعلان عنه. ويفهم من ذلك أن العريس كان غالبا متزوجا ولكنه يخشى على مشاعر أم العيال، أو ربما من بأسها وسطوتها، لذلك فهو يفضل ألا يغضبها، وفي الوقت نفسه لا يغضب الله ـ أو هكذا يخيل إلية بطبيعة الحال، وقد سمي زواج المسايرة لأن الزوجة تبقي في بيت أهلها لا يتغير من وضعها شيء سوى أن الزوج هو الذي يسير اليها ويغادرها قبل أن ينكشف الأمر. وقد احتار الفقهاء في أمر هذا الزواج الذي يأخذ كل الأشكال القانونية ومع ذلك فإنه ليس مكتمل الشرعية هل هو حلال أو حرام. هل يحل مشكلة الزواج المتأخر بالنسبة لبعض الفتيات؟ أو يضيف مشاكل وأعباء اجتماعية جديدة بالنسبة للأولاد الجدد والزوجة القديمة ؟

كما قلت الزواج ليس سهلا حتى وإن كان شرعيا. فمار رأيكم دام فضلكم إذا تم تحت اسم آخر؟

 

أنور الياسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات