حـــديــقــة الــيـــرمـــوك.. «صديقة للبيئة»

حـــديــقــة الــيـــرمـــوك.. «صديقة للبيئة»

سلحفاة‭ ‬ضخمة‭ ‬جدا،‭ ‬بدت‭ ‬وكأنها‭ ‬مركبة‭ ‬فضائية‭ ‬تُرى‭ ‬من‭ ‬بعيد‭.. ‬تحير‭ ‬الألباب‭ ‬بحجمها‭ ‬المهول‭.. ‬اقتربنا‭ ‬أكثر‭ ‬عند‭ ‬إحدى‭ ‬البوابات‭ ‬الثلاث‭, ‬ودخلنا‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬القوس‭ ‬الغريب‭ ‬الأخصر‭ ‬اللون‭, ‬والمتشابك‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬مواد‭ ‬نعرفها‭ ‬من‭ ‬قريب‭, ‬فهذه‭ ‬عجلة‭ ‬وتلك‭ ‬مقدمة‭ ‬لإحدى‭ ‬السيارات‭ ‬الشهيرة‭ ‬وحلقات‭ ‬متدلية‭. ‬تتخللها‭ ‬زهور‭ ‬ملونة‭ ‬أشبه‭ ‬بالمراوح‭.. ‬

دخلنا‭ ‬ببطء‭ ‬باتجاه‭ ‬السلحفاة‭ ‬الخضراء‭ ‬العملاقة،‭ ‬وبدأت‭ ‬تتضح‭ ‬معالم‭ ‬تفاصيلها‭ ‬شيئا‭ ‬فشيئا،‭ ‬وإذا‭  ‬بها‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬عجلات‭ ‬السيارات‭ ‬المطاطية،‭ ‬واكتسى‭ ‬رأسها‭ ‬بالمعدن‭ ‬المصنع‭ ‬يدويا‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬المعادن‭. ‬وقفنا‭ ‬تحتها‭ ‬لحظات‭ ‬وإذا‭ ‬بالسيد‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬المشاري‭ ‬مختار‭ ‬منطقة‭ ‬اليرموك‭ ‬بدولة‭ ‬الكويت‭ ‬أ‭ ‬قبل‭ ‬إلينا‭ ‬قائلا‭: ‬هنا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مجسم‭ ‬السلحفاة‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬فصل‭ ‬دراسي‭ ‬للأطفال‭ ‬بالهواء‭ ‬الطلق‭. ‬

حرص المشاري منذ توليه مسئولية المنطقة، على رفع شعار مفاده: لتكن اليرموك منطقة نظيفة وجميلة، ولذلك بدأ بالحديقة التي تعد المتنفس الأول في كل الأحياء السكنية، حيث كانت مهملة ما يربو على 10سنوات، فبدأ بإعادة هيكلتها في السنوات الأربع الأخيرة، لإنجاح مشروع إنشاء الحديقة البيئية من خلال تدوير النفايات والاستفادة منها بصورة جمالية ضمن مرافق الحديقة، لكن البيروقراطية والروتين في الوزارات المعنية أخّرا الإنجاز، إلا أنه أصاب الهدف بالنهاية. فكان أول من بدأ عملية تدوير النفايات.

وأضاف المشاري أن معهد الكويت للأبحاث عرض المشروع ووافق عليه مباشرة، وخصوصا أنه يهدف إلى حماية البيئة ويعيد تدوير النفايات ويسهم في نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع. بإعادة تدوير النفايات واستخدامها بصورة جمالية مغايرة. وأن مجلس حي المنطقة والجمعية التعاونية حققا نتائج طيبة لتحسين الخدمات فيها، وأشار إلى أن مجلس إدارة الجمعية التعاونية طالب الهيئة العامة للزراعة بتسليمها إدارة الحديقة، والملعب الموجود في المنطقة لوضع حراس دائمين فيهما وحمايتهما من العبث. فهو يرى أن دور مختار المنطقة يمد جسور التعاون بالمنطقة كلها، ولا بد أن يهتم بالتواصل مع جميع الجهات الحكومية ويكون دينمو لتحسين المنطقة فهي اهتمامه الأول والأخير، لافتا إلى أن الجميع متعاون وفي سبيل خدمة أهالي المنطقة.

وكانت لنا فرصة لقاء وزير التجارة والصناعة السابق عبدالوهاب الوزان وعضو مجلس خدمة المنطقة، الذي ثمَّن بدوره هذا الإنجاز المذهل وقال: «سعداء برؤية حدث بهذه الضخامة وهذا الجمال، وهذه الطريقة تؤدي إلى ثقافة علمية وبيئية تنتشر بين النشء، ونؤمن بالعمل البيئي لإعطاء صورة حضارية تنقلنا إلى مصاف الدول العالمية. فمثل هذه الأفكار تنمي الثقافة الاستهلاكية والبيئية لدى أجيالنا، كي نسلمهم هذه الأرض الطيبة وهي نظيفة بيئيا، فالارتقاء بالمستوى البيئي له تأثير كبير في صحة المواطن وبيئته, والتي أتت نتيجة تعاون مجتمعي بالتضافر مع المؤسسات الحكومية ذات الصلة».

كما وُجِد أستاذ علوم الأرض والبيئة في كلية العلوم بجامعة الكويت محمد الصرعاوي في يوم البيئة, وأبدى رأيه بالمشروع متمنيا تعميم هذه الفكرة في حدائق الكويت والاستفادة من النفايات التي يرمى منها قرابة 5 آلاف طن يوميا في الصحراء وما تسببه من تشويه للبيئة. 

ودعا إلى ضرورة عمل الحكومة على إبعاد المدن الحديثة عن المصانع والمواقع التي توجد فيها مصافي النفط والموانئ، حيث تعتبر هذه المنشآت الخدمية ذات آثار كارثية على البيئة الكويتية، وهي تتسبب بأضرار جسيمة على الكائنات البشرية إذا تركت من دون رقابة حقيقية ومتابعة دءوبة.

فالحديقة مساحتها 1300 متر مربع، وهي مناسبة لمشروع بيئي, لكونها تحوي معرضا بيئيا من تدوير النفايات، ومجسمات لحيوانات ونافورة، جميعها من النفايات تم تجميعها من السكراب وبرّ الكويت، ما يجعلها تحفة فنية ونموذجا صديقا للبيئة، جاء لإيصال رسالة إلى أهل الكويت بأهمية الثقافة والوعي البيئي، لتكون رسالة للمجتمع ككل بأهمية تدوير النفايات وجعلها شيئا مفيدا بدلا من منظرها المكروه.

كما احتضنت الحديقة أيضا مهرجان (المرح في كل مكان) برعاية الشيخة شيخة العبدالله وبمشاركة أطفال وشباب متلازمة الداون لدعم مؤسسات خيرية تعنى بالمعاقين.. وشددت العبدالله على ضرورة دعم العلاقات الأسرية وتحفيز دور الشباب للانخراط في العمل الخيري لما لهم من قدرة على التعاون والإبداع.

 

فنان‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬آخر

بدر منصور؛ عضو جمعية الفنانين التشكيليين بالكويت, لم ترتبط أعماله فقط بالفن التشكيلي ورسم اللوحات، بل تعدت موهبته إلى أبعد من ذلك بكثير.. فهو رسام ونحات يبدع في (فن الفكرة) حيث يحول الخردوات والقطع القديمة إلى قطع فنية جميلة معتمداً على إعادة التدوير، هو الفنان الوحيد في منطقة الخليج المتخصص في فن إعادة التدوير منذ العام 1994، إنسان قادر على الإبداع والابتكار وله خيال خصب, ممزوج بنظر ثري وثاقب حيال ما يراه من مواد غير حية, يمكن الاستفادة منها بطرق مختلفة. فهو يصنع من المواد المهملة تحفا فنية فريدة, وأخرى يعيد استخدامها في مواقع ومنافع مغايرة لطبيعتها.

حاصل على بكالوريوس من المعهد العالي للفنون المسرحية (تخصص ديكور مسرحي)، يعمل مصمم ديكور في تلفزيون الكويت وعضو الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، وعضو رابطة الحرف اليدوية، دراسته وتخصصه في (تصميم ديكـــــــور ومسرح) توجا مهاراته, فكانت بداياته منذ أيام الدراسة, حين يُطلب منهم عمل مشاريع ومجسمات من خامات جديدة, كان منصور يختار العمل بأدوات وتماثيل قديمة ومستهلكة من أعمال السنوات الفائتة, ليعيد تصنيعها وبناءها من جديد وتحوز إعجاب مدرسيه والمشرفين وزملائه, فكانت تلك البداية.

وطور منصور من نفسه, أضاف إلى مهاراته تقنيات استخدام الكمبيوتر في التصميم حتى أجاد العمل وأتقنه, فقدم للطلبة والمدارس والهواة ورشات تدريبية ودورات عملية في مجال إعادة التدوير، توجيها وتنمية للفكر الخيالي. وشارك في عدة معارض داخل وخارج الكويت وحصل على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية. ويطمح إلى تنظيم معرض شخصي متنقل في عدة دول عربية وأجنبية، ومتابعة دراسته العليا في الماجستير والدكتوراه.

ففي الورشة الخاصة به, استطاع إعادة خلق العديد من التكوينات الفنية من المواد المهملة بسبب الاستهلاك والقدم والأعطال التي تصيبها, وتقديمها بشكل أجمل وأنفع وإحيائها مرة أخرى للاستهلاك وكأنها قطعة جديدة. واعتمد على فكرة إعادة توظيف العناصر المهملة ووضعها في عمل فني وإعطائها هوية جديدة. يرى أن فن الفكرة يعتمد على الفكرة بالدرجة الأولى وليس الحرفة.

ويرى المنصور أن لهذه القطع أهمية في تزيين المكان وتحقيق التوازن اللوني، وأحياناً تكون بمنزلة حلول  لبعض الأخطاء في البناء في حال وجود فراغات أو مشكلات في التركيبات، أو إبراز ركن معين  في المنزل سواء كان جداراً أو زاوية. كما يجد في الآلات الموسيقية انسيابية ورشاقة، وتقدم إضافة إلى قطع الخردوات، فغالبا ما تتشكل لديه فكرة يتم توظيفها مثل آلة العود والقيثارة.

 

بداية‭ ‬التعاون‭ ‬وإنجاز‭ ‬الإبداع

كان بطلب من الدكتورة نورة الجندل من معهد الكويت للأبحاث العلمية مع فريقها البيئي، لحدث بيئي سنوي تزامنا مع يوم الأرض. على أساس إنشاء نصب تذكاري عن البيئة. فقام بعمل مجسم للمشروع لاقى استحسان الرعاة والبيئيين وطلبوا تنفيده في هذا الموقع. وتم تصنيع بعض الآلات للتصنيع وإعادة التدوير للمساعدة في تطويع بعض المواد والمعادن ليسهل استخدامها وطيها وتغيير ملامحها.

أفادت الدكتورة نورة الجندل (المنسق العام صاحبة فكرة الساعة البيئية) بأن هذا العمل لم يأت من فراغ ولكن بجهود وتعاون معهد الأبحاث والهيئة العامة للزراعة وبلدية الكويت ومختارية اليرموك والهيئة العامة للبيئة وبتمويل من الشركة الوطنية للاتصالات.
وأشارت إلى أن الفكرة الأساسية لهذا العام القيام بعمل يهم البيئة الكويتية, وكانت فكرة تدوير النفايات للاستفادة منها بإبداعات فنية ولحماية البيئة من هذه المخلفات، موضحة أنه تم اختيار 27 فبراير يوما للبيئة في الكويت ومتزامنا مع الأعياد الوطنية, وليكون تاريخا يرتكز في ذاكرة الأطفال وهم المستهدفون في هذه الأعمال لإنشاء جيل يحافظ على البيئة ويستفيد من كل شيء بما فيها النفايات.

وأضافت الدكتورة نورة أن فكرة هذا العام كانت بإحضار 12 طنا من النفايات تم تجميعها من البر ومن السكراب مثل الإطارات ومراوح السيارات ودعاميات وأهوزة المياه ومخلفات الصحف والحديد، وإعادة إحيائها من خلال إبداعات المهندسَين الكويتيين بدر منصور وفيصل العبيد اللذين أشرفا على التنفيذ, موضحة أن النفايات كانت متنوعة ما بين الصلبة والخشبية والبلاستيكية والورقية.

وقد انبهر المشاهدون وذهلوا من رؤية إعادة إنتاج لوحة «الموناليزا» الشهيرة للرسام العالمي ليوناردو دافينشي، والتي تم تشكيلها باستخدام الأجزاء الداخلية للكمبيوتر مثل اللوحة الأم والشرائح الصغيرة، وتجميعها وصنعها من الأسلاك والأجزاء الداخلية للكمبيوترات القديمة المهملة (مذربورد), فالصوره واضحة للعيان من على مسافة ما يزيد على ثلاثة أمتار، وكلما اقتربنا منها اختفت اللوحة لتظهر مجموعة غير محددة الملامح لتلك التجميعات الخاصة بالهياكل الداخلية لأجهزة الحاسب الآلي المعطوبة والمعطلة. 

كما ملأ الحديقة بكراسي من الأنابيب الصحية غير المستخدمة والزائدة والمهملة بأطوال لا حاجة لهم فيها واستخدامها كأعمدة إنارة أرضية من بايبات الصحي. وأخرى مصنوعة بشكل حديث ومتطور مستخدماً فيها لوحات المفاتيح لأجهزة حواسيب قديمة، ومقاعد من الأهواز أو ما يعرف بأنابيب رش المياه الخاصة للاستعمالات المنزلية والحدائق لتعطي شكلا جماليا مبتكرًا. 

وتم تزيين كامل مساحة المعرض على نحو خلاب ولافت للنظر باستخدام كثير من الزهور الغنية بالألوان، وكانت الزهور مصنوعة من مراوح وعجلات قيادة السيارات. كما أخذت الإطارات الخردة ونفايات علب القصدير شكل أصص الزهور. وفي المعرض، وجد الأطفال الإثارة والبهجة في ملء «أواني الإطارات» بالرمل وزراعة النباتات الطبيعية المزهرة. ولإضافة المزيد من التألق، تم عرض الطواويس ذات الذيول الطويلة الجميلة والمصنوعة حصريًا باستخدام القطع المعدنية مثل الوردات المعدنية والصواميل والمسامير. واستكمل المهندسان أعمالهما بتجميع الإطارات وقطع السيارات الخردة وتوليفها بشكل جميل لتشكل أطقم من الأرائك الجذابة المصنوعة من الصحف والأغطية البلاستيكية مختلفة الألوان وبراميل القطران المعدنية، واستخدم المنصور أيضا مفاتيح الحاسوب الآلي لصنع كرسي التدليك.

فالطاقات الشبابية التي عملت في تنفيذ المشروع أبدعت في تحقيق حلم الحديقة الصديقة للبيئة. وتعد الحديقة هي المرحلة الأولى للمشروع وسوف تشمل في المرحلة المقبلة مضمار المشي ونافورة. كما أن هناك تعاونا مع منطقة العاصمة التعليمية لتنظيم زيارات لطلبة المدارس للاطلاع على الحديقة البيئية في إطار التوعية المجتمعية بأهمية تدوير النفايات والاستفادة منها في المرافق العامة. 

 

زيارة‭ ‬وفود‭ ‬خليجية‭ ‬وعربية

وبمناسبة انعقاد المؤتمر الخليجي للنفايات الصلبة والخطرة بدول مجلس التعاون والذي أقيم في الكويت في يوم التاسع والعشرين من أبريل في جامعة الكويت، زارت الوفود الخليجية والعربية الحديقة للاطلاع على التجربة الفريدة والوحيدة المقامة في الكويت لتطبيق تدوير النفايات من حيث التحف الفنية الموجودة والمصنوعة من النفايات.

واستطلعنا آراء بعض أعضاء الوفود المشاركة في ما شاهدوه، حيث قال محمد باعوين من جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان إن هذه فكرة جميلة ورائدة، ومفرح أن نرى كيفية الاستفادة من النفايات بطريقة صحية وتربوية وبيئية، متمنيا رؤيتها في سلطنة عمان وللمرة الأولى هذا الحدث في دولة خليجية.

بدوره، قال المهندس فهد الحسيني من أمانة المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية إن هذه تجربة مميزة في دولة خليجية، حيث نرى حديقة توعوية يمكن أن يستفيد منها الناس ورؤية إبداعات فنية تدخل البهجة على رواد الحديقة، والكويت دائما رائدة في هذا المجال، مؤكدا أنه سينقل هذه الفكرة و«بإذن الله سنراها قريبا في المنطقة الشرقية». في ما قال منصور أبوجميلة من جامعة الزقازيق في جمهورية مصر العربية وأستاذ في جامعة الخليج في مملكة البحرين: إنه شيء مشرف أن نرى دولة الكويت مهتمة في شأن الحفاظ على البيئة واستخدام عدة أفكار لتكريس هذا الفكر في ذاكرة الشباب والأطفال في محاولة لتوجيه الطاقات للاستفادة من النفايات في حاجة فعالة مؤملاً رؤيتها في كل الدول العربية.

وقال مدير عام الهيئة العامة للبيئة د.صلاح المضحي إن الهيئة مستمرة في تقديم الدعم لمثل هذه الفعاليات البيئية، فتدوير 12 طناً من النفايات أمر غير سهل أبدا، وإن الدعوة مفتوحة لكل من لديه فكرة إيجابية لحماية البيئة والهيئة مستعدة لتقديم جميع أشكال الدعم له. 

 

الحل‭ ‬بإعادة‭ ‬التدوير

من جانبها، قالت الباحثة العلمية في مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية في معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتورة شيرين السبيعي إن تأهيل حديقة اليرموك بمواد صديقة للبيئة تم على مراحل، وشملت تركيب نموذج لشجرة السدر المكون من إطارات السيارات المستعملة، مبينة أن المرحلة الثانية شملت بحيرة صناعية بمساحة 63 مترا، واستراحات عبارة عن نصف سيارة غير صالحة للاستخدام، موضحة أن جميع المقاعد من المخلفات الصلبة. كما تم الانتهاء من مضمار المشي.

 

التوعية‭ ‬البيئية‭ ‬المهجورة

كثير من أهالي المنطقة قاموا بزيارة الحديقة وأعربوا عن بالغ سعادتهم بها وبما آلت اليه، معتبرين ما حدث فيها نوعا من الرقي والاهتمام، خاصة أن منازلهم أصبحت تطل على مناظر أجمل، كونها تضم قطعا فنية بذلت فيها الجهود البدنية والفكرية لعملها من قبل الفنان. والغريب في الأمر أن يأتي شخص وبكل بساطة ليتلف أعمالا فنية راقية بعد أقل من 24 ساعة على الاحتفال, داعية إلى عدم التمادي في إتلاف الحديقة وما تحويه من أعمال فنية. وأشار مختار المنطقة السيد عبدالعزيز المشاري إلى ضرورة وضع الحراسة على الحدائق التي تحوي مثل هذه الأعمال الفنية. وطالب بحملات رفض واستنكار واسعة للإتلاف المتعمد، فهي  قضية مهمة جدا تتطلب نشر الوعي بها من خلال نشر الثقافة البيئية في المجتمع.

وأكد المشاري أن الحديقة أصبحت مفخرة للكويت.. كأول حديقة بيئية نموذجية في الكويت تهدف إلى تعزيز روح المواطنة لدى المجتمع ضمن أنشطة البرامج التوعوية البيئية، مشيرا إلى زيارة الوفد العربي والدولي المشارك في مؤتمر تدوير النفايات الصلبة إلى حديقة اليرموك واطلاعهم على كيفية الاستفادة من النفايات في عمل تلك الإبداعات الفينة التي نالت استحسان الحضور..
وأضاف أننا سنقوم بتطوير الحديقة وسد الفراغات التي أصبحت معلما سياحيا لاستقبال الضيوف المهتمين بالبيئة، لترجمة الهدف الأساس من هذه الفكرة وهو نشر الأفكار البيئية، من خلال تصاميم بيئية توضح لمشاهد وزائر الحديقة أهمية المحافظة على البيئة، وكذلك تعمير الحدائق والتظليل من النفايات وتوصيل رسالة عن كيفية الاستفادة من كل شيء بما فيها النفايات. وهي ثمرة أولى ستحذو حذوها باقي حدائق الدولة والدول الأخرى.

 

مؤشرات‭ ‬الاستهلاك

 من جانبها قالت ممثلة وزارة الكهرباء المهندسة إقبال الطيار إن وزارة الكهرباء تولي المشاريع البيئية اهتماما خاصا، ولذلك بادرت بالاشتراك في هذا المشروع، ومع الأسف أن العالم كله يتجه إلى إنتاج الطاقة من النفايات بينما الوطن العربي لم ينشئ مصنعا واحدا لتدوير النفايات وتحويلها إلى طاقة، فالوطن العربي يخسر 5 مليارات دولار سنويا مقابل التخلص من 90 طنا من النفايات، مطالبة الدول العربية بأن تتنبه، فهناك 400 مصنع محطات كهرباء من تدوير النفايات في أوربا و100 في اليابان و79 في آسيا.

الإبداع الذي سطرته الكويت في إمكان تحويل تلك النفايات المنتجة إلى مادة تصبح حديث العالم الذي يزور البلاد، جاء لإيصال رسالة من أهل الكويت بأهمية الثقافة والوعي البيئي، فما شهدته حديقة منطقة اليرموك كان إبداعا بكل المقاييس رسم لوحاته في كل جنبات الحديقة، بدءا بمدخلها وصولا إلى أقصى ركن فيها. فماذا لو تحرر الشباب فكرياً وفنياً وتم تطبيق مثل هذه الفكرة على جميع حدائق الكويت ودول الوطن العربي؟ 

في الحقيقة من يملك القدرة على إعادة التدوير هو شخص له نظرة مستقبلية معمرة للوطن يجب الأخذ بيده. فإعادة التدوير تخفف الضغط على مرادم النفايات وتقلل التلوث الذي ينعكس على البشرية، والأهم من ذلك في الكويت أنه يوفر المساحات المناسبة للمشاريع السكنية من خلال تقليص مرادم النفايات، خاصة أن ملف النفايات المنزلية ملف متخم بالعراقيل التي تتلخص في قلة الوعي في مجتمعاتنا مع الأسف بأهمية فصل النفايات من المصدر، وإعادة استخدام بعض النفايات قبل أن نقرر التخلص منها. 

مثل هذه المشاريع المعمول بها في الدول المتقدمة تهدف إلى تقريب صورة المكونات البيئية للمواطن وبطريقة مبسطة لإبداء اهتمامه وسعيه للحفاظ على البيئة، وبالتالي توفير الشعور والحس العالي للانتماء والاعتزاز ببيئته، لأننا نؤمن بأن الجميع عُظماء إذا أرادوا أن يصبحوا كذلك، وبأن الجمال يولد من رحم الحياة، وبالإمكان تصنيعه يدوياً ونشره، دون الاضطرار لشراء المواد الفنية المكلفة من خلال استغلال ما هو متوافر لدينا من مخلفات، إذا أردنا أن نعطيها أدوارا أخرى لتلعبها أكثر من مجرد خردة أو قمامة، وهذا ما يحاول إثباته فن إعادة التدوير حول العالم الذي يشجع على تغيير المفاهيم ونظرتنا للأمور، مما يعزز ثقافة تقبل الآخر والإبداع لدينا، فالامتعاض من معلبات الطعام الفارغة أو قناني المياه المتناثرة وعلب المشروبات الغازية، يمكن أن يصبح نظرة إعجاب بمجرد أن نعتبرها فرص تحد لصنع الفن بدلاً من القضاء عليها، كل ما عليك فعله هو أن تعطي نفسك فرصة لاكتشاف مواهبك والطاقات الدفينة لديك، وذلك لا يتحقق إلا من خلال التجربة فقط .

مختار‭ ‬اليرموك‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬المشاري

إطارات‭ ‬السيارات‭ ‬المستهلكة‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬تحفة‭ ‬فنية‭ ‬توسطت‭ ‬الحديقة