الشَّـهـيــد
في الْفَخْرِ لَنا مِنْ ذِكْراهُ
ما نَنْسى الدُّنْيا إلّاهُ
ما ماتَ وَلكِنْ كَرَّمَهُ
رَبُّ الْأَرْبابِ وَأَرْضاهُ
في الْجَنَّةِ مَنْزِلُهُ وَلَهُ
في الْجَنَّةِ ما يَتَمَنّاهُ
دَمُهُ مِسْكٌ وَشَهادَتُه
رَمْزُ الْإخْلاصِ وَمَعْناهُ
وَالْمَوْتُ بِمَنْطِقِهِ شَرَفٌ
يَلْقاهُ وَلا يَتَوَقّاهُ
ضَحّى لِكُوَيْتِ الْمَجْدِ وَما
يَنْساها حَتّى تَنْساهُ
فَلَكَمْ حَفِظَتْهُ جَوانِحُها
لِتُضيءَ بِنورِ مُحَيّاهُ
ما فارَقَها بَلْ عانَقَها
بِشَهادَتِهِ وَبِذِكْراهُ
وَلَها بِشَهادَتِهِ شَرَفٌ
أَدْناهُ يُنافِسُ أَعْلاهُ
لَوْلاهُ لَما ارْتَفَعَتْ وَلَما
زَهَتِ الْحُرِّيَّةُ لَوْلاهُ
حُرِّيَّتُهُ هِيَ مَبْدَأُهُ
وَالْهِمَّةُ تَرْسُمُ مَسْعاهُ
شَغَلَ الْأَلْبابَ بِعِزَّتِهِ
وَالْعِزَّةُ بَعْضُ مَزاياهُ
ما كانَ أَعَزَّ مَكانَتَهُ
في الْخُلْدِ وَأَكْرَمَ مَثْواهُ
كُلُّ الْأَشْعارِ وَإنْ عَظُمَتْ
لا تَبْلُغُ أَدْنى مَعْناهُ
وَمِنِ اسْتِعْلاءِ مَكانَتِهِ
دُنْياهُ تَحْسُدُ أُخْراهُ
ضَحّى مِنْ أَجْلِ كَرامَتِنا
وَكَما يَرْضانا نَرْضاهُ
فَالْحُبُّ لَهُ وَلَنا حَتّى
أَعْطانا ما أَعْطَيْناهُ
وَبِهِ الْإيمانُ نَما وَبِنا
وَاسْتَسْقانا وَاسْتَسْقاهُ
وَبِكُلِّ مَشاهِدِنا أَضْحى
أَقْصاهُ مِنّا أَدْناهُ
في جَوْفِ الْقَلْبِ لَهُ سَكَنٌ
وَإذا نَنْسى لا نَنْساهُ
هُوَ أَكْرَمُ مِنّا مَنْزِلَةً
وَكَفانا أَنّا نَهْواهُ
بِدِماهُ كُوَيْتُ الْفَخْرِ زَهَتْ
وَسَمَتْ بِتَرَسُّمِ فَحْواهُ
وَرَأَيْنا الْعِزَّةَ ماثِلَةً
بِالْأَعْيُنِ حينَ ذَكَرْناهُ
وَاسْتَرْجَعْنا ما قَدَّمَهُ
وَكَتَبْناهُ وَحَفِظْناهُ
دَرْسٌ في الْقَلْبِ نُسَطِّرُهُ
وَنُرَدِّدُهُ في ذِكْراهُ
وَالْمَوْتُ فَناءٌ نَكْرَهُهُ
إلّا مَوْتًا هُوَ حَلّاهُ
ما زِلْنا نَدْعو خالِقَنا
حَتّى يُحْيينا مَحْياهُ
أَخَذَ الْعِزَّةَ مِنْ هامَتِها
وَمِنَ الْإشْراقِ سَجاياهُ
وَبَنى بِضِياءِ تَأَلُّقِهِ
مَجْدًا قَدْ عَظَّمَهُ اللهُ
تَرَكَ الدُّنْيا وَزَخارِفَها
وَمَضى في رَكْبِ نَواياهُ
لا راحَةَ إلّا في قَبْرٍ
حَلّاهُ اللهُ وَزَكّاهُ .