دثِّريني بحنانِكْ

دثِّريني بحنانِكْ

كيف السبيلُ إلى احتضانكِ
في غَيابات الرؤى
اختلجَتْ بها ريحُ الصنوبَرْ؟
رقدَ الهجيرُ على شواطئ مقلتي
شَغَفاً بذيّاك المُقَطّرِ.
ما لَها انْبثقَتْ عيونُ النَّرجس
الفوَّاحِ من لَدُنِ ارتحالي
في فيافي وَجْهَكِ الحرَّانِ..
ألْتمِسُ ابتراداً طال تَحْناني إليهِ
وما عَراكِ رُعاشيَ المبهورُ
من تطوافيَ الأغبرْ؟!
***
تعالَيْ، يا رُخاء الطير، في الوكُناتِ،
آويني إليكِ
مُخضَّباً برجيع أنفاسي!
ذَريني عالقاً
بين المُعتَّق من سُلاف الثغر
والميَّاسِ!
جَلَوْتِ مَراتعَ التَّسْفار
في دَغَشِ الأماسي
سمَوْتِ على تباريحي
فكنتِ شراعَ أحزاني.. انطوتْ
في لُجَّة الصَّفْو المرصَّع بالوداعةِ
والأغاريد العِذابِ...
شَفَوْتُ على خَواءٍ دامسٍ
فحنَوْتِ...
فانقشعَتْ متاهاتُ الضَّبابِ
أُتمتِمُ هامساً:
لا تَحجُبي عنّي شعاعَ الطيب
من ترياقِ بَوْحِكِ...
سَلْسِليهِ مَواعِداً جَذْلى
بِنايات الغيابِ!!
شَهدتْكِ علياءُ الصنوبرِ
تحْتَها...
أنْ قد غدَوْتِ سحابةً
تتوسَّدين أريجَهُ...
والفرقدُ المهجور، قُرْبَك
مُدْنفٌ.. يرنو لِرَيِّق نَفْحكِ
العُلْوِيّ...
واكبَهُ اذِّكارٌ مُرْسَلٌ
من دفءِ أشعارٍ
مضمَّخةٍ بآلاءٍ
ترشَّفَها المِدادُ، على مدى التسكابِ
من مِسْكيِّ ريقتِكِ
المصفَّاة اهتياماً.. وانتشاء..
جرعتُ بَريقَها غَمْضاً
كمن يَشْتارُ مرجاناً
بقاعِ اليمِّ
لا زبَدٌ طَفَا،
لا موجةٌ نزحَتْ،
ولا الضوءُ انْطفا...
***
لِمَ أغترِبْ؟
وأُودِّعُ الزمنَ الذي صاغَ انبلاجي
في حضورِكْ؟!
لِمَ أحْتَرِبْ؟!
وأُسرِّحُ الآهات
لاهثةً بعيداً...
وإلى جِواري مَنْسَكٌ
رتَّلْتُ فيه قصائداً
كُتِبَتْ بنورِك؟!
      ***
ألا اغتبقي بصَهْبائي
اعتصرتُ رحيقها
من سِدرةِ الأيام، دارتْ
حول مغْناةِ الفؤادِ..،
وما رَوِيتُ... وما شُفيتُ!
لَشاخِصٌ أنا دائماً
نحو انكشافٍ سرمديٍّ
كلما هجَعَ اليمامُ
على تواشيح الغَسَقْ!
لئنْ وافَيْتِني إذْ ذاكَ
وانْسَدَلَ القَوامُ على القَوامِ
انْشقَّت القمارُ في ذاتي،
وضاءَ الكونُ.. كلُّ الكونِ
مِن لهَب الشَّفَقْ؟!.