فـاطـمـة يــوسـف الـعــلــي: الإبـداع فـن التـمـرّد

فـاطـمـة يــوسـف الـعــلــي: الإبـداع فـن التـمـرّد

عرفتها‭ ‬دائمًا‭ ‬تسكن‭ ‬في‭ ‬أعماقها‭ ‬روح‭ ‬التأمل‭.. ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬وتعميق‭ ‬قيم‭ ‬الحب‭ ‬والجمال‭ ‬والحرية‭.. ‬تحلق‭ ‬في‭ ‬فضاءات‭ ‬الإبداع‭.. ‬ترصد‭ ‬ظواهر‭ ‬الواقع‭ ‬العربي‭ ‬وتتابع‭ ‬مسيرة‭ ‬المرأة‭ ‬وكفاحها‭ ‬وتقف‭ ‬شامخة‭ ‬ضد‭ ‬القهر‭.. ‬ومتمردة‭ ‬على‭ ‬سلطة‭ ‬الرجل‭. ‬ولا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عنها‭ ‬كمبدعة‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نتطرق‭ ‬إلى‭ ‬نشاطها‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬حيث‭ ‬تصبح‭ ‬قضيتها‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬وفي‭ ‬أدبها‭ ‬القصصي‭ ‬ومقالاتها‭ ‬المتعددة‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬العربية‭.‬

فاطمة‭ ‬يوسف‭ ‬العلي‭ ‬تعلمت‭ ‬منذ‭ ‬طفولتها‭ ‬كيف‭ ‬تقرأ‭ ‬وتكتسب‭ ‬ثقافة‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬الآداب‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية،‭ ‬فامتد‭ ‬حبها‭ ‬خارج‭ ‬ذاتها‭ ‬لتتعاطف‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الدمعات‭ ‬المقهورة‭ ‬والقلوب‭ ‬الجريحة‭ ‬وعذابات‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المحن‭ ‬والغزوات‭.‬

ولا‭ ‬غرابة‭ ‬في‭ ‬شاعريتها‭ ‬الرقيقة‭ ‬النابضة‭ ‬بالحب‭ ‬والحنان،‭ ‬وإحساسها‭ ‬المرهف‭ ‬الجميل،‭ ‬فقد‭ ‬ولدت‭ ‬ونشأت‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬القديمة‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬الخليج‭ ‬‮«‬فريج‭ ‬سعود‮»‬‭ ‬وتقول‭: ‬‮«‬كان‭ ‬منزلنا‭ ‬قريبًا‭ ‬من‭ ‬البحر،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬أرقب‭ ‬السفن‭ ‬الشراعية‭ ‬التي‭ ‬تجلب‭ ‬التمر‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬التموين‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ ‬كانت‭ ‬تتأمل‭ ‬أمواج‭ ‬الخليج‭ ‬تعانق‭ ‬الضفاف‭ ‬وتلمح‭ ‬أسراب‭ ‬الطيور‭ ‬البيضاء‭ ‬تحلق‭ ‬فوق‭ ‬صفحة‭ ‬البحر،‭ ‬فتغيب‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬سحري‭ ‬الألوان‭ ‬تحلم‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬طائر‭ ‬حر‭ ‬يرسم‭ ‬أحلامه‭ ‬على‭ ‬صفحة‭ ‬السماء‭ ‬الزرقاء‭.‬

هذه‭ ‬اللوحة‭ ‬الطبيعية‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬أفكارها‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭.. ‬وصراع‭ ‬الناس‭.. ‬والمراكب‭ ‬المسافرة‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الحنين‭ ‬واشتياق‭ ‬الصيادين‭ ‬إلى‭ ‬المرافئ‭ ‬الآمنة‭ ‬بعد‭ ‬رحلة‭ ‬شقاء‭ ‬مع‭ ‬البحر‭.‬

كتبت‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬مبكرة‭ ‬من‭ ‬حياتها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القصائد‭ ‬الرومانسية،‭ ‬واتجهت‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬مشاهير‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬المسابقات‭ ‬الثقافية‭ ‬بالمدرسة‭ ‬بكتابات‭ ‬عبّرت‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬طفولية‭ ‬بريئة‭ ‬تحلم‭ ‬بالحب‭ ‬النقي‭ ‬والحياة‭ ‬الجميلة‭.‬

 

متعة‭ ‬التأمل

كانت‭ ‬مشاهد‭ ‬البحر‭ ‬والمراكب‭ ‬والطيور‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ ‬تدعوها‭ ‬إلى‭ ‬التأمل‭ ‬بمشاعرها‭ ‬وخيالها‭ ‬وتعشق‭ ‬الطبيعة‭ ‬في‭ ‬سكونها‭ ‬وعنفوانها،‭ ‬في‭ ‬نسائمها‭ ‬الحريرية‭.. ‬وعواصفها‭ ‬الرملية‭ ‬لتعبر‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬أو‭ ‬مدخل‭ ‬لقصيدة‭ ‬بسيطة‭ ‬تغنّيها‭ ‬للقلوب‭ ‬الحزينة‭ ‬الباحثة‭ ‬في‭ ‬الظلام‭ ‬عن‭ ‬نجمة‭ ‬من‭ ‬نور،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الشاعر‭ ‬الإنجليزي‭ ‬الرومانسي‭ ‬وردزورث‭: ‬‮«‬أكبر‭ ‬متعة‭ ‬عندي‭ ‬أن‭ ‬أتأمل‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬الجداول‭ ‬وهي‭ ‬تترقرق‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬الطبيعة،‭ ‬وأشاهد‭ ‬الطيور‭ ‬الأليفة‭ ‬وأسير‭ ‬وحدي‭ ‬أعانق‭ ‬الشجر‭ ‬والورد‭ ‬والنهار‭ ‬المشرق،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬قصة‭ ‬رائعة‮»‬‭.‬

وفاطمة‭ ‬تملك‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬أسر‭ ‬مشاعرك‭.. ‬إذا‭ ‬جلست‭ ‬أمامها‭ ‬بحت‭ ‬لها‭ ‬بكل‭ ‬أسرار‭ ‬حياتك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تدري‭.. ‬في‭ ‬مجلسها‭ ‬عطر‭ ‬يفوح‭.. ‬وقلب‭ ‬ودود‭.. ‬وروح‭ ‬تحتوي‭ ‬كل‭ ‬المعاني‭ ‬الجميلة،‭ ‬فلا‭ ‬تملك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تعترف‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬قلبك‭ ‬أو‭ ‬حياتك‭ ‬من‭ ‬مواجع‭ ‬وآلام‭.‬

وأعتقد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قراءتها‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬الرومانسي،‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تلملم‭ ‬خيوط‭ ‬روايتها‭ ‬الأولى‭ ‬وتنسج‭ ‬أحداث‭ ‬أول‭ ‬رواية‭ ‬لكاتبة‭ ‬كويتية‭ ‬وهي‭ ‬مازالت‭ ‬في‭ ‬السابعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬فظهرت‭ ‬روايتها‭: ‬‮«‬وجوه‭ ‬في‭ ‬الزحام‮»‬‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1971‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬نُسجت‭ ‬تفاصيلها‭ ‬بعفوية‭ ‬كاتبة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬دربة‭ ‬أو‭ ‬خبرة‭ ‬في‭ ‬القص‭ ‬الدرامي‭ ‬فإنها‭ ‬أثارت‭ ‬قضايا‭ ‬كثيرة‭ ‬تتعلق‭ ‬بزواج‭ ‬الشباب‭ ‬الكويتيين‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬اللمحات‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬القومية‭ ‬ومنها‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭.‬

كما‭ ‬تجلت‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬ثقافة‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬البالية‭ ‬بحيث‭ ‬يصبح‭ ‬الرجل‭ ‬هو‭ ‬المسيطر‭ ‬على‭ ‬مصير‭ ‬المرأة‭ ‬وحياتها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬المرأة‭ ‬المظلومة‭ ‬أن‭ ‬تشكو‭ ‬أو‭ ‬ترفض‭ ‬أو‭ ‬تتمرد‭.‬

 

فارس‭ ‬الأحلام

واستطاعت‭ ‬الرواية‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬المتلقي‭ ‬ليتعاطف‭ ‬مع‭ ‬قضية‭ ‬البطلة‭ ‬‮«‬أحلام‮»‬‭ ‬التي‭ ‬فقدت‭ ‬فارس‭ ‬أحلامها‭ ‬بعد‭ ‬انتظار‭ ‬مؤلم‭ ‬وذهبت‭ ‬إلى‭ ‬دروب‭ ‬مسدودة‭.‬‭ ‬وتذكرك‭ ‬الرواية‭ ‬بكتابات‭ ‬إحسان‭ ‬عبدالقدوس‭ ‬في‭ ‬‮«‬الطريق‭ ‬المسدود‮»‬‭ ‬ويوسف‭ ‬السباعي‭ ‬في‭ ‬‮«‬نادية‮»‬‭ ‬ومحمود‭ ‬تيمور‭ ‬في‭ ‬‮«‬سلوى‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح‮»‬،‭ ‬فالتجربة‭ ‬الأدبية‭ ‬كانت‭ ‬تبشر‭ ‬بمولد‭ ‬كاتبة‭ ‬كويتية‭ ‬اكتسبت‭ ‬روايتها‭ ‬دور‭ ‬الريادة‭.‬

وظلت‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬إليه‭ ‬الأديبة‭ ‬فاطمة‭ ‬يوسف‭ ‬العلي‭ ‬لتعبر‭ ‬عن‭ ‬المشاعر‭ ‬الخفية‭ ‬للمرأة‭ ‬وأفكارها‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬بالرجل،‭ ‬وكيف‭ ‬تبدو‭ ‬مثل‭ ‬كائن‭ ‬يقاوم‭ ‬وحيدًا‭ ‬في‭ ‬العراء‭. ‬فهناك‭ ‬عراقيل‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تجتازها‭ ‬وتتغلب‭ ‬على‭ ‬مشكلاتها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬عونًا‭ ‬من‭ ‬شريك‭ ‬حياتها،‭ ‬فكان‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تدين‭ ‬مجتمعا‭ ‬يهمل‭ ‬مشاعر‭ ‬المرأة‭ ‬ويراها‭ ‬ليست‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تابع‭ ‬للرجل‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬ظله‭ ‬وتخضع‭ ‬لسيطرته‭ ‬الغاشمة‭.‬

فجاءت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬وجهها‭ ‬وطن‮»‬‭ (‬1995‭) ‬لتبوح‭ ‬المرأة‭ ‬بمزيج‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬الخوف‭ ‬والألم‭ ‬والعذاب‭ ‬والغيرة‭ ‬والرفض‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يحاصر‭ ‬موقف‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬قديمة‭ ‬وعادات‭ ‬بالية‭. ‬فهل‭ ‬نتصور‭ ‬كيف‭ ‬يقف‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬زوجته‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬نجاحًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬عملها‭ ‬وحياتها‭ ‬ويقرر‭ ‬حرمانها‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬فيه‭ ‬ذاتها؟‭ ‬ربما‭ ‬حقدا‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬غيرة‭ ‬منها،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬فشل‭ ‬كثيرا،‭ ‬وعبَّرت‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬‮«‬سقط‭ ‬سهوا‮»‬‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المجموعة‭.‬

وتطرقت‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬عنوسة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬‮«‬البومة‮»‬‭ ‬ومعاناة‭ ‬القهر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬اقتراف‭ ‬جريمة‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬‮«‬عروس‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬بعد‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬‮«‬يانوم‮»‬‭ ‬صورة‭ ‬واقعية‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬حسي‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬الرحمة‭ ‬والحب‭ ‬والعطف‭ ‬والرقة‭ ‬والحنان‭. ‬ومن‭ ‬أجمل‭ ‬قصص‭ ‬المجموعة‭ ‬‮«‬وجهها‭ ‬وطن‮»‬‭ ‬الرمز‭ ‬يحتل‭ ‬مستوى‭ ‬فنيا‭ ‬ناضجا‭ ‬لتصور‭ ‬لنا‭ ‬مدى‭ ‬تطور‭ ‬موقف‭ ‬المرأة‭ ‬حين‭ ‬يمتد‭ ‬حبها‭ ‬إلى‭ ‬وطنها،‭ ‬وتقف‭ ‬لتناضل‭ ‬ضد‭ ‬جنود‭ ‬الاحتلال‭ ‬الذين‭ ‬زحفوا‭ ‬على‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬1990م‭.‬

 

الكويتية‭ ‬والغزو

أما‭ ‬مجموعتها‭ ‬القصصية‭ ‬‮«‬دماء‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬القمر‮»‬‭ ‬ففيها‭ ‬وثيقة‭ ‬تسجيلية‭ ‬لدور‭ ‬المرأة‭ ‬أثناء‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭. ‬القصص‭ ‬ترسم‭ ‬لك‭ ‬في‭ ‬براعة‭ ‬موقف‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تجلس‭ ‬حزينة‭ ‬تشكو‭ ‬لذاتها‭ ‬حزنها‭ ‬وضياعها،‭ ‬وتحولت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجربة‭ ‬الحرب‭ ‬القاسية‭ ‬إلى‭ ‬مناضلة‭ ‬تقاوم‭ ‬وتشترك‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬المقاومة‭ ‬وتوزيع‭ ‬الطعام‭ ‬ونشر‭ ‬القصائد‭ ‬والتعليمات‭ ‬وتوزيع‭ ‬المنشورات‭. ‬فهي‭ ‬امرأة‭ ‬تجازف‭ ‬بحياتها‭ ‬وتخاطر‭ ‬مثل‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موقف،‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬أثناء‭ ‬الحروب‭ ‬والمحن‭ ‬مؤثرًا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الرجل‭.‬

وفي‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬تاء‭ ‬مربوطة‮»‬‭ ‬2001م‭ ‬قررت‭ ‬فاطمة‭ ‬العلي‭ ‬ألا‭ ‬تتسامح‭ ‬مع‭ ‬الخلل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمفاهيم‭ ‬الخاطئة‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويتقبلها‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مناقشة‭ ‬أو‭ ‬جدال‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تتسم‭ ‬القصص‭ ‬بالاتجاه‭ ‬التحريضي‭ ‬والتمرد‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬المرأة‭ ‬ومحاولات‭ ‬تهميش‭ ‬دورها‭ ‬الحيوي‭ ‬وغلق‭ ‬الأبواب‭ ‬في‭ ‬وجهها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تحقق‭ ‬ذاتها‭ ‬ويكون‭ ‬لها‭ ‬صوت‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬والمجالس‭ ‬الشعبية‭.‬

قررت‭ ‬فاطمة‭ ‬أن‭ ‬تنتقم‭ ‬لصورة‭ ‬أحلام‭ ‬بطلة‭ ‬روايتها‭ ‬الأولى‭ ‬وتشق‭ ‬أمامها‭ ‬دربا‭ ‬من‭ ‬نور‭ ‬العلم‭ ‬وصوت‭ ‬الحرية‭ ‬ورياح‭ ‬التمرد‭ ‬وتسخر‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬‮«‬عندما‭ ‬كان‭ ‬الرجال‭ ‬حريما‭ ‬للسيدة‮»‬،‭ ‬وتطرح‭ ‬الكاتبة‭ ‬تساؤلها‭: ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬للمرأة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأزواج‭ ‬مثلما‭ ‬يُسمح‭ ‬للرجل‭ ‬ذلك؟‭ ‬وبذلك‭ ‬تثير‭ ‬ذهن‭ ‬القارئ‭ ‬بأفكار‭ ‬كثيرة‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬المرأة‭ ‬وحقوقها‭ ‬المهدورة‭ ‬دائمًا‭.‬

عالجت‭ ‬الكاتبة‭ ‬قضايا‭ ‬كثيرة‭ ‬مثل‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬وعنوسة‭ ‬المرأة‭ ‬وظلم‭ ‬الرجل،‭ ‬وتلاشي‭ ‬مشاعر‭ ‬الحب‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الزوجية‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬والبوح‭ ‬ومقاومة‭ ‬انتهازية‭ ‬الرجل‭ ‬وعبثه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬مع‭ ‬النساء‭ ‬بحيث‭ ‬يتزوج‭ ‬ويطلق‭ ‬كأنه‭ ‬يتاجر‭ ‬في‭ ‬أجساد‭ ‬النساء،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحاسبه‭ ‬قانون‭ ‬أو‭ ‬تقاليد‭.‬

ومن‭ ‬أجمل‭ ‬قصص‭ ‬المجموعة‭ ‬‮«‬تاء‭ ‬مربوطة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تجد‭ ‬بطلة‭ ‬القصة‭ ‬أثناء‭ ‬سفرها‭ ‬بالطائرة‭ ‬أن‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تترك‭ ‬مقعدها‭ ‬وتجلس‭ ‬في‭ ‬الخلف،‭ ‬لأن‭ ‬المقاعد‭ ‬الأمامية‭ ‬للرجال‭ ‬فقط‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬اختلاط‭ ‬في‭ ‬الطائرة‭.‬

وتشعر‭ ‬البطلة‭ ‬بالقهر‭ ‬وتنظر‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬فتسمع‭ ‬منهن‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬نصيبنا‭ ‬ماذا‭ ‬نفعل؟‭ ‬ولم‭ ‬تعترض‭ ‬امرأة‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشهد،‭ ‬كلهن‭ ‬صمتن‭ ‬ووافقن‭ ‬دون‭ ‬اعتراض‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬طرح‭ ‬سؤال‭ ‬يتحدى‭ ‬القرار‭ ‬الجائر‭ ‬على‭ ‬المرأة‭.‬

وفي‭ ‬مجموعة‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬سميرة‭ ‬وأخواتها‮»‬‭ ‬تمضي‭ ‬العلي‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬الستار‭ ‬عن‭ ‬عذابات‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية،‭ ‬فهي‭ ‬مازالت‭ ‬تفتقد‭ ‬دورها‭ ‬الطليعي‭ ‬وتواجه‭ ‬أزمات‭ ‬سياسية‭ ‬وإرهابا‭ ‬فكريا‭ ‬وتطرفا‭ ‬دينيا‭ ‬يحاول‭ ‬عزلها‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬وأن‭ ‬تظل‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬بلا‭ ‬قيمة‭ ‬وخادمة‭ ‬للرجل‭. ‬وتطرح‭ ‬فاطمة‭ ‬المرأة‭ ‬بحرية‭ ‬وجرأة‭ ‬وصدق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬ولا‭ ‬توجه‭ ‬الإدانة‭ ‬للرجل‭ ‬وحده،‭ ‬وإنما‭ ‬للأنظمة‭ ‬الديكتاتورية‭ ‬والأفكار‭ ‬الرجعية‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬ومحاولات‭ ‬إقصاء‭ ‬المرأة‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬الحياة‭ ‬حتى‭ ‬تصبح‭ ‬‮«‬الموءودة‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬قصتها‭ ‬القصيرة‭.‬

 

اختراق‭ ‬سياق‭ ‬المألوف

وتؤمن‭ ‬الأديبة‭ ‬فاطمة‭ ‬العلي‭ ‬بأن‭ ‬الإبداع‭ ‬فن‭ ‬التمرد‭ ‬واختراق‭ ‬للسياق‭ ‬المألوف،‭ ‬والقصة‭ ‬القصيرة‭ ‬ثورة‭ ‬ضد‭ ‬فساد‭ ‬الأخلاق‭ ‬وفساد‭ ‬الفكر‭.. ‬والكتابة‭ ‬محاولة‭ ‬لتنوير‭ ‬وإثارة‭ ‬الوعي‭ ‬وتحريضه‭ ‬ضد‭ ‬القهر‭ ‬والكبت‭ ‬وتحريره‭ ‬من‭ ‬أغلال‭ ‬الجهل‭ ‬والتخلف‭ ‬والاستبداد‭ ‬الفكري‭.‬

ولذلك‭ ‬كانت‭ ‬مجموعتها‭ ‬القصصية‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬بقايا‮»‬‭ ‬الصادرة‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬‮«‬همسات‭ ‬حنونة‮»‬‭.. ‬و«دموع‭ ‬دفينة‮»‬‭.. ‬و«تأملات‭ ‬صوفية‮»‬‭.. ‬و«فلسفية‮»‬‭.. ‬و«نظرات‭ ‬حالمة‭ ‬في‭ ‬الآفاق‮»‬‭.. ‬وتوقعات‭ ‬بأن‭ ‬يسقط‭ ‬المطر‭ ‬بعد‭ ‬لحظات‭ ‬غائمة‭. ‬ترسم‭ ‬فيها‭ ‬الكاتبة‭ ‬صورًا‭ ‬عديدة‭ ‬لمواقف‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وكيف‭ ‬تقاوم‭ ‬تحديات‭ ‬وصعابا‭ ‬وكيف‭ ‬ينهار‭ ‬الحب‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬مجرد‭ ‬بقايا‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬النسيان‭.‬

ونلاحظ‭ ‬أن‭ ‬قصص‭ ‬المجموعة‭ ‬أكثر‭ ‬كثافة‭ ‬في‭ ‬التصوير‭ ‬والفكرة‭ ‬تجسد‭ ‬رموزها‭ ‬مع‭ ‬توظيف‭ ‬فني‭ ‬ومستوى‭ ‬عال‭ ‬للحوار‭ ‬والاسترجاع‭ ‬الذهني‭ ‬والمناجاة‭ ‬النفسية‭ ‬والسرد‭ ‬الدقيق‭ ‬لتفاصيل‭ ‬الموقف‭ ‬واللغة‭ ‬الشاعرة،‭ ‬حتى‭ ‬تكاد‭ ‬تقرأ‭ ‬‮«‬القصة‭ ‬القصيدة‮»‬‭ ‬واللغة‭ ‬المحلقة‭ ‬التي‭ ‬تغرف‭ ‬من‭ ‬ينابيع‭ ‬الرومانسية‭ ‬وفيض‭ ‬الأحاسيس‭.‬

وقد‭ ‬ذكرت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬فاطمة‭ ‬العلي‭ ‬شاعرة‭ ‬جميلة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قاصة‭ ‬قديرة،‭ ‬فاقرأ‭ ‬كيف‭ ‬تصبح‭ ‬الكلمات‭ ‬لغة‭ ‬شاعرة‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬‮«‬بنت‮»‬‭:‬

‮«‬لم‭ ‬تصرخ‭ ‬حين‭ ‬استقبلت‭ ‬الدنيا‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬الاكتمال‭.. ‬كان‭ ‬صوتها‭ ‬كصوت‭ ‬كروان‭.. ‬والبسملة‭ ‬دستور‭ ‬عمل‭ ‬وقانون‭ ‬إنجاز‭.. ‬ترمق‭ ‬الريح‭ ‬بنظرة‭ ‬مهدهدة‭ ‬فتنام‭. ‬وحين‭ ‬يصطلي‭ ‬الرابضون‭ ‬بجذوة‭ ‬النهار‭.. ‬تخبو‭ ‬عند‭ ‬قدميها‭ ‬أوردة‭ ‬الشمس‭ ‬الحارقة‭.. ‬تتناثر‭ ‬نسمات‭ ‬للمسير‮»‬‭.‬

واللغة‭ ‬الشاعرة‭ ‬فسرها‭ ‬العقاد‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم‭ ‬قال‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬إنما‭ ‬نريد‭ ‬باللغة‭ ‬الشاعرة‭ ‬أنها‭ ‬لغة‭ ‬بنيت‭ ‬على‭ ‬نسق‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬أصوله‭ ‬الفنية‭ ‬والموسيقية،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬جملتها‭ ‬فن‭ ‬منظوم‭ ‬منسق‭ ‬الأوزان‭ ‬والأصوات‭ ‬لا‭ ‬تنفصل‭ ‬عن‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬كلام‭ ‬تألفت‭ ‬منه‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬كلام‭ ‬الشعراء‮»‬‭.‬

وهناك‭ ‬ملامح‭ ‬صوفية‭ ‬وفلسفية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المجموعة‭ ‬القصصية‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬فطرة‭ ‬الإنسان‭ ‬نحو‭ ‬الخالق‭ ‬وإيمانه‭ ‬الشديد‭ ‬وانسياب‭ ‬روحه‭ ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬باحثة‭ ‬عن‭ ‬أفق‭ ‬من‭ ‬ضياء‭ ‬ودرب‭ ‬من‭ ‬الهدى‭ ‬والصلاح‭. ‬شخصيات‭ ‬تواجه‭ ‬المحن‭ ‬بقلب‭ ‬خاشع‭.. ‬ونفس‭ ‬تغلفها‭ ‬التقوى‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬قصص‭: ‬‮«‬حقيقة‮»‬‭ ‬و‮«‬غزل‮»‬‭ ‬و«براءة‮»‬‭ ‬و«مباغتة‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬بقايا‮»‬‭.‬

أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقرر‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬أن‭ ‬العلي‭ ‬اجتازت‭ ‬مستويات‭ ‬رفيعة‭ ‬خلاقة‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬القص‭ ‬الأدبي،‭ ‬وهذا‭ ‬يأتي‭ ‬بصورة‭ ‬تلقائية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خبرتها‭ ‬الحياتية‭ ‬المنفتحة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬لجنس‭ ‬أو‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬مذهب،‭ ‬وتلك‭ ‬سمات‭ ‬المبدع‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬روحه‭ ‬وأدبه‭, ‬ويقول‭ ‬تولستوي‭:‬‭ ‬‮«‬ما‭ ‬أروع‭ ‬أن‭ ‬تحنو‭ ‬على‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬أو‭ ‬عامل‭ ‬فقير‭ ‬أو‭ ‬ثري‭ ‬بائس‭ ‬بثروته‭ ‬وتفتح‭ ‬قلبك‭ ‬على‭ ‬الكون‭ ‬في‭ ‬تناغم‭ ‬مع‭ ‬آهات‭ ‬الحزانى‭ ‬وأنين‭ ‬الشجر‭ ‬العاري‮»‬‭.‬

 

درس‭ ‬إنساني

وقد‭ ‬تعلمت‭ ‬فاطمة‭ ‬أول‭ ‬درس‭ ‬إنساني‭ ‬منذ‭ ‬طفولتها‭ ‬حين‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬في‭ ‬الكويت‭ ‬القديمة‭ ‬كان‭ ‬البيت‭ ‬في‭ ‬جوار‭ ‬البيت‭ ‬يلاصقه‭ ‬ويحاذيه‭ ‬بيت‭ ‬كويتي‭ ‬لصديق‭ ‬مصري‭ ‬وبيت‭ ‬لصديق‭ ‬سوري‭ ‬وبيت‭ ‬لصديق‭ ‬لبناني‭. ‬كان‭ ‬الشارع‭, ‬كان‭ ‬السوق‭, ‬كانت‭ ‬المدرسة‭, ‬كان‭ ‬الجامع‭, ‬كانت‭ ‬الكنيسة،‭ ‬كانت‭ ‬الأرجاء‭ ‬الكونية‭ ‬كلها‭ ‬تفوح‭ ‬بالعبير‭ ‬العربي‭ ‬وتبوح‭ ‬بالصوت‭ ‬العربي‮»‬‭. ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬فاطمة‭ ‬العلي‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬رسالتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأدب‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬والرواية‭ ‬والشعر‭ ‬والمقال‭ ‬والدراسات‭ ‬وإنما‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والمنتديات‭ ‬والتجمعات‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬لمناصرة‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭.‬

فإذا‭ ‬كانت‭ ‬فاطمة‭ ‬قد‭ ‬امتلكت‭ ‬الريادة‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬الرواية‭, ‬فهي‭ ‬أيضا‭ ‬رائدة‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬التنوير،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دورها‭ ‬المتميز‭ ‬وحضورها‭ ‬المؤثر‭ ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬لتحرير‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬الجهل‭ ‬والخرافات‭ ‬ومقاومة‭ ‬الحصار‭ ‬حولها،‭ ‬حيث‭ ‬تؤكد‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬في‭ ‬مؤتمرات‭ ‬المرأة‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬وهبت‭ ‬فكرها‭ ‬وحياتها‭ ‬لتلك‭ ‬القضايا‭.‬

وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬يوفقني‭ ‬الله‭ ‬وأنجز‭ ‬كتابا‭ ‬خاصا‭ ‬عن‭ ‬إنجازات‭ ‬الأديبة‭ ‬فاطمة‭ ‬العلي‭ ‬ودورها‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬المرأة‭.‬

وقد‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬تجربتها‭ ‬الأدبية‭ ‬عدة‭ ‬كتب‭ ‬منها‭: ‬فاطمة‭ ‬يوسف‭ ‬العلي‭ ‬رائدة‭ ‬الرواية‭ ‬النسوية،‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬حسن‭ ‬حامد،‭ ‬وكتاب‭ ‬آخر‭ ‬أنجزه‭ ‬الأديب‭ ‬محمد‭ ‬جبريل‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬الصوت‭ ‬الهامس‮»‬‭.. ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مئات‭ ‬المقالات‭ ‬والحوارات‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬عنها‭. ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬قد‭ ‬قدمت‭ ‬للقارئ‭ ‬العربي‭ ‬بعض‭ ‬ملامح‭ ‬أديبة‭ ‬اخترقت‭ ‬كل‭ ‬حصار‭, ‬وخرجت‭ ‬من‭ ‬ينابيع‭ ‬الأدب‭ ‬الصادق‭ ‬لتؤكد‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬تشق‭ ‬درب‭ ‬النور‭ ‬وتعلو‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬فكرية‭ ‬وإبداعية‭ ‬عالية‭ .