التدوين العربي في مرحلة ما بعد الثورات

من بين ما اهتمت هذه الزاوية في تسليط الضوء عليه هو محاولة رصد دور المرأة العربية في الحراك الشعبي والانتفاضات والثورات التي شهدتها المنطقة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، من خلال الالتفات إلى الدور الذي لعبته المرأة في الشارع، أي في الميادين خلال الاعتصامات والمسيرات والتظاهرات من جهة، وإلى الدور الفكري والذهني من خلال نشاط التدوين والكتابة، سواء برصد يوميات تلك الفترة، أو من خلال إلقاء الضوء على المدونات التي تناولت أفكار المرأة العربية حول قضاياها في الواقع العربي الراهن، وطبيعة ما تعانيه، والمطالب التي تخصها وتتمنى أن تتحقق بعد الثورات.
والحقيقة أن دور المرأة العربية في الانتفاضات العربية المختلفة كان لافتا من اليوم الأول لاندلاع تلك التظاهرات، سواء كان ذلك في تونس أو مصر أو اليمن أو حتى في سورية في الأيام الأولى للثورة السلمية هناك، وكذلك في البحرين وسواها من أرجاء العالم في المناطق التي شهدت تضامن المرأة العربية مع مثيلاتها من أجل مبادئ العدل والمساواة ودولة القانون.
أعلت صوتها بنداءات العدل، ضد الفساد والقهر، رفعت شعارات المطالبة بالكرامة وحقوق الإنسان، وواجهت عصي العسكر وهراواتهم وطلقات النار، واستُشهدت مع من استشهدوا من الثوار الذين سالت دماؤهم من أجل مستقبل أفضل لهم ولأوطانهم.
ومن جانبهم، تعامل الثوار مع الثائرات بوصفهن شريكات الوطن والمستقبل. هكذا نقلت شاشات المحطات الفضائية، العربية والأجنبية، والصحف ووسائل الإعلام الإلكترونية صورة المرأة العربية، شريكة رئيسة في مشهد الثورة ومطالبات الجماهير بالتغيير والسعي لمستقبل أفضل.
ومع ذلك، ففي الواقع اليومي العربي، هناك العديد من الممارسات التي تتناقض مع هذه الصورة، والتي تعددت أمثلتها في مشاهد عدة، مثل رفض بعض التيارات ذات الطابع الديني حق المرأة في الترشح للرئاسة مثلا، أو ادعاءات بعض الشخصيات العامة وتقولهم على ما يمس الشرف للثائرات، وبينهم رؤساء ممن يواجهون هتافات الجماهير ومطالباتهم بالتنحي، أو ممارسات بثت وسائل الإعلام العالمية تقارير بشأنها، وفقا لشهادات حية عن اختبارات عذرية أجريت على المشاركات في التظاهرات في مصر، إضافة إلى ما تتداوله الصحافة ووسائل الإعلام من قضايا تمس فكرة المساواة، مثل ظاهرة التحرش الجنسي المقيتة، واجتراء رجال بلا نخوة على السيدات في الشارع والطريق لمجرد أنهن «إناث».
كما ألقت هذه الزاوية الضوء على عدد من المدونات العربيات وبينهن المدونة اليمنية أفراح ناصر، التي كانت لها تجربة مهمة في تسجيل العديد من الانتهاكات التي تتعرض لها الفتاة اليمنية ونالت الاهتمام بشكل كبير.
واليوم تستضيف هذه الزاوية مقالا للمدونة والكاتبة أفراح ناصر، تلقي فيه الضوء على أول نشاط دولي من نوعه عرف باسم «اليوم العالمي الأول للمدونات»، الذي عقد في المكسيك على هامش مهرجان سينمائي مختص بحقوق الإنسان في
العالم.