المخطوطات العربية في المكتبات الإيطالية

المخطوطات العربية  في المكتبات الإيطالية

على‭ ‬مدى‭ ‬عهود،‭ ‬حصل‭ ‬تدفق‭ ‬للمخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬باتجاه‭ ‬أصقاع‭ ‬شتى،‭ ‬بطرق‭ ‬متنوعة،‭ ‬مشروعة‭ ‬وغير‭ ‬مشروعة،‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬مكتبة‭ ‬من‭ ‬مكتبات‭ ‬كبريات‭ ‬المدن‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬حيازة‭ ‬قسط‭ ‬من‭ ‬ذخائر‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭. ‬وقد‭ ‬أشاع‭ ‬المخطوط‭ ‬العربي‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة‭ ‬معارف‭ ‬جليلة‭ ‬في‭ ‬لغات‭ ‬عدة‭ ‬بشكل‭ ‬قلّ‭ ‬نظيره‭. ‬فالمخطوطات‭ ‬المهاجرة‭ ‬أو‭ ‬المهجَّرة‭ ‬تُعَدُّ‭ ‬بالألوف،‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬الذكر‭ ‬يتجمع‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬وحدها‭ ‬6835‭ ‬مخطوطا‭ ‬عربيا،‭ ‬وبما‭ ‬يفوق‭ ‬7000‭ ‬مخطوط‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬برلين‭ ‬بألمانيا،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقسط‭ ‬ضئيل‭ ‬فحسب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكمّ‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الثروة‭ ‬الثقافية،‭ ‬التي‭ ‬أضحت‭ ‬ثروة‭ ‬عالمية،‭ ‬تمت‭ ‬دراسته‭ ‬وفهرسته‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬نشره‭.‬

تحوز‭ ‬إيطاليا،‭ ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬سائر‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬نصيبا‭ ‬معتبرا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الثروة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المخطوطات‭ ‬لاتزال‭ ‬شبه‭ ‬مطمورة‭ ‬أو‭ ‬مشتتة،‭ ‬لأسباب‭ ‬تاريخية‭ ‬وموضوعية‭ ‬تعيشها‭ ‬الدراسات‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬سنحاول‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬ملامحها‭ ‬ضمن‭ ‬حديثنا‭. ‬فمع‭ ‬حلول‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬الدويلات‭ ‬المتناثرة‭ ‬فوق‭ ‬التراب‭ ‬الإيطالي‭ ‬أولى‭ ‬مساعي‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالآداب‭ ‬والحضارتين‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬أوربا‭. ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬دراسة‭ ‬المخطوطات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالشرق،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هولندا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وإنجلترا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والنمسا،‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬وأواخر‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر،‭ ‬لم‭ ‬تواكبه‭ ‬التطورات‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬أقلها‭ ‬حظا‭ ‬في‭ ‬نيل‭ ‬دراسة‭ ‬ضافية‭.‬

فقد‭ ‬حصلت‭ ‬بمناسبة‭ ‬انعقاد‭ ‬مجمع‭ ‬فلورنسا‭ ‬سنة‭ ‬1441م‭ ‬أولى‭ ‬عمليات‭ ‬تجميع‭ ‬المخطوطات‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مكتبة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬في‭ ‬روما،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مكتبة‭ ‬ميديشيا‭ ‬لاورينسيانا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬فلورنسا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬استجلبه‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬مسيحية‭ ‬رجالُ‭ ‬دين‭ ‬مشارقة،‭ ‬قدِموا‭ ‬من‭ ‬الإسكندرية‭ ‬وبيت‭ ‬المقدس‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬أشغال‭ ‬المجمع‭.‬

ثم‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬لاحقة،‭ ‬تطور‭ ‬تعقّب‭ ‬المخطوطات‭ ‬مع‭ ‬تدشين‭ ‬مطبعة‭ ‬ميديشيا‭ ‬في‭ ‬فلورنسا‭ (‬1584‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬ترويج‭ ‬الكتاب‭ ‬العربي‭ ‬المطبوع‭ ‬في‭ ‬المشرق،‭ ‬فنشطت‭ ‬عمليات‭ ‬التجميع‭ ‬والتوريد‭ ‬للمخطوطات‭ ‬لاستخدامها‭ ‬للغرض‭. ‬كانت‭ ‬أولى‭ ‬نسخ‭ ‬المخطوطات‭ ‬التي‭ ‬حازتها‭ ‬المطبعة،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يورد‭ ‬مؤلف‭ ‬‮«‬طريق‭ ‬الحروف‭... ‬مطبعة‭ ‬ميديشيا‭ ‬بين‭ ‬روما‭ ‬والمشرق‮»‬‭ ‬حديث‭ ‬الصدور‭ (‬2012‭)‬،‭ ‬متأتيةً‭ ‬مما‭ ‬وهبه‭ ‬البطريرك‭ ‬السرياني‭ ‬المقيم‭ ‬في‭ ‬روما‭ ‬إثناسيوس‭ ‬نعمة‭ ‬الله‭ (‬ت‭. ‬1587م‭)‬،‭ ‬من‭ ‬مخطوطات‭ ‬عن‭ ‬أسرار‭ ‬الكون،‭ ‬وعلم‭ ‬الفلك،‭ ‬وعلم‭ ‬الهيئة،‭ ‬وأخرى‭ ‬لاهوتية؛‭ ‬وكذلك‭ ‬ما‭ ‬تأتَّى‭ ‬بواسطة‭ ‬الأخوين‭ ‬فيكييتي‭ ‬اللذين‭ ‬عُهِد‭ ‬إليهما‭ ‬اقتناء‭ ‬المخطوطات‭ ‬من‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وقد‭ ‬كانا‭ ‬يجوبان‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬وفارس‭ ‬والهند‭ ‬بقصد‭ ‬التجارة‭. ‬وبالفعل‭ ‬ترافق‭ ‬المقصد‭ ‬التجاري‭ ‬مع‭ ‬الغرض‭ ‬الديني،‭ ‬فقد‭ ‬لقي‭ ‬المشروع‭ ‬ترحيبا‭ ‬لدى‭ ‬البابا‭ ‬غريغوريوس‭ ‬الثالث‭ ‬عشر،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬حرص‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬كسب‭ ‬ودّ‭ ‬نصارى‭ ‬المشرق‭ ‬بغرض‭ ‬جلبهم‭ ‬إلى‭ ‬أحضان‭ ‬روما،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬الجامحة‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬السبل‭ ‬الملائمة‭ ‬لتنصير‭ ‬المحمّديين‭. ‬وتُقدَّر‭ ‬ذخائر‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬ميديشيا‭ ‬لاورينسيانا‭ ‬في‭ ‬الراهن‭ ‬بأربعمائة‭ ‬وثلاثين‭ ‬مخطوطا‭.‬

لكن‭ ‬على‭ ‬العموم،‭ ‬تبقى‭ ‬عمليات‭ ‬التجميع‭ ‬والتوريد‭ ‬المبكرة‭ ‬للمصنفات‭ ‬العربية‭ ‬حاصلة‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬مبادرات‭ ‬فردية‭ ‬وبدوافع‭ ‬ذاتية‭. ‬ومن‭ ‬المهتمين‭ ‬الإيطاليين‭ ‬الأوائل‭ ‬بالمخطوطات‭ ‬العربية،‭ ‬ممن‭ ‬لعبوا‭ ‬دورا‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬جلب‭ ‬المصنفات‭ ‬العربية‭ ‬نحو‭ ‬إيطاليا،‭ ‬نذكر‭ ‬لويجي‭ ‬فرديناندو‭ ‬مرسيليي‭ (‬1658-1730‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬رحالة‭ ‬وتاجر‭ ‬سلاح،‭ ‬اغتنم‭ ‬القلاقل‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬حصار‭ ‬العاصمة‭ ‬المجرية‭ ‬بودابست‭ (‬1686‭) ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬459‭ ‬مخطوطا‭ ‬عربيا‭ ‬ويقوم‭ ‬بترحيلها‭ ‬نحو‭ ‬إيطاليا‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيشكل‭ ‬الذخيرة‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬الجامعية‭ ‬لمدينة‭ ‬بولونيا‭. ‬كما‭ ‬نجد‭ ‬أحد‭ ‬نبلاء‭ ‬البندقية،‭ ‬ياكوبو‭ ‬ناني‭ (‬1725-1797‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬أميرال‭ ‬وجامع‭ ‬تحف،‭ ‬استطاع‭ ‬أثناء‭ ‬تردده‭ ‬على‭ ‬السواحل‭ ‬التونسية‭ ‬والليبية‭ ‬تجميع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية؛‭ ‬وكذلك‭ ‬الأديب‭ ‬واللغوي‭ ‬والمترجم‭ ‬إميليو‭ ‬تيزا‭ (‬1831-1912‭) ‬الذي‭ ‬اشتغل‭ ‬حافظ‭ ‬مكتبة‭ ‬مارشيانا‭ ‬في‭ ‬البندقية‭. ‬وتُعزى‭ ‬إلى‭ ‬هذين‭ ‬الأخيرين‭ ‬معظم‭ ‬النصوص‭ ‬الشرقية‭ ‬القديمة‭ ‬المودعة‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬مارشيانا،‭ ‬والبالغ‭ ‬عددها‭ ‬مائة‭ ‬وستة‭ ‬مخطوطات‭ ‬عربية‭. ‬أيضا‭ ‬لعب‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬روموالدو‭ ‬تيكو‭ (‬1802-1867‭)‬،‭ ‬من‭ ‬إقليم‭ ‬بييمونته‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إيطاليا،‭ ‬دورا‭ ‬مهمّا‭ ‬في‭ ‬جلب‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬وتجميعها،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمير‭ ‬ليوني‭ ‬كايطاني‭ (‬1869-1935‭) ‬الذي‭ ‬تبرع‭ ‬بجملة‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬لفائدة‭ ‬مكتبة‭ ‬أكاديمية‭ ‬لينشيه‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬روما‭. ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬جوسيبي‭ ‬كابروتي‭ ‬الذي‭ ‬سنفرد‭ ‬له‭ ‬حيزا‭ ‬خاصا،‭ ‬نظرا‭ ‬لدوره‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬جلب‭ ‬المخطوطات‭ ‬اليمنية‭.‬

 

جوسيبّي‭ ‬كابروتّي‭ ‬والمخطوطات‭ ‬اليمنية

يُقدّر‭ ‬عدد‭ ‬المخطوطات‭ ‬اليمنية‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬بثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬وثلاثمائة‭ ‬مخطوط،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬يبقى‭ ‬دائما‭ ‬متواضعا‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬كمّ‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬الهائل‭ ‬المتأتي‭ ‬من‭ ‬فضاءات‭ ‬أخرى‭ ‬والموزَّع‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المكتبات‭ ‬الغربية‭. ‬حاز‭ ‬جوسيبي‭ ‬كابْروتّي‭ ‬نصيب‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬ترحيل‭ ‬المخطوطات‭ ‬اليمنية‭ ‬نحو‭ ‬إيطاليا،‭ ‬فقد‭ ‬رحّل‭ ‬بمفرده‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلثي‭ ‬المخطوطات،‭ ‬وهو‭ ‬تاجر‭ ‬شغف‭ ‬بتجميع‭ ‬الكتب‭ ‬القديمة‭ ‬واقتناء‭ ‬التحف،‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬الدور‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬معظم‭ ‬المصنفات‭ ‬اليمنية‭ ‬الموجودة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬وفي‭ ‬إمارة‭ ‬موناكو،‭ ‬ولم‭ ‬يجر‭ ‬حصر‭ ‬دقيق‭ ‬لما‭ ‬رحّله‭ ‬أيضا‭ ‬باتجاه‭ ‬بقاع‭ ‬أوربية‭ ‬أخرى،‭ ‬ولاسيما‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أعوان‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬عدّة‭. ‬تورد‭ ‬الباحثة‭ ‬فالنتينا‭ ‬ساغاريا‭ ‬روسّي‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬فهرسة‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬المودعة‭ ‬في‭ ‬المكتبات‭ ‬الإيطالية‮»‬‭ ‬ضمن‭ ‬مؤلَّف‭ ‬‮«‬المطبوعات‭ ‬الإيطالية‮»‬‭ (‬2000‭)‬،‭ ‬أن‭ ‬وصول‭ ‬جوسيبي‭ ‬كابروتي‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬الحديِّدة‭ ‬اليمنية‭ ‬كان‭ ‬سنة‭ ‬1885،‭ ‬ثم‭ ‬استقر‭ ‬به‭ ‬المقام‭ ‬في‭ ‬صنعاء‭. ‬مكث‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود،‭ ‬وكان‭ ‬أثناء‭ ‬تلك‭ ‬السنوات‭ ‬يستقبل‭ ‬المبشرين‭ ‬والرحالة‭ ‬الذين‭ ‬ينزلون‭ ‬أرض‭ ‬اليمن،‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الجنسيات‭ ‬الغربية،‭ ‬مسديا‭ ‬لهم‭ ‬المعونة‭ ‬والمشورة‭ ‬ولاسيما‭ ‬للوافدين‭ ‬الجدد‭. ‬جمّع‭ ‬كابروتي‭ ‬طوال‭ ‬إقامته‭ ‬كمّا‭ ‬وفيرا‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬اليمنية،‭ ‬تمّ‭ ‬ترحيلها‭ ‬لاحقا‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬خلسة‭ ‬نحو‭ ‬ميلانو‭ ‬لغرض‭ ‬تجاري‭ ‬ربحي،‭ ‬مستعينا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بالنمساوي‭ ‬إدوارد‭ ‬غلاسر‭. ‬فقد‭ ‬شحن‭ ‬قرابة‭ ‬الستين‭ ‬صندوقا‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬حوَتْ‭ ‬ما‭ ‬يربو‭ ‬على‭ ‬1800‭ ‬مخطوط‭. ‬وهي‭ ‬القسط‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬المهرَّبة‭ ‬قبل‭ ‬مغادرة‭ ‬كابروتي‭ ‬اليمن‭. ‬لم‭ ‬تحل‭ ‬سنة‭ ‬1909‭ ‬حتى‭ ‬كان‭ ‬1610‭ ‬مخطوطات‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬كابروتي‭ ‬ضمن‭ ‬ذخائر‭ ‬مكتبة‭ ‬أمبروزيانا‭. ‬ليضاف‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬1914‭ ‬مائتان‭ ‬وخمسون‭ ‬مخطوطا‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬كابروتي‮»‬‭ ‬وردت‭ ‬إلى‭ ‬أمبروزيانا‭ ‬بواسطة‭ ‬السيناتور‭ ‬لوكا‭ ‬بلترامي،‭ ‬وهكذا‭ ‬بات‭ ‬بحوزة‭ ‬المكتبة‭ ‬2040‭ ‬مخطوطا‭ ‬وردت‭ ‬جميعها‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭.‬

وحين‭ ‬أزمع‭ ‬كابروتي‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬النهائية‭ ‬إلى‭ ‬بلده،‭ ‬كانت‭ ‬لاتزال‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬بضع‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬اليمنية‭ ‬قدّرت‭ ‬بمائتين‭ ‬وثمانين‭ ‬مخطوطا،‭ ‬تم‭ ‬اقتناؤها‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬لاحقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مكتبة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬البابا‭ ‬الجديد‭ ‬حينها‭ ‬بيوس‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭.‬

ووِفْق‭ ‬ما‭ ‬تورده‭ ‬الباحثة‭ ‬أريانه‭ ‬دوتوني‭ ‬في‭ ‬مؤلفها‭ ‬‮«‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬اليمنية‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬منشورات‭ ‬جامعة‭ ‬روما‭ ‬2006،‭ ‬فإن‭ ‬جميع‭ ‬نسخ‭ ‬المخزون‭ ‬اليمني،‭ ‬في‭ ‬مكتبتي‭ ‬أمبروزيانا‭ ‬والفاتيكان،‭ ‬تتراوح‭ ‬تواريخها‭ ‬بين‭ ‬القرنين‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬والخامس‭ ‬عشر‭. ‬ولئن‭ ‬كانت‭ ‬المصنفات‭ ‬واردة‭ ‬من‭ ‬اليمن‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬ليست‭ ‬مصنَّفة‭ ‬في‭ ‬اليمن‭. ‬وتُقدَّر‭ ‬المخطوطات‭ ‬التي‭ ‬جلبها‭ ‬كابروتي‭ ‬بألفين‭ ‬ومائتي‭ ‬مخطوط،‭ ‬وهي‭ ‬موزعة‭ ‬بين‭ ‬حاضرة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬وميلانو‭ ‬وإمارة‭ ‬موناكو‭.‬

المخطوطات‭ ‬العربية‭... ‬ الملامح‭ ‬والتوزّع‭ ‬والفهارس

تمثل‭ ‬اليمن‭ ‬وسورية‭ ‬ومصر‭ ‬وبلاد‭ ‬الغرب‭ ‬الإسلامي‭ ‬–‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬الأندلس‭ - ‬الفضاءات‭ ‬الرئيسة‭ ‬التي‭ ‬تأتّى‭ ‬منها‭ ‬مخزون‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭. ‬وهي‭ ‬تتوزع‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬على‭ ‬مائتين‭ ‬وتسع‭ ‬وأربعين‭ ‬مكتبة‭ ‬ونقطة‭ ‬تخزين‭ ‬للكتب،‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬سبع‭ ‬وأربعين‭ ‬مدينة‭. ‬ويتجمع‭ ‬ثلثا‭ ‬تلك‭ ‬المخطوطات‭ ‬في‭ ‬مكتبتين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتقاسم‭ ‬البقية‭ ‬سائر‭ ‬المكتبات‭. ‬ووفْق‭ ‬بحث‭ ‬يغطي‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬بين‭ ‬1921‭ ‬و1970‭ ‬أجراه‭ ‬المستشرق‭ ‬ريناتو‭ ‬ترايني‭ ‬خلال‭ ‬مطلع‭ ‬السبعينيات،‭ ‬نُشر‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬ذخائر‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‮»‬،‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬المخطوطات‭ ‬التي‭ ‬شملها‭ ‬الاستقصاء‭ ‬6798‭ ‬مخطوطا‭. ‬وهذا‭ ‬العدد‭ ‬سيتخطى‭ ‬الثمانية‭ ‬آلاف‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬أضفنا‭ ‬إليه‭ ‬مخطوطات‭ ‬الكاهن‭ ‬السرياني‭ ‬الحلبي‭ ‬بولس‭ ‬سباط‭ (‬1887-1946‭) ‬التي‭ ‬أودعها‭ ‬مكتبة‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬والبالغ‭ ‬عددها‭ ‬1325‭ ‬مخطوطا‭.‬

 

مكتبتا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬وأمبروزيانا

بشكل‭ ‬متفرد‭ ‬تُعَدّ‭ ‬المكتبة‭ ‬الرسولية،‭ ‬المعروفة‭ ‬بمكتبة‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬الأكثر‭ ‬ثراء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬احتضانها‭ ‬للمخطوط‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭. ‬فهي‭ ‬تضم‭ ‬2217‭ ‬مخطوطا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬المخطوطات‭ ‬المسيحية‭ ‬العربية‭. ‬وهي‭ ‬ذخائر‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الأهمية‭ ‬لاتزال‭ ‬خارج‭ ‬الحصر،‭ ‬لعل‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬ما‭ ‬منحه‭ ‬الكردينال‭ ‬إغناطيوس‭ ‬جبرائيل‭ ‬تبوني‭ ‬بطريرك‭ ‬أنطاكية‭ ‬للسريان،‭ ‬بين‭ ‬العامين‭ ‬1935‭ ‬و1937‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أوردت‭ ‬بشأنه‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬لوسّرْفاتوري‭ ‬رومانو‮»‬‭ (‬صحيفة‭ ‬الفاتيكان‭) ‬خبرا،‭ ‬بتاريخ
28‭ ‬أكتوبر‭ ‬1937،‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬الهبة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬الكردينال‭ ‬تبوني‭ ‬تمت‭ ‬بمراعاة‭ ‬التراتيب‭ ‬القانونية‭.‬

وتتوزع‭ ‬النصوص‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المكتبة‭ ‬على‭ ‬مجموعات‭ ‬عدة‭: ‬الفاتيكانية‭ ‬العربية‭ ‬والبربرينية‭ ‬الشرقية‭ ‬والبورجيانية‭ ‬العربية‭ ‬والروسّيانية،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬المخطوطات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إدراجها‭ ‬حديثا‭ ‬عقب‭ ‬الهبة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬بها‭ ‬رجل‭ ‬الدين‭ ‬الحلبي‭ ‬بولس‭ ‬سباط‭.‬

تولى‭ ‬جورجيو‭ ‬ليفي‭ ‬ديلاّ‭ ‬فيدا‭ ‬مهام‭ ‬جرد‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬ونشر‭ ‬عقب‭ ‬ذلك‭ ‬فهرسين،‭ ‬الأول‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬فهرس‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الفاتيكان‮»‬‭ ‬ج‭: ‬1،‭ ‬صدر‭ ‬سنة‭ ‬1935‭ ‬وضم‭ ‬1152‭ ‬مصنفا،‭ ‬واحتوى‭ ‬الفهرس‭ ‬الثاني،‭ ‬المنشور‭ ‬سنة‭ ‬1965،‭ ‬على‭ ‬276‭ ‬مصنفا،‭ ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬مجمل‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تولى‭ ‬ديلا‭ ‬فيدا‭ ‬دراستها‭ ‬1428‭ ‬عملا‭.‬

أما‭ ‬مكتبة‭ ‬أمبروزيانا‭ ‬في‭ ‬ميلانو،‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الثاني‭ ‬بعد‭ ‬مكتبة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬احتضانها‭ ‬للمخطوط‭ ‬العربي،‭ ‬فهي‭ ‬تضم‭ ‬على‭ ‬رفوفها‭ ‬2040‭ ‬مخطوطا‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬كابروتي‭ ‬اللومباردي،‭ ‬الذي‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭. ‬وتتكون‭ ‬ذخائر‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المكتبة‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشر،‭ ‬ونصوص‭ ‬دينية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مصنفات‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬والأدب‭ ‬واللغة‭ ‬وعلم‭ ‬الحساب‭ ‬وعلم‭ ‬التنجيم‭ ‬وعلوم‭ ‬الطبيعة‭. ‬هذا‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬تبرع‭ ‬بها‭ ‬المستعرب‭ ‬اللومباردي‭ ‬أوجينيو‭ ‬غريفيني‭ (‬1878-1925‭).‬

ومنذ‭ ‬سنة‭ ‬1905،‭ ‬اشتغل‭ ‬غريفيني‭ ‬على‭ ‬ذخائر‭ ‬أمبروزيانا‭ ‬الجديدة‭ ‬حتى‭ ‬رحيله‭. ‬تخللتها‭ ‬سنوات‭ ‬عمل‭ ‬فيها‭ ‬حافظ‭ ‬مكتبة‭ ‬فؤاد‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭. ‬وقد‭ ‬توقّف‭ ‬غريفيني‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بلغ‭ ‬جرد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسمائة‭ ‬مخطوط،‭ ‬بما‭ ‬يقارب‭ ‬ربع‭ ‬ذخائر‭ ‬أمبروزيانا،‭ ‬ليتولى‭ ‬بعده‭ ‬السويدي‭ ‬أوسكار‭ ‬لوفرغين،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬ريناتو‭ ‬ترايني،‭ ‬إتمام‭ ‬فهرسة‭ ‬مخطوطات‭ ‬أمبروزيانا‭. ‬نُشر‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬فهرس‭ ‬أمبروزيانا‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬فهرس‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬أمبروزيانا‮»‬‭ ‬سنة‭ ‬1975،‭ ‬وقد‭ ‬ضم‭ ‬356‭ ‬مصنفا‭ ‬من‭ ‬حصيلة‭ ‬المخطوطات‭ ‬القديمة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬لتتوالى‭ ‬الأجزاء‭ ‬الأخرى‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬ضم‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الفهرس‭ ‬830‭ ‬مصنفا،‭ ‬ثم‭ ‬الجزء‭ ‬الثالث‭ ‬وقد‭ ‬ضم‭ ‬465‭ ‬مصنفا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬رابع‭ ‬هو‭ ‬بصدد‭ ‬الإنجاز،‭ ‬ويُنتَظر‭ ‬كذلك‭ ‬خامس‭ ‬ليشمل‭ ‬الفهارس‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭.‬

 

جرد‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية

ضمن‭ ‬العناية‭ ‬بالمخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬الفهارس‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬أُنجِزت‭ ‬فهرس‭ ‬المستشرق‭ ‬كارلو‭ ‬ألفونسو‭ ‬نالينو‭ ‬لفائدة‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬تورينو،‭ ‬وقد‭ ‬ضمّ‭ ‬109‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬الإسلامية‭. ‬وقد‭ ‬بات‭ ‬هذا‭ ‬الفهرس‭ -‬مع‭ ‬الأسف‭ - ‬خارج‭ ‬الاستعمال‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الحريق‭ ‬الذي‭ ‬شبّ‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬سنة‭ ‬1904‭ ‬والتهم‭ ‬قسما‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬الشرقية‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬–اثنان‭ ‬وعشرون‭ ‬مخطوطا‭ - ‬وما‭ ‬اقتني‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬لاحقة‭ ‬للحريق‭ ‬–‭ ‬خمسة‭ ‬وأربعون‭ ‬مخطوطا‭ - (‬ذخائر‭ ‬لانزوني‭)‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مخطوطات‭ ‬أخرى‭ ‬تركية‭ ‬وفارسية،‭ ‬تولى‭ ‬المستشرق‭ ‬سرجو‭ ‬نويا‭ ‬فحص‭ ‬تلك‭ ‬المخطوطات،‭ ‬ونشرت‭ ‬ضمن‭ ‬‮«‬فهرس‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬والفارسية‭ ‬والتركية‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬بتورينو‮»‬‭ (‬1974‭). ‬غدا‭ ‬فهرس‭ ‬نالينو‭ ‬وثيقة‭ ‬إخبارية‭ ‬عن‭ ‬قسم‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬التالفة،‭ ‬وضمن‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬أحصى‭ ‬ريناتو‭ ‬ترايني‭ ‬أربعة‭ ‬وخمسين‭ ‬مخطوطا‭ ‬عربيا‭.‬

كما‭ ‬تُعَدّ‭ ‬مكتبة‭ ‬أكاديمية‭ ‬لينشيه‭ ‬الوطنية‭ ‬مستودعا‭ ‬مهمّا‭ ‬لنفائس‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬روما،‭ ‬حيث‭ ‬تَعُدّ‭ ‬قائمة‭ ‬المصنفات‭ ‬العربية‭ ‬اثنين‭ ‬وثمانين‭ ‬مخطوطا‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬تلك‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬مجموعات‭ ‬كورسيني‭ ‬وأكاديميكا‭ ‬وكايطاني،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬خمسة‭ ‬وسبعين‭ ‬مخطوطا‭ ‬حديثة‭ ‬الاقتناء،‭ ‬تولى‭ ‬ريناتو‭ ‬ترايني‭ ‬جردها‭ ‬في‭ ‬بحث‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬الواردة‭ ‬حديثا‭ ‬على‭ ‬مؤسسة‭ ‬كايطاني‮»‬‭ ‬منشور‭ ‬سنة‭ ‬1967،‭ ‬ضم‭ ‬خمسة‭ ‬وسبعين‭ ‬عملا‭ ‬منها‭ ‬ثلاثة‭ ‬وستون‭ ‬مصنفا‭ ‬يمنيا،‭ ‬وخمسة‭ ‬وردت‭ ‬من‭ ‬إتوري‭ ‬روسي‭ (‬سنة‭ ‬1938‭)‬،‭ ‬والثمانية‭ ‬الأخرى‭ ‬تم‭ ‬اقتناؤها‭ ‬من‭ ‬الدكتور‭ ‬شيزري‭ ‬أنسالدي،‭ ‬الذي‭ ‬عمل‭ ‬ضمن‭ ‬فريق‭ ‬البعثة‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬مطلع‭ ‬الأربعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

كما‭ ‬تحصي‭ ‬الباحثة‭ ‬أريانّه‭ ‬دوتوني‭ ‬أربعة‭ ‬وثمانين‭ ‬مخطوطا‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الكتب‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬روما،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬بحث‭ ‬صادر‭ ‬لها‭ ‬سنة‭ ‬2002،‭ ‬سبعة‭ ‬وثلاثون‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المخطوطات‭ ‬مدرجة‭ ‬في‭ ‬فهرس‭ ‬المكتبة‭. ‬وهي‭ ‬مخطوطات‭ ‬متنوعة‭ ‬الأغراض‭: ‬نحوٌ،‭ ‬وأدعية،‭ ‬ونصوص‭ ‬لاهوتية،‭ ‬ونصوص‭ ‬أدبية،‭ ‬وقواميس‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يوجد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬المتناثرة‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬في‭ ‬مكتبات‭ ‬تابعة‭ ‬للمحافظات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مكتبات‭ ‬جامعية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬المائة‭ ‬مخطوط‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬نابولي،‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬واحدا‭ ‬وعشرين‭ ‬مخطوطا‭ ‬مسيحيا‭ ‬مدونة‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬عربية‭ ‬مشوبة‭ ‬بالعامية‮»‬‭ ‬سواء‭ ‬منها‭ ‬اللبنانية‭ ‬أو‭ ‬المصرية؛‭ ‬أو‭ ‬كشأن‭ ‬المائتي‭ ‬مخطوط‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الأورينتالي‭ ‬في‭ ‬نابولي؛‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مكتبات‭ ‬خاصة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أديرة‭ ‬للرهبان‭. ‬فمثلا‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ (‬رق‭: ‬6‭-‬7‭-‬8‭-‬10‭) ‬المدرجة‭ ‬ضمن‭ ‬فهرس‭ ‬كارلو‭ ‬ألفونسو‭ ‬نالينو،‭ ‬الذي‭ ‬أُعِدّ‭ ‬لفائدة‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬تورينو،‭ ‬واردة‭ ‬من‭ ‬مكتبة‭ ‬دير‭ ‬القديس‭ ‬توما‭ ‬الأكويني‭. ‬وبما‭ ‬يشبه‭ ‬ذلك‭ ‬ينسحب‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬المخطوطات‭ ‬القبطية‭ ‬الستة‭ ‬المدرجة‭ ‬في‭ ‬الفهرس،‭ ‬فهي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬القنصل‭ ‬البيومنتي‭ ‬برناردو‭ ‬دروفيتي‭.‬

وفي‭ ‬بحث‭ ‬ريناتو‭ ‬ترايني‭ ‬‮«‬ذخائر‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه،‭ ‬نجد‭ ‬قائمة‭ ‬مطولة‭ ‬بالمكتبات‭ ‬الإيطالية‭ ‬وبأعداد‭ ‬المخطوطات‭ ‬فيها،‭ ‬من‭ ‬التي‭ ‬تُعَدّ‭ ‬مخطوطاتها‭ ‬العربية‭ ‬بالمئات‭ ‬إلى‭ ‬التي‭ ‬بحوزتها‭ ‬نسخة‭ ‬وحيدة‭.‬

 

مخطوطات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم

تُصنَّف‭ ‬مخطوطات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬ضمن‭ ‬النفائس‭ ‬النادرة‭ ‬في‭ ‬ذخائر‭ ‬هذه‭ ‬المكتبة،‭ ‬ويبلغ‭ ‬عددها‭ ‬مائة‭ ‬وأربعة‭ ‬وأربعين‭ ‬مخطوطا‭ ‬متباينة‭ ‬الأحجام،‭ ‬وهي‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬مجموعات‭ ‬مختلفة‭: ‬93‭ ‬منها‭ ‬فاتيكانية‭ - ‬عربية،‭ ‬و28‭ ‬بورجيانية‭ - ‬عربية،‭ ‬وواحد‭ ‬بورجياني‭ - ‬تركي،‭ ‬و14‭ ‬بربرينية‭ - ‬شرقية،‭ ‬وأربع‭ ‬روسّيانية،‭ ‬وثلاثة‭ ‬فاتيكانية‭ - ‬تركية،‭ ‬وواحد‭ ‬فاتيكاني‭ - ‬عبري‭. ‬وإلى‭ ‬الثلاثة‭ ‬والتسعين‭ ‬من‭ ‬المجموعة‭ ‬الفاتيكانية‭ ‬أضيفت‭ ‬مخطوطات‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬تنل‭ ‬حظا‭ ‬كافيا‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬نسخ‭ ‬مخطوطات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬سائر‭ ‬مكتبات‭ ‬العاصمة‭ ‬روما‭ ‬إحدى‭ ‬وسبعين‭ ‬نسخة‭ ‬وهي‭ ‬تتوزع‭ ‬كالتالي‭:‬

مكتبة‭ ‬كازاناتينسي‭ ‬وهي‭ ‬تضم‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مخطوطات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬روما‭ (‬واحد‭ ‬وثلاثون‭ ‬مخطوطا‭).‬

مكتبة‭ ‬أكاديمية‭ ‬لينشيه‭ ‬الوطنية‭ (‬ثمانية‭ ‬عشر‭ ‬مخطوطا‭).‬

دار‭ ‬الكتب‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬روما‭ (‬ثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬مخطوطا‭).‬

مكتبة‭ ‬أنجيليكا‭ (‬خمسة‭ ‬مخطوطات‭).‬

مكتبة‭ ‬فاليشيليانا‭ (‬مخطوط‭ ‬واحد‭).‬

ترد‭ ‬المخطوطات‭ ‬القرآنية‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬مصادر‭: ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬المغرب،‭ ‬ومن‭ ‬بلدان‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الصحراء،‭ ‬ومن‭ ‬المشرق‭ ‬العربي،‭ ‬ومن‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية،‭ ‬ومن‭ ‬فارس،‭ ‬ومن‭ ‬الهند‭. ‬وأهمها‭ ‬تلك‭ ‬الواردة‭ ‬من‭ ‬الفضاء‭ ‬المغاربي،‭ ‬ويبلغ‭ ‬عددها‭ ‬أربعة‭ ‬وعشرين‭. ‬وما‭ ‬يميز‭ ‬المخطوطات‭ ‬المغاربية‭ ‬أنها‭ ‬فاخرة‭ ‬الإنجاز‭ ‬ومنسوخة‭ ‬وموشاة‭ ‬بحِرَفية‭ ‬عالية،‭ ‬وهي‭ ‬مجموعة‭ ‬مدوّنة‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬على‭ ‬الرقّ‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬مغاربية‭ ‬مدوّنة‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬العام‭ (‬1488م‭) ‬وردت‭ ‬من‭ ‬جامع‭ ‬الزيتونة‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وهي‭ ‬تتميز‭ ‬بأحجامها‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وبجودة‭ ‬توشيحاتها‭.‬

المجموعة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬مصاحف‭ ‬قرآنية‭ ‬تركية‭ - ‬عثمانية،‭ ‬ويبلغ‭ ‬تعدادها‭ ‬في‭ ‬مكتبات‭ ‬روما‭ ‬مائة‭ ‬وسبعة‭ ‬وخمسين،‭ ‬وهي‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المكتبات،‭ ‬وتمثل‭ ‬المجموعة‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬العدد،‭ ‬ويعود‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬القرنين‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬والسابع‭ ‬عشر‭. ‬والخاصية‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬المصاحف‭ ‬أنها‭ ‬تندرج‭ ‬ضمن‭ ‬مصاحف‭ ‬التلاوة‭ ‬الخاصة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬الحجم‭.‬

ثمة‭ ‬مجموعة‭ ‬ثالثة‭ ‬من‭ ‬المصاحف‭ ‬واردة‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬مختلفة‭: ‬اثنا‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬المشرق،‭ ‬اثنا‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬فارس،‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الصحراء،‭ ‬وهي‭ ‬مدوّنة‭ ‬بالخط‭ ‬المغربي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ضمن‭ ‬المجموعة‭ ‬الفاتيكانية‭ ‬نسخة،‭ ‬لنص‭ ‬قرآني‭ ‬مدون‭ ‬بالحرف‭ ‬العبري،‭ ‬تعود‭ ‬ملكيته‭ ‬إلى‭ ‬جوفاني‭ ‬بيكو‭ ‬ديلا‭ ‬ميراندولا،‭ ‬ويعود‭ ‬تاريخ‭ ‬كتابته‭ ‬إلى‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭.‬

كان‭ ‬الباحث‭ ‬كارلو‭ ‬ألبرتو‭ ‬أنزويني‭ ‬قد‭ ‬تناول‭ ‬مجمل‭ ‬المخطوطات‭ ‬القرآنية‭ ‬بالدراسة‭ ‬ضمن‭ ‬فهرس‭ ‬أعده‭ ‬للغرض‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬المخطوطات‭ ‬القرآنية‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬وفي‭ ‬مكتبات‭ ‬روما‮»‬،‭ ‬نُشر‭ ‬ضمن‭ ‬منشورات‭ ‬مكتبة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬سنة‭ ‬2001‭. ‬وقد‭ ‬اعتمد‭ ‬الباحث‭ ‬منهجين‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬المخطوطات‭: ‬منهج‭ ‬خارجي‭ ‬يصف‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬العمل،‭ ‬ومنهج‭ ‬داخلي‭ ‬يتناول‭ ‬بمقتضاه‭ ‬مضمون‭ ‬المخطوط‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬جزءا‭ ‬أو‭ ‬مكتملا‭.‬

تفتقر‭ ‬إيطاليا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬علمي‭ ‬يستهدف‭ ‬العناية‭ ‬المتكاملة‭ ‬بالمخطوط‭ ‬العربي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أبقى‭ ‬هذه‭ ‬الثروة‭ ‬خارج‭ ‬الدراسة‭ ‬المعمقة‭ ‬والاكتشاف‭ ‬الشامل،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الطرف‭ ‬العربي‭ ‬يبدو‭ ‬غافلا‭ ‬عن‭ ‬الأمر،‭ ‬حيث‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬المكتبات‭ ‬الإيطالية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬العربية‭ ‬المنشغلة‭ ‬بهذا‭ ‬المجال‭ ‬مفتقدا‭. ‬فبعد‭ ‬العناية‭ ‬بفهرسة‭ ‬المخطوطات‭ ‬الشرقية،‭ ‬ونشر‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬مع‭ ‬كوكبة‭ ‬من‭ ‬المستشرقين‭ ‬والمستعربين‭ ‬الإيطاليين،‭ ‬أمثال‭ ‬ميكيلي‭ ‬أمّاري‭ ‬وأوجينيو‭ ‬غريفيني‭ ‬وكارلو‭ ‬ألفونسو‭ ‬نالينو‭ ‬وأليساندرو‭ ‬باوزاني‭ ‬وفرانشيسكو‭ ‬غابريالي‭ ‬وسرجو‭ ‬نويا‭ ‬وغيرهم،‭ ‬تبقى‭ ‬جهود‭ ‬الباحثين‭ ‬الجدد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭ - ‬أمثال‭ ‬أريانه‭ ‬دوتوني‭ ‬وباولا‭ ‬أورساتي‭ ‬وفالنتينا‭ ‬روسي‭ ‬وكارلو‭ ‬ألبرتو‭ ‬أنزويني،‭ ‬ممن‭ ‬يشغلهم‭ ‬موضوع‭ ‬المخطوط‭ ‬العربي‭ - ‬مبادرات‭ ‬شخصية،‭ ‬ونادرا‭ ‬ما‭ ‬تأتي‭ ‬بتشجيع‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬حاضنة‭ ‬لأعمالهم‭ ‬وأبحاثهم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أبقى‭ ‬إيطاليا‭ ‬حتى‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬مفتقرة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬فهرس‭ ‬الفهارس‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬المخطوطات‭ ‬العربية‭ .