لماذا اخترت هذه القصص؟

لماذا اخترت هذه القصص؟

تأتي القصص المختارة نموذجًا للصراع الداخلي للشخصيات القصصية، ومحاولة الانشطار عن الواقع، وسط مكابدات النفس البشرية، مع محاولات الخروج من عالمها البرزخي في قناعة ما حكم به الزمن. القصص تميّزت بسرد متكلم لشخصيات القص حيث شكلّت الشخصية المتكلمة محور السرد وسبيله لفهم النهاية. وجاءت القصص على الترتيب التالي:

المرتبة الأولى: «الجسد الذي ضلّ» لعلياء عبدالعظيم السيد الطنطاوي/ مصر:
تشكّل القصة نوعًا من السرد الذاتي، فهو سرد عن الجسد والوعي لكائن واحد، طالما شكّل ثنائيته بحسب رؤيته للعالم، وموقفه من جوانب الحياة المختلفة. جاءت القصة عالية الرمزية، لا يمكن أن تُقرأ على مستوى واحد، بل تحتاج إلى عدة مستويات من السرد، بالإضافة إلى اعتماد السرد على ضمير المتكلم الذي يمثل صوت الوعي غير المتجسّد، وعن مُخاطب عنه متجسّد في القصة كالجسد الذي يشغل حيزًا ما، وهو ما يعني تلازمية الوعي والجسد، والصراع بينهما بما يتحكم في الآخر. جاءت القصة سليمة من الناحية السردية واللغويةـ تحتاج فقط تحريًا في استعمال علامات الترقيم في مواضعها، والتنسيق بين الجمل صياغة لغوية مرتبة أكثر. جاء العنوان مكملًا للمتن، ومفسّرًا لأي رمزية محتملة، ولأي التباس ممكن حول هوية المتكلم والمُخاطب عنه. لهذا اخترت هذه القصة لهذا المركز، لما تملكه من براعة في القص، والتخييل والتمكن في إيصال الخطاب عبر رسالة تتطلب وعيًا كافيًا بها.
المرتبة الثانية: «مصابيح الظلام» لأمير ناظم/ العراق:
اخترت هذه القصة لهذا المركز، لما تحمله من بوح على هيئة حلم شخصية القصة المتكلمة، حيث جاء سردًا متداخلًا بين الماضي بما قد يشكّل صورة الشخصية وامتدادها في التاريخ ومجدها السابق في هذا العالم، وحاضرها بما تعيشه من إحباطات يومية في العمل والحياة. يشكّل السرد مسارًا حياتيًا/حواريًا بين الشخصية المتكلمة والمُخاطب الخارجي - المتلقي - فجاء سردًا نفسيًا يعيش صراعًا داخليًا بين زمنين، أحدهما مضيء بالمجد وإن كان داميًا والآخر مظلم بسبب العيش في الظل وإن كان آمنًا، وهو ما يشي بنوع من الحيرة بين رغبتين، في استعادة الماضي أو الركون إلى الحاضر، لهذا يستمر في الضياع بين الرغبتين. جاءت القصة سليمة الصياغة اللغوية، ومتمكنة من السرد والتخييل، ورسم معالم الشخصية المتكلمة، بما يضيء عوالمها المتداخلة بين الضوء والظلمة، كما حال العنوان المزدوج في وظيفته وهيئته. 
المرتبة الثالثة: «الزائر» لمها شتا/ مصر:
اخترت هذه القصة بسبب اللغة التي تضمنتها، والسرد المرتب بحسب وجهة الكاتبة في نهاية القصة، وما حققته من دهشة. القصة تحكي قصة أم وابنتها سكنتا بيتًا جديدًا، تعوّدتا على زيارة زائر يومي، اتضح مع السرد وبصوت الفتاة أنه والدها، لتستغرب عن سبب عدم سكنه معهما، وهو ما يستلزم مواصلة السرد والدقة في قراءة القصة.
رسمت الكاتبة صورة البنت من خلال سردها الذاتي في القصة، حيث اعتمدت الكاتبة على صوت الشخصية المتكلمة - الفتاة، في إدارة دفة السرد من بدايته وحتى نهايته المدهشة.
القصة على قصرها، لكنها يمكن أن تمتد لأكثر من ذلك، لاعتمادها على سرد أنثوي ممكن أن يضيف مساحة أكبر لحالتها النفسية ووصف الأم في وضعها القائم، ووصف البيت الجديد. ومع ذلك تستحق القصة لكي تكون مع سابقتيها في مسابقة العدد.