ملف: القمة الثقافية العربية.. المثقفون.. والقمة الثقافية المرتقبة

ملف: القمة الثقافية العربية.. المثقفون.. والقمة الثقافية المرتقبة

بدءا من هذا العدد تفتح «العربي» ملف القمة الثقافية العربية المزمع عقدها قريبا، والتي عقد لأجلها عدة مؤتمرات تحضيرية كان أوسعها في بيروت منذ شهور قليل مضت، وبحضور عدد من المنشغلين بالثقافة العربية، برعاية من جامعة الدول العربية ومؤسسة الفكر العربي وفي حضور الأمين العام للجامعة السيد عمرو موسى، الذي تبنى الاقتراح ووجه الدعوة لعقد هذه القمة وأعلن عن الإعداد لها، في حدث يعد الأول من نوعه بأن يعقد الزعماء العرب قمة مخصصة لبحث الثقافة العربية، تأكيدا على الأهمية الكبيرة للمسألة الثقافية ودورها المرتقب في النهضة العربية المأمولة.

وإيمانا من «العربي» بالأهمية القصوى لمثل هذا الحدث الثقافي المرتقب، وما يمكن أن ينتج عنه، تخص المشروع الثقافي العربي، تبحث واقعه الراهن، وتراثه، وتضع الرؤى التي تحدد المعوقات والسلبيات التي تقف أمام المشروعات الثقافية العربية المهمة، وتلك التي تعيق الدور الواجب أن تلعبه الثقافة في التنمية، وفي التأثير في وجدان المواطن العربي بالشكل الواجب، وإيمانا من «العربي» بدورها ومسئوليتها في نشر ودعم الثقافة العربية والارتقاء بها، ومن منطلق دور المثقفين العرب في إبداء رأيهم ومقترحاتهم وملاحظاتهم ووضعها أمام أصحاب القرار،فقد قررت فتنح صفحاتها لهم لإبداء ما هو مفترض أن يقدموه من وجهات نظر لهذه القمة، في ملفات شهرية إلى حين عقد القمة فإنها تنشر على التوالي، عددا من المقالات لعدد من المثقفين والمفكرين والمبدعين والنقاد العرب في مجالات الإنتاج الفكري والأدبي والفني، ومن جميع الأقطار العربية، ومن أجيال عدة، يطرحون رؤاهم حول راهن ومستقبل الثقافة العربية، ويقدمون ما يرونه ضروريا للنقاش، ويطرحون مخاوفهم حول ما يحيط بهذه الثقافة من معوقات، وما يرتجونه من خطط واجبة لتشجيع ودعم مشروعات أو مؤسسات ثقافية عربية على المستوى القطري لكل دولة أو على المستوى العربي المشترك.

وإذ تعوِّل «العربي» على أهمية هذا الحدث الأول من نوعه، فقد دعت كل المنخرطين في الشأن الثقافي من مبدعين ونقّاد ومفكرين وأكاديميين للمشاركة بالرأي. وستواظب المجلة على نشره على صفحاتها، ليكون بمنزلة رسالة مفتوحة إلى القائمين على إعداد أجندة مؤتمر القمة الثقافية العربية المنتظر، تعميمًا للفائدة، وسعيًا لإشاعة الحوار حول هذا المشروع الكبير على امتداد الساحة الثقافية العربية.

وكان رئيس تحرير «العربي» الدكتور سليمان العسكري قد وجه خطابا مفتوحا للسيد عمرو موسى الامين العام للجامعة «العربية» عقب إعلان الخبر عن توجه الجامعة لرعاية القمة المرتقبة، نشر في افتتاحية المجلة في عددها الصادر في شهر يوليو 2010 تناول فيه الأفكار والأطروحات والمخاوف التي قد تنتاب المثقفين حول موضوع هذه القمة، وشدد في هذه الرسالة على أهمية وضرورة أن يكون للمثقفين والمبدعين العرب رأيهم في القمة الثقافية المنتظرة وأن يحددوا لقادة أمتهم تصوراتهم لطريق النهضة، موضحا أن مبادرة المثقفين هي أمر مهم، والأكثر أهمية، هو أن تكون مبادرتهم جماعًا لكل الأطياف الفكرية، وأن يسبق انعقاد تلك القمة الثقافية المنتظرة اجتماعات تحضيرية تجمع آراء الجميع، ليشاركوا في وضع أجندة قمتهم، وألا يكتفى برأي الإدارات الفنية بوزارات الثقافة والإعلام، المنوط بها تنفيذ السياسات في دولنا العربية.

وتأتي دعوة «العربي» للكتاب العرب للمشاركة في وضع أجندة القمة الثقافية العربية عن وعي كامل بقراءة تاريخ أمتنا المعاصر وهي الأمة التي لم تترك سببًا إلا وفرقها، من صراعات حدودية، إلى نزاعات قبلية، وسياسات وهمية لا تقف على أرض الواقع، وبين حروب أهلية وفتن طائفية. كما يقول رئيس التحرير، مضيفًا «وإنا ندرك ونؤمن - مثل كل مثقفي هذه الأمة - بأن النسغ الثقافي وحده هو الذي يربط بين جينات الأمة العربية، وأنه الوحيد القادر على حفظ النسل لهذه الأمة، وأن يعيد إليها شبابها، وأن يكون مشعلاً لأجيال قادمة تحاول ألا تتفرق بها السبل».

وأملا في أن تكون القمة الثقافية المنتظرة قمة نوعية تفتح بابًا جديدًا لحرية المواطن العربي المبدع، وأن تكون سماؤها أرحب مما هي الآن لكثير من مفكرينا، وأن تكون الأرض العربية مستقرًا آمنًا لحرية الفكر والإبداع العربيين ومظلة لحماية الإبداع والمبدعين العرب.

كما يأتي اهتمام «العربي» بهذه القمة أيضا على أمل الطموح بأن توسع الآفاق للإبداع العربي، وأن تتحرر الحروف لتنبت لها أجنحة تحلق بثقافتنا العربية بعيداً عن قيود التخلف وردة الجاهلية، وعنف الاضطهاد. ولهذا يحلم المثقفون - كما أشار رئيس التحرير - بأن تصدر القمة ما يضمن الحرية والحماية للثقافة بكل مكوناتها، وللمثقفين بكل اتجاهاتهم الفكرية وتنوعها. وأن يحظى الإبداع بكل تجلياته بمزيد من الحرية والفضاء المفتوح، سواء كان عبر النشر الورقي أو الإلكتروني، أو أي وسيط آخر تعميقًا للتحول الديمقراطي الحقيقي في مجتمعاتنا العربية.

وقد استجاب الكثير من المفكرين العرب وبينهم كاتبا المقالين الذين نفتتح بهما ملف هذا العدد، وهما الدكتور محمد جابر الأنصاري والدكتور عبدالعزيز المقالح، اللذان يصوغان هنا أفكارهما حول فلسفة فكرة القمة نفسها وجدواها في علاج أوجه القصور التي تعتري الثقافة العربية ذاتها الآن وهنا.

 

 

 

المحرر