الرياضة والصحة

الرياضة والصحة

كُلْ: ين ـ يانج

الطب الصيني التقليدي أحد أهم أعمدة الطب البديل أو المكمل، وفي هذه الصفحات لمحة من تراثه الغـني الـذي لا نكـاد نعـرف عـنه إلاالعلاج بالوخز وهو رافد واحد من خزانة هذا الطب العريق. أصابع اليدين ـ تبعا لنظرية (جينجلو) الصينية القديمة ـ ذات اتصال وثيق بكل أعضاء الجسم، خاصة القلب والمخ.

في منظومة الطب الصيني التقليدي مفهوم محوري يستخدم في التشخيص والعلاج، يعبر عن ثنائيات السالب والموجب، أو المؤنث والمذكر، ويسمى ـ بترتيب الصفات السابقة: (ين ـ يانج). ويرجعه مؤرخو هذا الطب إلى عهد أسرة (ينجو) (بتعطيش الجيم) وتحديداً عام 221 قبل الميلاد، أي منذ 2221 سنة حيث ظهر تعبير (ين ـ يانج) لأول مرة في (كتاب التغيرات) الذي يحاول تفسير الأحوال والصفات الكامنة في الكون ـ والإنسان أحد مظاهره ككون مصغر ـ من خلال هذا المفهوم. والـ (ين ـ يانج) تمثيل فلسفي، وواقعي، لظاهرتين متضادتين ومتكاملتين في آن، ومنبعهما مشاهدات الإنسان الصيني لأحوال العالم الطبيعي الذي يتشكل من ثنائيات متقابلة ومتناغمة، فهناك الليل والنهار، الحركة والسكون، الضوء والعتمة، البارد والحار. وهكذا. وفي مجال الطب وجد هذا المفهوم مكانه لتفسير حالتي الصحة والمرض، حيث الصحة هي حالة توازن بين شقي الين واليانج والمرض، هو زيادة أو نقص في أحد الشقين.

ومن ثم فإن تشخيص المرض يعني معرفة أي الشقين يعاني الاختلال، والعلاج يكمن في إعادة التوازن إلى هذا الاختلال. وثمة مفاهيم ملحقة بالمفهوم الأساسي للين واليانج، كالقول بأن كل شق يحتوي قدراً من نقيضه، وكل شق قابل للتحويل إلى نقيضه، وهذا ما يعبر عنه شكل توضيحي شهير هو دائرة الين ـ يانج المسماة في الأدبيات الصينية التقليدية (تايجيتو) (بتعطيش الجيم أيضاً) حيث الدائرة تنقسم إلى لونين ـ أبيض وأسود ـ على هيئة ضمتين ملتفتين معاً وكل منهما تشغل نصف الدائرة بالتمام والكمال، وبرأس كل ضمة نقطة من اللون النقيض، فالضمة السوداء بها نقطة بيضاء، والعكس كذلك.

أي أن نسبية الأشياء حقيقة يجب مراعاتها وهو ما سنتبينه عند تطبيق هذا المفهوم في دعوى التشافي أو التعافي بالأطعمة.

طبق حرارة وكوب برودة!

لتجسيد المفهوم الفلسفي للين يانج صاغ علم أصول الأمراض الصيني التقليدي (أي الباثولوجي بتعبير الطب الغربي الحديث) تقسيما للأمراض يصنفها في جانبي الين واليانج. حيث من الين أمراض البرودة التي تنتج من زيادة البرد في مكونات الجسد (أو نقص الدفء فيه). ومن اليانج أمراض السخونة الناتجة من زيادة الحرارة في الجسد (أو نقص البرودة فيه). وللإيضاح نذكر أن من أعراض زيادة الحرارة ـ اليانج: الألم الحاد، التقلصات، الصداع. ومن أعراض زيادة البرودة ـ الين: الوجع المكتوم، والارتجاف، والوهن.

وبالطبع يعاني الناس في معظم الأحوال خليطاً من الأعراض يصعب على غير المتمرس تمييز العنصر السائد فيها. لهذا نكتفي بما يندرج في إطار Do - It - YOURSELF أو التطبيب الذاتي للحالات البسيطة. وللتقريب نستعرض الحالة التالية:

امرأة عمرها 52 سنة راجعت الطبيب الصيني التقليدي وكانت تعاني من صداع، وأنف راشحة، وسعال، لمدة يومين. وبسرعة شخصها الطبيب كحالة (برودة) ـ من شق الين. ووصف لها علاجاً ـ إضافة إلى الراحة بالمنزل ـ يتكون من حساء أعشاب صينية مدفئة مع الزنجبيل، أي وجبة حارة ـ من شق اليانج. وكانت الآلية العلاجية تستهدف معادلة حالة زيادة البرودة بزيادة السخونة. وخلال يومين تعافت المرأة تماماً. وعندما أصيب زوجها بالأعراض نفسها أعطته حساء الحرارة ذاته، فشفي!

هنا ينبغي الإشارة إلى أن أدبيات الطب الغربي عندما تتحدث عن حالة (برد) فإنها لا تعني إلا نوعاً واحداً من البرد. أما الطب الصيني التقليدي فهو يصنف البرد في أكثر من نوع. فثمة حالات (برد) ساخنة ناتجة عن فرط تراكم الحرارة الزائدة في الجسم (وهذا إيضاح لمفهوم تحول الشىء إلى نقيضه في معادلة الين يانج)، وفي هذه الحالة من (البرد) يصف المعالج أطعمة تمنح برودة! كالزبادي والآيس كريم والبطيخ الأحمر والطماطم.

مناخ كوكب الإنسان

في محاولة لمزيد من إيضاح المسألة للغرباء عن مفاهيم وممارسات الطب الصيني التقليدي فإن الطبيب الصيني الذي يمارس فنه في الولايات المتحدة واسمه (زهنزهن زهانج) (والزاي هنا أقرب إلى الجيم المعطشة) يقول: (إننا نستخدم الأطعمة لإعادة التوازن للمناخ الداخلي في جسد الإنسان، إذا صار شديد الحرارة أو شديد البرودة، فكل طعام له تأثير في درجة حرارة التمثيل الغذائي للجسد، وهي درجة حرارة أخرى غير تلك التي يمكن قياسها (بالترمومتر). درجة حرارة التمثيل الغذائي هي الطاقة الحرارية المنبعثة في كل مكونات الجسد من هضم الطعام ـ الوقود ـ الذي نلتهمه ويحرقه الجسم .بعض الأطعمة كالموز والآيس كريم تنتج برودة ملحوظة داخل الجسد، وبعضها الآخر كالزنجبيل والدجاج تولد حرارة داخلية. و إذا أفرطت في التهام أطعمة مسخنة فإنك ستصاب بفرط الحرارة الداخلية وقد تعاني من مرض السخونة. بعض أنواع البرد تكون مصحوبة بآلام أو جفاف الحلق مع الحمى وفرط التعرق، وهذه تنتج من زيادة السخونة الداخلية. ولتصحيح هذا الاختلال ينبغي تعاطي أطعمة تبريد).

إن الخطوة الأولى في تدبير الأمراض من وجهة نظر ممارسي الطب الصيني التقليدي تكمن في إعطاء أطعمة (التوازن) المناسبة. ولتيسير هذه المهمة جرى تقسيم الأطعمة في ثلاث فئات: (1) تبريد (ين)، (2) تسخين (يانج)، (3) وسط (بين الين واليانج) وتعتبر مقوية.

وتبعاً للحالة يعطى (المضاد) المناسب، مع المقويات أحياناً.

أما لغرض الوقاية وتحاشي الأمراض، أي عدم الوقوع في براثن عدم التوازن باختلال البرودة أو السخونة، فينصح الطبيب (زهانج) بتناول سبعة أنواع مختلفة ـ على الأقل ـ من الفواكه والخضراوات يومياً!

ويبدو أن الحكيم (زهانج) يحسب كل الناس من ميسوري الولايات المتحدة الأمريكية لتتوافر لهم سبعة أنواع مختلفة من الخضراوات والفواكه يوميا.

وعلى أي حال، فإن فكرة تصنيف الأطعمة على النحو السابق ذكره، تظل مفيدة في التطبيب الذاتي للحالات البسيطة، وتفتح أفقا جديداً في مجال تغذية المرضى في الحالات الأشد.

إن عدم التوازن يمكن أن يظهر في شكل يصعب تصنيفه بين أمراض الحرارة والبرودة، خاصة في البدايات، كأن يعاني الإنسان من ضيق خفيف، وتعب عابر، وعدم قدرة على التركيز، والغضب لأسباب بسيطة. وفي هذه الحالة ينصح بالراحة مع تناول وجبات متوازنة من الين يانج.

من الشرق إلى الغرب

يبدو أن مفهوم الين يانج في الطعام المتوازن لم يتوقف عند حدود إقناع الصينيين القدامى، فثمة من تلقفه في اليابان ونقله إلى أوربا وأمريكا وإن بتسمية جديدة عصرية هي (ماكروبيوتيكس). وهو أسلوب غذاء حمله إلى الغرب في الخمسينيات الياباني (أوساوا) مبشراً بما أسماه: (الغذاء الصحي الخلاق). وهذا الغذاء الصحي الخلاق يقوم على مبدأ توازن شقي طاقة الحياة في جسم الإنسان والتي يسميها الصينيون (تشي) ويلفظها اليابانيون (كي) وهي تنقسم أيضا إلى ين ويانج أي تيار سالب وآخر موجب. وتجرى الموازنة بين هذين التيارين بزيادة تناول المواد الغذائية التي يلاحظ نقص تيارها. مع ملاحظة أن الفعالية السالبة أو الموجبة للغذاء لا تتوقف فقط على نوعه في ذاته، فثمة اعتبارات لمواسم وأماكن الزراعة والفروق بين طبيعة من يتناولون هذا الغذاء أو ذاك.

كما أن طريقة الطهي تؤثر في نوع تيار الطاقة للغذاء. فالأطعمة السالبة (الين) على سبيل المثال تحتفظ بكثير من صفتها الأساسية إذا طهيت سريعاً وبقليل من الملح.

وفي الإطار العملي يصنف خبراء (الماكروبيوتكس) الأطعمة إلى: مائل إلى السالب، ومائل إلى الموجب. أي في نهاية الأمر: ين ويانج.ويضيفون الوسط المحيط كعنصر ينبغي أخذه بعين الاعتبار عند تناول الطعام المناسب. ففي الجو المائل إلى الموجب (يانج) وهو الحار والجاف، ينبغي أن نزيد من تناول الأطعمة المائلة إلى السالب (ين). وفي الجو المائل إلى السالب (ين) وهو البارد والرطب علينا أن نزيد من الأطعمة المائلة إلى الموجب (يانج). ولمعرفة العوامل المشتركة التي تجعل هذا الطعام أو ذاك سالبا أو موجباً فإن:

ـ الأطعمة الموجبة (يانج): تنمو في جو بارد ورطب، وتكون جافة وقصيرة وصلبة البذور والجذور، وتميل إلى الحموضة والملوحة.

ـ الأطعمة السالبة (ين): تنمو في جو حار جاف، وتحتوي على ماء أكثر، وتنمو أطول وأغزر عصارة، ولها رائحة عطرية قوية.ولو طبقنا هاتين القاعدتين لاكتشفنا دقة ملاحظة هؤلاء الحكماء الشرقيين القدامى، ورحمة الله المتجلية في فطرة الطبيعة. ففي الصيف الحار (يانج) تمنحنا الأرض ـ الصحراوية خاصة ـ البطيخ المرطب وهو (ين). وفي الشتاء البارد (ين) يكثر البرتقال وهو (يانج).

ملاحظة وتحذير

ولعل الملاحظة السابقة تكون مخرجاً من متاهة المعرفة في هذا الحقل القديم المتجدد، فثمة علامة إرشادية بسيطة لتطبيق قواعد توازن (الين يانج) دون تعقيد وهي أن نفعل ما كان يفعله أجدادنا بالفطرة، أي: نأكل كل ما هو طازج في موسمه وأرضه.

أما التحذير الذي لا غنى عنه في النهاية، فهو التشديد على أن استخدام الأطعمة لاستعادة التوازن (ين ـ يانج) ليست علاجاً للحالات الشديدة والأمراض المزمنة، فهذه في حاجة إلى طبيب سواء كان غربياً أو شرقياً.. تقليدياً أو غير تقليدي.

شديدة التبريد

للنوع الساخن من الأرق، حيث تبرد هذه الأطعمة النظام الداخلي للجسد.

الآيس كريم الموز البطيخ الأحمرالطماطم الهليون القبقب

مبردة

في حالات الصداع من النوع الساخن حيث تستعيد التوازن الداخلي.

الكثرى الكيوي الخيار الفطر الباذنجان الشعير

متعادلة

في حالات وجع اسفل الظهر الخفيف، تعمل هذه الأطعمة على التقوية.

الليمون التين التفاح الجزر البطاطس الأرز

مدفئة

للنوع البارد من حمى القش تدفىء هذه الأطعمة النظام الداخلي.

اليقطين "القرع" الجوز الكستناء الكرفس الرمان الزنجبيل

مسخنة

للنوع البارد من الرشح لأنها تسخن النظام الداخلي

الثوم الفلفل لحم الديكة

العب: تيان ما

عندما زار الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان الصين أبدى سرورة البالغ بهدية عبارة عن كرتين معدنيتين مطليتين بالكروم قطر الواحدة منهما نحو 45 مم، ويضمهما صندوق قشيب مبطن بالمخمل ومكسو بقماش تتخلله رسوم صينية قديمة. بعد ذلك اشتهرت هذه الكرات في العالم باسم (كرات التدريب الصينية) وإن كان اسمها الصيني (الكرات الحافظة للصحة ـ تيان ما).

يعود تاريخ هذه الكرات إلى ما يقارب 800 عام خلت، وكان الصينيون يعتبرونها وسيلة لانتعاش الجسد وصفاء الروح.

هذه الوسيلة عبارة عن كرتين معدنيتين مصقولتي السطح ومفرغتين من الداخل الذي يحتوي في كل كرة على كرية معدنية صغيرة. وبإمساك الكرتين في راحة اليد وتدويرهما الواحدة على الأخرى بحيث تظلان متلامستين، تحدث عدة عمليات متزامنة، أولها احتكاك كل كرة بالأخرى وتدحرج ومن ثم احتكاك الكريات الداخلية الصغيرة بباطن كل كرة. هذا الاحتكاك يكوِّن وصلات معدنية تطلق شحنات كهربية تنتقل إلى جلد راحة اليد ومن ثم إلى النقاط الحيوية الموصلة بأعضاء الجسم الداخلية تبعاً لمفاهيم الطب الصيني التقليدي، اضافة لتمسيد الكرات لنهايات الأعصاب التي تعتبر اليد من أغنى أجزاء الجسم بها تبعا لمعطيات الطب الغربي الحديث. هذه الشحنات الكهربية على صغرها والتمسيد لنهايات الأعصاب يقومان بتنشيط الدورة الدموية في اليد وتنبيه المخ عبر أداء حركات الأصابع الدقيقة، أما تمسيد وشحن جلد راحة اليد فهو ينشط عمل أعضاء الجسد الداخلية على اعتبار أن راحة اليد ترتسم عليها مراكز تمثيل واتصال بمكونات الجسد جميعها، ومن ثم تجلب النشاط الجسدي والذهني، وتمنح الحركة الدورانية المتواترة للكرتين والرنين الذي تحدثه الكريات الداخلية حالة من الاسترخاء التأملي. ولو اكتفينا بفعل تنشيط الكرتين للدورة الدموية الدقيقة في اليد وتنبيه أطراف الأعصاب لكان فعلها مقنعاً حتى بمفاهيم الطب الغربي الحديث.

الآن يقبل على استعمال هذه الكرات الصينية كثير من الرياضيين البارزين، والموسيقيين، ومستخدمي الكمبيوتر والمهتمين بصحتهم الذين يعتبرونها (مكيفات عضلية).

المصابون بالتهاب المفاصل الروماتيزمي يمكنهم الاستفادة من وسيلة التمرين الناعمة والآمنة هذه، والكُتاب الذين تشقى أصابعهم في حرفة الكتابة يمكنهم قضاء لحظات الراحة معها.

ربما يثار السؤال: ولماذا لم يستفد ريجان منها، والاجابة الأقرب إلى المنطق هي أنه حصل عليها متأخرا بعد أن زحف مرض الزهايمر على خلايا مخه. ثم إن هذه الوسائل ليست علاجية بل هي وقائية للحفاظ على الصحة واللياقة أساساً.أخيراً لابد من الإشارة إلى أن صناعة السياحة الصينية راحت تزحف على هذه الوسيلة الصحية العريقة بابتداعات عصرية هي طلاءات ملونة ورسوم تغطي معدن الكرتين. صحيح أن شكل الكرات يكون أجمل وأكثر إغراء بالاقتناء والعرض، لكنها بالتأكيد تفقد كثيراً من فوائدها الصحية إذ تعيق تولد الشحنات الكهربية المنشطة وتكتم الرنين المساعد على التأمل والاسترخاء.

تقريب عصري

هيرمان إيهارا أحد المهتمين بالطب الصيني التقليدي والعارف بالطب الغربي الحديث، أصدر كتابا بعنوان (الحمضي والقلوي) قال فيه إن مفهوم الين واليانج يجد مقابله الحديث في مفهوم القلوية والحامضية، والتوازن بين السالب الذي يقابله الين والموجب الذي يقابله اليانج يجد مقابله في مفهوم المعادلة بين القلوية والحامضية في دم الإنسان. ومن المعروف أن اختلال درجة حموضة الدم أو قلويته تجد تعبيرا واضحاً لها في كثير من الأمراض كداء الاحمضاض وداء القلوية.

 

محمد المخزنجي

 
 




البصل من الأطعمة المدفئة وينصح به في أمراض زيادة البرودة الداخلية





الهليون أو الكشك الماز له تأثير مبرد يفيد في أمراض زيادة الحرارة داخل الجسم





طبيعة الأطعمة