مكتبة الإسكندرية.. الميلاد الجديد!

مكتبة الإسكندرية.. الميلاد الجديد!

يحكى أنه, في عام 233ق.م أنشأ الإسكندر الأكبر عاصمة جديدة لمصر مكان قرية راقودة "راكوتيس", وهي مدينة الإسكندرية, التي كانت مركزا رئيسيا للإشعاع العلمي والفلسفي والفني, وملتقى للمدارس الفكرية وللثقافات المصرية واليونانية والفارسية, وغيرها من الثقافات, وحتى يكتمل دور الإسكندرية الثقافي والعلمي أنشأ البطالسة بها أول مكتبة عالمية عرفها التاريخ.

عندما نقول "مكتبة", فإنما نصف أبرز الأنشطة التي كان يقوم بها ذلك المركز العلمي الثقافي الذي اشتهر باسم "مكتبة الإسكندرية", وكان ـ في الحقيقة ـ معهدا للبحث ومتحفا وخزانة ضخمة لجمع وحفظ وصيانة ما يزيد على نصف مليون مخطوط, وظل ذلك المركز الفريد, لما يقرب من ثمانية قرون, يستقبل مشاهير العلماء والباحثين والمفكرين من جميع أنحاء العالم, من أمثال إقليدس وإراتوسثينس وأرشميدس, مهيئا لهم أفضل الظروف للاستفادة من كنوزه وذخائره, وكان ديمتريوس, أحد تلاميذ أرسطو, أول رئيس لمكتبة الإسكندرية القديمة.

وبالطبع, فإن حركة النشر لم تكن بمثل مانعاصره الآن, ولابد أن جهوداً عظيمة قد بذلت ليتاح لهذه المكتبة أن تتزود بنسخة على الأقل من كل مؤلف كتب باليونانية, وبترجمات لأهم الكتب الموضوعة في غيرها من اللغات, وصدرت تعليمات توجب على كل سفينة تمر بميناء الإسكندرية أن تسمح باستنساخ الكتب والوثائق الموجودة على متنها, حسب تقدير المشرفين على المكتبة لأهمية تلك الكتب والوثائق.

ويرى المهتمون بعلوم المكتبات أن مكتبة الإسكندرية القديمة لم تكن مجرد مخزن للكتب, إذ حرص القائمون عليها على أن تكون محتويات المكتبة مصنفة ومبوبة ومحفوظة طبقاً لأساليب غاية في التقدم, ووضعوا فهرساً شاملا لجميع المؤلفات, يحتوي على العنوان ومعلومات دقيقة عن المؤلف ومصنفاته, كما يتضمن ملخصاً للمخطوط. وقد شكلت هذه "الببليوغرافيا" الضخمة, ولوقت طويل, المرجع الأساسي لدارسي الآداب اليونانية. وكان للمكتبة القديمة فضل تجميع ونشر العديد من المخطوطات والوثائق المهمة, منها: جميع أشعار هوميروس التي قامت المكتبة نفسها بطباعتها لأول مرة ـ ترجمة لاتينية للتوراة ـ المخطوط الأصلي لإقليدس ـ أعمال جالينوس في مجال الطب ـ مخطوطات مسرحيات سوفوكليس وأوربيدوس ـ الأعمال الفلسفية البطلمية.

وكانت نهاية المكتبة في القرن الرابع الميلادي, حيث مستها شرور الحرب ـ أو ربما الضغائن والأحقاد وضيق الأفق ـ فدمرتها وأحرقتها وحرمت البشرية من الاستمرار في الانتفاع بثمارها.

إحياء مكتبة الإسكندرية

تلكم هي القصة التي كانت تحكى, حتى نهاية الربع الثالث من القرن العشرين, وبالتحديد حتى عام 1974, عندما أصبح للقصة بقية متمثلة في فكرة لإحياء مكتبة الإسكندرية, تبنتها جامعة الإسكندرية.

وككل الأفكار الحماسية التي تولد دون غطاء كاف من الموارد المالية يكفل لها أن تنمو وتشق طريقها إلى حيز التحقق, ظلت الفكرة ـ لأكثر من عشر سنوات ـ حبيسة أحلام بعض المتحمسين لها من أساتذة جامعة الإسكندرية الذين نجحوا, أخيرا, في أن يدفعوا بها خطوات إلى النور والحياة.

ففي عام 1986, تكونت لجنة من علماء جامعة الإسكندرية, ضمت إليها بعض كبار الكتاب والأدباء, من بينهم د. زكي نجيب محمود ود. لويس عوض والأستاذ أحمد بهاء الدين, كانت مهمتها إجراء بعض الدراسات التحضيرية وإعداد خطة عمل أولية لتحقيق فكرة إحياء مكتبة الإسكندرية. تبع ذلك انعقاد ندوة عالمية حول قيمة التراث العلمي والثقافي الذي قدمته مكتبة الإسكندرية للعالم.

ونشط آباء الفكرة إلى طرحها والترويج لها عالميا.. لقد كانت المكتبة القديمة عالمية التأثير, وأسهمت في إنارة الطريق للبشرية طوال ثمانية قرون من التاريخ, فلماذا لايدعى العالم الحديث إلى المشاركة في تنفيذ فكرة إحياء مكتبة الإسكندرية؟

وكان طبيعياً أن يكون الاتجاه إلى الهيئات العالمية, وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو". والجدير بالذكر, أن نفس هذه المنظمة هي صاحبة النداء العالمي, في مارس 1960, لتقديم العون المادي والفني لإنقاذ آثار النوبة في مصر والسودان.

وبدأ الاهتمام العالمي بالفكرة, فقام المدير العام لليونسكو بزيارة جامعة الإسكندرية في أبريل 1986, حيث تعرف على الفكرة, وتباحث مع المسئولين في الجامعة حول الخطوط الرئىسية لتنفيذها, وفي مارس 7891, أتمت منظمة اليونسكو المرحلة الأولى من دراسة الجدوى لمشروع مكتبة الإسكندرية. وفي الشهر التالي, عقد اجتماع بمقراليونسكو بباريس حضره ممثلون عن جامعة الإسكندرية, حيث وضعت الخطة التفصيلية لتنفيذ الفكرة, ثم زار الإسكندرية مجموعة من خبراء اليونسكو, حيث تم الاتفاق على تقديم الصورة النهائية لدراسة الجدوى, والإعلان عن مسابقة معمارية دولية للمشروع, وذلك في النصف الثاني من عام 1988.

ولم يقتصر الاهتمام العالمي بالمشروع على منظمة اليونسكو, فقد تم الاتصال ببرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة, الذي وافق على توفير الدعم المالي والتقني لتغطية تكاليف المسابقة المعمارية الدولية, وكذلك برامج تدريب الكوادر الفنية الضرورية لإدارة المشروع, ويتضمن ذلك إنشاء معهد عال للمكتبات, داخل إطار المكتبة الجديدة.

وفي الجلسة العامة للمجلس التنفيذي لليونسكو, في دورته السادسة والعشرين بعد المائة, تقدم 39 من أعضاء المجلس الخمسين بمشروع قرار يدعو المدير العام لليونسكو إلى توجيه نداء دولي لإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة. وفي 22 أكتوبر 1987, وجه المدير العالم لليونسكو نداءه بلغات اليونسكو الخمس, مناشداً "حكومات جميع الدول, والمنظمات الدولية الحكومية والأهلية, والمؤسسات العامة والخاصة, وهيئات التمويل, وأمناء المكتبات والمحفوظات, وكل الشعوب في كل البلدان, أن تشارك, بمساهمات طوعية, نقداً أو عيناً, في شكل معدات أو خدمات, في هذا الجهد الجبار الذي تضطلع به الحكومة المصرية لإعادة تشييد مكتبة الإسكندرية".

وإدراكاً لأهمية دور الإعلام في هذا المجال, لم ينس المدير العام لليونسكو في ندائه العالمي أن يدعو "جميع المثقفين والفنانين والكتاب والمؤرخين وعلماء الاجتماع, وكل العاملين في حقل الإعلام, إلى أن يساهموا في توعية الجماهير في كل البلدان بالبعد العالمي لمشروع إحياء مكتبة الإسكندرية, والحفز على الإسهام في تحقيقه".

وفي نهاية مارس 1988, عقد بجامعة الإسكندرية اجتماع لمجموعة الخبراء لدراسة البرنامج المعماري, وإجراءات عقد المسابقة المعمارية الدولية لتصميم المكتبة, والمراحل الزمنية لتنفيذ المشروع. وشارك في الاجتماع خبراء من اليونسكو وعلماء وخبراء المكتبات والعمارة والتخطيط من جامعات بالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومصر.

المشروع النرويجي

وتأكد الاهتمام العالمي بفكرة إحياء مكتبة الإسكندرية حين تم الإعلان عن المسابقة المعمارية, حيث أبدى 1400 مكتب هندسي في 77 دولة, تمثل جيمع قارات العالم, الرغبة في الاشتراك بالمسابقة. وفي الموعد المحدد, تلقت هيئة تحكيم المسابقة 540 مشروعاً هندسيا من 44 دولة. وأعلنت النتيجة في سبتمبر 9891, حيث فاز بالجائزة الأولى فريق من خمسة معماريين دوليين يعملون بمكتب هندسي نرويجي, وحصل على الجائزة الثانية تصميم إيطالي, وكانت الثالثة لمشروع برازيلي.

وقد تفوق المشروع النرويجي لاهتمامه ـ إلى جانب المعايير الفنية والهندسية ـ بالمدلول الرمزي للمبنى, حيث يبرز على هيئة دائرة مواجهة للبحر, يختفي جانب منها تحت مستوى الأرض, بينما بزغ الجانب الآخر مرتفعاً, فكأنها الشمس في حالة إشراق دائم, تدفىء الكون وتخصبه بنور المعرفة.

وقد توفر للتصميم الفائز عنصر الابتكار في مجال تصميم المكتبات, فهو عبارة عن اسطوانة بسيطة ذات حائط خارجي أصم, مغطى بالجرانيت الأسواني, نقشت عليه حروف هيروغليفية وتكوينات فنية لحروف من لغات أخرى. والسقف المائل للمبنى مصمم بحيث يعكس ويشتت الضوضاء ويسمح بالإضاءة غير المباشرة.

جولة داخل المكتبة

يصحبنا د. محسن زهران, رئيس هيئة مكتبة الإسكندرية, في جولة داخل المكتبة, بالرغم من أنها لم تقم بعد, فقد انتهت المرحلة الأولى منها فقط "أعمال التربة والأساسات", وينتظر أن يقوم المبنى مع نهاية 1998, غير أن الرجل ـ وهو أستاذ في العمارة وتخطيط المدن ـ يعيش المكتبة في صحوه ونومه, ويعمل لها بحماس وصمت شديدين, فإذا استطعت أن تستقطع من وقته دقائق قليلة ليحدثك عن مشروعه وحلمه ـ وهو لايكاد يتحدث إلا عنها ـ تحول أستاذ العمارة إلى شاعر, وانتقلت إليك, عبره, عدوى الحماس.. لنستمع إليه وهو يصف المكتبة من خلال الخطوط والمقاطع والمساقط, وكأنه يتجول معنا في مكان يموج بالحياة.. يقول: "يستقبلك في المكتبة بهو رحيب تغطي المرايا جدرانه, وفيه متسع لوظائف متعددة: المعارض الفنية ـ منفذ لبيع الكتب ـ مكتبة للأطفال ـ مقصف. ثم ننتقل إلى شرفة داخلية تطل على أول منظر داخلي لساحة المكتبة.. إنها مساحة عرضها 160 مترا, وعمقها 80 مترا, تتدرج أرضيتها على 7 مستويات أولية و14مستوى ثانويا, تخلق لدى المشاهد إحساسا بتدفق شلال من الكتب.. ثقافة ومعرفة بنظام "البوفيه المفتوح".. كم تريد من الفكر؟!.. الحدود هي السماء!. دعونا نتهادى نازلين إلى مستوى أعمق في المكتبة. هنا, نجد المخطوطات الأكثر تعرضاً للتلف.. إنها تحظى بعناية خاصة, وهي في موقع آمن يدخل إليه الضوء الطبيعي منتشراً من أعلى. وفي هذا المستوى, أيضا, نعزل جانباً منه صوتياً لنخصصه لأقسام الموسيقى والوسائل السمعية والبصرية والإلكترونية. وتبدأ حياة الكتاب في غرف الفهرسة.. وقد أقيمت هذه الغرف حول أحد المناور, حتى يتاح للأشخاص الذين يتعاملون مع آلاف الكتب التي تتداول يوميا في المبنى قدر وافر من الضوء والراحة. لدينا 3500 مقعد للقراءة, ولدينا قاعات خاصة لفئة الباحثين النساك (Schoolar _ in _ residence) . إن الكتب تتحرك وتنقل خلال مختلف مستويات المكتبة آلياً. سيتراوح عدد الكتب لدينا, مع نهاية القرن الحالي, بين 4 و 8 ملايين كتاب, بالإضافة إلى 50 ألف خريطة, وسيصل عدد المخطوطات إلى مائة ألف مخطوط, وعدد الكتب النادرة إلى عشرة آلاف كتاب.

وإذا سألته: وما الحاجة إلى الاحتفاظ بكل هذا العدد من الكتب التي هي ـ في النهاية ـ كمية ضخمة من الأوراق, تحتاج إلى صيانة مستمرة, وفي نفس الوقت, فنحن مقبلون على ما يسميه علماء المستقبليات "حضارة غير ورقية"؟!.. يجيبك د. زهران: لم يغب ذلك عن بالنا ونحن نعمل.. لايمكن أن نستغنى عن منجزات التكنولوجيا الحديثة, ونحن نخطو إلى القرن الجديد ونعد مبنى جديراً بالمستقبل, فلدينا ـ إلى جانب المجلد الورقي التقليدي ـ جميع إمكانات تخزين المعلومات وتداولها.. أحدث الوسائل في هذا المجال (State _ of _ the _ art) .. ونحن على اتصال بكثير من شبكات المعلومات وبنوكها في العالم, ولكن.. هل يمكن للقرص الممغنط أن يغني الإنسان عن المطبوعة؟.. أعتقد أن ارتباط عادة القراءة بملمس الورق, وربما رائحته أيضا, أمر يصعب تصور زواله. وعلى أي حال, فإن هذه المكتبة وجدت لتتطور وتتبدى, دوماً, في ثوب مرن يتيح لها تلبية الطلب المتنوع على خدماتها, وبوسعها أن تستعين بكل الأفكار والخواطر, وأن توحي بها, وأن تغدو مكاناً للتأمل والنقاش في جميع المجالات.

المبنى في مواجهة الأخطار

نعود نسأله: نريد أن نطمئن إلى صحة وسلامة المكتبة.. لقد أكلت النيران المكتبة القديمة, وهدمت الزلازل منارة الإسكندرية.. فيكف يواجه المبنى الأخطار الطبيعية المحتملة على امتداد الزمن؟.. وهل يزعجكم ـ مثلنا ـ أن يصدق الاحتمال المتشائم, ويرتفع مستوى سطح البحر على المدى الطويل, والمكتبة على بعد خطوات قليلة من مياه المتوسط؟!

يبتسم د. زهران في هدوء ثقة, ويقول: "حق للجميع أن يطلب الاطمئنان إلى اكتمال العمل. حسناً.. لنبدأ بالزلازل.. إنه مبنى يقاوم الزلازل حتى درجة 9 بمقياس ريختر. ثانياً: هذا مبنى "ذكي" .. لديه من الآليات ما يضمن له درجة فائقة من السلامة, ولدينا خطط لتزويد المبنى بأحدث وسائل التأمين باستمرار. أما خطورة ارتفاع مستوى سطح البحر, فهي مسألة لم تحسم حتى الآن ولايملك العلماء دلائل قوية ترجحها, وهي تحتاج إلى زمن طويل من الأبحاث والقياسات ليتأكد أن البحار تزيد بمعدل ما.. وهذا يجرى الآن فعلا, ولكن يحلو للبعض أن يختطف نتيجة جزئية ليبنى عليها تصوره الكلي المتشائم.. الأفضل أن نقف في صف المتفائلين"!

ومن أجل مكتبة الإسكندرية, اجتمعت في أسوان, في فبراير 1990, اللجنة الدولية الفخرية التي ضمت باقة من رؤساء وملوك الدول وممثليهم وشخصيات دولية بارزة. وأعلنت اللجنة في بيانها التاريخي: "إن مكتبة الإسكندرية التي تعد همزة الوصل بالماضي والانفتاح على المستقبل ستكون متفردة بكونها أول مكتبة بهذا الحجم يتم تصميمها وبناؤها بدعم يقدمه المجتمع الدولي من خلال منظومة الأمم المتحدة".

وفي أسوان, كانت الاستجابة العربية للتبرع من أجل المكتبة فورية, وبلغ مجموع التبرعات العربية 64 مليون دولار أمريكي. وكان ذلك هو الرد البليغ على روايات تظلم العرب وتنسب إليهم الاتهام بإحراق المكتبة القديمة.

وفي أسوان ـ أيضا ـ انتحى مراسل صحفي أجنبي بالدكتور محسن زهران جانباً, وسأله: لماذا تفكر مصر في الرفاهية وتكلف نفسها مالا تطيقه ببناء مكتبة كهذه, وهي تعاني من مشاكل اقتصادية متعددة؟! ولم يكن السؤال مفاجأة للدكتور زهران, إذ كان الرد حاضرا: "لنتفق معك ـ جدلاً ـ أننا في ظلام دامس, كما تتصور أنت, فلماذا ـ إذن ـ تمنعني من أن أضىء شمعة في هذا الظلام؟!.. إن لديكم شموعاً عديدة, فدعونا نضيء شمعتنا!" .. فبهت الذي سأل..

والجدير بالذكر أن تكلفة هذا المشروع العالمي تصل إلى 170 مليون دولار أمريكي لايدخل فيها قيمة الأرض, ولا تكلفة إقامة مركز المؤتمرات, وقدرها 40 مليون جنيه مصري, وهو جزء أساسي من التصميم الأصلي للمشروع, وقد تم افتتاحه وتشغيله في منتصف عام 1991, وبه أربع قاعات: الكبرى, وسعتها 1700 مقعد, وثلاث قاعات أصغر: الشرقية (300 مقعد) ـ الوسطى (400 مقعد) - الغربية (300 مقعد).

إنك, إذا مررت الآن بمنطقة "السلسلة" على كورنيش الإسكندرية, فستجد الأرض التي تصل مساحتها إلى 54 ألف متر مربع, والتي خصصتها جامعة الإسكندرية للمشروع, تبدو كخلية نحل, لايتوقف العمل فيها ليلاً أو نهاراً. في نفس هذا الموقع ـ إلى أسفل ـ كان يقوم الحي الملكي لمدينة الإسكندرية, وفي ذلك الحي الراقي القديم, كانت تقع المكتبة القديمة. لاأحد يعرف موقع المكتبة القديمة بالضبط, ولكن يبقى احتمال ـ مهما كان ضئيلا ـ لأن يتطابق الموقعان: القديم السفلي, والحديث العلوي!

وهل هي مصادفة أن تفتح المكتبة أبوابها مع إطلالة ألف ثالثة من تاريخ الحضارة البشرية؟.. فالمنتظر أن تحمل مكتبة الإسكندرية الجديدة رسالة تصل في المستقبل إلى مدى يضارع المدى الذي بلغته المكتبة القديمة في الماضي.. مؤسسة يمتد تأثيرها من زمن الإسكندر الأكبر, منذ قرابة ألفي عام, إلى الحاضر, ثم يتجاوزه إلى ألف عام قادمة!

 

 

 

رجب سعد السيد