أزمة المياه في المنطقة العربية
أزمة المياه في المنطقة العربية
"الحقائق والبدائل الممكنة" ينبع مفهوم "الأزمة" في صيغته المائية من الطابع التركيبي متعدد الأبعاد والمستويات لمشكلة المياه في المنطقة, والذي يتمثل بندرة وجودها ومحدودية مواردها وتدني نوعيتها وتزايد الفجوة بين الموارد والاحتياجات, ويحدد الكتاب في الفصل الأول الموارد المائية العربية من خلال نظرة شاملة, وتتمثل هذه الموارد بمياه الأمطار في الوطن العربي والمقدرة كليا بـ 223 مليار متر مكعب سنويا, والموارد الجوفية حيث تنتشر في الوطن العربي طبقات وعروق تحمل المياه, كما يشير الفصل إلى الموارد المائية السطحية المتمثلة بالأنهار التي لا يتجاوز عددها 50 نهرا مستديما تجري في أنحاء الوطن العربي كنهر النيل الذي يستمد مياهه من مصدرين أساسيين إقليم البحيرات الاستوائية والهضبة الإثيوبية المطيرة. ويبلغ الإيراد الطبيعي لنهر النيل ما يعادل 84 مليار متر مكعب في حين أقيمت عليه سبعة سدود. أما نهر الفرات والذي ينبع من تركيا من ارتفاع 3000 متر فوق سطح البحر فيمر بالدولتين العربيتين سوريا, والعراق, ومصدر مياهه الثلوج والأمطار, أقيمت عليه عدة سدود في تركيا, وأكبرها سد أتاتورك, وسوريا, والعراق. ويتعرض الفصل الأول أيضا لنهر دجلة والأردن والعاصي وأنهار لبنان. وأغفل الكاتبان التعرض لأنهار المغرب العربي في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا, بل اقتصرا على عرض أنهار الشرق الأوسط إن صح التعبير. إن مصطلح نظام المياه الدولية الذي حل محل وصف "النهر الدولي" يعني تلك المياه التي تتصل بينها في حوض طبيعي داخل دولتين أو أكثر ويشمل المجرى الرئيسي للنهر وروافده, ويعني حوض النهر الوحدة الجغرافية والطبيعية التي تكون مجرى المياه وتحدد نوعيتها وكميتها. وأشار الكتاب إلى أنه يكفي أن يكون أحد روافد النهر دوليا كي يعد حوضه دوليا. وتعرض الفصل كذلك إلى المبادئ الأساسية التي أكدتها جمعية القانون الدولي من خلال دورتها الثامنة والأربعين في نيويورك عام 1958, والتي أوضحت أحواض الأنهار واقتسام مياهها واحترام الحقوق القانونية للدول المشاركة في مصدر مائي معين, حيث فصلت قواعد معاهدة هلسنكي 1966 في ماهية النصيب العادل والمعقول من المياه لكل دولة. ويشير تقرير المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة في تقريره عن حالة الموارد المائية العربية إلى موارد متاحة مقدرة بـ 338 مليار متر مكعب سنويا يستخدم منها 158 مليار متر مكعب ثابتة سنويا. في حين تتزايد الاحتياجات إلى 368 مليار متر مكعب سنة 2000, و402, و493, و620 كل عشر سنوات بعد ذلك. ويعرض الكاتب في جداول مستقلة الاحتياجات والموارد الحالية لكل بلد عربي على حدة مقدرة حتى عام 2050. وبرغم أن الكتاب أورد نوعين للفجوة المائىة (أ) و(ب), فإن الملاحظ هو الانخفاض المستمر لنصيب الفرد العربي من الموارد. وبحسب الفترات التي أوردها الكاتبان في الجداول في الفصل الثاني من الكتاب, وعلى سبيل المثال السودان حيث تصل حصة الفرد من المياه إلى 892 متر مكعب سنويا عام 1990, وتنخفض إلى 442 عام 2025 ميلادية حسب تقديرات الكاتبين, ويظهر الجدول فجوة مائية من النوع "ب", وذلك منذ عام 1990, وهنا سؤال يطرح نفسه بالنسبة للسودان كأغنى بلد عربي بالموارد المائية بعد العراق, فهل المقصود بالموارد المائية المتاحة أم المستغلة فعلا? ثم لماذا افترض الكاتبان ثبات الموارد المائىة السطحية للسودان حتى عام 2051 كأبعد تقدير ورد في الجدول? ثمة تساؤلات أخرى تطرحها بقية الجداول حيث انخفضت حصة المواطن من المياه في كل دولة وهذا يعتبر بحد ذاته فجوة مائية وعجزا مائيا واضحا منذ الآن وقبل حلول عام 2000. والسؤال نفسه فيما يخص العراق حيث يظهر في الجدول على الصفحة (77) فجوة مائية من نوع (أ) ابتداء من عام 1990, ولماذا افترض الكاتبان ثبات الموارد السحطية وحدداها بـ 41.35 مليار متر مكعب سنويا في حين تشير دراسات أخرى إلى خلاف ذلك, وتؤكد دراسات المنظمة العربية للتنمية الزراعية أن العراق هو الدولة العربية الوحيدة التي تتميز بأكبر نصيب للفرد من المياه ولن يعاني من فجوة مائية على المدى المنظور. أما بالنسبة لدول الجوار الجغرافي فتعتبر تركيا من أغنى هذه الدول بالمياه حيث تصل مواردها المائىة المتاحة إلى 195 مليار متر مكعب في السنة وستصل احتياجاتها عام 2000 إلى 19.5 مليار متر مكعب, وعام 2025 إلى نحو 26.3 مليار متر مكعب. إن الموارد المائىة الهائلة تغطي أضعاف الاحتياجات التركية, وهي ليست بحاجة إلى مياه كما تدعي بدليل عرضها لبيع 500 مليون متر مكعب إلى إسرائيل. أما إسرائيل فتقدر دراساتها أن العجز المرتقب سنة 2000 سيكون حوالي مليار متر مكعب ويقدرها آخرون بـ 800 مليون متر مكعب. علاقات دولية ومائية يبدو أن العالم العربي ـ خاصة دول الشرق الأوسط ـ مقبل على حقبة جديدة من العلاقات الدولية المائىة حيث تسهم عدة اعتبارات نابعة من حقائق جغرافية وتاريخية واقتصادية وسياسية في صياغة هذه الحقبة ويتمثل الاعتبار الأول ـ كما يشير الفصل الثالث من الكتاب ـ في التناقض القائم بين الحدود السياسية وموارد المياه إذا ما علمنا أن 40% من سكان العالم يعتمدون على أنظمة نهرية مشتركة, خاصة المنطقة العربية حيث تتحكم دول الجوار بـ 88% من مواردها المائية. أما الاعتبار الثاني فيشير إلى تحكم أقطاب النظام الدولي وفاعليتها في هذه العلاقات المائية من بريطانيا إلى فرنسا مرورا بالاتحاد السوفييتي السابق ثم أمريكا حاليا. في حين يقوم الاعتبار الثالث على وجود دولة إسرائيل في قلب الوطن العربي حيث تضمن مشروع الاستيطان الصهيوني هاجسا مائيا خطيرا. وبرغم أن الاعتبار الرابع اعتبار افتراضي, فإن حدوثه وارد ويتمثل في تدمير المشروعات المائىة في أوقات الحرب, وينبع الاعتبار الخامس من حاجة المشروعات المائىة إلى استثمارات ضخمة وإمكانات تكنولوجية عالية. وضمن العلاقات الدولية المائية في إطار حوض النيل يستعرض الكاتبان أهم الاتفاقيات المائىة الدولية ابتداء من البروتوكول الموقع بين بريطانيا العظمى وإيطاليا سنة 1891, ومرورا بمعاهدة 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا, كما تناولا الاتفاقية الموقعة بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا سنة 1906 في لندن, والتي تنص على حقوق مصر وبريطانيا في النيل, وتحظى الاتفاقيات الخاصة بحوض النيل وأنهاره باعتراف منظمة الوحدة الإفريقية, وذلك إعمالا لمبدأ احترام السياسة القائمة, أما بين مصر والسودان فقد أبرمت اتفاقيتان 1929 و1959. أما بالنسبة للسياسة المائية في حوض النيل إجمالا فتؤكد السياسة المصرية على الحقوق المكتسبة لمصر في مياه النيل وحقها في الحصول على نصيب مناسب من أي إيرادات إضافية, معتمدة بذلك أداتين للتحرك الدبلوماسي بهذا الخصوص تتمثل الأولى في "الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل", والثانية منظمة "الأندوجو" التي أنشئت بناء على اقتراح مصر, وبتأييد من السودان سنة 1983, والتي تنظر إلى الأنهار الإفريقية كجزء من البنية الأساسية الضرورية للتعاون الإقليمي. لقد شهدت مصر تفاعلات دولية وإقليمية فيما يخص موضوع المياه إبان قرار بناء السد العالي بعد ثورة 23 يوليو حيث كانت المشكلة التمويلية هي المشكلة المحورية في بداية التفكير بالمشروع, وأبدت الولايات المتحدة وبريطانيا والبنك الدولي آنذاك تمويل المشروع لأغراض ومصالح سياسية تجعل مصر خاضعة للسيطرة الغربية, وبعد أن سحبت الدول المقدمة للعروض عروضها وعدوان 1956 على مصر, اتجه الرئيس جمال عبدالناصر إلى الحكومة السوفييتية لتمويل المشروع ونجح المشروع وتم بناء السد العالي, برغم الظروف والتداخلات الدولية آنذاك. إسرائيل والنيل وشهدت اتفاقيات السلام بين مصر وإسرائيل كشف بعض العلاقات الدولية المتعلقة بمياه حوض النيل وعزم السادات على جر مياه النيل إلى القدس ضمن إطار الاتفاقيات, فإن التنمية في جمهورية مصر العربية بحاجة إلى مياه "والتفريط في مياه النيل أمر غير وارد في الوقت الحاضر, فقد أصبح موضوع نقص المياه معروفا لساسة مصر معرفة جيدة" أما بالنسبة للسودان, والتي وقف عندها الكاتبان لفترة وجيزة واثيوبيا وبقية دول حوض النيل فتشارك مشاركة فعالة في الاتفاقيات التي عقدت في إطار مياه النيل, وبرغم العرض الموجز الذي قدمه الكاتبان فإنهما تجاوزا قضية الاتفاقات السرية الإسرائيلية الإثيوبية للضغط على مصر والسودان بواسطة مياه النيل, وبرغم ذلك التجاوز الذي لا نستطيع الحكم عليه "عمدا أم دون عمد", فإن المتتبع للسياسة المائية الدولية والإقليمية في حوض النيل سيقرأ عزم شركة تاهل الإسرائيلية على القيام بأعمال مائية في أريتريا لحساب البنك الدولي وأعمال إنشائىة في أوغادين, ويهدف التعاون الإسرائيلي الإثيوبي في ذلك الوقت لتنفيذ المشاريع الإثيوبية التي سبق أن أعلنت إثيوبيا عزمها على تنفيذها, وقد مر الكاتبان على هذه المشاريع مرور الكرام دون ذكر الطرف الصهيوني, وتشمل هذه المشاريع إنشاء 26 سدا على نهر النيل الأزرق لري 400 ألف هكتار وإنتاج 38 مليار كيلوواط ويأتي هذا التعاون بين إسرائىل وإثيوبيا تتويجا لتعاون سري بين الطرفين قدمت إسرائيل بموجبه القنابل العنقودية وطائرات الكيفير للجيش الإثيوبي فيما سمحت السلطات الإثيوبية باستئناف تهجير يهود الفلاشا إلى فلسطين المحتلة, وتسعى إسرائيل من وراء ذلك إلى زيادة نشاطها في منطقة القرن الإفريقي وتوطيد أقدامها في المنطقة لتعزيز دورها في أحداث جنوب السودان والسيطرة على مدخل باب المندب من خلال إقامة منشآت عسكرية في جزيرة دهلق. وعندما ينتقل الكاتبان إلى العلاقات الدولية في حوض دجلة والفرات, فإنهما يمران بإيجاز على أهم قضية مائية في الشرق الأوسط والدول العربية بشكل خاص, وذلك من خلال العلاقات الثلاثية التركية ـ السورية ـ العراقية, وما أفرزته هذه العلاقات من محاور ثانوية قائمة بين كل بلدين على حدة. فتتمثل بين سوريا والعراق بالأزمة التي بلغت الذروة سنة 1975, أما بين العراق وتركيا فتتمثل بمطالبة العراق الدائمة بحقوقها من نهر الفرات, وعدم القبول بمبدأ اعتبار نهري الفرات ودجلة موضوع حوض مائي واحد, فيما يتعقد الأمر بين سوريا وتركيا, وذلك للأضرار الكبيرة التي ألحقها مشروع "جنوب شرق الأناضول الكبير" GAP بالزراعة والطاقة الكهربائية السورية, وربط تركيا موضوع المياه بمتاهات سياسية أخرى وربط قضية المياه بالنفط لدى الدول العربية ومنها سوريا التي بدأت تباشيره في بداية الثمانينيات, "وشهدت العلاقات الثلاثية تقاربا أكثر في الأيام الأخيرة وقد يسفر هذا التقارب عن تفاهم واتفاق حول هذه القضية المصيرية". وتتعقد العلاقات الدولية في إطار حوض الأردن والجنوب اللبناني, كما أوضح الكاتبان بسبب وجود الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية, وحركة الاستيطان الكبيرة التي قام بها اليهود منذ مطلع القرن في فلسطين والدبلوماسية الصهيونية العدوانية التي تكرس جهودها للاستحواذ على المياه العربية (الفلسطينية ـ السورية ـ الأردنية ـ اللبنانية). البدائل الفنية تشير دراسات عديدة ـ ومنها التي قامت بها المنظمة العربية للتنمية الزراعية ـ إلى أنه بحلول عام 2000 يمكن زيادة الموارد المائية السطحية. إن البدائل المطروحة لتخطي العجز المائى العربي الحالي تتركز ضمن ثلاثة محاور رئيسية: ترشيد استهلاك الموارد المائية المتاحة, أولها وتنمية الموارد المائىة ثانيها, وثالثها إضافة موارد مائية جديدة. ويشكل المحور الأول قاعدة أساسية لسياسة البدائل المائية, فيمكن رفع كفاءة وصيانة وتطوير شبكات نقل وتوزيع المياه, حيث يهدر في الوطن العربي ما نسبته من 40 ـ 50% من إجمالي المياه المنقولة, ويقدرها البعض بـ 60% وهذه نسبة مرتفعة جدا يمكن الاستفادة منها سيما أن هذه المياه المهدورة قد أنفقت عليها أموال طائلة في معالجتها, وتذهب بعدها هباء, ويمكن رفع كفاءة الري الحقلي, وتغيير التركيب المحصولي وتطوير نظم الري المختلفة. أما تنمية الموارد المائية المتاحة فتشمل التوسع بمشروعات السدود والخزانات, وتقليل الفاقد بالبخر من أسطح الخزانات المائىة في حين يتركز محور إضافة موارد مائية جديدة على إعادة استخدام مياه الصرف بعد معالجتها, وذلك وفق دراسات واعتبارات أساسية تتعلق بتركيبها الكيمياوي, ونسبة المواد المختلفة فيها. كذلك مياه التحلية. ويعرض الكاتبان في الفصل الرابع تاريخ استخدام التحلية والطرق الصناعية لتحلية المياه, ويستعرض الكاتبان الطاقة الإنتاجية للتحلية في الوطن العربي ضمن جدول تأتي فيه السعودية, والكويت, والإمارات, وليبيا, والعراق في المراكز الخمسة الأولى. يلقي الكاتبان في الفصل الخامس نظرة بانورامية على الأوضاع المائىة العربية ضمن العلاقات المختلفة بدول الجوار, ودول المنبع, والدولة المهيمنة على الأوضاع في العالم خاصة بعد انفرادها بزمام الأمور, وهي الولايات المتحدة الأمريكية. فعقب انهيار الاتحاد السوفييتي, وبالتالي فقدان النظام القائم على الثنائية القطبية يرى الكاتبان أن احتمال تطور العلاقات المستقبلية يفضي إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية: الأول يؤكد أصحابه أن الحالة الراهنة حالة سيولة دولية, وذلك انطلاقا من كون حركة القوى الفاعلة في النظام الدولي في حالة تغير. أما الاتجاه الثاني فيتبنى فكرة هيمنة قطب واحد (U.S.A), وهناك من يشرك هيمنة تكتل رأسمالي غربي أركانه أمريكا وأوربا الموحدة واليابان, في حين ينطلق الاتجاه الثالث من تقسيم النظام الدولي إلى شقين: الاقتصادي النقدي, والاستراتيجي. ويشير الكاتبان إلى دور عملية السلام المرتقبة في تشكيل أنظمة جديدة سياسية واقتصادية واستراتيجية في منطق الشرق الأوسط, خاصة في الدول العربية, في حين يهدف المشروع المائي العربي إلى تحقيق الأمن المائي العربي من خلال التمسك بالحقوق المائية العربية, وتنمية الموارد المتاحة على المستوى القطري والقومي آخذا بعين الاعتبار المشروع المائى التركي الـ GAP وخطره على المنطقة العربية سيما أن تركيا معدة لتلعب دورا إقليميا. ويورد الكاتبان مقولة لشيمون بيريز ما نصها: "إن المعادلة التي سوف تحكم الشرق الأوسط الجديد سوف تكون عناصرها كما يلي: النفط السعودي + الأيدي العاملة المصرية + المياه التركية + العقول الإسرائيلية". ويتضمن مشروع المياه التركي المنوه عنه مشروع الأناضول GAP ومشروع "السلام" الهادف إلى مد المياه من تركيا إلى دول الخليج العربي. أما المشروع المائي الإسرائيلي فيمثل محورا رئيسيا للوجود الإسرائيلي في المنطقة العربية وتعطي إسرائيل قضية المياه, والمستوطنات أهمية قصوى تعادل أمنها السياسي ووجودها. ويورد الكاتبان أربعة سيناريوهات لمستقبل المياه في الشرق الأوسط حيث يعتمد السيناريو الأول على عملية السلام وتوافر إطار اتفاقي تعاهدي تقر به الأطراف المختلفة, كالدول العربية ودول الجوار والقوى العالمية المعنية. أما السيناريو الثاني فيأتي ضمن سياق عملية السلام, ولكن أن يتجاوز النظام العربي حالة الانهيار إلى درجة من التنسيق ويتيح لبعض عناصر المشروع العربي لتتداخل مع المشروعات الأخرى الإسرائيلية والتركية. ويستند السيناريو الثالث إلى عملية السلام, ولكن النظام العربي يسيطر على مقدراته ويخطط لمستقبله وفقا لأولوياته وطموحاته. وينطلق السيناريو الرابع من حالة الحرب منطلقا من مؤثرات أخرى غير مائية مثل التوازن الاستراتيجي الإقليمي. ويرجح الكاتبان السيناريو الثاني لظروف موضوعية يرتئيانها. تجاوز الأزمة يجمل الكاتبان في هذا الفصل الرؤية المائىة العربية ابتداء بمصادرها المختلفة وأهميتها والمؤتمرات واللقاءات الدولية التي عقدت في هذا الشأن. كما يستعرض الفصل الدور البريطاني المائي في المنطقة من خلال الاتفاقيات التي وقعها, وذلك كون بريطانيا كانت المهيمنة على معظم الدول المائىة العربية, ثم الدور المائى للولايات المتحدة الأمريكية, وارتباط مصالحها بقضية المياه في الوطن العربي. وعرض الكاتبان دور البنك الدولي وفكره المائي الجديد, وأدوار القوى الإقليمية في المجال المائي كإسرائيل وأطماعها المائية من الفرات إلى النيل مرورا بمياه الأردن والضفة وجنوب لبنان, وتركيا بمشاريعها المائىة الحالية والمستقبلية. ويختتم الكاتبان الكتاب بسؤال عن كيفية مواجهة التحديات المائية المطروحة بعد أن تم التعريف بأزمة المياه من خلال هذا الكتاب وغيره من الكتب التي نشرت ويرى الكاتبان ضرورة توافق وتكامل الجوانب السياسية والقانونية والاقتصادية والاستراتيجية والتكنولوجية, ويرى الكاتبان أن الجامعة العربية هي الجهة الأنسب للقيام بمهمة إيجاد الآلية المؤسسية العربية لحل قضية المياه العربية.
|