فن النوم يصبح علما حقيقيا

فن النوم يصبح علما حقيقيا

برغم أن النوم يستغرق ثلث حياتنا, فإننا نجهل الكثير من وظائفه الأساسية.

اقتصرت المعلومات على وصف النوم وصفا ظاهريا من خلال تصوير الدماغ إلكترونيا, وساعد ذلك على رؤية المخ والتعرف على حالته أثناء النوم, وبناء على ذلك تم تقسيم فترة النوم إلى ثلاث أو خمس مراحل. كما ينقسم النوم إلى نوعين رئيسيين:

النوم البطيء

ويمر النوم البطئ في عدة مراحل: المرحلة الأولى وهي مرحلة النعاس, المرحلة الثانية وهي مرحلة النوم الخفيف, أما المرحلتان الثالثة والرابعة من النوم البطيء فتتمثلان في النوم العميق الذي يمثل 25% من الليل, والحقيقة أن التوتر العضلي أثناء النوم يظهر بشكل دائم حتى لو قل خلال النوم العميق. لكن النوم يبقى وسيلة لاستعادة النشاط البدني والذهني.

ويساعد النوم البطيء ـ والذي يتحرر خلاله هرمون النمو ـ بشكل رئيسي على تجدد جميع خلايا الجسم من الرأس إلى أخمص القدمين بما فيها جهاز المناعة.

النوم المتناقض

يمثل النوم المتناقض 20% من الليل وقد سمي بذلك لأن المخ يكون أثناءه أكثر نشاطا منه في حالة اليقظة. إنها الفترة التي يحلم خلالها النائم حيث تكون عضلاته مرتخية تماما والعينان تنتابهما حالات حركة معقدة. كما تكون ضربات القلب غير منتظمة. وعملية التنفس غير طبيعية. إن النوم المتناقض يهدف بشكل رئيسي إلى تحقيق التوازن النفسي كما أنه يؤثر إيجابيا على الذاكرة.

ويؤكد الباحث "ميشيل جوفيه" الذي يترأس وحدة علم الأحلام بفرنسا أن النوم المتناقض قد يسمح بمراجعة منتظمة للسلوكيات الخاصة بالبشر لكنه مسئول أيضا عن الذاكرة حيث تتم معالجة المعلومات خلال النوم الذي يعقب التعلم, كما أن النوم المتناقض يقوي الذاكرة, فالذكريات تحفر في المخ بسهولة أكثر حينما تستثار وحينما تعقبها فترة من النوم.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل النوم يساعد على الابتكار ويقوي روح الإبداع لدى الإنسان? إن البعض يعتقد ذلك. لكن المدرسة الأمريكية "ستيفين لابيرج" لم تجد بعد الحل الأمثل لجعل أحلامنا وسيلة للإبداع. إلا أنه من المؤكد أن هذه الحالة الخصبة للمخ تثير اهتمام المولعين بالإبداع.

ولكن ما ينبغي معرفته هو: أي نائم أنت? يقول البرفيسور توشون من "مونبيليه": إن الغالبية العظمى من الناس ينامون من سبع إلى ثماني ساعات يوميا بالنسبة للبالغين. لكن ذلك لا يمنع من وجود بعض الحالات الشاذة: 5% من السكان يحتاجون إلى النوم أقل من ست ساعات أو أكثر من تسع ساعات.

والأمر المثير هو أن الجزء المفيد من فترة النوم سواء كان النوم المتناقض أو النوم البطيء العميق هو نفسه. ولكن موضوع الخلاف هنا هو أن الشخص كثير النوم ينام نوما اختياريا أكثر من غيره (المرحلتان الأولى والثانية).

ومن المعروف أيضا أن الأشخاص ذوي الأوضاع الخاصة مثل: السباحين الذين يشتركون في مسابقات المسافات الطويلة والذين يجرون أو يختصرون فترات راحتهم ـ يعملون على رفع فاعلية الأجزاء المفيدة من فترة نومهم, وبناء على ذلك فإن المرحلتين الأولى والثانية ليس لهما وجود في فترة نومهم.

ولكن أحيانا قد يكون المرء مريضا فينام فترات قليلة جدا, كما هي الحال بالنسبة للأشخاص المسنين الذين يكون نومهم متقطعا. أو قد ينام كثيرا أي أنه مصاب بمرض الإفراط في النوم الذي يصيب ما بين شخص إلى شخصين من بين كل عشرة آلاف شخص حيث ينام المصاب بهذا المرض أربع عشرة ساعة خلال الليل, وحينما يستيقظون صباحا يكونون مشوشين تماما, كما أنهم ينامون ثلاث ساعات خلال فترة ما بعد الظهر. في الحقيقة من الضروري عدم إغفال وإهمال هذه الاضطرابات الشديدة المتعلقة بالنوم, إنها تحتاج إلى دراسة, فربما تكون ناتجة عن الإصابة بأمراض خطيرة مثل انقطاع أو توقف التنفس الذي يصيب من 1 إلى 2%, من الفرنسيين وينتشر بشكل خاص بين الرجال الذين يشخرون ثم يتوقفون عن التنفس لفترة تتراوح بين ثلاثمائة إلى خمسمائة مرة خلال بضع ثوان. إن ذلك يسبب النوم المتقطع ويؤدي بالتالي إلى النعاس والخمول خلال النهار. إن الخطورة تكمن في أن المرء قد يعاني من هذا المرض دون أن يشعر.

ولكن كيف ننعم بنوم مريح? وهل يعتبر ذلك حلما? لا شك أن ذلك ليس بالأمر اليسير ولا سيما إذا ما ترسخ في عقل الإنسان أن النوم حالة عارضة يحيط به الأعداء من كل مكان. لكن العدو الرئيسي هو الألم الذي غالبا ما يكون مرتبطا بالسرير.

يقول الدكتور "هولو" أخصائي أمراض الروماتيزم الذي أعد تقريرا عن آلام الظهر خلال النوم: "أخبرني ما يؤلمك, أخبرك بنوع العقار الذي ينبغي عليك تناوله في السرير". ويرى الدكتور "هولو" أن الأمراض الأكثر انتشارا هي الآلام القطنية التي تكون شديدة حول الجزء السفلي من العمود الفقري. ثم تأتي بالدرجة الثانية آلام الظهر حول الجزء الأوسط من العمود الفقري ويعاني منها بشكل رئيسي الذين يتعرضون للشد العضلي المرتبط بالنشاطين المهني والرياضي.

النوم وفقدان الماء

يرتبط هذان النوعان من الآلام بشكل مباشر بالسرير وبنوع المراتب المستخدمة. فالمرء غالبا ما ينام جيدا حينما يأخذ وضعا مريحا يساعد على تخفيف الألم. لكن حركة الإنسان أثناء الليل تجعل الجسم يأخذ أوضاعا مختلفة فيعود الألم من جديد. والحل الأمثل لذلك هو تفادي استخدام المراتب القاسية.

فيما يتعلق بآلام الرقبة ـ التي غالبا ما تكون مرتبطة بالآلام المفصلية الدماغية ـ فيكون من الضروري تغيير الوسادة.

كما ينبغي أن نعرف أن الجسم يحتاج إلى التنفس. فالجلد يفقد كل ليلة ثلاثة أرباع لتر من العرق تتسرب في السرير أو تتبخر في الهواء. لذلك ينبغي أن يكون للتهوية الطبيعية نصيبها من الاهتمام. ولذا يستخدم البعض المراتب المحشوة بالريش. فهي إذا ما استخدمت بطريقة جيدة (في جو نقي منعش ودون ارتداء بيجاما ثقيلة) تكون فقاعة هواء من شأنها أن تمتص رطوبة تفوق تلك التي يمتصها الفراش التقليدي القاسي.

عدو ضار آخر يتمثل في ملايين الحشود من القراديات المتناهية في الصغر, والتي تأكل القشور الجلدية الميتة. في الحقيقة أننا نفقد ما يعادل ثلاثة إلى خمسة جرامات يوميا من هذه القشور. وتعتبر القراديات ضيوفا طبيعية للأسرة والسجاد وهي لا تعتبر أعداء لنا. إن ضررها الوحيد يكمن في أنها, مع كثرتها, تسبب لدى البعض حساسية من الفضلات التي تفرزها أثناء مرورها. من الأفضل إذن الحد منها في حالة تعذر القضاء عليها تماما. وفي هذا الصدد هناك حلان: اتباع القواعد الصحية من خلال التنظيف الدوري لجميع أجزاء السرير والشراشف والسجاد. واختيار الوسائل التقنية المريحة كاستبعاد السجاد ما أمكن واستبداله بالأرضية الخشبية أو البلاط. استخدام المراتب المضادة للحساسية المزودة بقماش خاص والمعبأة بعصارة النباتات الصناعية.

قد يكون هناك حل آخر يتمثل في مراتب الريش مع دوام المحافظة على نظافتها.

هناك مسببات إزعاج أخرى كالضجة بأنواعها: الضجة الصادرة عن الأرض الخشبية من سكان الطابق العلوي وغالبا ما تكون عبارة عن صرير مزعج. أو تلك الناتجة عن شاحنة جمع القمامة خلال الصباح وهذه بالذات تعتبر صدمة أكبر مما نتخيل. وقد ينزعج النائم أحيانا من أصوات وضجيج عائلي فيصبح نومه متقطعا.

من خلال تجارب أجريت على نائمين يعيشون بالقرب من مفترق طرق تبين أن نبضات القلب تتسارع في كل مرة تضيء فيه الإشارة الخضراء.

بقي أن نعرف أول ضحايا الإزعاج هم هؤلاء الذين يكون نومهم بطيئا وعميقا.

من المجدي إذن اتباع بعض الإرشادات المفيدة مثل: توفير الزجاج المزدوج, الستائر, السجاد ولا ينبغي إغفال حرارة المكان. فكلما كان الطقس باردا كانت الأحلام أهدأ, والحرارة المثالية لغرفة النوم هي من 18ْ إلى 20ْ درجة مئوية بالنسبة للبالغين ومن 17ْ إلى 19ْ درجة مئوية بالنسبة لمن هم أصغر سنا. إن الأمر لا يحتاج إلا إلى عملية تأقلم.

إن القاعدة المثلى للنوم هي امتلاك غرفة مهواة بشكل جيد, والتقلب على مرتبة ريش, واستخدام غطاء مناسب للفصل, حينئذ يكون عليك فقط إغماض عينيك والاستغراق في نوم عميق مليء بالأحلام الوردية.

 

نزيهة المحميد
  




الكمبيوتر يساعدك على اختيار المرتبة المناسبة





لوسيل جارما تعالج الذين يعانون الأرق والشخير