عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

بداية للعبور

عزيزي القارىء

عام جديد سعيد, وعدد جديد في مستهل سنة تفتح أبوابها للدخول, وللعبور أيضاً, فنحن أحوج مانكون لعبور مساحات كبيرة وعديدة أطلنا الوقوف بها. وهذا العدد الذي نفتتح به عامنا هذا يحمل في طياته دعوات عديدة للعبور. العبور العام على المستوى القومي. والعبور الخاص على مستوى هذه المطبوعة, التي تدخل العام الأخير من عقدها الرابع. وبين هذا وذاك, تتكرر دعوات العبور, بصورة واضحة حينا, وبصورة مضمرة في حين آخر.

يحمل هذا العدد ملفاً خاصاً يتمحور حول لحظات الانتصار والانكسار في التاريخ العربي, وتلمس التاريخ في لحظات الانكسار والانتصار, غايته فهم لماذا انتصرنا يوما ولماذا ننكسر في يوم آخر, والمراد بالطبع أن نستضيء بدرس التاريخ لعلنا نحسن الخطو في راهننا ونحسن السعي باتجاه المستقبل, الذي إما نكون فيه أو لانكون. ولانزعم أن هذا الملف يعد بكل مايمكن أن يقال في هذا الشأن الكبير, ناهيك عن الاتفاق أو الاختلاف مع الآراء التي يحملها, لكن حسبنا أن نفتح هذا الباب, حلماً بعبور نفق لاشك أننا ـ كعرب ـ نسير فيه الآن, هذا غير نفق المسجد الأقصى الذي تفتحه إسرائيل في عيوننا.

وفي هذا العدد ملف ثانٍ, يدعونا إلى العبور أيضاً, لكنه عبور روحي, على جسر الشهر المعظم, شهر رمضان الكريم. والملف يحتفل بقدوم هذا الشهر احتفالاً خاصاً يتأمل مافي أضوائه من أسس التنوير الإسلامي, والبصيرة البيئية, وعلوم النفس, والفلك, وتحليقات الروح في رحاب الحرم المكي. وفي ذلك كله بعض من جسر تتوق إلى عبوره الأرواح نحو آفاق من يقين الإيمان الذي لم يعد عنه غنى في عالم يهتز تحت الأقدام, أقدام المسلمين خاصة.

أما هذا العدد, نفسه, كمطبوعة, فإن فيه عبوراً من نوع آخر, عبوراً تقنياً خاصاً. إذ تم نقل نسخة "إلكترونية" منه إلى القاهرة لتكون هناك طبعتان من الأصل الذي يجهز في الكويت, أولاهما تطبع في الكويت لتوزع في المشرق العربي وأنحاء العالم المختلفة. وثانيتهما تطبع في القاهرة لتوزع في مصر والشمال الإفريقي. وهذا الإنجاز التقني خطوة مهمة لتخفيف عبء وتكاليف النقل, وطبع قرابة الثلاثمائة ألف نسخة في فترة أقصر تتيح وصول المجلة إلى مواقع متباعدة في موعدها, لتجاوز سلبية تأخير وصول العدد في وقته.

جسور مكانية وزمانية وروحية وثقافية, صار محتما علينا أن نعبرها نحو آفاق أرحب. أشرنا إلى بعض منها في هذا العدد إشارات مركبة. وثمة إشارات أخري منفردة نجدها في افتتاحية رئيس التحرير عن مفهوم جديد وخطير في الثقافة السياسية هو "التحول الحرج", وفي اقتراب البشرية من عبور رعب مرض العصر, وفي استطلاع تشيكيا التي لاتعرف ينابيعها الحدود.

عام جديد, وعبور متجدد..

ورمضان كريم عزيزي القارئ.

 

 

المحرر