حكاية الغول عبده بدوي

حكاية الغول

شعر

1- كان عصفورا وديعا وضئيلا
وجهه وجه سماوي يُغَنِّي بين هاله
واليمامات النَّشاوى زرعت فيه الهديلا
من يُحدِّق قال: إن النور طفل بين لوحه
بالزوايا، بالفم المرسوم يرتاح قليلا
كلما سار تحروا خُطوةً في إثْر خُطوه
فلقد ظن- كما قيل- رسولا
.. وَضَعُوا في الخدِّ ورده
وهلالا في جبينه

وجناحا لملاك حالم حلما خجولا
هكذا كان شفيفا- في ضحاهُ- وجميلا
2- حينما ساقوه شوقا في صباح يتوثب
يحمل الخادمُ عنه الرأسَ، والدَّرْسَ المعلَّبْ
لم تَدُر في الرأس آله
لم يضئ في القلب كوكب
لم يشأ في يومه إلا الرحيلا
ومشى عمرا أجشًّا، وغدا وحشا جهولا
خَشْخَشَت فيه الشراسه
والْتَوَى أنف، ومِخلب
وعَوَى ذئبا ملولا
.. رغم هذا كان رأسا في القوائم
وهي أُولى! وهي أُولى!
فالحصانُ الوغْد أضْحى يملأ الدنيا صهيلا
3- وأخيرا يَفْرَعُ الأندادَ عَرْضًا، ثم طُولا
يملأ الأُفق خُوارا مثل "عِجْل السَّامريّ"
يُغْرق الأرض دماء مثل ثأرٍ جاهليّ
قال: يا قوم اسْتريحوا
- بعد أن شُيِّد فوق الْقوم صَرْحُه-
إنَّني كل بِواحد
لن تروا عني بديلا
إن هذي الشمس شمسي، والمدائنَ، والفُصولا
فارْحـلوا عنى بعيداً، لا أَرى إلا فلولا !
4- فُزِّعُوا، صاروا هَباءً، وقطيعاً، وذهولا
حِينمَا قد أبْصروا في الرأْس آله
بعد صَمْت قعقعتْ رعدا مهولا
والفؤادَ - وكان قبرا-
صار صَخْرًا مُسْتحيلا
قال: صَمْتًا
فاستحالوا دون أهْل الأرضِ قيلا
قال: صَلّوا
قيل: صَلَّيْنا طويلا
صاح؟ مُوتوا
قيل: متنا منذ أن أصبحت غولا!!
5- ثم ماتوا في حكايه
نَقَشَتْها جدَّةٌ نَقْشًا أصيلا
في زوايا قريةٍ لمَّا تزلْ تَشْكو الأفولا
.. ومضى الليلُ ولكنْ، هَزَّ في الفجر الصَّليلا!!

 

عبده بدوي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات