عزيزي القارئ

 عزيزي القارئ
        

تساؤلات الهوية

          ينطلق بنا الشهر العاشر من هذه السنة مسرعاً نحو طي صفحة أخرى من سنوات العمر.

          هذا العمر الذي تدرك إيقاع أيّامه مجلة (العربي) وهي تنطلق للتأكيد على اللغة المشتركة للبشر في هذا العصر، حيث الثقافة والعلم وسيلتان نحو التفاهم والتكامل وبناء الجسور الواصلة بين أبناء الحضارات المختلفة.

          ولعل هذا ما شدّدت عليه (العربي) طيلة مسيرتها التي اقتربت من العام الثالث والأربعين، وتمكنت خلالها من حفر نفق متميّز للعبور إلى المستقبل وبطريقة تؤدي إلى إحداث نقلة مختلفة وحضارية في الوقت نفسه. هذه الحضارة التي أنارت الطريق قديماً، ومازالت تدفعنا للإسراع بتعويض ما فات، والسعي باتجاه الإمساك بالزمن القادم.

          هنا تؤكد (العربي) على ضرورة تحريك الحياة الثقافية والعلمية العربية ووضعها على طريق النهضة من جديد، هذه النهضة التي تبدأ بتوحيد الجهود، والبحث عن الخطوط المشتركة بينها، تدفع مجدداً إلى فتح ملف اللغة باعتبارها هوية لا بديل عنها، وطريقاً ممهداً لتحقيق الوحدة السياسية. وحين تعيد (العربي) التأكيد على أهمية لغتنا، فإنها تدرك أن هناك حاجة لطرح كل التساؤلات في هذا الشأن بحثاً عن أجوبة بات من الضروري رصدها في ظل إيقاع خطوات العولمة التي تسللت - بالفعل - داخل أنماط حياتنا، الأمر الذي أثار العديد من المخاوف حول مصير لغتنا في ذلك العصر الذي تسارعت خطواته، وتزايد حجم التبدلات فيه. وهي تبدلات بقدر ما أسقطت أنظمة طاغية وأنساقاً ظلت جاثمة طويلاً، فإنها باتت في الوقت نفسه تهدد باكتساح خصوصيات ثقافية واجتماعية للشعوب، الأمر الذي يدعو من جديد إلى التأكيد على أهمية الحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية، وضرورة الدفاع عنها بكل ما نملك. وهذا تحديداً ما تشير إليه (العربي) في مقالاتها بهذا العدد حول اللغة العربية، وما تسلط عليه الضوء في تناولها لعلم الجمال الإسلامي وفنون الأجداد العظام،وهو ما تطير لأجله مجلة العربي الى ايران حيث ترصد هناك اهتماما فائقا باللغة العربية والتأكيد على خطوط الالتقاء بين الثقافتين العربية والفارسية، وما أبدعته العقول المنيرة في الحضارتين، وهي إبداعات بات من الضروري التأكيد عليها في هذا الزمن الذي يتغير إيقاع خطواته بشدّة، وتتجه شعوبه نحو أشكال من العلاقات، من أهم خصائصها البحث عن بدائل للحروب وعدم اللجوء للقوة العسكرية ولغة التهديد والوعيد التي باتت من مخلّفات القرون البعيدة.

 

المحرر