مساحة ود

مساحة ود

ارتباط عائلي

منذ أن أبدينا العزم على السفر لقضاء العطلة الصيفية في الخارج! ونظام البيت منقلب رأسا على عقب. المناقشات جارية بين الأولاد حول أي المناطق سيزورونها وكيف ستبرمج أولوية الرحلات! وخطط كثيرة أخرى أجبرتني على الاستماع فقط دون المجازفة بالحديث! كي لا أتورط بمناقشات تمتد إلى ساعات الفجر الأولى. فأولادي الثلاثة كل منهم يحمل طباعا وميولا وآمالا وخيالا يختلف فيها عن الآخر.

حقائب السفر ظلت مفتوحة أياما في غرفة الأولاد! كل يوم يضاف إليها شيء جديد والقائمة لا تنتهي! مجادلات بين ابنتي وأخيهما أسمعها من حين لآخر كل منهم يصر على اختيار المدينة التي سنتوجه إليها فور وصولنا. حتى المصابيح لم تنطفىء طوال الليل! وفشلت جميع محاولاتي ومحاولة والدتي التي تعيش معنا لإقناع الأولاد بالخلود إلى الراحة والنوم والتقليل من هذه الفوضى في البيت.

الوحيد الذي لم يتأثر بكل هذه الفوضى في الترتيبات زوجي العزيز! كعادته يدخن غليونه ويقرأ كل سطر في جريدة الصباح مع العلم بأنه يقرؤها في المساء. كانت علاقة ابني الأكبر بجدته (والدتي) قوية! فهو ابني البكري وهي التي تولت تربيته! وهذا العام لن تسافر معنا لإصابتها بمرض السكري. كنت في الصالة أثرثر لزوجي الصامت العاشق للجريدة حول وضع الأولاد حين دخل ابني يتساءل بضيق: هل صحيح ما سمعته بأن جدتي لن تسافر معنا? نظرت برفق إليه وقلت: عزيزي أنت تعلم أنها لا تقوى على ساعات السفر الطويلة والانتقال من مكان لآخر! ثم هناك حقنة لمعالجة السكري لابد أن تأخذها كل يوم! لا تقلق ستكون بخير مع خالتك. كانت نبرات صوته تحمل الكثير من الرفض حين قال: لكنك تعلمين أن خالتي تعمل صباح مساء! وستكون جدتي وحيدة أغلب الوقت! أجبته بهدوء لإقناعه: جدتك لا ترغب في السفر وهذا قرارها. خرج غاضبا بينما ردد زوجي الذي اكتفى بالإنصات فقط: لقد كبر الأولاد بسرعة.

قبل السفر بيومين فوجئنا بقرار اتخذه ابني الأكبر: لن أسافر معكم وسأرافق جدتي لمنزل خالتي ولعلمكم سأصحبها إلى المنتزه البحري وسنقضي وقتا ممتعا هناك. هممت بالرد فقاطعني: أمي أرجوك هذا قراري ولا رجعة فيه. وخرج وتركني في ذهول شديد! نظرت لزوجي الذي اعتدل في جلسته وغاص في سطور الجريدة! وهو يبتسم ابتسامة خفية.

 

خديجة نصير