أرقام
أرقام
أيـدز "97" في النصف الثاني من عام "96" أذاع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة تقريره السنوي عن "التنمية البشرية" وسجل فيه لأول مرة أن أحد المؤشرات الثلاثة لقياس التنمية البشرية يتراجع.. وبينما تحسنت أحوال التعليم! وتراوحت القدرة الشرائية للمواطنين صعودا وهبوطا في المناطق الجغرافية المختلفة فإن المؤشر الثالث وهو متوسط العمر قد أصابه الاهتزاز وبعد أن كان في تقدم مطرد جاء مرض الأيدز ليجعل حركته إلى الخلف. وقف الخبراء أمام عامين: "1980"! "1992" وركزوا دراستهم على "56" بلدا.. فاتضح لهم أن متوسط العمر بسبب الإصابة بالأيدز قد تراجع بمقدار "1.3" سنة.. لكن المأساة تبدو أكثر من حيث التفاصيل. تراجع متوسط العمر في زامبيا بمقدار عشر سنوات! وخسرت تنزانيا ثماني سنوات! ورواندا سبع سنوات! وإفريقيا الوسطى ست سنوات.. كما تراجع متوسط العمر في بورندي! وكينيا! وملاوي! وأوغندا! وزيمبابوي. المأساة إفريقية في الأساس! لكنها! وفي الترتيب ـ طبقا لتقدير البرنامج ـ سوف تصبح آسيوية أيضا. خريطة الفزع الأيدز! هو مرض نقص المناعة الذي يبدأ بفيروس في خلية! ثم ينتشر في الجسم وبما يفقده مقاومته لأي مرض آخر.. والأيدز له تاريخ قريب! والأهم أن رصد مواقع الفزع قد أصبح منتظما ودوريا.. في الأمريكتين! في أوربا! وفي قارات الجنوب: آسيا وإفريقيا. آخر محطات الرصد كانت في "فانكوفر" بكندا! حيث تم عقد المؤتمر الحادي عشر للأيدز في يوليو 96! وفي المؤتمر أذيع الرقم الصادق "28" مليون شخص تمت إصابتهم خلال خمسة عشر عاما.. وبينهم "21.8" مليون على قيد الحياة. وبينما تقول أرقام الأمم المتحدة أن هناك زيادة لعدد المصابين بمقدار ستة آلاف شخص كل يوم.. فإن الأرقام التي قدمتها منظمة الصحة العالمية لمؤتمر فانكوفر تزيد على ذلك! وهناك "8500" حالة يومياً.. بينها ألف طفل تحت خمس سنوات. المرض يزحف! ولا علاج له حتى الآن غير الوقاية! وسرعة الزحف تختلف من مكان إلى آخر. وتسجل الأرقام أنه من بين المصابين الـ "21.8" مليون.. هناك "14" مليونا في إفريقيا جنوب الصحراء! أي أنها وحدها تمثل ثلثي المصابين في العالم! وتبلغ الإصابة نحو "10%" من السكان بل وترتفع إلى "15 -18%" في بلدان مثل بتسوانا وزامبيا وأوغندا وهي بلدان توطن فيها المرض منذ النصف الثاني من السبعينيات. الغريب! وعلى خلاف القارات الأخرى! فإن نصف المصابين من النساء. إفريقيا جنوب الصحراء هي الأولى! تليها أمريكا اللاتينية وبعدد مصابين يصل إلى "1.3" مليون شخص.. ثم أمريكا الشمالية ويهبط فيها الرقم إلى "780" ألفا.. ثم يستمر في الهبوط ليصل إلى "192" ألف مصاب في أوربا و "13" ألف مصاب في أستراليا. في نفس عام الرصد ـ 1976 ـ كان الموقف في الوطن العربي مختلفا! ففي أدنى السلم توجد منطقتان: شرق آسيا حيث تهبط نسبة الإصابة إلى "0.004%" ومنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط حيث تبلغ النسبة "0.1%".. والأسباب ـ في حالة الدول العربية واضحة ـ فالدين والتقاليد الاجتماعية يقفان حجر عثرة دون انتشارالأسباب المؤدية للمرض.. و.. مع ذلك لم يكن الأمر محل إهمال من جانب الدول العربية. استحدثت الكويت ـ على سبيل المثال ـ نظاما لفحص الراغبين في العمل لديها من الآسيويين وغيرهم في موطنهم قبل الرحيل! ووضعت إجراءات لإبلاغ كل مراكز الحدود الخليجية عن أسماء المصابين الذين يتم ترحيلهم. ووضع أكثر من بلد عربي برنامجا لمكافحة الأيدز! وأعلنت مصر خلال عام "96" أن ما اكتشفته الدوائر المختصة من حالات خلال عشر سنوات هي "757" حالة منها "298" أجنبيا.. وأنه من بين المصريين المصابين بقي على قيد الحياة! حين أذيع هذا البيان "110" أشخاص. اللافت للنظر! وبما يعكس أثر التقاليد الاجتماعية والضوابط الدينية: أسباب الإصابة بالأيدز. تسجل أرقام منظمة الصحة العالمية أن "80%" من حالات الإصابة بالأيدز بسبب الاختلاط الجنسي! طبيعيا أو شاذا.. بينما تسجل نفس الأرقام في بلد عربي هي مصر أن المصابين لأسباب جنسية لاتزيد نسبتهم على "58.4%". في ذات الوقت وبشكل كأنه تبادلي ترتفع نسبة الإصابة بسبب نقل دم ملوث أو بدائل دم ملوثة فتصل في مصر إلى "27.5%" من الحالات.. بينما لايزيد ذلك طبقا للمعدل العالمي على "3%" فقط. و.. مرة أخرى يعكس واقع المجتمع نفسه فتصل نسبة الرجال المصابين إلى مجموع الإصابات في مصر إلى "89.2%". بينما تقترب هذه النسبة في إفريقيا جنوب الصحراء إلى النصف وتحتل النساء النصف الآخر فالعادات الجنسية تختلف هنا وهناك.. وحرية المرأة في الجنوب شيء آخر كارثة الأطفال المرض ـ حتى الآن ـ قاتل! وأسبابه تتصل بسلوك الكبار! خاصة تحت سن الخمسين.. لكن الأطفال أيضا لايفلتون منه. إنهم يتلقون المرض عن طريق الأم! وعن طريق نقل الدم.. والأرقام تقول إنه في عام 1995 فارق الحياة بسبب الإيدز "1.3" مليون شخص بينهم "300" ألف طفل.. وأن هناك ألف طفل جديد يولدون كل يوم حاملين المرض. النسبة عالية! لكنها تختلف أيضا من منطقة إلى أخرى! فكل ماتم تسجيله من حالات إصابة الأطفال في أوربا خلال الشهور الستة الأولى من عام 96 هو "4%" من الحالات فقط. إنها الجغرافيا والتاريخ ودرجة التقدم.. وبينما يسجل المركز الأوربي لمراقبة الأيدز في أوربا أن المرض قد استمر في الشمال الأوربي بسبب الجنس والشذوذ! وفي الجنوب بسبب تعاطي المخدرات عن طريق الحقن.. فإن نسبة الإصابة تظل في أوربا محدودة في كل الأحوال. أوربا تنجو نسبيا بسبب الوقاية الطبية! والدول العربية وبعض الدول الإسلامية تنجو بسبب الوازع الديني.. وتسقط في الفخ دول يغيب فيها الأمران معا. و.. يسألون عن العلاج فيقول علماء الولايات المتحدة: إنه تحت البحث.. وربما يأتي حالا.. عام "2002"! ولاتبقى غير الوقاية علاجا! أو هكذا بدا الموقف في بداية 1997.
العالم كله يحاربه! لكنه مازال الأقوى! وقبيل بداية "1997" اكتشفت الدوائر العلمية أن متوسطات الأعمار في العالم تتراجع والسبب: أيدز.