انتبهوا أيها السادة: لم يعد في المعمورة مكان يغمره الظلام!

انتبهوا أيها السادة: لم يعد في المعمورة مكان يغمره الظلام!

حديث الشهر

والحديث مباشرة هو عن ثورة المعلومات التي بدأت كمفهوم تدخل حياتنا وحياة العالم في الوقت نفسه تقريبا، ولكنها كتطبيق يتلقفها العالم ويتفاعل معها، بينما ينظر الكثيرون منا إليها بريبة وعدم فهم. لقد حلمت أنني قد استيقظت من النوم صباحا فالتقطت آلة صغيرة بجانب فراشي أحركها فتقوم بالأعمال الآنية، فتحت لي جهاز التلفزيون كي أشاهد آخر أخبار العالم، ثم فتحت باب مرآب السيارة في البيت وأخرجت السيارة إلى الشارع أمام المنزل وركب فيها الأبناء والبنات ثم سارت في طريقها تحملهم لتوصلهم جميعا إلى مدارسهم المختلفة، ثم عادت إلى المرآب من جديد وأقفل الباب، وبعد لحظات جاءني إنسان صناعي (روبوت) بوجبة الإفطار.

وأنا لم أغادر فراشي حتى اللحظة. هل هذا حلم أو تصور مفرط في الخيال إلى درجة خارجة عن نطاق العقل الإنساني ويقارب المستحيل المطلق، أم هو احتمال قد لا يكون بعيدا تزفه لنا ثورة المعلومات في القرن الواحد والعشرين? الاحتمالان الآن يتساويان، فالحلم والحقيقة قد يكونان صحيحين. صحيح أن ثورة المعلومات لم تقدم بعد السيارة التي تسير وحدها في الشارع، ولكن الصحيح أيضا أن ثورة المعلومات تستطيع أن تشغّل مصنعا كاملا بعدد قليل من الأفراد. وثورة المعلومات المشتعلة من حولنا قد يعجز الخيال عن تصور ما يمكن أن تقدمه لنا في القادم من الأيام.

اختراق المألوف

الإنسان بطبعه لديه خاصية عدم التصديق لما لا يراه أمامه ويلمسه بيده، فأحد موضوعات التاريخ المتكررة هو عجز الإنسان الظاهر بشكل عام عن تصديق المعلومات التي تتعارض مع أحكامه السابقة. فلم يصدق الألمان ـ إبان الحرب العالمية الثانية ـ إمكان نزول قوات الحلفاء على شاطىء النورماندي في فرنسا برغم الشواهد الواضحة التي ظهرت لهم قبل ذلك، بل والمعلومات الصحيحة والتي وصلتهم، ذلك لأن أحكامهم على التحصينات التي وضعوها هناك كانت قطعية، ولم يصدق الإسرائىليون أن الجيش المصري سوف يعبر قناة السويس سنة 1973، برغم الإعلان عن ذلك أكثر من مرة ـ لأن أحكامهم السابقة عن عجز القيادة المصرية لاتخاذ قرار الحرب كانت قطعية أيضا.

والتاريخ يؤكد لنا ذلك في شواهد كثيرة وفي أكثر من موقع وفي أكثر من ظاهرة، فقد طور المصريون القدماء واحدة من أوائل وسائل القياس الناجحة عندما خطر لهم أن يستعملوا ظل الشمس لقياس مرور الزمن، وكانت النتيجة أول ساعة شمسية بسيطة، ووضعوا علامات الساعة على مسافات متساوية من بعضها البعض، ونحن نعرف الآن أن هذا أنتج بالفعل ساعات ذات أطوال غير متساوية، تختلف حسب اختلاف فصول السنة ولكن لعدم وجود وسائل قياس بديلة، تعود الناس الاعتماد على هذه الآلات الشاذة لقياس الزمن إلى حد ما واقتنعوا بدقتها، وبعد حوالي خمسمائة سنة من اختراع الساعة الشمسية اخترع المصريون الساعة المائية، وقد فزع الصناع عندما اكتشفوا أن ساعتهم المائية الجديدة لم تدل على الوقت نفسه كالساعات الشمسية، فافترضوا أن الساعة الشمسية التي ظلت تستعمل لعدة قرون هي الدقيقة، وأن الساعة المائية هي الخطأ، فصرفوا وقتا طويلا لبناء ساعة مائية غير دقيقة تماما كالساعة الشمسية، ولم تصنع الساعات الآلية التي تدل على قياس دقيق للساعات المنقضية إلا في القرن الرابع عشر الميلادي. ولقد كانت الصين أول أمة تصدر عملة ورقية، وكان ذلك في القرن الحادي عشر الميلادي. ولكنها تخلت عنها لأنها لم تكن مقبولة في أي مكان من الأرض، وانتظر العالم قرونا عديدة لإصدار العملة الورقية الجديدة المقبولة، لقد كان الصينيون محقين قبل قرون، إلا أن اتباع ما وجد عليه الآباء هو القاعدة التي سار عليها الإنسان، أما تقبل الجديد فقد كان دائما الاستثناء.

إن كانت هناك أحكام سابقة لدى الإنسان فهو عادة ما يحاول أن يوائم الأفكار الجديدة بالأفكار السابقة، فإن كانت جديدة كل الجدة رفضها مستكينا إلى الماضي. هذه الخاصية تقابلها خاصية أخرى نقيضة لها، فما إن يسر استخدام الجديد حتى يعتقد الإنسان أن هذا الجديد كان هناك منذ الأزل، فالتلفاز، الذي يحتفظ به كل بيت اليوم من الصعب أن يقنع الإنسان العادي أن الناس عاشوا قرونا عديدة دونه وأنه فقط ظهر في نصف القرن الحالي وانتشر في الربع الأخير منه وهكذا بالنسبة لأي وسيلة حديثة.

وسائل الاتصال الحالية المعروفة من تليفون وتلفاز وراديو والتي نستخدمها اليوم ونعتبرها جزءا من حياتنا، ستجتاحها في القريب ثورة مدهشة فسوف يتضاعف تطورها في السنوات السبع القادمة ـ أي سنة 2005 ـ حوالي خمس وأربعين مرة، أي سوف تنقل المعلومات بسرعة وكفاءة أكثر مما هي اليوم بخمس وأربعين مرة، ولا يستطيع حتى خيالنا الآن أن يتصور كيف ستكون عليه الوسائل فقط بعد سبع سنوات من الآن!

هذا الأمر له نتائج سياسية واقتصادية واجتماعية ضخمة، بل هائلة على الإنسان، وسوف يغير الكثير من الثوابت السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستقرة اليوم، إلا أن مقاومة هذا التطور سوف تبقى معنا أيضا لأنه كما قلت في السابق كل تحسن وتطور في أي مجال من مجالات النشاط الإنساني غالبا ما يلقى مقاومة ممن لهم مصلحة مكتسبة أو متخيلة في بقاء المألوف.

عصر المعلومات

يحدثنا (ولتر رستون) في كتابه المسمى (أُفول السيادة) إن المؤرخين والفلاسفة ينظرون إلى حِقب التاريخ بعد أن تنقضي، ويطلقون عليها مسميات مختلفة مثل العصر الذهبي أو العصور الوسطى أو عصر النهضة، ولكنهم لم ينظروا إلى انقضاء العصر الحالي. فقد أطلقوا عليه منذ الآن عصر المعلومات، وهو كذلك بحق، فالعصر الذي نعيشه لم يشهد عصر قبله مدى سرعة واتساع نقل المعلومات، وهي ثورة حقيقية سوف تؤثر على العالم الذي نعيش، كما لم تؤثر فيه الثورة الصناعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

والدليل لا يحتاج إلى أكثر من خط تليفون وجهاز كمبيوتر صغير، وليس بالضرورة أن يكون هذا الخط التليفوني حتى سلكيا وليس بالضرورة أن يكون مرتبطا بشبكة التليفونات الوطنية، بل يمكن ربط هذا الجهاز لاسلكيا بأحد الأقمار الصناعية وأنت في أية نقطة في العالم، ثم يتم نقل المعلومات، أية معلومات تريدها، من نتائج أحدث البحوث الطبية إلى آخر أخبار سوق العمل. إنها شبكة الإنترنت، وقد يعجب القارىء أو الممارس أن هذه الشبكة عمرها خمسة عشر عاما لايزيد، وتسميها الأدبيات العربية (نسيج العنكبوت الدولي) وهي ترجمة ''World Wide Web" وعادة ما تختصر إلى الحروف الثلاثة الأولى من المصطلح الإنجليزي فتصبح WWW.

هذه الشبكة الكمبيوترية بدأت لتأمين الاتصالات بين وحدات الجيش الأمريكي والدوائر الحكومية والمؤسسات البحثية الأمريكية في حال تعرض الولايات المتحدة لهجوم نووي يقضي على البنى التحتية الخاصة بأنظمة الاتصالات التقليدية، إلا أن الشبكة نمت وتوسعت وتربط اليوم بين ملايين من أجهزة الكمبيوتر في الجامعات والمدارس والشركات والأفراد في مجموعة كبيرة من بلدان العالم، ويمكن لمستعمليها تبادل المعلومات والملفات وإرسال واستقبال الرسائل الإلكترونية بل والتسوق أيضا، من شراء كتاب إلى شراء سيارة، وتقدّر مجلة التايم الأمريكية في عددها الصادر في بداية هذا العام أن مستخدمي الشبكة في أواخر عام 1996 يقدرون بحوالي أربعة وعشرين مليون مستخدم أكثر من نصفهم بقليل في الولايات المتحدة، أما سنة 2000 ـ بعد ثلاث سنوات من الآن ـ فسوف يرتفع الرقم إلى حوالي 67 مليون مستخدم في أنحاء العالم. مجالات الاستخدامات اليوم لهذه الشبكة تتراوح بين التصفح للاطلاع فقط، أي إلقاء نظرة على ما في الشبكة من معلومات ـ وبين الترفيه، ولكن أيضا تستخدم للتعلم والعمل وتبادل المعلومات للأعمال الحرة، والعمل الأكاديمي والحصول على معلومات عسكرية وتقنية بل وقراءة الصحف والمجلات. استيفاء هذه المعلومات قد يوقع في شيء من الحرج، فقد نشرت شخصيا موضوعا في إحدى المجلات الأكاديمية الأمريكية في ديسمبر الماضي هي مجلة ''Middle EAST Quarterly" حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الخليج، وإذ بعد فترة تصلني رسالة من جريدة (وول ستريت جورنال) يستوفي فيها أحد المحررين المهتمين بالموضوع بعض النقاط، عن طريق شبكة الإنترنت التي تشترك فيها مجلة (العربي) أيضا، فقمت بالجواب عليه، وإذ بالمحرر يتضح أنه سيدة قالت في رسالتها الجوابية: هكذا تُخفي شبكة الإنترنت الصوت الإنساني فلا يعرف المخاطب أهو يخاطب سيدة أم رجلا?

شبكة الإنترنت وعصر المعلومات هي إحدى الإجابات الناجعة لما ذهب إليه (صمويل هنتجتون) في كتابه (صراع الحضارات) والذي اقترح فيه أن الحروب بين الأنظمة السياسية والأيديولوجيات والمصالح المختلفة قد انتهت في هذا العصر وأن (حرب الثقافات) قد بدأت. (الشبكة العنكبوتية) في حقيقة الأمر تقرب بين الثقافات وتجمع المشترك فيما بينها، ويتبقى أن هناك احتمالا محدوداً لثقافة الصراع.

إن ثورة المعلومات أو عصر المعلومات برغم كونهما المصطلحين الأكثر ترددا في الصحافة والكتابة، يظل فهمهما حتى الآن بأبعادهما المختلفة محدودا، خاصة من منظور النتائج المباشرة في الاستعمال والنتائج غير المباشرة على المجتمع، وما أعلن عنه بأعلى الأصوات أنه سوف يحدث لم يحدث بعد، فلم يتحقق مجتمع بلا شيكات ومكتب بلا أوراق، وجرائد تصل عبر الكمبيوتر. ولكن هذه الأهداف إما أنه قد تحقق بعضها حتى الآن، أو من المتوقع أن تتحقق في السنوات القليلة القادمة.

ثورة المعلومات تعني شيئين أولهما تقنية الاتصالات الجديدة لبث المعلومات وثانيهما أجهزة الكمبيوتر لمعالجة هذه المعلومات، ولقد تم اقتران هذين النوعين من التقنية التي يتسارع تطورها بشكل مذهل بزواج كاثوليكي، ومن المستحيل أن تحدد الآن آفاق تطور هذا الاقتران، وكما جردت المعلومات الطبية الحديثة الساحر والدجال وريث العصور القديمة من سلطته التقليدية على عقول رجال القبيلة، كذلك سوف تجرد ثورة المعلومات بعض الفصائل السياسية والرسمية من سلطتها على الناس. لقد غيرت حتى الآن العلاقة بين المواطن والحكومة وبين الحكومات وبعضها وبين المؤسسات المختصة الوطنية والدولية وبين الأفراد والجماعات والأجناس تغييرا جذريا ومازالت تفعل.

التأثير السياسي

تقول لنا أدبيات الثورة الروسية إن ليون تروتسكي اقترح على جوزيف ستالين في السنوات الأولى من الثورة الروسية أن يعمم خطوط التليفون في أنحاء الاتحاد السوفييتي الجديد، فكان رد ستالين أن ذلك بمثابة ثورة مضادة، بمعنى أوضح، فإنه بمجرد أن يستطيع الناس الاتصال ببعضهم البعض تتراجع سلطة الدولة عن احتكار المعلومات والمعلومات قوة، وحتى وقت قريب كان العديد من دول العالم يضع عقبات أمام انتقال المعلومات، فهي تراقب وتتشدد وتمنع وها هي المعلومات تقفز خارج هذه الشبكة من العوائق لتصل إلى المتلقي عبر وسائل غير تقليدية ولا تصل إليه بالصوت فقط، ولكن بالصوت والصورة الملونة أيضا، وأمامنا طائفة طويلة من الشواهد التاريخية لما فعلته ثورة المعلومات سياسيا، فلم يكن أحد يتوقع خروج السود الأمريكان عن طاعة السيد الذي سيطر عليهم طويلا، فقد مرت هذه المحنة على السود في الولايات المتحدة لسنين طويلة دون أن يلاحظها أحد وفجأة دخلت كاميرات التلفزيون إلى منازل بعض المتسلطين على السود وأظهرت كلابهم الشرسة وأسواطهم الخشنة وهي تنهش لحوم فقراء السود في القرن العشرين فقدرت جموع الأمريكيين أن تلك التصرفات خاطئة وتطورت حركة الحقوق المدنية للسود، والتي استفادت قطعيا من التلفزيون عن طريق تحشيد الناس في الشوارع، ونقل أخبار المسيرات الضخمة. ومثال الثورة الإيرانية مثال يُردد حتى كاد أن يصبح مدرسيا فقد استفاد الإمام الخميني من أشرطة المسجلات السمعية التي كانت تهرب من الخارج إلى إيران ثم تنسخ بالملايين كي يسمعها العامة وحتى غير القادرين على القراءة فتحيي فيهم روح المطالبة بالتغيير. وفي ندوة علمية عقدها أخيرا مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في (أبوظبي) تحدث خبير الإعلام الفرنسي (إريك رولوا) عن بث تلفزيوني كردي معارض من خلال أحد الأقمار الصناعية التجارية يبث بثلاث لهجات كردية كي يصل إلى جميع الأكراد في الدول التي يعيشون فيها في الشرق الأوسط للتعبير عنهم. ويدافع مستخدمو هذه الوسائل الحديثة في الاتصال عن موقفهم بأن ذلك حق لهم كفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي قال (إن لكل إنسان حق حرية الرأي والتعبير، وهذا الحق يشمل حرية.. تلقي المعلومات والأفكار ونقلها عبر أية وسيلة وبغض النظر عن الحدود..)، وكقاعدة فإن تداول قوة المعلومات يساعد المقهورين ضد القاهرين، ويساعد الأمم الصغيرة ضد الكبيرة، وينحاز إلى المدافع ضد الغازي. ولقد قامت أخيرا حركة معارضة في براغ تبث من إذاعة خاصة لها وجهة نظرها ورؤاها السياسية، فأقفلت حكومة براغ تلك المحطة فكان أن تبنت محطة صوت أمريكا نقل البث فعاد المتظاهرون نتيجة ذلك إلى شوارع براغ للاستماع إلى قادتهم واستمرت التظاهرات.

ولعل من نافلة القول، الحديث عن ثورة الاتصال وأثرها في سقوط الاتحاد السوفييتي السابق ودول الكتلة الشرقية الشيوعية السابقة، لقد اعتمدت هذه الكتلة وحكامها ـ لسنين طويلة ـ على الأشكال التقليدية للقوة، وكان أفقر ما لدى الكتلة هو المعلومات التي ظلت حبيسة الأيديولوجية، وكما قال جورباتشوف نفسه لاحقا (إن الاتحاد السوفييتي في انحدار روحي وكان علينا أن ندفع ثمن التخلف، وسندفع هذا الثمن لوقت طويل، فقد كنا آخر من يدرك أهم الموجودات في عصر علم المعلومات وهو المعرفة واتساع النظرة العقلية والخيال الخلاق)

تضع الدول اليوم قيمة أعلى لحرية الكلمة التي تعبر الحدود وتقاومها حكومات أخرى بالتشويش لسد الطرق أمام الجهود المبذولة للوصول إلى المواطن العالمي، حرب الكلمات هي التي تفرز لنا اليوم محطات البث التلفزيونية الدولية عبر الأقمار الصناعية، وهي ليست إعلاما فقط ولكنها أيضا أمن، باختصار أصبحت السياسة خاضعة للمعلومات. لقد كانت المعلومات دائما مفتاحا للسلطة السياسية، ولكن عندما تسود المعلومات وتفيض وتصل إِلى الناس يصبح المجتمع بكامله مطلعا على ما كان (أسرارا) محمية في يوم من الأيام. وأصبح المواطن يمكن له أن ينضم لحديث وطني واحد، ويبقى أمام السلطة طريقان إما أن تسمح لسياستها أن يوجهها ذلك الحديث الوطني أو تتجه إلى القمع، الأمر الذي يعرضها إلى الازدراء العالمي في عصر المعلومات الفورية. إن أحد الامتيازات الرئيسية التي تتبناها الحكومات ـ في كل تاريخ البشرية ـ هو حقها في ملاحقة مصالحها حتى عن طريق شن الحرب. التلفزيون تسبب في خسارة هذا الامتياز عندما خسرت الولايات المتحدة حرب فيتنام.

لقد قالت مادلين أولبرايت ـ وزيرة الخارجية الأمريكية ـ عندما كانت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وكرر ذلك لاحقا الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي: (إن مجلس الأمن يتكون من ستة عشر عضوا، خمسة عشر عضوا من الدول الدائمة أو المنتخبة من الجمعية العامة، والعضو السادس عشر هو محطة الـ CNN الإخبارية الدولية). هكذا صارت قوة انتقال المعلومات مجسدة ـ كمثال واضح ـ في محطة تلفزيونية دولية توشك أن تضع (جدول أعمال للمجتمع الدولي)، ولم تعد الأقمار الصناعية تحترم الأيديولوجيا، فقد اكتشف قمر صناعي فرنسي هو (سبوت) أطلقته شركة خاصة سنة 6891، كارثة تشرنوبل النووية ـ وظهر ذلك في وسائل الإعلام وعلى صفحات الجرائد العالمية واضطر الاتحاد السوفييتي وقتها إلى تغيير قصته التي أذاعها أول مرة واعترف أن الأمر أكثر خطورة من السابق.

إن سياسة حصارالمعلومات أصبحت غير عملية في أي مكان، عدا جيوب صغيرة دكتاتورية مازالت تقاوم، ولكنها بالتأكيد سوف تفشل في المقاومة. لقد أصبحت هناك سوق عالمية اسمها سوق المعلومات، حتى في الصين بدأت الأبواب تنفتح. لقد حاولت بعض الثقافات ـ من منطلق وطني ـ وقف هذا التدفق، حتى بريطانيا ذات التاريخ الديمقراطي الطويل قاومت إطلاق حرية المعلومات الإذاعية والتلفزيونية حتى السبعينيات من هذا القرن ولكنها لم تستطع بعد ذلك، فأصبح هناك اليوم محطات إذاعية وتلفزيونية خارج السيطرة الحكومية. وثبت نهائيا أن سيطرة الحكومات على المعلومات الواردة إلى مواطنيها ـ ببساطة ـ تتآكل. إن تدفق المعلومات لن يختفي بل يزداد وسوف يحول أحداث العالم كله إلى سبق صحفي محلي، ولقد لاحظ الكثير من الكتاب أن الثورة لا تحدث إلا بعد أن يعلم الناس أن هناك بدائل أفضل لطرق حياتهم المعيشة، وها هي شعوب كثيرة ترى بأم عينيها أن هناك خيارات أفضل مما تعيشه ـ تنقلها لها وسائل الإعلام الدولية كل يوم.

التأثير الاقتصادي

تحت تأثير عصر المعلومات وثورة المعلومات تغير مفهوم ما يؤلف الموجودات وما يخلق الثروة لدى الأمم تغيرا جذريا، فقد أصبح رأس المال العقلي أهم نسبيا من رأس المال المادي، ولم تعدالمعلومات قوة فحسب بل عادت قوة وثروة، أيضا هي معرفة تطبق على العمل فتخلق قيمة مضافة، وملاحقة الثروة اليوم هي ملاحقة المعلومات. ولكن المشكلة الكأداء أمام هذا هو أن صاحب السلطة ـ في معظم الأحوال ـ لا يريد أن يغير قناعاته القديمة للاستخدام الأفضل لهذه (الثروة)، فمازالت قوانينه ولوائحه لم تعدل لتتلاءم مع الواقع الجديد. إن شخصا يتمتع بمهارة كتابة برامج الكمبيوتر قادر على أن ينتج ثروة بملايين الدولارات، ويمكن أن يجتاز أي مفتش جمارك في أي بلد في العالم دون أن يكون ظاهرا لديه أي شيء ذو قيمة.

لعدد طويل من السنين كان العالم ممزقا بين أقصى درجات الوطنية الاقتصادية ومفهوم التجارة العالمية الحرة، وكان نقاشا مكثفا يثير أخطر الأسئلة بل ويقود إلى حروب، ولم تكن الحروب الاستعمارية إلا محاولة لمزج حرية التجارة بالحدود الوطنية والاستيلاء على أراض جديدة للتجارة وإلحاقها بالوطن الأم. وفي واقع الأمر كان كل مجتمع في التاريخ يعتقد أن الثروة تتدفق بصورة رئىسية في شكل واحد من رأس المال أو نوع واحد من النشاط الإنتاجي أو قطاع معين من المجتمع، وكثيرا ما كانت المجتمعات والدول مخطئة بشأن مصدر الثروة، مسببة بذلك الشقاق والحروب لها ولغيرها من الدول والمجتمعات، لقد كانت منطقة الرور في وسط أوربا محل نزاع طويل بسبب ما اعتقد بأنها أرض تخفي تحتها الثروة، كما أصبح الغزو والاستيلاء على أراضي الغير محاولة للاستيلاء على نوع معين من الثروة أكانت ثروة زراعية أم معدنية، ولكن أيا كانت معتقدات تلك المجتمعات وتلك الدول عن مصادر الثروة صحيحة أو مغلوطة فإنها تؤثر تأثيرا حاسما في البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل وفي توزيع السلطة في المجتمع نفسه، وفي عصر المعلومات فإن مصدر الثروة هو (رأس المال الفكري) أو (عاملي المعرفة) الذين يحملون في رءوسهم كميات متزايدة من رأس المال الفكري، وإن كان على الأمة أن تزدهر فعلى الحكومات أن تعتني بل وتتودد إلى مواردها البشرية وتعمل على تنمية هذه الثروة علميا. لقد خلق التقاء الكمبيوتر وأدوات معالجة المعلومات مع توسع شبكة الاتصالات وسرعتها نظاما ماليا جديدا غير مسبوق، فمصدر الثروة الحديثة ليس مادة بل معلومات، وهي معرفة مطبقة على عمل لخلق قيمة، وموارد المعلومات الجديدة ليست مقتصرة على منطقة جغرافية معينة. إن الاقتصاد الحديث هو اقتصاد معلومات، فمن السهل اليوم أن تستأجر مبرمج كمبيوتر من الطراز الأول في بومباي وليس في لندن، ليس فقط أرخص تكلفة، ولكن أفضل علما أيضا. وكان يوجد في الفلبين الكثير من خريجي الجامعات، ولا توجد لهم وظائف كافية، وكان عليهم أن يواجهوا خيارا صعبا بأن يهاجروا خارج وطنهم كي يستفيدوا من مهاراتهم أو يبقوا في بلادهم في أعمال منخفضة الأجر. أما اليوم فإن خيارا جديدا قد فتح أمامهم هو البقاء في بلادهم مع تصدير إنتاج عقولهم عبر البنية التحتية الإلكترونية للاقتصاد العالمي، وهذا المثال ليس الاستثن اء فالعديد من شركات المحاسبة واستشاريي الإدارة والتبادلات المالية يعبر من مكان في المعمورة إلى آخر من خلال الطريق الإلكتروني السريع. في الآونة الأخيرة ركبت أجهزة تليفونية في عدد من قرى سريلانكا، وكان الفلاحون قبل ذلك يبيعون منتجاتهم الزراعية لتجار الجملة بجزء بسيط من قيمتها السوقية، بعد مجيء الهاتف أصبح الفلاحون يعرفون قيمة سلعهم في العاصمة كولومبيا، فتضاعف دخلهم نتيجة تلك المعرفة. لم تعد الجغرافيا ولا الظروف المحلية تحكم على موارد الإقليم الفكرية بالبطالة المزمنة، فصعوبات الهجرة التي تحول دون السفر الجسدي وقوانين الإقامة والمواطنة ليس لها تأثير اليوم على رأس المال الفكري.

لقد تصاعد ثمن المعرفة والمعلومات في مقابل انخفاض في أسعار المواد الأولية، كما تصاعدت الأهمية النسبية لرأس المال الفكري في مقابل رأس المال المادي، وبرغم تصاعد أهمية ثورة المعلومات، فإنه حتى الآن يعرف العديد من الناس والدول على وجه الدقة كيف غيرت هذه الثورة من الاقتصاد التقليدي، إنها قامت بعمل أكثر من عملية تسريع الاقتصاد وتدويره أو إثرائه بوسائل مريحة للتبادل، بل فعلت أكثر من ذلك فقد كونت مصدر ثروة جديدا. الفرق بين الاقتصاد الصناعي القديم واقتصاد المعلومات الجديدة هو فرق نوعي وليس كميا فقط، وعندما تتغير مصادر ثروة الأمم تتغير سياستها كذلك وعلاقات نسيجها الاجتماعي. واليوم ثمة أعداد متزايدة من الناس لا يغادرون منازلهم للعمل والعودة منه، كما فعل أسلافهم لآلاف من السنين، بعضهم يعمل وينتج وهو في منزله ويتخاطب مع رؤسائه ومرءوسيه دون أن يغادر كرسيه في البيت. ويستطيع فوق ذلك أن يقول رأيه لرئيس بلاده فقط عن طريق التخاطب الإلكتروني في أية قضية يريد الحديث فيها.

إن عملية زيادة المساهمة النسبية للمعرفة في خلق ثروة تزداد كل يوم، وفي عصر المعلومات فإن أصل القيمة هو الشريحة الرئيسية في الكمبيوتر وهي تتألف بالكامل تقريبا من معلومات، والمعرفة العلمية تتضاعف حاليا كل خمسة عشر عاما، والمواد الخام والعمل لا تشكل أكثر من 6% من التكلفة في أجهزة المعلومات. أما الباقي فهو معلومات يحتفظ بها البشر أو يبتكرونها. إن العصر الاقتصادي القديم القائم على الصناعة أخذ يتلاشى، هذا لا يعني أن الصناعة غير مهمة أو أنها سوف تختفي، لكنه كما لم يعلن حلول العصر الصناعي اختفاء عصر الزراعة لن تعلن ثورة المعلومات اختفاء الصناعة أو الزراعة، ولكن الأخيرتين سوف تتراجع أهميتهما النسبية. إنما المعنى هنا هو أن الأهمية النسبية لرأس المال الفكري والعمل الفكري ستزداد مع هبوط أهمية العمل المادي ورأس المال المادي. ورأس المال الفكري في عقول البشر يمكن أن يذهب حيث ما هو مطلوب ويبقى حيث يعامل معاملة جيدة ولا يمكن طرده بل تتسابق الشركات على اجتذابه. ففي البلاد العربية ثبتت شركات البرمجيات الغربية عيونا لها لاقتناص العقول النيرة في البرمجة، ولقد قامت منذ سنوات قليلة معركة قانونية بين شركة عربية للبرمجة هي صخر ومايكروسوفت الدولية، حيث استغلت الأخيرة الاحتلال العراقي للكويت لإغراء بعض مبرمجي الشركة العربية للعمل في مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة، وحملوا معهم بالطبع الأفكار والنظريات التي ساعدت الشركة الأمريكية في تطوير برامجها العربية.

اقتصاد المعلومات ليس كالاقتصاد الصناعي أو الزراعي أو حتى الخدمي تقيده الجغرافيا ويتحكم فيه المناخ والمواد الخام، اقتصاد المعلومات هو اقتصاد عالمي حقيقي، حتى على عكس اقتصاد الماضي القريب وما كان يسمى بالاقتصاد متعدد الجنسيات، إنه اقتصاد عالمي حقيقي، إنه رأس مال حر على عكس رأس المال الأسير، وهو بذلك يتطلب من السلطات المحلية تسويات وحلولا وسطا للسيادة الوطنية والمنظومة الضرائبية، وكذلك المنظومة القانونية، حتى اليوم فإن النظام القانوني الدولي قائم على أساس الوثيقة المكتوبة والموقعة، فكانت المحاكم تنظر إلى الكلمة المسجلة على شريط والمصورة والناطقة أو المرسلة بالتلكس القديم، والفاكس الجديد على أنها تحمل حجة قانونية أضعف، أما اليوم فقد أصبحت العقود والتبادلات تعتمد على الأجهزة الجديدة للاتصال، ويقدر اليوم أن أكثر من مائة مليون مكالمة تليفونية تستخدم حوالي ثلاثمائة مليون خط تجري كل ساعة في جميع أنحاء العالم، وفقط بعد ثلاث سنوات (سنة 2000) سوف يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات!!

رأس مال المعرفة على عكس رأس المال الصناعي أو حتى الزراعي هو ضئيل نسبيا بالمعنى المادي، فهناك فقط جهاز كمبيوتر وخط تلفوني ولكن بالمعنى المعنوي لم يتوصل أحد حتى الآن لقياسات دقيقة للاستثمارات الفكرية، ولكن العالم اليوم يلتفت أكثر وأكثر إلى الاستثمار في التعليم والتدريب، وفي الموارد البشرية، إنها المادة الأساسية للاقتصاد الجديد وهي المعلوماتية والمعلومات تُتعلم، لقد كان التطور الاقتصادي التاريخي يعتمد بشكل ما على القدرة الفكرية، فتلك القدرة هي التي نقلت الإنسان من حال إلى حال ولكن الزمن الذي أخذته تلك النقلات كان طويلا نسبيا، اليوم يتوافق قصر الزمن مع حيوية الابتكار المعلوماتي إلى جعل عناصر الاقتصاد القديم كتكوين رأس المال والإنتاجية والمواد الأولية تبدو ذات قيمة أقل بكثير من تكوين رأس المال الفكري، حتى قيل إنه لو كان كارل ماركس حيا بيننا اليوم لربما قال إن التعليم وليس شيئا آخر هو وسيلة الإنتاج الأساسية. إن الاستثمارات الفكرية تضيف قيمة أكبر على الاقتصاد بين عشية وضحاها تزيد عما تضيفه سنوات من مكاسب مالية مستقاة بعناية وتوسع حذر أو استثمار في مواد أولية، لقد أصبح ثابتا أن الدول والمجتمعات تستطيع أن تعضد مقدرتها الاقتصادية بشيء لا يمكن الخطأ فيه هو مساندة نمو رأس مال فكري في المجتمع وتجنب احترام خرافي لأوثان مادية لحقب مضت.

التأثير الاجتماعي

لقد خلق كل تقدم تقني مشكلات اجتماعية. وثورة المعلومات ليست استثناء فخلال التوسع الهائل في شبكة المعلومات (الإنترنت) وأجهزة التليفزيون والفيديو وقواعد البيانات الإلكترونية أصبح العالم بحق قرية واحدة، وأصبحت هناك سوق للمتاجرة بالمعلومات واستخدامها، سوق لا تعترف بالحدود ولا بالثقافات المنعزلة بل أصبحت سوقا تصويتية واستفتائية بمعنى من المعاني، فهذه الأجهزة تزداد رخصا وسهولة استعمال باستمرار حتى غدت أقوى سلطة اجتماعية وسياسية في العالم، فالناشرون والمخرجون والسياسيون يعرفون أنه لو كان عليهم أن يقنعوا المشاهدين وأن يبهروا عيونهم وآذانهم فعليهم توفير ما يريده أولئك المشاهدون والمستمعون، وبالتالي فإن هذه الوسائل الجديدة تعمل باستمرار كوسائل تصويت واستفتاء دائمة الحركة مستفيدة من التغذية المرتدة للمعلومات، لذلك سوف تكون هناك حاجة إلى مهارات جديدة وبصيرة ثاقبة للمجتمعات المختلفة للتعامل مع هذه الثورة والبقاء على طريق الازدهار.

لم يعد المواطن الصيني منعزلا في بيئته الجغرافية ولم يعد المواطن في الجمهوريات الإسلامية في وسط آسيا مطوقا بطوق من الحرمان المعلوماتي. لقد ظهر المواطن العالمي، شبكة الاتصال خلقت مواطنيها، ولكنها أيضا تشكل تحديا بصورة ما للثقافات المستقرة، ففي أوربا اليوم أكثر من 70% من البرامج التليفزيونية غير الوثائقية مستوردة وأكثر من 50% منها يأتي من الولايات المتحدة. ولقد حاولت فرنسا وإيطاليا بشكل خاص وقف ما أسماه كتابها بالغزو الثقافي، كما أن المؤسسات الإدارية والسياسية تحاول جاهدة تشجيع البث المحلي على المستورد، إلا أن الموجة غالبة، أما في دول الجنوب فإن معظم البرامج والتدفق المعلوماتي قادم من الشمال، ومن الواضح فشل الجهود لوقف هذه التدفقات خاصة بعد البث التلفزيوني الدولي، فأنت تستطيع أن تتحكم فيما تبثه من قناتك الوطنية، ولكن لا تستطيع اليوم أن تمنع مواطنا ـ يريد ويرغب ويقدر ـ على مشاهدة البث الدولي من فعل ذلك، كما أن هذه القضية تكاد تتراجع في الأهمية بعد التحالفات الدولية بين شركات البث، وإذا لم تستطع الحكومات الشيوعية وقف تدفق المعلومات عبر الحدود فإنه يبدو من غير المحتمل أن تستطيع حكومات أخرى اتخاذ مثل تلك الإجراءات لمنع تدفق البث الدولي عبر حدودها. بالتأكيد هناك تأثيرات اجتماعية على النسيج الاجتماعي، والمجتمع العربي ليس محصنا ضد هذه التغيرات الهائلة في وسائل الاتصال والتدفق المعلوماتي، وهناك وجهات نظر تكاد تكون متعارضة في كيفية استجابة المواطن العربي لتدفق المعلومات التي جلبتها معها ثورة التقنية الحديثة. الوقوف أمام ثورة الاتصال يعد عزلا للدولة وحرمانها من الاستثمار الأجنبي وبقاء اقتصادها راكدا، وفتح الأبواب على مصاريعها سيُدخل أفكارا جديدة قد لا تكون الدول والمجتمعات مستعدة لقبولها.

المحاذير الاجتماعية التي أوجدتها ثورة المعلومات هي اللاشخصانية، فالعلاقة الاجتماعية تحولت من الإنسان للإنسان إلى الإنسان للآلة، فأبقت الكثير من الرجال في المنازل للعمل وأيضا العناية بالأطفال، كما عرضت هؤلاء الأطفال إلى مشاهد وخبرات قلما يتعرضون لها في بيئتهم العادية. وتجسيدا لخطورة ذلك، وهو ما جاءت به الأنباء بينما كنت أنهي كتابة هذا المقال، ذلك الحدث الجلل الذي أمسكت السلطات الأمنية بأطرافه في مصر والمتمثل في ضبط ما أسمي بتنظيم (عبادة الشيطان) بين بعض الشباب. قيل إن أفراده استقوا معلوماته وارتبطوا مع مصادره خارج مصر عبر شبكة (الإنترنت). ومن المؤكد أن كثيرا من الأصوات ستتذرع بهذه الواقعة الأليمة لإنكار معطيات ثورة المعلومات إنكارا تاما في إطار التمترس بالماضي، وفي هذه الحالة سيكون الشيطان قد أصاب عصفورين بحجر واحد. ولتفويت هذه الفرصة على كل شياطين الحاضر والماضي، ينبغي ألا نغلق كل الأبواب والنوافذ مخافة دخول الرياح الفاسدة.. فهناك رياح طيبة أيضا لابد أن نقتنص فوائد هبوبها ونعرف من أين تهب، ومتى، لنفتح لها أفضل النوافذ والأبواب.

 

محمد الرميحي