الإطار التراثي للشاعر الإحيائي

الإطار التراثي للشاعر الإحيائي

ترى ما الإطار المرجعي الذي كان يحدد عودة الشاعر الإحيائي إلى تراثه؟ وهل كان هذا الشاعر تناول تراثه تناولا محايدا لا يمايز بين عصر وعصر أم أنه كان ينظر إلى كل العصور بعين القيمة نفسها؟

لفت انتباهي أن أغلب الباحثين الذين تعلمنا عليهم يلح على أن النماذج الشعرية التي تأثر بها الإحيائيون هي "النماذج المغرقة في القدم ". هذا ما قاله أستاذنا شوقي ضيف في كتابه عن الأدب العربي المعاصر في مصر. يقصد بذلك إلى أن الإطار المرجعي للقيمة عند شعراء الإحياء قرين "دواوين الشعراء العباسيين ومن سبقوهم". ويعني ذلك أن شعراء الإحياء لم يقلدوا الغث من الآداب العربية بل عمدوا إلى فحول الشعراء ينسجون على منوالهم ويبارونهم في قصائدهم المشهورة الخالدة ولم يلتفتوا إلا نادرا لما تخلف من عصور الضعف.

والواقع أن هذه النظرة السائدة، ولها بعض ما يبررها في الشعر الإحيائي نفسه، نتيجة طبيعية تلزم عن مفهوم "الإحياء" أو "البعث "، فهو مفهوم ينبني على تناقض مع نقيضه الغائب، ويؤكد علاقة ضدية منذ اللحظة الأولى لاستخدامه، وإذا كان الإحياء يعني الحياة فنقيضه يعني الموت، بالقدر نفسه الذي يغدو به النعت دالا على الإبداع، بينما يدل نقيضه على العقم. ولذلك كانت العصور السابقة على عصر الإحياء هي العصور التي أطلق عليها تسمية "العقم" من ناحية، و"الانحدار" أو "الانحطاط " من ناحية ثانية. ومن المنطقي أن يفضي هذا التصور المبني على ثنائية ضدية إلى البحث عن عصر شبيه بعصر البعث في الحيوية، البعد عن نقيضه المقترن بتصور الانحدار أو الانحطاط. هكذا انتقل الباحثون مما أطلقوا عليه تسمية عصور العقم أو الانحدار إلى ما أطلقوا عليه عصور الازدهار، وقرنوا عصر الإحياء بهذه العصور، بوصفه بعثا لها وإحياء. ووجد الباحثون ما يدعم هذه النظرة في أقوال الشاعر الإحيائي عن نفسه، وفي شعره الذي يتحدث فيه عن المثل الشعرية التي يحرص على متابعتها، على نحو ما فعل البارودي الذي يشير إلى صلته بأمثال أبي نواس ومسلم بن الوليد وأبي تمام والبحتري والمتنبي في قوله:

مضى حسن في حلبة الشعر سابقا وأدرك، لم يسبق ولم يأل مسلمُ
وباراهما الطائي فاعترفت له شهود المعاني بالتي هي أحكمُ
وأبدع في القول الوليد فشعره على ما تراه العين وشي منمنمُ
وأدرك في الأمثال أحمد غاية تبذ الخطى، ما بعدها متقدمُ
وسرت على آثارهم، ولربما سبقت إلى أشياء، والله أعلمُ

وتلك أبيات تحدد الشعراء الذين ينتسب إليهم البارودي، في نوع من التسلسل الذي يشبه شجرة الأنساب، ويحدد العصر الذي يحتفي به البارودي، بوصفه العصر الذي ضم أمثال أبي نواس ومسلم وأبي تمام والبحتري والمتنبي. وتلك طريقة في تحديد العصر الذهبي الذي يحوم حوله الوعي الشعري لا تختلف عن الطريقة التي تحدد الأنساب الشعرية، من حيث ما تسترجعه من تقاليد أقدم من العصر العباسي الذي تشير إليه أبيات البارودي.

ويستجيب البارودي إلى هذه القاعدة الاتباعية، فيحدد في الأبيات التي ذكرناها أسلافه الذين يحصرهم في العصر العباسي، دون أن يجاوزه إلى غيره، وذلك في دلالة فهم منها الكثير من الباحثين أن العصر العباسي كان العصر الذهبي الذي يمثل ازدهار الشعر العربي بوجه عام، والذي يمثل النموذج المحتذى لشعراء الإحياء بوجه خاص. وقد زاد هذه الدلالة تأكدا ما طالعة الباحثون في شعر البارودي من أبيات مشابهة، منها البيتان اللذان قالهما في معارضة من معارضاته لإحدى رائيات أبي نواس، أعني البيتين اللذين يقول فيهما:

فلو كنت في عصر الكلام الذي انقضى لباء بفضلي جرول وجرير
ولو كنت أدركت النواسي لم يقل أجارة بيتينا أبوك غيور

وهما بيتان لا يقصران الانتساب الشعري على العصر العباسي، بل يمتدان بالنسب إلى العصر الأموي الأقدم، مؤكدين تواصل النسب الشعري. ولكن يبدو أن العصر العباسي ظل هو العصر الأمثل في استرجاع الباحثين لأنساب الشعر الإحيائى، فهو العصر الذي اقترن به هذا الشعر، والذي تومئ إليه أغلب أسماء الأعلام المشار إليها في قصائده. ولذلك استقر في الأذهان أن هذا العصر هو العصر الذهبي الذي يعود إليه شعر الإحياء في محاولته تأسيس النهضة الجديدة ببعث الماضي المزدهر. وطبيعي أن يوضع ما بعد هذا العصر، تحديدا ما بعد المتنبي أو المعري على الأكثر، في دائرة منحدرة، هي دائرة عصور العقم التي تمرد عليها الشاعر الإحيائي وناقضها، عندما رفض أفقها وعاد إلى الأفق الأكثر ازدهارا في عصر الإبداع الذهبي وهو العصر العباسي.

ويقترن بهذه الملاحظة الأولى ملاحظة أخرى أسهمت في تحديد قيمة العصر الذهبي الذي ينطوي عليه معنى الإحياء ويشير إليه. وهي ملاحظة خاصة بعنصر القيمة الشعرية التي تمايز بين الازدهار والانحدار، ومن ثم تمايز بين العقم والابتكار. ومن الواضح أن معنى عصور "العقم " بوصفها نقيض "الابتكار" مثل "عصور الانحدار" التي جعلت نقيض "الازدهار" يرتبط بحكم قيمي ينبع من نظرية التعبير بالدرجة الأولى، فالشعر المبتكر الذي أبدعته عصور الازدهار هو الشعر الوجداني الذي يعبر عن مشاعر صادقة لقائله، وذلك على نحو ما نجد في كتاب أستاذنا الجليل عبد العزيز الأهواني عن "ابن سناء الملك ومشكلة العقم والابتكار" وهو الكتاب الذي ينطوي على أكمل صياغة أعرفها لربط معنى الابتكار بنظرية التعبير ورد قيمة الشعر إلى وجدان قائله. ولكن ماذا يحدث إذ تخلينا عن نظرية التعبير بوصفها إطارنا المرجعي للقيمة؟ وماذا يكون عليه الحال إذا انتقلنا من نظرية التعبير إلى النظريات الحداثية التي تضم أشباه ما قاله ت. س. اليوت من أن الشعر ليس تعبيرا عن الشخصية وإنما هو قرار من الشخصية، وأن الفن حضور غيري، لأنه حضور موضوعي، ليست وظيفته أن يكشف لنا عن شخصية صاحبه كما تفعل المرآة، فذلك فعل من أفعال المحاكاة الساذجة، وإنما الكشف عن أفق جديد من الإبداع الذي هو خلق وليس تعبيرا أو محاكاة.

القيمة الشعرية

الواقع أن نظرية التعبير هذه أسهمت في تحديد العصر الذهبي من ناحية، وتحديد القيمة الشعرية التي ينطوي عليها هذا العصر من ناحية ثانية. ويبدو أننا إذا أردنا وضع الإطار المرجعي للقيمة في الكيفية التي تناول بها الشاعر الإحيائي تراثه فإن علينا أن نضع حدود العصر الذهبي موضع المساءلة بالقدر الذي نضع به نظرية التعبير الملتبسة بها. والحق أنه بالقدر الذي لا يمكن إيقاع التطابق بين معنى الابتكار وما جاء إلينا من الشعر العباسي، وهو شعر ينطوي على العقيم والمبتكر شأن كل شعر في نهاية المطاف، فإنه لا يمكن إيقاع التطابق بين الشعر العباسي والعصر الذهبي للشاعر الإحيائي، فكما كان هذا الشاعر يتطلع إلى النماذج التي هي أبعد ما تكون عن التعبير الوجداني المباشر، كان هذا الشاعر يبسط معنى العصر الذهبي على تراثه كله، ويرى في كل عصوره عصرا ذهبيا لا بد من الالتفات إليه والإفادة منه.

وإذا جاوزنا نظرية التعبير إلى حصر معنى العصر الذهبي في العصر العباسي وحده، لاحظنا أن الشعراء العباسيين الفحول الذين يذكرهم الباحثون عادة كانوا، فعلا، بمنزلة مثل عليا ونماذج فنية حاكاها شعراء الإحياء ونسجوا على منوالها. لكن العباسيين لم يكونوا النماذج والمثل الوحيدة، لأن الشاعر الإحيائي لم يكن منحصرا في العصر العباسي وحده، ولم يكن يلتفت إلا نادرا لما تخلف من عصور الضعف والانحطاط فيما زعم كثير من الدارسين المعاصرين، وإنما كان يجيل بصره في دواوين المتقدمين من الفحول والمتأخرين من شعراء عصور الضعف بلا تفرقة أو تحيز. وما أيسر اثبات ذلك بالتتبع الدقيق لمصادر الصورة في الشعر الإحيائي بوجه عام أو معارضات الشاعر الإحيائي بوجه خاص.

لقد لاحظت أثناء بحثي عن المصادر التراثية للصورة الشعرية في قصائد شعراء الإحياء، منذ سنوات بعيدة، أن الصورة الواحدة عند أمثال البارودي وحافظ وشوقي وصبري، لا تعتمد على مصدر واحد في الكثير من الأحيان، بل تعتمد على أكثر من مصدر، وتتوزع أصولها توزعا عادلا بين عصور الازدهار والضعف في حالات لافتة، وتميل إلى عصور العقم أكثر من ميلها إلى عصور الازدهار في حالات الغزل على وجه التحديد. ويرجع سر هذا التوزع في المصادر إلى حقيقة بسيطة، مؤداها أن الشاعر الإحيائي كاد يرى أن جميع الشعراء القدماء على اختلاف عصورهم شعراء كبار يمكن الإفادة منهم، والأخذ عنهم بأكثر من معنى أو طريقة. قد يقوم هذا الشاعر بتفضيل بعض القديم على بعضه في غرض بعينه، وقد يتتلمذ على شاعر قديم بعينه، لكنه ما كان ينكر فضل الشعراء الآخرين من الناحية العملية، بل على العكس كان يعجب بالجميع ويفيد منهم فائدة واضحة في أغلب صوره. ولعله كان يرى في النقل عن المغمورين أو من لا يرقى إلى مرتبة الفحول فرصة لإخفاء النقل.

سيد من أضحك وأبكى

هكذا أعجب شوقي إعجابا لا حد له بالمتنبي لأن "معجزه لايزال يرفع الشعر ويعليه، ويغري الناس به.. وحسبك أن المشتغلين بالقريض عموما والمطبوعين منهم خصوصا لا يتطلعون إلا إلى غباره ولا يجدون الهدى إلا على مناره، فيما يقول في مقدمة الطبعة الأولى من "الشوقيات" (عام 1898 م). ولكن أحمد شوقي في الوقت نفسه، وفي المقدمة نفسها، يثنى على البهاء زهير لأنه "سيد من أضحك في القول وبكّى، وأفصح من عتب على الأحبة واشتكى. وحسبك أنه لو اجتمع ألف شاعر يعززهم ألف ناثر على أن يحلوا شعر البهاء أو يأتوا بنثر في سهولته لانصرفوا عنه وهو كما هو". ونرى محمود سامي البارودي ينقل بخط يده ديوان أبي تمام في الوقت الذي ينقل ديوان صردر، وهو شاعر لا يمكن أن يوضع إلى جانب أبي تمام تحت أي معيار. يضاف إلى ذلك أن البارودي جمع في مختاراته بين التهامي والخفاجي وابن حيوس والغزي وابن الخياط والأرجاني والأبيوردي وعمارة اليمنى وسبط بن التعاويذي، كما جمع بين بشار وأبي نواس ومسلم وأبي تمام وأبي العلاء وغيرهم، أي أنه جمع بين شعراء الازدهار وشعراء العقم في الوقت نفسه وبلا تفرقة واضحة، على الأقل لدينا نحن أبناء العصر الحديث الذين نمايز بين العصور في نوع مختلف من تراتب القيمة.

ولم يكن البارودي يعرف هذا النوع من التراتب الذي نعرفه، لسبب بسيط يرتبط بفهمه الذي يقيم نوعا لافتا من التسوية بين مفردات "القديم " الذي يعني في ذاته، وفي اتساعه وتباينه، نوعا مستقلا من القيمة الشعرية. ولذلك تضخمت مختارات البارودي، وامتدت زمنيا في حدود خمسة قرون، من القرن الثاني للهجرة حتى القرن السابع. ولكن مختارات البارودي لا تمثل كل قراءاته بالقطع، فقد لاحظت أنه يتأثر بشعراء جاهليين إسلاميين ينتمون إلى فترة زمنية أسبق من فترة المختارات. ليس هذا فحسب، بل يتأثر بالمتأخرين من الشعراء المصريين أمثال ابن النبيه والبهاء زهير بوجه خاص.

وفي ضوء هذا الانفتاح المحايد على "القديم " من الشعر العربي، في مختلف عصوره وتباين شعرائه، عارض البارودي النابغة وعنترة وهما جاهليان، وبدأ إحدى قصائده ببيت لأبي كبير الهذلي على سبيل "الاجتلاب " أو "الاستلحاق" أو "الاصطراف " إذا استخدمنا المصطلح البلاغي القديم. وعارض أبا نواس وتأثر بغيره من شعراء القرن الثاني، وتأثر بالبحتري وأبي تمام وابن المعتز وأقرانهم من شعراء القرن الثالث، وعارض المتنبي وابن هانىء وأبا فراس من شعراء القرن الرابع، وعارض الشريف الرضي وأبا العلاء وغيرهما من القرن الخامس... إلى أن نصل إلى البهاء زهير وابن النبيه الذي "يوازن " البارودي إحدى قصائده، وهو من شعراء القرن السابع. وفعل أحمد شوقي الأمر نفسه، فعارض من المتأخرين البوصيري في همزيته وبردته، والحصري القيرواني في داليته، فضلا عن تشطيره شعر البهاء زهير.. إلخ. وشوقي والبارودي مجرد مثلين يغنيان عن ذكر غيرهما.

وما يدل عليه ذلك أن شعر الإحيائيين كان استجابات مشروطة بذاكرتهم، وذاكرتهم بدورها كانت ذاكرة محايدة يستوعب محفوظها قدرا هائلا من الموروث الشعري، في نوع من الحياد اللافت الذي لا يدل دلالة حاسمة على الانحياز إلى عصر دون عصر، أو مجموعة من الشعراء بالقياس إلى مجموعة أخرى. ولذلك الوجه التراثي من القصيدة الإحيائية مزيجا معقد العناصر، يتركب من أكثر من مصدر وأكثر من أصل. وأصبح الشاعر الإحيائي نفسه، في علاقته بذاكرته، أشبه بالصائغ الذي يصوغ قصيدته من عناصر ومواد بالغة التنوع والتعدد والتباين، قدمها له أكثر من شاعر قديم وأكثر من عصر.

البعد التراثي

ويعني ذلك أن حافظ إبراهيم في الوقت نفسه الذي يتأثر خطى أبي العلاء ويعجب به يتأثر خطى المتأخرين عنه بكثير ويعجب بهم أيضا. ومن ثم أصبح شعره، في بعده التراثي الذي يدل على أصوله القديمة، معرضا متباينا للجمع بين أكثر من شاعر وأكثر من عصر. وما كان حافظ ينفرد بذلك، فتلك ظاهرة عامة في شعر الإحياء. ويمكن أن نستشهد عليها للمزيد من التوضيح ببعض من شعر أحمد شوقي، خصوصا قصائده التي تلفتنا إلى أصولها القديمة بطرائق دالة. ومن هذه القصائد قصيدته التي تبدأ على هذا النحو:

لا السهد يطويه ولا الإغضاء ليل عداد نجومه رقباء
داجي عباب الجنح فوضى ملكه ما للهموم ولا لها إرساء
أغزالة الإشراف أنت من الدجى ومن السهاد إذا طلعت شفاء
رفقا بجفن كلما أبكيته سال العقيق به وقام الماء

ففي هذه الأبيات الأربعة فقط تسترجع ذاكرة شوقي أكثر من شاعر، يمكن أن نشير إلى اثنين منهم فحسب، فالصورة التي ينطوي عليها البيت الأول "ليل عداد نجومه رقباء" مأخوذة من بيت ابن المعتز:

وما راعنا تحت الدجى شيء سوى شبه النجوم بأعين الرقباء

والصورة التي يقوم بها البيت الرابع أو الأخير من صورة شوقي "سال العقيق به وقام الماء" مأخوذة أخذا حرفيا من بيت المتنبي في مدح أبي علي الأوراجي:

وكذا الكريم إذا أقام ببلدة "سال النضار به وقام الماء"

ولا فارق بين الصورة وأصلها سوى استبدال كلية "العقيق" في بيت شوقي بكلمة "النضار" في بيت المتنبي. وهو استبدال هين في إطار الصيغة الوزنية التي تنبني عليها الصورة البلاغية، على نحو يؤكد لنا دور الوزن في عمليات التداعي التلقائية التي كانت تنثال بها صيغ الشعر القديم لتغدو بعض مكونات الشعر الإحيائي. وربما كنت في حاجة إلى أن ألفت الانتباه إلى أن هذا التداعي استبدل بالدلالة اللغوية المحدثة دلالة قديمة، أو استبقى الدلالة القديمة إذا شئت التحديد، فالفعل "قام الماء" الذي يراد به إيقاع المطابقة مع "سال النضار"، يشير إلى دلالة جمود "تجمد" الماء، وهي الدلالة القديمة المستخدمة في عصر المتنبي، وليست الدلالة الحديثة التي تعني "القيام" أو "الوقوف" الذي يتبادر إلى الذهن في عصرنا. وفى ذلك دليل آخر على الدور الذي تلعبه الذاكرة في الوجه التراثي من الشعر الإحيائي.

 

جابر عصفور