المرأة العاملة في الخليج البحرين نموذجاً
المرأة العاملة في الخليج البحرين نموذجاً
المؤلف: الدكتورة منيرة فخرو يحتوي هذا الكتاب الذي يقع في مائتين وأربع صفحات من القطع الصغير، على سبعة فصول أساسية، حيث اشتمل الفصل الأول على المقدمة والذي تم فيه عرض التركيبة الديموغرافية لسكان البحرين وتوزيع القوة العاملة الأجنبية فيه. أما الفصل الثاني فقد خصص لتزويد القارئ بنبذة تاريخية عن المرأة العاملة في البحرين وبعض دول مجلس التعاون الخليجي. أما فيما يتعلق بوضع النساء العاملات في البحرين في الوقت الحاضر فقد عرضته الباحثة في الفصل الثالث وذلك من خلال لمحة سريعة مع توضيح مدى تأثير عمل المرأة في البحرين على الحياة الأسرية والمعوقات التي تحد من دخول المرأة البحرينية مجالات العمل بشكل عام. وقد خصص الفصل الرابع لتوضيح مشكلة خدمات رعاية الأطفال "دور الحضانة وما شابهها" وتأثيرها على عمل المرأة في البحرين. أما محتوى الفصل الخامس فيدور حول أثر التعليم على عمل المرأة في البحرين حيث ناقشت المؤلفة في هذا الفصل الاستراتيجية التعليمية البحرينية بشكل عام، ومدى إمكان التوجه نحو سياسة تعليمية أفضل للقضاء على الأمية بين النساء البحرينيات. واشتمل الفصل السادس على دور معاهد التدريب المهني في تأهيل المرأة البحرينية مهنياً وفقاً لمتطلبات وحاجة السوق للقوة العاملة النسائية المهنية والمدربة. بالإضافة إلى ذلك. فقد عرضت د. فخرو العوامل التي تمنع وتحد في كثير من الأحيان من مشاركة المرأة البحرينية في الدورات المهنية والمعاهد التطبيقية، ومدى إمكان تطوير هذه المعاهد والدورات بما يتوافق مع التطلعات المستقبلية لدولة البحرين. واحتوى الفصل الأخير "السابع" على الاتجاهات المستقبلية نحو عمل المرأة في البحرين مع التوجهات العامة نحو تعديل التشريعات التي تحد من عمل المرأة، وصياغة وإصدار تشريعات تسهم في تشجيع مساهمة المرأة في القوة العاملة الكلية من أجل تطوير دولة البحرين. لقد بينت د. فخرو أن اعتماد دولة البحرين على القوة العاملة الوافدة ليس جديدا وإنما هو قديم قدم نشأة الدولة، إلا أن زيادة أعداد العمالة الوافدة وزيادة اعتماد دولة البحرين هذه على القوة العاملة الأجنبية بدأ يظهر بوضوح خاصة بعد اكتشاف النفط 1932. ويبدو أن الزيادة الفعلية وبشكل مكثف من القوة العاملة الأجنبية في البحرين بدأت في السبعينيات، وخاصة بعد ارتفاع أسعار النفط 1973، حيث قفزت أعداد العمالة الوافدة من 37990 عاملا في سنة 1971 إلى 112400 عامل في سنة 1981، وهذا بعكس ما توقعته دراسة البنك الدولي 1973 والتي رأت أن العمالة الأجنبية في البحرين ستصل إلى 81400 عامل سنة 1985. وتؤكد الباحثة أن العمالة الوافدة في بعض الدول الأوربية مثل فرنسا "10.9 %" وألمانيا "9.7 %" وسويسرا "12.8%" تشكل مشكلة اجتماعية في تلك الدول، إلا أن هذه المشكلة أخطر وأعمق في المجتمعات الخليجية مثل قطر "18.5%" والكويت "19 %" وعمان "24.9 %" والبحرين "21.3 %". ضآلة القوى العاملة وتعود أسباب صغر حجم القوة العاملة المحلية بشكل عام مقارنة بأعداد السكان في دول الخليج إلى مجموعة من الأسباب منها: صغر عمر السكان "القوة العاملة" في دول الخليج، وكذلك: التوسع في التعليم الثانوي والجامعي مما أدى بشكل مباشر إلى حجب أعداد كبيرة من السكان عن المساهمة في القوة العاملة المنتجة. ومنها أيضا تقييد عمل المرأة في الخليج بمجالات محدودة مثل التعليم "التدريس" والتمريض والسكرتارية، إلى جانب بعض الأعمال في المنظمات النسائية. ومع حدود وقصور القوة العاملة المحلية "الوطنية" فإن دول الخليج خطت خطوات واسعة نحو التقدم الصناعي والاقتصادي نتيجة لعائدات النفط الهائلة والتي برزت بشكل واضح سنة 1973. ويبدو أن قصور ومحدودية مشاركة القوة العاملة الوطنية في البحرين يرجع إلى مجموعة من الأسباب، كما تؤولها الباحثة، منها غياب السياسة السكانية، وفشل النظام التعليمي بتخريج قوة عاملة وطنية، بسبب غياب التنسيق بين الجهاز التعليمي ومتطلبات سوق العمل، وغياب قانون التعليم الإلزامي الذي تتأثر به المرأة وبشكل مباشر. حيث بينت إحصاءات 1981 أن نسبة الأميين من الذكور تشكل 25.2 % بينما نسبة الإناث تصل إلى 48.1 %. وتزداد أعداد الأميات من النساء البحرينيات في الفئة العمرية من 10 -40، حيث وصل عددهن إلى 2056 ألفا من أصل 26724 ألف فرد، بينما كان عدد الأميين من الذكور 6218 ألف فرد. وقد بينت د. فخرو أنه مع أن المرأة تشكل 8.3 % من مجمل القوة العاملة في البحرين فإن مشاركتها محدودة وذلك بسبب العديد من المعوقات السياسية والثقافية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال، ترى الباحثة أن خيارات المرأة البحرينية أو الخليجية بشكل عام محدودة ومقصورة على التربية والتمريض والخياطة.. إلخ. أي الأعمال المرتبطة بالمرأة وإبعادها بشكل مباشر عن الأعمال الرجالية مثل الميكانيكا والإدارة. وكذلك، رأت الباحثة أن التقاليد قد تعتبر أحد المعوقات الأساسية التي تعمل على إبعاد المرأة عن العديد من الأعمال مثل الحد من خروج المرأة للعمل والزواج المبكر وتعدد الزوجات واحتكار الرجل لسلطة الطلاق، وحق الوالدين في عقد الزواج، وتؤكد مؤلفة الكتاب على ضرورة السعي للمساواة بين الرجل والمرأة، وإلا سيبقى مجال دخول المرأة في القوة العاملة محدوداً إن لم يكن معدوماً. أثر العمالة الوافدة وفي هذا الجزء من الفصل الأول بينت الباحثة أن العمالة الوافدة في دول الخليج العربي قد تضاعفت من 4 - 20 مرة خلال عقدين من الزمان 1960 - 1980. وقد نجم عن هذه الطفرة الهائلة من العمالة الوافدة العديد من المشاكل الاجتماعية منها عدم التوازن في التركيبة السكانية، وارتفاع معدلات الجريمة والانحراف. وعن مقارنة دولة البحرين بفرنسا وألمانيا اللتين تواجهان العديد من المشاكل الاجتماعية نتيجة لازدياد أعداد العمالة الوافدة فيها، فإنه يبدو أن البحرين سوف تعاني - إن لم تكن تعاني الآن بالفعل - مشاكل جمة نتيجة لازدياد أعداد العمالة الأجنبية. وللحد من هذه المشاكل ترى فخرو أنه من الممكن الاستفادة من التجربة السويدية وذلك من خلال التركيز على إدخال المرأة في القوة العاملة بعد طرح بعض التعديلات الأساسية في القوانين الوضعية ومنها المساواة في الأجر والترقيات وفوق هذا وذاك، فإنه يجب على الحكومة البحرينية أن تعمل على تغيير مواقف واتجاهات المواطنين البحرينيين نحو عمل المرأة من خلال تشجيع مذاهب المساواة في الأجر والترقية. أما الفصل الثاني فقد تناول ملاحظات عامة حول جغرافية دولة البحرين والتركيبة السكانية من حيث المذهب والأصول والتوزيع الحضري، إلى جانب التطور السياسي للبحرين منذ عام 1982 وحتى الوقت الحاضر. أما الإصلاحات السياسية فقد رأتها فخرو من خلال إنشاء مجلس الأمة بقانون 16/ 12/ 1971 وانتخابه في ديسمبر 1973 وأخيراً حله في أغسطس عام 1975. المرأة في مجلس التعاون أما فيما يتعلق بنسبة المرأة العاملة في المجتمع الخليجي، فقد أتت الكويت في المرتبة الأولى 10 % والبحرين 8.2 % ثم قطر 4.2 % من مجمل القوة العاملة على التوالي. وتتمتع المرأة في الكويت بقدر أكبر من المساواة في الأجر والتعليم وتبوؤ المراكز القيادية عن نظيراتها في الدول الخليجية الأخرى. وقد تبوأت المرأة العمانية مراكز قيادية في الدولة حيث وصل إلى درجة وكيل وزارة. وقد أسهم انضمام البحرين إلى دول مجلس التعاون الخليجي في إبراز إيجابيات في صالح المرأة البحرينية، منها تنفيذ العديد من المشاريع التجارية والصناعية التي ساهمت في توظيف أعداد لا بأس بها من النساء والرجال في البحرين. تطوير قطاع السياحة وسيطرة المرأة البحرينية عليه بشكل خاص. كما أن إنشاء جامعة الخليج بدعم مادي من دول مجلس التعاون الخليجي أدى إلى فتح آفاق جديدة في مجال التعليم للنساء البحرينيات اللائي لم يستطعن استكمال تعليمهن خارج البلاد. إلى جانب تلك الإيجابيات فقد رأت فخرو أن انضمام البحرين إلى مجلس دول التعاون الخليجي له بعض السلبيات، منها ازدياد النظرة المحافظة تجاه المرأة وبلورتها في فصل الذكور عن الإناث في جامعة الخليج، الاتجاه نحو زيادة الضوابط تجاه تعيين المرأة في المراكز القيادية نتيجة لتأثير بعض دول الخليج على البحرين، اقتصار البعثات للذكور دون الإناث مع العلم أن مستوى درجات الطالبة البحرينية أعلى بكثير من نظيرها الطالب البحريني. وأخيراً انتكاس الحركة النسائية التحررية الداعية إلى تعديل تحديث القوانين المرتبطة بالعائلة بشكل عام بما يتوافق مع التغيرات في دولة البحرين. بعد ذلك خصصت المؤلفة فصلا للمرأة البحرينية ودورها في المجتمع البحريني. حيث ترى المؤلفة أن تصنيف وضع المرأة في البحرين يختلف باختلاف انتمائها الطبقي. وهذا بطبيعة الحال يعتمد على مجموعة من العوامل منها التعليم، الداخل، المنطقة السكنية.. إلخ. وبالرغم من أن المرأة البحرينية خطت خطوات هائلة في حقل التعليم خلال عشر سنوات 1971 -1981 فإن نسبة تعليم الإناث لا تزال أقل من نسبة الذكور. وما زالت الحكومة البحرينية تقدم بعض البرامج التعليمية والمهنية والتدريبية البسيطة للمرأة من أجل تطويرها اجتماعياً واقتصادياً. وترى د. فخرو أن ارتفاع معدل الخصوبة عند المرأة البحرينية "3.96" سنة 1971 و "302" سنة 1981 يحد إن لم يمنع مواصلتها للتعليم العام والاستقلال الاقتصادي أو حتى المشاركة في كثير من الأحيان في الحياة العامة. أما من حيث خصائص المرأة البحرينية العاملة كما تراها د. فخرو فهي متعلمة تقع في الفئة العمرية 20 - 29 سنة وترغب في إنجاب عدد صغير أو عدد محدود من الأطفال، أي الاتجاه نحو العائلة النووية بشكل عام. كما أن دور المرأة البحرينية في النشاط الاجتماعي والسياسي كان رائداً في البحرين مقارنة بمثيلاتها في دول الخليج العربي، إلى أن بدأ يصغر وينهار، ويبرز نقص في التجمعات الخيرية نتيجة لمنع الحكومة البحرينية التجمعات والمنظمات التي لها نشاطات سياسية. التخطيط للعائلة توضح د. فخرو في هذا الجزء من الكتاب أنه بالرغم من عدم وجود سياسة وطنية عامة وشاملة في البحرين، فإن هناك سياسات وخططا اجتماعية خاصة بالعائلة البحرينية. وتتمحور هذه السياسات حول السكن والدعم الحكومي للمواد الغذائية "التموين"، والتأمينات الاجتماعية والتعليم والصحة. ولتطوير القوة العاملة البحرينية فإنه من الضروري الأخذ بإسهامات المرأة في العمل مع موازاتها ببرامج تخطيطية منظمة بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل. ومن بين البرامج التي تقترحها د. فخرو تطوير مشاركة الزوجين في حضانة الأطفال، تمديد إجازة الوضع للمرأة، إنشاء المزيد من دور الحضانة ورياض الأطفال لمساعدة المرأة العاملة في رعاية أطفالها أثناء غيابها عن المنزل للعمل. القضاء على الأمية بين النساء من خلال صياغة وتمرير وتشريع قانون التعليم الإلزامي للمرأة البحرينية. وأخيرا تشجيع وزيادة مشاركة المرأة البحرينية في البرامج والدورات التدريبية والمهنية، إلى جانب ضرورة إحياء لجنة شئون المرأة التي تم حلها عام 1980، والتي كان هدفها النظر في شئون ووضع المرأة في البحرين من خلال الدراسات العلمية الحديثة. رعاية الأطفال تعتبر دور الحضانة إحدى الدعائم الأساسية لمساعدة المرأة البحرينية في رعاية الأطفال والتنشئة الاجتماعية. وخروج المرأة للعمل كما تراه الباحثة يثير اهتماماً خاصاً حول عملية التنشئة الاجتماعية التي تتحول من الأسرة كمؤسسة أولية إلى دور رعاية الأطفال كمؤسسة ثانوية ومدى جدوى وفاعلية هذه المؤسسات في عملية التنشئة الاجتماعية. إضافة إلى ذلك، فإن هناك تساؤلاً حول مدى تأثير خروج المرأة البحرينية للعمل على العلاقات الزوجية والأسرة، وانخفاض معدلات الخصوبة والإنجاب. وترى د. فخرو أن العلاقة بين عمل المرأة وعدد الأطفال إنما هي علاقة سلبية، بمعنى أنه كلما قل عدد الأبناء في الأسرة أدى ذلك إلى زيادة وسهولة خروج المرأة للعمل، والعكس صحيح، حيث كلما زاد عدد الأبناء قلت وضعفت فرصة خروج المرأة للعمل، بل قد تصل إلى نقطة الصفر، "لا تعمل المرأة" في الأسرة التي يصل عدد أبنائها إلى أربعة فأكثر. ويبدو أن الحاجة إلى دور الحضانة ودور رعاية الأطفال بدأت تزداد في دولة البحرين نظراً لزيادة أعداد النساء "الأمهات" العاملات من أجل تحسين أوضاعهن الاقتصادية. كما أن خروج المرأة للعمل أدى إلى تطور كمي وكيفي جزئي في دور رعاية وحضانة الأطفال في البحرين. وتقتضي الحاجة إلى المزيد من دور الحضانة في البحرين نظراً لزيادة توجه المرأة بنوعية الخدمات الدقيقة والمتطورة والحديثة في التنشئة الاجتماعية السليمة المرتكزة على عادات وتقاليد البحرين والتي يطلبها أغلبهن إن لم يكن النساء العاطلات في البحرين. وترى المؤلفة أن هناك ثلاثة أهداف رئيسية تتشابك بل وتصارع أحياناً في رعاية الأطفال وهي: أهداف الوالدين وأهداف الأطفال وأهداف المجتمع. ومن خلال هذه الأهداف يجب تطوير خطة شاملة لتلبية الحاجة إلى المزيد من دور الرعاية وحضانات الأطفال بحيث تشمل زيادة أعداد حضانات الأطفال، بما يتناسب مع الزيادة المقترحة للطلبات في السنوات القادمة. كذلك يجب تحديد أعداد النساء العاملات في الوزارات الحكومية لمحاولة إنشاء دور حضانة قريبة من مراكز عملهن وخاصة النساء اللاتي لديهن أطفال أصغر من 6 سنوات، وتشجيع الجمعيات النسائية والمؤسسات الأخرى من أجل توسعة الدور الحالية، وتطوير الخدمات الحالية للأمثل، وتهيئة البيئة الآمنة والسليمة للأطفال في دور الحضانة. إلى جانب ذلك يجب أن تكون هناك عمليات تقويم دورية لهذه المؤسسات من أجل تطويرها وزيادة كفاءتها. وقد وضعت د. فخرو بعض الدلائل التي من الممكن الاستفادة منها في مساعدة المرأة البحرينية العاملة منها على سبيل المثال: إنشاء دور رعاية من قبل الوزارات والشركات التي بها أعداد كبيرة من النساء العاملات، تقديم دعم مادي لدور الرعاية الحالية مع تشجيع إعطاء تصاريح لإنشاء المزيد من دور الرعاية العائلية. ولبلورة هذه البدائل يجب وضع لجنة استشارية عليا تهتم بخدمات رعاية الأطفال وتدريب أعضاء مؤسسات الرعاية وتمويل برامج رعاية الأطفال. التعليم والتوظيف عرضت المؤلفة في هذا الجزء نبذة تاريخية عن المراحل التي مرت بها عملية التعليم في البحرين منذ عام 1892 - 1984، حيث بينت أن أعداد الطلبة والطالبات تضاعفت عشرات المرات إلى أن وصلت إلى ما يقارب 78797 موزعة كالتالي: 41477 طالبا و 37320 طالبة. وبالرغم من هذه الزيادة الهائلة في أعداد الطلبة والطالبات فإن نسبة منهم - وخاصة الإناث - ينقطعون عن الدراسة بشكل مستمر. ويرجع هذا الانقطاع إلى مجموعة من العوامل أهمها عدم وجود قانون التعليم الإلزامي إلى جانب نقص الوعي والإدراك لأهمية التعليم بين الأسر في المناطق الريفية. وفوق هذا وذاك فإن فلسفة التعليم في البحرين والخليج بشكل عام كما تراها د. فخرو في حالة صراع دائم بين محتوى تبني العلوم والتكنولوجيا وتكيفها مع السياسة التعليمية المتمركزة حول تعاليم الدين الإسلامي. تبين الإحصاءات البحرينية 1981 أن هناك ما يقارب 74 % من مجمل النساء العاملات قد حصلن على شهادة الثانوية العامة والدبلوم والإجازة الجامعية. ومن الممكن تفسير زيادة أعداد النساء العاملات في البحرين إلى توجه المرأة نحو التعليم كهدف أساسي من أجل الحصول على عمل حكومي وبالتالي تحسين المستوى المعيشي للأسرة بشكل عام. وبالرغم من هذه الصورة المشرقة فإن د. فخرو ترى أن إحصاءات 1981 تشير أيضا إلى أن هناك 53239 أميا وأمية في البحرين، حيث تشكل المرأة 66 % "35114" من مجمل الأميين في البحرين. وهذا بالتأكيد يدعو الحكومة البحرينية وخاصة الجهاز التعليمي المتمثل بوزارة التربية إلى الانتباه والاهتمام إلى هذه الظاهرة. وللقضاء على الأمية في البحرين بشكل عام وبين النساء بشكل خاص، ترى د. فخرو أنه يجب أن توضع أهداف عامة وأهداف خاصة محددة. إلى جانب ذلك يجب أن تتبع بعض المقاييس أو المعايير الأساسية عند الإقدام على تحقيق هذه الأهداف منها تدريب المدرسين واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في عملية تعليم الأميين. وإحصاء أعداد النساء اللاتي يشاركن ببرامج محو الأمية سنوياً وتقويم تكلفة البرامج مادياً من أجل تخفيض ميزانيتها سنوياً. وتؤكد المؤلفة أن نجاح برامج الخطة الخمسية للتعليم ومحو الأمية في البحرين يعتمد على مجموعة من العوامل أهمها: تمرير وتنفيذ قانون التعليم الإلزامي، واستغلال وسائل الإعلام، وتدريب وتطوير الكوادر الفنية - المدرسين والإداريين في المدارس - وتمويل الخطة الخمسية من قبل هيئة الأمم المتحدة أو المؤسسات الخيرية أو الصندوق العربي لتعليم الكبار. المرأة ومعاهد التدريب ترى د. فخرو أنه بدت الحاجة ملحة في البحرين إلى زيادة الاهتمام بالمرأة في المجال المهني، وخاصة أن الإحصاءات تبين أن 80% من مجمل الأميين في البحرين الذين يقعون في الفئة العمرية 10 - 44 من النساء. ولتقوية وتعزيز التدريب المهني للمرأة في البحرين فإنه يجب الاهتمام بعملية الربط المخطط بين نظام التدريب المهني ونظام التعليم وبين متطلبات السوق من القوى المدربة. كذلك من الضروري الاهتمام بتغيير العقلية البحرينية تجاه عمل المرأة، وتدريبها في المجال المهني، بالإضافة إلى توجيه المرأة إلى التخصص في المهن المطلوبة في السوق المحلية والتي تدر دخلاً معيشياً لا بأس به. وقد وضحت د. فخرو بعض المعوقات التي تحد من مشاركة المرأة أو الانخراط في برامج التدريب المهني منها: 1 - العادات والتقاليد وموقف المجتمع السلبي من تعليم المرأة. 2 - ارتفاع نسبة الأمية بين النساء. 3 - الضغط الاجتماعي على المرأة في تحديد دورها الاجتماعي وبالذات الوظيفي. ولتحجيم هذه المعوقات ترى د. فخرو أنه يجب توجيه المرأة في البحرين إلى دخول التخصصات الفنية المقصورة على الذكور مثل الكهرباء والميكانيكا على سبيل المثال بالإضافة إلى الاهتمام بالبرامج الحالية في مجال التدريب المهني وتوسيع دائرة قبول النساء فيها. نظرة مستقبلية ترى المؤلفة أن اعتماد دولة البحرين على القوة العاملة الأجنبية "عربية وغير عربية"، خاصة بعد ارتفاع أسعار النفط 1973، وحتى الوقت الحاضر بدأ يشكل خطراً اجتماعياً واقتصادياً يجب أن تنتبه له الحكومة البحرينية، وللتقليل من هذا الخطر أو إضعافه يجب على الحكومة تشجيع القوة البحرينية المدربة وتدريب الجزء الآخر وخاصة المرأة من أجل تحجيم خطر القوة العاملة الفنية والمتخصصة وكسر احتكار الرجال لبعض المهن. كذلك يجب تمرير قوانين متطورة وحديثة مرتبطة بتعليم المرأة والنظام العائلي في البحرين. إضافة إلى ذلك، يجب تشجيع زيادة أعداد النساء البحرينيات في برامج التدريب المهني. وأخيراً يبدو أن نهاية النفط في التسعينيات، كما تراه د. فخرو، قد يلقي بثقله على الحكومة البحرينية من أجل تطوير الإنسان البحريني وتعديل القوانين العائلية التي تعوق هذا التطور، وهذا بطبيعة الحال يستدعي التطور السياسي الديمقراطي من أجل تحرير الشعب البحريني من القيود التقليدية التي تعوق تقدمه. إلى جانب ذلك فإن مشاركة المرأة البحرينية في الحياة الاقتصادية والسياسية أصبح أمراً حتمياً لا مفر منه، ومن ثم فإنه يجب أن تعمل الحكومة البحرينية من خلال سيطرتها على وسائل الإعلام على تغيير العقلية البحرينية والتي ترى محدودية عمل المرأة وتوجيهها نحو التطور لمواكبة التحديث الجاري في البحرين في الوقت الحاضر. وأخيرا، تميز هذا الكتاب بأسلوبه الواضح والمباشر في تحليل الإحصاءات السنوية وربطها بالظروف والعوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعوق عمل المرأة الخليجية بشكل عام والمرأة البحرينية بشكل خاص. ويبدو أن إصلاح الظروف السياسية في البحرين سيؤدي حتما إلى تغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالظروف السياسية مما يزيد بدوره من فاعلية وقوة وإجادة المرأة البحرينية للعمل ومشاركتها بالحياة الإنتاجية الفعلية المرغوبة والمطلوبة من جميع شرائح المجتمع البحريني.
|