عزيزي القارئ

 عزيزي القارئ
        

رمضان ودم الشهداء

          يقبل علينا شهر رمضان هذا العام معمدا بدم الشهداء الذين سقطوا ويسقطون كل يوم على أرض فلسطين، ولا يصوم المسلمون في هذا الشهر جوعا وظمأ فقط، وإنما حنقا وغضبا، فالعدوان "الإسرائيلي علينا قد دخل في دوامة من الإسراف في الوحشية لا يبدو أنها سوف تنتهي، فالقتل يتوقف لكي ندخل في جولات مفرغة من المفاوضات المذلة، ثم تتوقف المفاوضات من فرط اليأس، ومن عدم إحراز أي تقدم لتبدأ موجة أخرى من العدوان ضد أهلنا في فلسطين. وبين القتل - الذي لا ندري لماذا يسميه العالم عنفا بينما هو قتل بالعمد - والمفاوضات لا يوجد أمامنا طريق آخر، فما هو العمل؟ الأفكار القديمة وصلت إلى طريق مسدود، فلا هي تتغير ولا الذين بيدهم الأمر قادرون على التفكير، كل ما يفعلونه أنهم يجروننا خلفهم في دوائر مغلقة من العجز العربي ندفع ثمنها من دم أطفالنا وترمل نسائنا وضياع رجولتنا، فما هو العمل؟ لقد تحول شهر رمضان الذي كان دوما عيدا للأمة الإسلامية إلى غصة تمتلئ بها الحلوق، فلا الصيام مطهر للنفس من أحزانها ولا الطعام مشبع للروح المكلومة. ما العمل إذن؟ وهل يمكن أن يتم هذا السلام المستحيل مع قتلة الأطفال؟ هذا هو السؤال الذي يناقشه رئيس تحرير المجلة في مقاله الافتتاحي بحثا عن جواب، ومحاولة منه لإيجاد طريق مختلف، وهو يطرح هذا السؤال على كل الذين يعانون ويهتمون بهذه القضية المصيرية.

          ولكن أجواء رمضان بكل ما فيها وما عليها تأخذ حيزا من هذا العدد فهو يحاول الابتعاد عن بؤس اللحظة الحاضرة كي يغوص في أعماق التاريخ ليكون شاهدا على احتفاء مصر الإسلامية بقدوم هذا الشهر الفضيل، ولا يفوت العربي أن تعقد المقارنة بين هذه الطقوس القديمة وطقوسنا المعاصرة، ونعني بها سيل المسلسلات التلفزيونية الذي أصبح هو الطابع المميز لرمضان الذي يسكن في حنايا الفضائيات التلفزيونية أكثر مما يسكن في قلوب البعض منا، ثم ترحل العربي إلى الطرف المغربي من عالمنا العربي لتقدم لقاء مع أحد رهبان التراث الذي عكف جل سنوات عمره على تحقيق مخطوطة ذلك الرحالة العربي الفذ ابن بطوطة الذي ربط بين أطراف العالم الإسلامي في رحلة لم تتكرر في التاريخ البشري، وتستريح العربي قليلا في مرفأ الذاكرة مع إحدى رائدات المسرح السوري والعربي، حتى تقص علينا رحلة التحدي التي واجهتها المرأة العربية، كي تخرج من خلف أستار الحريم لتواجه أضواء المسرح الساطعة، ولا تنسى العربي أن تقدم كعادتها - في ديسمبر من كل عام - فهرسا شاملا يضم كل ما نشرته طوال العام مختتمة بذلك عامها الأول في الألفية الجديدة ومستعدة لتفتح قلبها وصفحاتها لعام جديد قادم.

 

المحرر