طرائف عربية

طرائف عربية

في الذين يبخلون

تاريخ العائلة وبالعكس

* وقف أعرابى على أبى الأسود وكان يتناول غداءه فرد عليه بمزاج مكفر ثم واصل أكله دون أن يعزم على الأعرابي أن يأكل. فقال الأعرابي منافقا: أما إني قد مررت بأهلك. فقال أبوالأسود: لقد كان هذا طريقك. قال: وامرأتك حبلى. قال: ذلك كان عهدي بها دائما، قال الأعرابي: لقد ولدت لك غلاما جميلا. قالت: كان لابد لها أن تلد. قال: ولدت غلامين. قال: كذلك كانت أمها. قالت: لقد مات أحدهما. فقال أبوالأسود: لم تكن تقوى على إرضاع اثنين. قال: ثم مات الآخر. قال: ما كان ليبقى بعد موت أخيه، قال: وماتت الأم. أجابه أبوالأسود: طبعا، حزنا على ولديها.

قال الأعرابي: قبحك الله، كل هذا حتى لا تدعوني لطعامك. أجاب أبوالأسود: أي طعام تقصد؟ هذا، عليّ أن آكله وحدي ووالله لن تذوقه يا أعرابي.

ومن نفس العائلة

* مر أعرابي جائع على أعرابي آخر فقدم إليه الطعام، وكان الثاني جائعا مثل كلب، فسأله الأول: ما حال ابني عمير؟ أجابه: بخير قدر ملأ الأرض والحي رجالا ونساء. قال: ما فعلت أم عيمر، أجابه: صالحة وكريمة بنت كرم. قال: وما حال داري. قال: عامرة بأهلها. قال: وكلبنا إيقاع. أجابة: ملأ الحي نبحا. قال: وما لجملي زريق: قال: على ما يرام. عند ذلك أشار الأعرابي الى خادمة وقال له: ارفع الطعام. كان الأعرابي الثاني لم يشبع، وامتلأ بغيظ مثل الهجير، ونكابة به سأله الأعرابي الأول: يا مبارك الناصية أعد علي ما ذكرت وطمئنني على أهلي. اشتد الغضب بالثاني وغلى صدره مثل مرجل وقال: سل عما بدا لك؟ قال الأول: ما حال كلبي إيقاع؟ قال: مات. قال: وما الذي أماته؟. أجابه: اختنق بعظمة من عظام جملك زريق فمات قال الأول: أو مات جملي زريق.؟ قال: نعم. قال. وما الذي أماته؟. أجابه: كثرة نقل الماء إلى قبر أم عمير. قال مفزوعا: أو ماتت أم عمير؟.

قال: نعم من كثرة بكائها على عمير. قال وقد اشتد روعه: أو مات عمير؟ قال له وقد انتهى منه: نعم مات يا ابخل خلق الله بعد أن سقطت عليه دارك. ثم تركه ومضى.

أكلة تجلب الحمى

* دخل حنظلة على صديق بخيل، كانت الحمى ترعى في بدنه، وحرارته فوق الاحتمال، فلما سأل عنته فقالوا له: هو محموم، فقال لهم: كلوا بين يديه حتى يعرق، وأنشد:

وهبني جمعت المال ثم خزنته وحانت وفاتي هل أزاد به عمرا
إذا خزن المال، البخيل فإنه سيورثه غما، ويعقبه وزرا

رأس الديك الغائب

* قال دعبل: كنا عند سهيل بن هارون وأطلنا المكوث حتى كاد يهلك من الجوع، فلما أسقط في يده صاح: ويلك يا غلام، آتنا غداءنا. فأتى بقصعة فيها ديك مطبوخ تحته القليل من الثريد، فتأمل سهيل الديك فرآه بغير رأس. فقال لغلامه: أين الرأس؟ فقال: رميته.

فقال: والله إني لأكره من يرمي برجله، فكيف برأسه، ويحك أما علمت أن الرأس رئيس الأعضاء، ومنه يصيح الديك، ودماغه دواء لشفاء الكلية، ولم تر عظما أهش تحت الأسنان من عظم رأسه، انظر في أي مكان رميته فأتني به، فقال الغلام: والله لا أدري أين رميته. فقالت سهيل: ولكني أنا أعرف أين رميته، رميته في بطنك وسوف يحاسبك الله ويدخلك جهنم بإذنه تعالى.

الشيطان والرطب

* كان أبو الأسود من أبخل العرب، أكل مع أعرابي يوما تمراً فأكثر من الأكل حتى ضاقت نفس الأعرابي، وحين مد أبو الأسود يده إلى تمرة، سارع الأعرابي إليها ليلتقطها قبله فسقطت منه في التراب، فأخذها أبو الأسود ونفخها ثم قال: لا أتركها للشيطان يأكلها. فقال الأعرابي: ولا لجبريل، وميكائيل، وعزرائيل لو نزلوا كلهم من السماء ما تركتها.