عزيزي القارىء

عزيزي القارىء

عوالم أخرى

عزيزي القارىء..

أثار الاكتشاف الأخير لقرائن علمية تثبت وجود أشكال من الحياة البائدة على كوكب المريخ ضجة إعلامية كبرى, وفضولا بشريا للمعرفة لا يخلو من الريبة والدهشة. ولم يكن ممكنا أن تتجاهل (العربي) هذا الفضول, لكنها تكمل دائرته المعرفية بسبر أغوار الموضوع, لا في مجال العلوم الطبيعية فقط, ولكن أيضا في مجالات العلوم الإنسانية التي تكتنز جرعة أوضح من أحلام الإنسان, وتوسماته, ومخاوفه, وتطلعات روحه.

هذا التطلع إلى عوالم أخرى, في كواكب بعيدة, طغى في خضم الضجيج الإعلامي على السؤال الأساس في الثقافة الإنسانية, وهو: التطلع إلى العوالم القريبة على ظهر كوكبنا, الأرض, والتي نأت بها حواجز غريبة عن شفافية التطلع المعرفي للإنسان. حواجز سياسية, وعنصرية, ونفعية ضيقة الأفق.

لكن أمانة حمل الدور الثقافي الذي تضطلع به مجلة منوعة تقتضي منها بداهة أن تخترق كل هذه الحواجز لإتاحة شفافية الطموح الإنساني للمعرفة. والمعرفة على ظهر كوكب الأرض أدعى لأولوية الاقتراب, وإن كان هذا الاقتراب لا يصادر, ولا ينبغي أن يصادر, نزعة التطلع إلى معرفة البعيد.

في هذا الإطار يتحرك النزوع الثقافي لهذا العدد, فثمة ملف علمي يطمح إلى تغطية زمانية ومكانية, وجدانية وفيزيائية, لموضوع وجود عوالم أخرى وحياة أخرى خارج كوكب الأرض. ومع هذا التطلع إلى البعيد, ثمة مقاربات أخرى لمعرفة ما حولنا, وعلى سبيل المثال الواضح ـ لا الحصر ـ يجيء استطلاع هذا العدد إلى دولة ظلت أدبيات الغرب تدعوها طويلا: (سر جنوب شرق آسيا الغامض) وأحيانا: (الأرض المنسية), برغم أن الغرب لم يكف أبدا عن هتك أسرار هذا البلد الثقافية, الذي كان ولا يزال قبلة لعديد من أشهر كتابه, كسومرست موم وروديارد كبلنج وجورج أورويل وغيرهم, كما أن الغرب لم ينس هذه (الأرض المنسية) أبدا, ابتداء من الخشب حتى الياقوت وأخيرا الغاز الطبيعي. هذا البلد الذي استعاد اسمه القديم (ميانمار) بدلا من الاسم الذي أطلقه عليه الاستعمار البريطاني (بورما) تذهب إليه العربي مع أولى بوادر انفتاحه على العالم بعد فترة طويلة من الانغلاق على الذات, لتميط اللثام عن بعض من خصائص هذه الذات التي تنتمي إلينا كشرق. أما الاستطلاع العربي فهو يذهب إلى (جبل الشوف) اللبناني ليعاود الصعود المعرفي باتجاه هذه الذروة العربية. وباتجاه ذروة ثقافية عربية أخرى يتوجه استطلاع أدبي, ليجلي وجه الشعر المحتفى به في (أبوظبي) ضمن فعاليات (دورة العدواني) من مهرجان جائزة البابطين.

ويستمر الاقتراب والابتعاد في مواد هذا العدد.. من (البحث عن عالم أفضل) إلى نفق (الأقصى), ومن (ثقافة تحت الحصار) إلى (آخر المخترعين العرب), و(من أخطر مراحل الإدارة) إلى( ملف لقصاصين من مصر). توجهات وأبعاد شتى, لكن الغاية واحدة متجانسة, وهي تلبية بعض أشواق المعرفة لدى قارئنا العربي.

وإلى لقاء متجدد

 

المحرر