الحياة فوق كوكب المريخ

الحياة فوق كوكب المريخ

بعثة فايكينج ـ اكتشاف غير عادي لبعثة ناسا
المؤلف: يوهانيس فون بتللر

قرر بعض العلماء أن يُعرّفوا القراء برؤاهم العلمية عن هذه الكواكب, مقررين تأليف وإعداد كتب علمية بسيطة في التناول, مفهومة لغتها, تعين القارىء المتلقي للتعرف على إنجازات علوم الفلك المركبة, والتي لاتزال حتى الآن تمثل مجهولا ملغزا, بهدف اكتشاف جوانب هذه الظاهرة من مختلف الجوانب السيكولوجية والأركولوجية والفلسفية.

من أهم ممثلي هذا التيار المؤلفون والعلماء: يوهانيس فون بتللر ـ ارنيست ميكيلبورج ـ والتر بابست ـ إريخ فون دانيكان, هارتفيج هاوسدورف ـ بيتر كراسا ـ وراينهاردت هابيك.

نتعرض هذه المرة لواحد من أهم هؤلاء وهو ي. ف. بتللر, فقد وضع كتابا تحت عنوان: (الحياة فوق المريخ) يوثق فيه لإحدى جوانب هذه الظاهرة, ويدلي فيها بدلوه.

ولد ي. ف. بتللر عام 1940 ببرلين, تربى في أستراليا, واستكمل دراسته في علوم النفس والفلسفة والفلك والفيزياء والرياضيات في فيلادلفيا (بمعهد المعلومات العلمية) وهي هيئة علمية لها مكانتها ومرتبتها التكنولوجية الكبيرة بأمريكا. ويهتم الكاتب والعالم الألماني بتللر بموضوعات علمية متعددة ومتشابكة الأطراف وهي على سبيل المثال لا الحصر:

إمكان إطالة عمر الحياة الإنسانية, وسرعة الضوء, ونظرية ذرات الطاقة المستعملة في الظواهر الخارقة المتعذر تعليلها علميا, ونظرية (الكم) وهي إصدار وامتصاص الطاقة من قبل الذرات أو الجزيئات, وكذلك يهتم بدراسة الظواهر السيكولوجية التي تشكل مسار العلاقات البشرية وطبيعتها المتغيرة.

و(بتللر) عضو في الجمعية العلمية الدولية: عندما ألف كتابه الأخير (الحياة فوق كوكب المريخ) انتشر وذاع في مختلف بقاع العالم, ليصل توزيعه إلى خمسة وثلاثين مليون نسخة. مما وضع بتللر في مصاف أهم خمسة كتاب معروفين يؤلفون حول الخيال العلمي في العالم.

أما الكتاب فهو يتحدث عن الاكتشافات الأركولوجية التي حدثت في الآونة الأخيرة بأستراليا والصين وأمريكا وأوربا, وعلاقتها بأحدث إنجازات الأبحاث العلمية لعلوم الفضاء, وتقوم هذه الأبحاث من جديد بفحص بعض الظواهر الأركولوجية لما قبل التاريخ ودراستها.

يبدأ المؤلف في مدخل كتابه باكتشاف الماضي, فيصف تفصيلا بعض هذه الأبحاث العلمية القائمة على استنتاجات العلماء حول رسومات البدائيين في كهوفهم بأستراليا وإعادة استقرائها. وتقدم لنا هذه الرسومات والتصاوير الحائطية شخصيات قريبة من أشكال رجال الفضاء اليوم. وتتحدث الخرافات التي نسجها السكان الأصليون في أستراليا وأساطيرهم عن وجود هؤلاء المخلوقات على (أشكال) طيور ضخمة هبطت من السماء إلى أرض جزيرة القريبة من أستراليا. ويرى هؤلاء السكان الأصليون الأستراليون كذلك أن تلك المخلوقات تبدو كأنها (رسلى) وحاملو ثقافة (زمن الأحلام), يأتون بها من السماء إلى الأرض. وفي أثناء القيام بهذه الأبحاث العلمية وذلك المسح الأرخولوجي بأستراليا ووجد العلماء ليس فقط مجرد أبنية معمارية ضخمة, ومعابد دينية محفورة في الأحجار القديمة, بل عثروا كذلك ـ عن غير توقع ـ على خمسة أهرامات مصطبية لم تكتمل بعد, بارتفاع قدره حوالي ثلاثين مترا وعندما أهالوا رمال الأرض, اكتشفوا أهرامات حجرية في (شبه جزيرة بابوا) وفي وسط أدغال ومنذ فترة قريبة في شمال (بيرسون) بمحافظة كوينزلاند الأسترالية, اكتشف العلماء بناء يقترب في شكله واتساقه الهارموني من أهرامات يتكون هذا البناء من ثماني عشرة مصطبة متساوية في شرفاتها يصل ارتفاعها إلى متر وعشرين سنتيمترا, وعرضها إلى مترين وأربعين سنتيمترا, يؤديان إلى قمة تقترب في شكلها من قمم أهرامات سقارة, ويقبع هذا الهرم فوق أعمدة من (البازلت) الذي يخفي في باطنه معدن الحديد. ويبدو على شكل مكعب يكشف بدوره عن وحدة متراصة, وتناغم كلي, يزن في مجموعه عشرة أطنان.

أما الهرمان الآخران فيشيدان من أحجار على شكل مكعبات عثر عليهما في أقصى الشمال بمنطقة الجنوب مثلما شاهدنا هرم (بريسبون). وتوضع هذه الأهرامات فوق مكان عال على ارتفاع مائتين وعشرة من الأمتار, وتقبع جوانبها الأربعة فوق أساس متين تصل مساحته إلى أربعمائة وخمسين مترا. ويصل طول كل جانب من جوانبه إلى نفس الطول, أي أنه يحيط بمبنى الهرم من كل ناحية, وتبلغ مساحة دائرة الجوانب الأربعة لحوالي كيلومترين, كما عثر على هرم مدفون في الرمال بجنوبي كوينزلاند. وتقول الأساطير والقصص الخرافية التي يحكيها سكان البلاد الأصليون عن هؤلاء (ناقلي الثقافة وحاملي بذور الحضارة): إنهم شيدوا هذه الأهرامات مرتفعة هذا القدر من الارتفاع كي تساعدهم وتمكنهم من مراقبة السماء.

ولكن ما هي العلاقة التي تربط أهرامات الأستراليين بهذه المباني الضخمة المشيدة بالأحجار أو بتلك المدفونة في باطن الأرض, بكوكب المريخ

بناء على ما وصلنا من أقوال السكان الأصليين في أستراليا, يمكن لنا أن نفترض ـ على حد قول مؤلف الكتاب ـ أن ثمة علاقة مشتركة بين الظاهرتين. ويتساءل بتللر: كيف لنا أن نفسر ظاهرة التكرار والتشابه الواضح فيما بين كهوفهم الملونة, والحفائر المرسومة في الأحجار لموضوعات مثل الدورة الشمسية الممتزجة بذلك التواصل الرمزي بين كوكبي (المريخ), و(الأرض)إننا نشاهد كذلك رسوما مثيلة فوق الأحجار القريبة من (أليس سبرينجر)!!

ولو أننا حاولنا ـ تفصيلا ـ تحليل مختلف أساطير الشعوب وملاحمهم, لاكتشفنا تناظرا وتماثلا في الكلمة ـ الصورة (اللوحة) ـ شكل الأحجار الضخمة, وهي تحكي كلها عن ضيوف جاءوا إلينا من عالم أو كوكب آخر!!. ووفقا لهذا الافتراض يطرح المؤلف في كتابه رأيا فحواه أن لكوكب المريخ علاقة وثيقة ببناء الأهرامات. فقد اكتشفت هذه الأهرامات في مختلف بقاع العالم, مع ما يفصل فيما بينها من محيطات وجبال وصحارى وأدغال.

ومما يُبرهن على وجود علاقة بين كوكبي المريخ والأرض, تلك الصور الفوتوجرافية التي صورت عام 1976, والسنوات التالية في التسعينيات بواسطة كاميرات المركبة الفضائية (فايكينج) التي قامت برحلتها من فوق الأرض, متجهة نحو كوكب المريخ, وكانت تدور حوله على ارتفاع ألفين ومائتي كيلومتر. وأرسلت هذه الصور الفوتوجرافية إلى الأرض بعد استكمالها, والتعامل معها من خلال تقنيات علمية باهظة التكاليف, تمكن العلماء من الحصول على مرتبة فائقة من الاستنتاجات والنتائج, بعد استغلال هذه المواد والكشف عما فيها من معلومات ثمينة, وتحليل لما يقرب من ستين ألف صورة من مجموع مائتين وأربعين ألف صورة, وضعت بأرشيف بميريلاند في الولايات المتحدة الأمريكية. ولاتزال تنتظر تحليلا أدق ودراسة علمية مستفيضة. ومن بين تلك الصور الفوتوجرافية التي بحثوا فيها عن دلائل وبراهين لنظرياتهم, لاحظ هؤلاء العلماء عددا هائلا من الإثباتات القائمة المضيئة من كوكب المريخ, عثر على رأس حجري يصل متوسطه إلى ألف وخمسمائة متر. ويُرى في هذه الصور كذلك عدد من الأهرامات تتسم بتماثلها وتناسقها الشكليين. وأرسلت فيما بعد أخيرا المركبة الفضائية (مارينيرج), ليتأكد من جديد ذلك اليقين العلمي البحثي على وجود الأهرامات, وأظهرت هذه الصور ملامح واضحة لأسوار أبنية مجهولة.

ويلمس ي. ف. بتللر في كتابه قدرا أكبر من أساطير شعوب أستراليا وقبائلها, تمنحه حقائق وأدلة عديدة تؤكد تلك الأبحاث التي قام بها العلماء لدراسة ظاهرة كوكب المريخ عبر المركبة الفضائية (فايكينج). وأدخل بتللر في كتابه عددا من نسخ الأبحاث الأركولوجية, وصورا فوتوجرافية صورت لكوكب المريخ.

ولأنه لا يريد أن يصاب القارىء بالملل من نتائجه الخاصة الجاهزة, فإن المؤلف يحاول أن يستفز عقل قارئة واهتمامه الذاتي بهذه الظاهرة للتوصل إلى رؤية خاصة به يكونها بنفسه, فالعلوم الدائرة حول دراسة هذه الظاهرة لاتزال غير مكتملة بعد, لدرجة أن كل البراهين والإثباتات ـ في رأيه ـ ينبغي أن تكون في الوقت الحاضر في طور الافتراضات. وربما سيجيب المستقبل القريب عن مختلف هذه التساؤلات الملحة حول تلك الظاهرة.

والمؤلف ـ وهو نفسه عالم وباحث ـ يضع أطروحته على هذا النحو: أتوجد حياة فوق كوكب (المريخ), وإذا كان الأمر كذلك ـ أتكون تلك الحياة سببا في موت هذا الكوكب

ويعكس هذا الأمر بدوره تخوفا يعرضه بتللر لقارئه أمام التقدم التقني الهائل, الذي لا يعرف حدودا, ولا يخضع لرقابة في زمننا, وغير قابل للتوقف. ويبقى السؤال مطروحا: أيمكن توجيه هذا التقدم التقني في مساره الصحيح, بالأطر التي يخدم بها البشرية جمعاء, و(الجو) المحيط بنا من كل جانب

يشير المؤلف من وراء طرحه هذه التساؤلات في كتابه إلى أن الإنسان إما سيموت فوق كوكبه ـ أي داخل الكرة الأرضية, فيقترب بذلك أكثر فأكثر من ذلك الذي حدث لكوكب المريخ حيث انتهت الحياة وتلاشت فيه, وإما أن الإنسان في اللحظات الأخيرة سيفكر في الوسائل الناجعة والإمكانات الضرورية لإنقاذ الجو المحيط به من الموت والتلاشي, بإنقاذه لماء الأرض, والحفاظ على طهارة الطبيعة وبراءتها, فينقذ البشرية من الدمار. إن البحوث العلمية الدائرة حول كواكب الدورة الشمسية السيارة, وحول ماضي الحضارات التي تلاشت, تؤدي بالضرورة ـ في رأيه ـ إلى الوصول لنتائج مهمة وخلاقة لمستقبل البشرية جمعاء.

فالكوكب السيار (المريخ) بأحجاره الضخمة ـ كما يرى مؤلف كتاب (الحياة فوق كوكب المريخ) ـ يمكن أن يضع مؤشرات وعلامات مثيرة تمثل مدخلا مهما لمستقبل إنجازاتنا العلمية. فإذا افترضنا أن حجر الأساس للأبنية المذكورة, إنما هي أبنية مشيدة تشييدا اصطناعيا, فإنه ينبغي أن تغدو لنا بمثابة مفتاح لحل ألغاز تلك الأحداث التي جرت في الماضي, عاكسة آثارها لتشكيل حاضرنا, مرهصة بمستقبل البشرية.

إن قيام هذه الأبنية المشيرة ـ المصنوعة منها والطبيعية ـ إنما يجب أن تكون لنا بمثابة إنذار, نتمكن بعد سماعه من فعل كل ما نملكه لإنقاذ حضارتنا والحفاظ علىها من الموت.

بهذه الدعوة يُنهي المؤلف فصول كتابه, التي نقرؤها باهتمام بالغ, وتشوق مفعم بالتعرف على المجهول, تماما عندما نقرأ أدب الرواية ذات الطابع الفني المثير. وتفرض هذه الرواية على القارىء بسمتها العلمية رغبة في بحثه عن أصوله بنفس القدر, الذي يحاول أن يتنبأ فيه بمستقبله

 

دوروتا متولي

 
  




غلاف الكتاب





المؤلف" ي.ف. بتللر