في ذكر العشق ومن بلي به
علي الإثم وعليك الإنجاز
* قالت أخت عمر بن عبد العزيز لعزة: ما معنى قول كثير فيك:
قضى كل ذي دين ووفى غريمه |
وعزة ممطول معنّى غريمها |
"فما كان هذا الدين؟ " قالت عزة: "لقد وعدته بقبلة ولم أنجزها له "، فقالت أخت عمر بن عبدالعزيز، وكانت من النساء العابدات الصالحات: "أنجزيها له، وعلي إثمها "، ثم أعتقت أربعين جارية لأجل قولها "وعلي إثمها". وقيل لما ماتت عزة تغير شعر كثير بعدها، فقال له قائل: "مابال شعرك قد قصرت فيه"؟ فقال كثير: "ماتت عزة، فلا أطرب، وذهب الشباب، فلا أعجب، ومات عبد العزيز بن مروان، فلا أرغب ".
عين العشق
* دخلت بثينة على عبد الملك بن مروان فقال لها:" يا بثينة ما أرى فيك شيئاً مما كان يقوله جميل، فقالت وقد أخذتها الدهشة من كلامه: يا أمير المؤمنين إنه كان ينظر إليّ بعينين ليستا في رأسك. قال: كيف رأيته في عشقه؟ قالت كما قال الشاعر:
لا والذي تسجد الجباه له: |
مالي بما تحت ذيلها خبر |
ولابفيها ولاهممت بها |
ماكان إلا الحديث والنظر |
زاد الهوى الفضيلة
*قال بعضهم: رأيت امرأة مستقبلة البيت العتيق، منهوكة القوى، وفي حالة من الضعف تفري القلب حزنا، وتسيل مدامع العين، رافعة يدها تدعو.فقلت لها: هل من حاجة؟ فقالت حاجتي أن تنادي في موقفنا هذا، بشعري هذا، وأنشدت:
تزود كل الناس زادا يقيهم |
ومالي زاد والسلام على نفـسي |
فناديت كما أمرتني وإذا بفتى نحيل الجسم، شاحب الوجه قد أمضه الهوى وأضنى فؤاده قد أقبل إلي فقال: أنا الزاد، فمضيت به إليها، فما زاد على النظر والبكاء بعفة وخجل. ثم قالت له: انصرف بسلام، فقلت: ماعلمت أن لقاءكما يقتصر على هذا بعد الألم وشحوب الأبدان، وسهر الليل، فقالت: أمسك ياهذا أما علمت أن ركوب العار ودخول النار شديد، وأنشدت قول إبراهيم المهلبي:
كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني |
منه الحياء وخوف الله والحذر، |
في العشق والموت
* كانت ليزيد بن عبدالملك جارية مثل بدر التمام أكمل الناس عقلا، وأكثرهم أدبا، وأحلاهم صوتاً، روت الأشعار، وقرأت القرآن حتى أخذت بمجامع قلب يزيد. وذات يوم قال لها: ويحك أما لك قرابة أو أحد تحبين أن أضيفه وأسدي إليه معروفا؟. قالت: يا أمير المؤمنين أنا لا قرابة لي ولكن بالمدينة فتى أحب أن يناله خير مما صرت إليه. وحين حضر الفتى سأله عن حاجته فقال: مالي حاجة. فقال يزيد: ويحك أولست أقدر على حوائجك؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين ولكن حاجتي ما أظنك تقضيها. فقال: فاسألني فإنك لاتسألني حاجة أقدر عليها إلا قضيتها، قال: فلى الأمان يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال: إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تأمر جاريتك فلانة التي أكرمتنا بسببها أن تغني لنا ثلاثة أصوات أشرب عليها ثلاثة أرطال. تغير وجه يزيد وعندما أخبر الجارية قالت له: ما عليك وجلس يزيد والجارية والفتى وأمر بالشراب والطيب وصنوف الرياحين، ثم قال للفتى: سل حاجتك فقال: تأمرها يا أمير المؤمنين بأن تغني هذا الشعر:
لا أستطيع سلواً عن مودتها |
أو يصنع الحب بي فوق ألذي صنعا |
أدعو إلى هجرها قلبي فيسعدني |
حتى إذا قلت هذا صادقا ذزعا |
فأمرها فغنت، وشربوا وقال للفتى: سل حاجتك، فقال مرها يا أميرالمؤمنين بأن تغني بهذا الشعر:
تخيرت من نعمان عود أراكه |
لهند ولكن من يبلغه هندا |
ألا عرجا بي بارك الله فيكما |
وإن لم تكن هند لأرضكما قصدا |
فغنت وشربوا وأمر بالأرطال فملئت للمرة الثالثة ثم قال للفتى: سل حاجتك. قال: تأمرها يا أمير
المؤمنين بأن تغني هذا الشعر:
مني الوصال ومنكم الهجر |
حتى يفرق بيننا الدهر |
والله لا أسلوكمو أبدا |
مالاح بدر وبدا فجر |
فأمرها فغنت، ولم تتم الأبيات حتى خر الفتى مغشياً عليه، وعندما حركته كان ميتا فقال لها يزيد: ابكيه فقالت: لا أبكيه وأنت حي فقال لها: ابكيه والله لو عاش ما انصرف إلا بك، فبكت بدم القلب حتى أنها لم تمكث بعده في الحياة إلا أياما قلائل وماتت
رائحة الحبيب
*" قيل لأعرابي: مابلغ من حبك لفلانة. قال: إني لأذكرها وبيني وبينها عقبة الطائف، فأجد من ذكرها رائحة المسك. وقيل: رأى شبيب أخو بثينة جميلا عندها فوثب عليه وآذاه ثم إن شبيبا أتى مكة وجميل فيها فقيل لجميل دونك شبيبا فخذ بثأرك منه فقال:..
وقالوا ياجميل أتى أخوها |
فقلت أتي الحبيب أخو الحبيب |