آلام الظهر يحسمها شعاع الليزر أكمل عبدالحكيم

آلام الظهر يحسمها شعاع الليزر

كثير من الناس يمضون شطراً كبيراً من حياتهم حاملين ظهورهم المتألمة بدلاً من أن تحملهم هذا الظهور، فآلام الظهر إعاقة شائعة وإن لم تظهر كثيراً للعيان. وها هو شعاع الليزر يحمل بارقة أمل في علاج أحدث وأبسط، وربما أسلم، لكثير من حالات ألم الظهر الناشئة عن انزلاق الغضاريف بين عظام الفقرات.

تعتبر آلام الظهر من المشاكل الطبية المنتشرة بين الكثيرين من الناس. وأهم أسبابها في الشباب الإصابات وإجهاد العضلات سواء بحمل أثقال كبيرة أو بالأوضاع غير المريحة أثناء الجلوس لفترات طويلة في العمل أو أثناء قيادة السيارات، بينما يعتبر السبب الأكثر شيوعا بين من هم فوق سن الخامسة والأربعين هو أمراض الغضاريف التي تفصل بين فقرات العمود الفقري. وتكمن خطورة آلام الظهر في تكلفتها الاقتصادية الهائلة، حيث يقدر أنه في بريطانيا وحدها تتسبب آلام الظهر مع بعض الحالات المشابهة مثل آلام الرقبة وتيبس المفاصل في خسارة 33 مليون يوم عمل في السنة الواحدة. أي حوالي 9,2% من جميع الإجازات المرضية. وفي إحصائية سنه 1982 وجد أنه في يوم من أيام السنة يوجد على الأقل عشرة آلاف شخص في إجازات مرضية لمدة 6 أشهر بسبب مشاكل في الظهر. وبرغم ضخامة تلك الأرقام فإن بعض المتخصصين يعتبرونها أقل من الواقع.

التشخيص والأعراض

يتطلب تشخيص سبب آلام الظهر فحوصات باستخدام التصوير بأشعة أكس. وبرغم أن تلك الفحوصات قد تكشف السبب في الكثير من الحالات، إلا أنها تفشل في تحديد السبب في الكثير أيضا، والتي قد تتطلب المزيد من الفحوصات مثل الفحص بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية باستخدام الكمبيوتر. وإن كان الفحص بالرنين المغناطيسي هو أكثر تلك الفحوصات دقة وأغلاها تكلفة، وذلك نتيجة لقدرة الرنين المغناطيسي على إعطاء صور عالية الوضوح للأجزاء المحتوية على نسبة كبيرة من الماء من أجزاء الجسم مثل الغضاريف الفقارية. والتي في الحقيقة لا تنزلق بالمفهوم الشائع للانزلاق. ولكن ما يحدث هو أن الغضروف يتكون من طبقتين الداخلية وهي عبارة عن نسيج جيلاتيني محاط بنسيج ليفي هو الطبقة الخارجية، وعند حدوث ضعف في الطبقة الخارجية فإن النسيج الداخلي يخرج عن الحيز الموجود به مسببا ضغطا على أقرب الأعصاب الشوكية. ومن بين تلك الغضاريف تعتبر غضاريف منطقة الرقبة والمنطقة القطنية من أكثرها تسببا في إحداث مشاكل بالظهر. ويتم تحديد المنطقة بدقة عن طريق الفحص الإكلينيكي مع التاريخ المرضي للحالة، ثم باستخدام الفحوصات السابقة الذكر. وتتضمن الصورة الإكلينيكية في حالات مشاكل الظهر الناتجة عن تحلل أو انزلاق الغضاريف الظهرية حدوث آلام في الظهر مع/ أو آلام في المنطقة التي يغذيها العصب الذي تسبب الانزلاق الغضروفي في إحداث ضغط مستمر أو متقطع عليه. ومن أشهر تلك الحالات آلام عصب النسا (بفتح النون). وهو العصب الرئيسي المغذي للساقين وأيضا أكبر أعصاب الجسم كافة، وعند ضغط أحد الغضاريف المنزلقة على هذا العصب تحدث آلام في منطقة المقعدة وخلف الفخذ، وإن كان من الممكن أن تنتشر إلى أسفل الساق والقدم.

طرق العلاج

مبدئيا يتم علاج الأشخاص المصابين بمشاكل في الغضاريف الظهرية باستخدام طرق غير جراحية مثل الراحة ومسكنات الآلام والعلاج الطبيعي. بالإضافة إلى تعليم المريض كيفية تجنب مضاعفة الإصابة أو تكرار مضاعفة الإصابة أو تكرار حدوثها. وتعتمد فترة العلاج غير الجراحي على احتياجات الشخص الاجتماعية والعملية. وفي أغلب الحالات يشفى المرضى في خلال أسبوعين من العلاج المتضمن المسهلات ومضادات الالتهاب والمسكنات. مع النوم على مراتب صلبة باستخدام وسادة واحده تحت الرأس مع البقاء في السرير لمدة 23 ساعة يوميا، حيث يسمح بساعة واحدة فقط من الحركة لأغراض النظافة. ويشمل العلاج غير الجراحي أيضا الكثير من الجوانب الأخرى مثل الشد المستمر على الساقين للأسفل بغرض تخفيف الضغط على الأعصاب المصابة. وقد يحتاج المريض إلى تغيير نمط حياته بوجه عام، بما فيها تغيير المهنة إذا كانت تتعارض مع حالته الطارئة. وفي الحالات الشديدة والتي قد تصيب المريض بعجز كامل عن ممارسة حياه طبيعية، يتطلب الانزلاق الغضروفي تدخلا جراحيا لإزالة الغضروف المصاب تماما. وفي الجراحة التقليدية يتم إحداث فتحة في جزء من الفقرة تكشف بعدها الأعصاب من الأغشية المحيطة بها ثم تزاح جانبا، حيث يظهر بعدها الغضروف والذي يزال تماما. ولكن نتيجة لخطورة المكان الذي تجرى فيه الجراحة، حيث يقع على مقربة من الحبل الشوكي والأعصاب الرئيسية، فقد تولد اتجاه بين الجراحين يعمل على الاستفادة من أساليب الجراحة الاستفادة من أساليب الجراحة الدقيقة لتجنب مخاطر الجراحة المفتوحة. ومن بين تلك الأساليب التي جربت كان ما يعرف ب (تحليل الغضروف الكيميائي) والذي يعتمد على حقن مادة كيميائية مذيبة داخل الغضروف تؤدي إلى ذوبان جزء منه مما يقلل حجمه ويخفف الضغط على الأعصاب المجاورة. وبرغم تجنب تلك الطريقة للجراحة وسهولة إجرائها حيث يمكن أن تتم في العيادة الخارجية، فإنها لم تلق نجاحا كبيرا بسبب الآثار الجانبية لتلك المادة مثل صدمة الحساسية أو النزيف الداخلي، إذا تسربت تلك المادة لأحد التجاويف المحيطة بالغضروف. ومن الطرق الأخرى التي جربت أيضا لإزالة الغضروف المصاب، كانت طريقة إدخال إبرة ذات قطر كبير تحتوي على جهاز شفط بداخلها حيث يقوم ذلك الجهاز بتقطيع الغضروف إلى قطع صغيرة، تشفط من خلال الإبرة. ولكن لصعوبة إجراء تلك العملية والتي غالبا ما تفشل، فقد أصبحت لا تستخدم على نطاق واسع أيضا.

العلاج بالليزر

حديثا قامت مجموعه من الأطباء برئاسة الدكتور بيتر آشر رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب في جامعة جراتس بالنمسا، باستخدام أسلوب جديد يعتمد على نوع من الليزر يعرف ب (النيودميم ياج)، وتنفذ هذه الطريقة في العيادة الخارجية. حيث يتم إدخال إبرة تحتوي في داخلها على ألياف ضوئية لتوصيل أشعة الليزر إلى مكان الغضروف، ثم يقوم الجراح بتوجيه الأشعة الحارقة إلى الغضروف والتخلص منه تماما ويستغرق ذلك كله حوالي 5 - 10 دقائق، دون الحاجة إلى تخدير كلي، بل مخدر موضعي ليس إلا. ويتوقع الأطباء أن تلقى تلك الطريقة نجاحا كبيرا، لأنها تحفل بالكثير من المزايا مقارنة بالطرق الأخرى، فمثلا لا توجد حاجة لإحداث جرح كبرى وفي الظهر. ويكتفى بإدخال الإبرة من فتحة صغيرة جدا، بالإضافة إلى أن حجم النزيف يكون قليلا جداً بالمقارنة مع النزيف في الجراحة المفتوحة. ويفضل الأطباء تلك الطريقة أيضا لأنها لا تضطرهم إلى تشريح العضلات والعظام وجذور الأعصاب، مما يقلل من خطر إتلاف الأجزاء المحيطة بالغضروف أثناء العملية. بينما يتوقع أن يفضل المرضى تلك الطريقة لأنها تحتاج إلى وقت قصير جدا قبل أن يستطيع المريض العودة لحياته الطبيعية وذلك دون البقاء في المستشفى ولو لليلة واحدة. وهو ما يعني الكثير لرجال الأعمال وأصحاب المهن القيادية. ومن المزايا الرئيسية للمرضى أيضا أن الاختيارات تبقى مفتوحة أمامهم إذا ما فشلت المحاولة الأولى مع بقاء عملية الجراحة المفتوحة قائمة كخيار، وكنتيجة للتجارب الأولية المشجعة والتي تشير إلى أن تلك الطريقة قد تصبح الاختيار الأمثل ! المستقبل القريب لعمليات إزالة الغضروف، قامت شركات الأجهزة الطبية، بتطوير نوع من الألياف يوفر للجراح تأثيرا متوقعا وثابتا لليزر في الأنسجة. بالإضافة إلى خفضه التام لأي تأثيرات جانبيه للحرارة الناتجة عن الليزر.

تثقيف المريض جزء أساسي من العلاج

وبقي أن نؤكد أهمية تثقيف المريض كجزء من العلاج مهما كان نوعه، وبرغم أن ذلك الجزء ليس حديث العهد إلا أنه غالبا ما يهمل أو يعامل برعاية أقل مما يشكله كمكون أساسي لنجاح أي نوع من العلاج، ويشمل هذا التثقيف زيادة قدرة المريض على العناية بظهره، مع معلومات شاملة عن حالته الطبية. وحاليا يوجد في الدول الغربية ما يعرف بمدارس (العناية بالظهر)، والتي تدير برامج تثقيفية لمرضى آلام الظهر. وغالبا ما يشمل البرنامج- والذي يستغرق ستة أسابيع، بمعدل ساعتين أسبوعيا- التركيب التشريحي لمنطقة الظهر وميكانيكية حركة الجسم، مع التركيز على التصرفات المضرة بعضلات الظهر وكيفية توفير الأوضاع والظروف التي تقي حدوث إصابات قد تكون معوقة لفترات طويلة وربما لبقية حياة الشخص.

 

أكمل عبدالحكيم

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




صورة بالتصوير الحراري تظهر وجود التهابات في الفقرات القطنية





صورة مقطعية بالرنين المغناطيسي تظهر العمود الفقري بداخله الحبل الشوكي





صورة توضح الطريقة التي يجب أن يحمل بها المصاب اصابة خطيرة في العمود الفقري





صوةر بالأشعة المقطعية بالكمبيوتر لإحدى الفقرات المصابة في حادث





صورة الأشعة بالصبغة تظهر الحبل الشوزكي ويتضح بها انضباط الحبل الشوكي في المنتصف بالغضروف المنزلق





رسم توضيحي لإحدى الفقرات ويظهر ما بين الفقرات الجزء المنبجع إلى الخلف هو الغضروف المنزلق ويظهر ضاغطا على الأعصاب الشوكية