الخروج من عصر حروف الهجاء.. ماكلوان والثورة الإلكترونية

الخروج من عصر حروف الهجاء.. ماكلوان والثورة الإلكترونية

في عام 1962، صدر كتاب يحمل عنوانا يسترعى الانتباه لمؤلف كندي كان قد أخذ يشق طريقه بسرعة هائلة نحو الشهرة العالمية ويحتل مكانة مرموقة بين مفكري النصف الثاني من القرن العشرين ويشغل الناس بأفكاره الجديدة ونظرته المستقبلية إلى العالم والبشرية.. كان عنوان الكتاب هو "كوكبة جوتنبرج" والمؤلف هو عالم الاجتماع وعلوم الاتصال مارشال ماكلوان الذي كان قد بلغ في ذلك الوقت سن الحادية والخمسين من عمره، حيث كان مولده عام 1911 في مدينة إدمنتون بولاية آليرتا في كندا. وكان الكتاب ينذر بقرب انتهاء عصر الطباعة، وأن المستقبل يحمل في خباياه ظهور أساليب ووسائل جديدة للاتصال والتواصل والتعليم والإعلام، قد يكون أهمها وأبعدها أثرا التلفزيون وما سينجم عنه من تطورات واختراعات واكتشافات ترتاد مجالات جديدة وفسيحة من المعرفة.. ولم تكن المسألة بالنسبة له مجرد إحلال أداة أو وسيلة للاتصال محل الوسائل القديمة المألوفة، وإنما كانت المسألة في نظره نقلة تكنولوجية هائلة تنطوي على ثورة اجتماعية وثقافية وفكرية عميقة وواسعة سوف يتولد عنها مستقبل جديد يتحول العالم فيه إلى قرية واحدة كبيرة، كان ماكلوان يشير إليها باسم "القرية العالمية" أو "القرية الإلكترونية" التي سوف تتراجع فيها أهمية الكتاب شيئا فشيئا حتى يأتي اليوم الذي لن يجد فيه لنفسه مكانا فيها.

وبطبيعة الحال لم يكن مارشال ماكلوان هو الوحيد الذي تكلم في هذا الموضوع، بل لم يكن حتى هو أول من عرض له. ذلك أن ظهور الإذاعة والتليفزيون كوسيلتين للاتصال والإعلام أثار لدى الكثيرين قدرا كبيرا من القلق حول مستقبل الكتاب، تماثل المخاوف التي سبق أن أثارها ظهور السينما، وإن كان هناك من اعتبر التلفزيون تهديدا للسينما، ذاتها ولكن لأسباب غير تلك التي يتكلم عنها الناس في العادة، وهي أسباب تتعلق في المحل الأول بالفوارق الأساسية بين طبيعة كل من هاتين الوسيلتين.

وقد أعطى ماكلوان كثيرا من اهتمامه لهذا الموضوع، أي طبيعة الأداة أو الوسيلة في ذاتها ومدى تدخلها في تحديد التأثير الذي تتركه الرسالة التي تحملها تلك الوسيلة، وأن المهم ليس هو محتوى الرسالة ومضمونها بقدر ما هو طبيعة الأداة التي تقوم بتوصيل الرسالة. وهذه فكرة بدت غريبة لأول وهلة وأثارت كثيرا من الجدل ولكنها أفلحت في آخر الأمر في قبول وترسيخ العبارة التي تلخص نظرة ماكلوان وهي أن "الوسيلة هي الرسالة" بل انه اطلق هذه العبارة عنوانا لأحد كتبه التي لاقت رواجا هائلا.

ولكن كتاب "كوكبة جوتنبرج" ـ الذي يشير صراحة إلى اسم مخترع آلة الطباعة ـ يذهب الى أبعد من هذا بكثير لأن اختراع الطباعة كان له آثار وخيمة على ملكات الإنسان وقدراته التي كانت تعمل في وحدة متكاملة تتفق وتتلاءم مع وحدة الكائن العضوي الحي الذي هو الإنسان. فظهور "النص المطبوع" أدى إلى انكسار وانفصام العلاقة القوية المتينة بين ما يسميه ماكلوان "فعل" الكتابة الفيزيقي و"فعل" السمع الذي يعتمد على الأذن. فحتى القرن السادس عشر بل والسابع عشر لم تكن القراءة "الصامتة" أو غير المسموعة أمراً مألوفا أو معهودا شائعا بين الناس. بل لم يكن أحد يتصور أبداً إمكان قيام مثل هذه القراءة، إنما كانت القراءة تعني ببساطة قراءة النص المكتوب بصوت عال مسموع، ومن هنا كان الارتباط القوي بين هذين "الفعلين" وقد تغير هذا الوضع تماما بعد ظهور الكتاب "المطبوع". وليس هذا بالتغير البسيط لأنه ترتب عليه نتائج أخرى بعيدة الأثر في الحياة الاجتماعية، وهو الأمر الذي يعطيه ماكلوان الجانب الأكبر من اهتمامه ويقيم عليه نظريته عن الاتصال وتطوره وتطور المجتمع الإنساني على ما سنرى.

الصورة هي المضمون

لم تكن البدايات الأولى في حياة مارشال ماكلوان تنبىء بما أصبح عليه، ولم تكن تدل على أنه سوف يكون في يوم من الأيام أحد المفكرين الأعلام في علم الاجتماع، وبخاصة في مجال الاقتصاد. فلقد كانت دراسته الجامعية الأولى في الهندسة من جامعة مانيتوبا بكندا. ولكنه غير اتجاهه فجأة وتحول إلى دراسة الأدب الإنجليزي. وقد حمله هذا الاهتمام الجديد إلى بريطانيا حيث التحق بجامعة كيمبردج، وهناك تتلمذ على عدد من كبار أساتذة الأدب والنقد الأدبي، ولكنه تأثر بشكل خاص بالأستاذ ريتشاردز الذي كان يعتبر واحدا من أكبر أساتذة النقد، وتأثر بالذات بالنظرية الجمالية التي كانت تسود في كيمبردج في ذلك الحين والتي كانت ترى أنه من الصعب الفصل في العمل الأدبي بين الصورة والمحتوى، وأنه في الفن الحقيقي تكون الصورة هي المحتوى أو المضمون، مثلما يكون المحتوى هو الصورة. وقد ظل ماكلوان خاضعا لتأثير هذه النظرية لدرجة انه طبعتها بحذافيرها فيما بعد في دراساته لمشكلة الاتصال ووسائل الإعلام باعتبارها الأداة التي تعبر عن الثقافة والتي عن طريقها تتنقل الثقافة من مجتمع لآخر، كما أنها هي التي تحفظ الثقافة من الأندثار.

وقد ساعده حصوله على الدكتوراه من كيمبردج في شغل عدد من وظائف التدريس في بعض الجامعات الكندية والأمريكية. واستطاع أثناء ذلك أن يقيم علاقات وثيقة مع عدد من علماء الاجتماع، وإلى حد أقل علماء الأنثربولوجيا الذين فتحوا أمامه آفاق ثقافات العالم المختلفة بما في ذلك ثقافات المجتمعات البدائىة. وقد أفلح في أن يربط بين معلوماته الكثيرة المتنوعة في مجالات الأدب والنقد الأدبي والهندسة والاجتماع والأنثربولوجيا في وحدة فكرية متكاملة، انعكست في تفكيره وفي كتاباته عن الثقافة وأساليب الاتصال في مراحل التطور الحضاري البشري، ولكنها جعلت من الصعب تتبع تلك الأفكار الكثيرة المتشعبة المتشابكة التي تستمد أصولها من قراءاته الواسعة المتنوعة في تلك التخصصات المتباينة. وهو نفسه يدرك صعوبة كتاباته وغموض أسلوبه في الكتابة، ولكنه يرى أن الوضوح في الكتابة دليل على السطحية وضحالة التفكير.

وحياة ماكلوان العملية ذاتها كانت سلسلة متتابعة من التنقل بين تلك المجالات المختلفة التي تؤلف عناصر تفكيره. فبينما يشغل مثلا كرسي الأدب الإنجليزي في جامعة تورنتو عام 1952 يقوم بالتعاون مع عالم الأنثربولوجيا الأمريكي إدموند كاربنتر بتأسيس مجلة Explorations عام 1953 ويخصصها للدراسات البيئية والثقافية أو على الأصح دراسة مشكلات البيئة والثقافة بالمعنى الأنثربولوجي لهذه الكلمة، وقائمة كتاب تلك المجلة تضم عالم الاجتماع ديفيد ريزمان والمصور الفرنسي فرنان ليجيه والكاتب الاديب الشاعر الروائي البريطاني روبرت جمليفز وغيرهم من مختلف فروع الثقافة الرفيعة المتنوعة، كما أنه يصدر في الوقت نفسه تقريبا، أو قبل ذلك بقليل عام 1951 إلى كتابه عن "العروس الآلية" أو الميكانيكية الذي يحلل فيه ببراعة طرق الدعاية والإعلان التي يسميها "فولكلور الإنسان في المجتمع الصناعي" أي فولكلور إنسان الصناعة. كذلك نجد أنه في الوقت الذي يكتب فيه مؤلفه عن "كوكبة جوتنبرج "1962" الذي يكشف عن مدى سعة اطلاعه على تاريخ الفكر وتطور علاقات التواصل في المجتمع الإنساني، يشغل عام 1963 وظيفة مدير مركز الثقافة والتكنولوجيا في كندا "جامعة تورنتو" حيث كان يتعين عليه أن يهتم بدراسة الآثار السيكولوجية والاجتماعية الناجمة عن انتشار وتنوع وسائل الاتصال والاعلام، وبعدها بعامين اثنين أو بثلاثة أعوام يشغل كرسي ألبرت شفاتيزر للإنسانيات في جامعة فرودهام في نيويورك. وهذا معناه أن حياته الأكاديمية التي تعتمد على الدراسة والتحليل النظري كانت تتضافر طيلة الوقت مع المناصب الإدارية والبحثية، وأن هذا التنوع انعكس بشكل واضح في كتاباته العميقة المعقدة الصعبة التي تحتاج من القارىء إلى سعة الإطلاع وكثير من الصبر.

مصير الكتاب

نقطة الانطلاق في كتاب "كوكبة جوتنبرج" هي تتبع التغيرات التي طرأت على حياة المجتمع الإنساني نتيجة لاختراع الطباعة، ثم مصير الطباعة ومصير الكتاب بالتالي نتيجة لاكتشاف أساليب ووسائل جديدة للتواصل سوف تغير من أحوال المجتمع وطبيعة الثقافة اللذين قاما بفضل اكتشاف جوتنبرج واختراعه المثير "المطبعة".

فاختراع الطباعة كان هو الحد الفاصل القاطع بين مجتمعين ونمطين مختلفين من الثقافة، وهذا معناه أن ماكلوان في عرضه لهذه التغيرات كان يأخذ الإنسان في كليته وعمومه ويتتبع في دقة ما طرأ على حياته وعلاقاته من تطورات. فالإنسان البدائي كان يعيش في نوع من "جنة عدن" حسب تعبير ماكلوان، وفي هذا النوع من المجتمعات يتم الاتصال بين الناس بطريق مباشر، أي أن العلاقات فيه علاقات شخصية تتم وجهاً لوجه بين الأطراف المختلفة. وبذلك كانت تجربة الكلام أو الحديث ـ وهو أداة الاتصال والتواصل ـ تضم إلى جانب النطق والسمع الرؤية المباشرة بين أطراف الحديث، بل وأحيانا اللمس وكذلك الشم نتيجة للتقارب المكاني. ولذا كان الحديث في الحياة اليومية العادة يعكس نوعا من العلاقة التي تتميز بدرجة عالية جدا من الاندماج بين أطراف هذه العلاقة بحيث يكاد يصل إلى حد التوحد. ثم جاء اختراع الكتابة. ويشبه ماكلوان هذا الاختراع بالتفاحة التي استخدمتها الأفعى في إغراء آدم وترتب على ذلك الإغراء والإغواء ليس فقط خروج آدم من الجنة، ولكن هدم فكرة الجنة والقضاء عليها من أساسها. وهذا بالضبط هو ما فعلته الكتابة بأساليب الاتصال المباشر التي عرفها المجتمع البدائي البسيط المتجانس.

فبعد أن كان الاتصال بين أعضاء المجتمع يتم بالحديث وما يصاحبه من رؤية أطراف الحديث بعضهم لبعض وتتبع حركاتهم وإيماءاتهم وتلامس أجزاء من أجسامهم وما إلى ذلك، أصبح الاتصال يتم من خلال واسطة صماء ولا تحتاج إلى وجود أطراف العلاقة في نفس المكان والزمان. وبعد أن كان الحديث يصاحبه مشاركة أكثر من حاسة واحدة إن لم يكن كل الحواس في بعض الأحيان "بما في ذلك الذوق أحيانا" أصبحت الكتابة كأداة للتواصل تعتمد على حاسة واحدة هي الرؤية أو البصر، كما أن القراءة المسموعة أصبح لا يشارك فيها سوى حاستين فقط هما السمع والنطق بالاضافة إلى البصر. بل إن الكتابة أدت إلى انفصال التفكير عن الإحساس والشعور، كما أدت إلى ارتباط المعاني بالكلمات والألفاظ المجردة بدلا من ارتباطها بالأشياء والأفعال الحياتية الملموسة.

ثم خطت الإنسانية خطوة أخرى أبعد من ذلك، تمثلت في اختراع المطبعة على أيدي جوتنبرج. وقد أدى ظهور المطبعة إلى طباعة وإنتاج الكتب والمجلات والصحف بأعداد هائلة لم تكن تتيسر في مرحلة الكتابة العادية. ونجم عن ذلك تعميق ذلك الانفصال بين الفكر والإحساس لدى الفرد، بحيث اكتمل اغتراب الإنسان عن نفسه وعن المجتمع الذي يعيش فيه، لأن سهولة القراءة، وبالذات القراءة الصامتة التي هي أحد مستلزمات قراءة الكتاب الآن بعد اختفاء عادة القراءة بصوت مسموع ساعدا على ازدياد الشعور بالفردية والانفصال عن الجماعة.

كذلك كان ظهور الكتاب المطبوع بهذه الأعداد الكبيرة نذيرا باختفاء واندثار أسلوب التعليم التقليدي الذي كان يعتمد على الإملاء وقراءة النص ونسخه وإضافة الشروح على المتن، وهو الأسلوب الذي ظل متبعا لقرون طويلة. وعلى الرغم مما كانت تنطوي عليه هذه الطريقة من تعب ومشقة وعناء وبذل للجهد وضياع للوقت فإنها كانت تساعد على خلق علاقة حميمة ووطيدة بين الإنسان القارىء والنص الذي يقرؤه أو الذي ينقله بخط يده ويتولى الشرح والتعليق عليه بنفسه. وقد انفصمت هذه العلاقة وزالت تماما بعد اختراع المطبعة.

اتصالات ما بعد الطباعة

ولكن الخطورة الحقيقية في كل ذلك هي أن اختراع الطباعة أدى إلى ازدياد وتسارع عملية الانفصام بين ملكات الإنسان بشكل واضح وعلى كل المستويات. فمثلما اعتاد الإنسان على تتبع صفوف الحروف والكلمات ثم سطور الصفحات المطبوعة واحدة بعد الأخرى فإنه أخذ يفكر بنفس الطريقة "الخطية" التي تقوم على الانتقال من فكرة جزئية إلى فكرة جزئية أخرى، كما أخذ يتلقى ويتقبل المعلومات ويستوعبها ويتمثلها منفصلة بعضها عن بعض، وكلا منها على حدة في بداية الأمر على الأقل. وهذا هو أهم الاختلافات التي تقوم بين الإنسان القديم أو حتى الإنسان البدائي وبين الإنسان المتقدم الحديث الذي فقد التلقائية في النظر إلى الأمور.

وهذا وضع مأساوي إلى حد كبير لأنه يمثل تفسخ الإنسان والمجتمع على السواء نتيجة لضياع الوحدة الشاملة المتجانسة للأشياء.

والظاهر أن التطورات والتغيرات التي تحدث الآن في أساليب الاتصال والتواصل والتي تميز عصر ما بعد الطباعة سوف تقلب الأمور الراهنة تماما وترد الإنسان والإنسانية إلى الجذور القديمة"، على الرغم مما قد يبدو في هذا القول من مفارقات. وسوف يتم ذلك الانقلاب من خلال الثورة الالكترونية الحديثة التي تبشر بظهور عصر المعلومات وليس فقط عصر الإعلام. والوسيلة الفعالة المؤثرة حتى الآن هي التليفزيون وإلى حد أقل السينما، وهما وسيلتان تعتمدان على الجمع بين السمع والبصر في وحدة وانسجام يثيران في الذهن، ما قاله ماكلوان عن الاتصال والتواصل لدى الإنسان البدائي.

فالاتصال عن طريق الحديث أو الكلام في المجتمع البدائي تجربة متكاملة لا تتوفر في القراءة الصامتة المرتبطة بالطباعة وبالكتاب والتي لا يستخدم فيها سوى البصر. بل إن السينما، وإلى درجة أكبر التليفزيون، يتطلبان قدرا من الاستغراق والاندماج الذي يكاد يصل إلى حد التوحد، ولذا يعتبر ظهورهما تهديدا حقيقيا ومباشرا للكتاب المطبوع. ويصدق هذا بوجه خاص على التليفزيون الذي يمكن معه وبخاصة بعد ان يرتبط بشبكة معلومات عالمية أن يستغنى تماما عن الكتاب. وحين تزول أسطورة الطباعة، أو تضعف على الأقل بدرجة كبيرة، فسوف يكون في الإمكان استعادة الإنسان للفردوس الذي فقده. فوسائل الاتصال الإلكتروني الحديثة تقوم بدور فعال في ربط الناس في كل أنحاء العالم بعضهم ببعض وتساعد على إزالة الفوارق والاختلافات بحيث ترد العالم إلى التجانس الذي يميز الحياة في المجتمع القديم البسيط، وسوف يساعد ذلك ـ كما يرجو ماكلوان ـ على قيام تلك القرية الإلكترونية أو القرية العالمية التي تعيد أمجاد جنة عدن.

بعد ذلك بعدة سنوات أصدر ماكلوان كتابا آخر بعنوان "فهم وسائل الاتصال" وفيه يقول:

إنه بعد ثلاثة آلاف سنة من الانفجار الخارجي عن طريق التكنولوجيا التجزيئية والآلية، بدأ العالم الغربي يتغير داخليا. فخلال العصور الميكانيكية أو الآلة أفلحنا في أن نمد أجسامنا في الفضاء. والآن، وبعد انقضاء ما يزيد على قرن من التكنولوجيا الكهربائية، أفلحنا في أن نمد جهازنا العصبي المركزي ذاته بحيث يستوعب العالم كله متجاهلا حدود المكان والزمان على الأقل فيما يتعلق بالكوكب الذي نعيش فوقه. ونحن نقترب الان بسرعة فائقة من الرحلة النهائية لامتداد الإنسان، ونعني بها الإثارة التكنولوجية للشعور والوعي والإدراك.. وأي امتداد للإنسان، سواء أكان هو امتداد جلده أو امتداد يده أو امتداد قدمه يؤثر بالضرورة في النسيج السيكولوجي والاجتماعي.

والمقصود بامتداد جلد الإنسان بناء المساكن وما إليها، كما أن امتداد اليد يتمثل في الآلات التي يستعين بها الإنسان في الصناعة وغيرها. وأخيراً فإن امتداد الوعي يتمثل في وسائل الاتصال والإعلام.. وهذه أفكار عميقة ومعقدة وتحتاج إلى أن نفرد لها مقالاً آخر.

 

أحمد أبوزيد

 
  




ماكلون والثورة الإلكترونية