رواد الثقافة والفكر في الكويت المثقف.. رجل الدولة عبدالعزيز حسين

رواد الثقافة والفكر في الكويت المثقف.. رجل الدولة عبدالعزيز حسين

اختلف المفكرون المعاصرون حول الدور الذي يلعبه الفرد في التاريخ. فقد اعتبر بعضهم أن التاريخ يكتبه الفاتحون، والقادة المنتصرون والمغامرون الشجعان. بينما ذهب بعضهم الآخر إلى أن التاريخ الحقيقي هو تاريخ الشعوب، وليس تاريخ الغزاة والفاتحين. لكنهم أجمعوا كلهم على أهمية الدور الذي يلعبه الفرد في التاريخ باعتباره العنصر الأساسي في صنعه.

صحيح أن التاريخ هو وليد ظرف موضوعي (خارج عن إرادتنا). وظرف ذاتي يخص كل شعب على حدة، لكن يبقى للفرد تأثيره على تطور الظرف الذاتي في علاقته بالظرف الموضوعي محلياً وإقليمياً ودولياً.

ويحفل التاريخ بنماذج لشخصيات استغلت الظرفين - الموضوعي والذاتي - لصالح شعوبها ورقيّها، وأخرى استغلتهما لتحقيق طموحات شخصية وأطماع فئوية أو عرقية أتت على شعوبها بأوخم العواقب.

ولا يختلف اثنان على أن شخصية الأستاذ عبدالعزيز حسين، المنور الكويتي الكبير، من أنصع النماذج لكيفية استخدام الفرد لطاقاته الإبداعية وحسّه الاستراتيجي في تطبيق أفكاره من أجل بناء وطنه على نحو يخدم أوسع قطاعات السكان من خلال إطلاق النهضة التعليمية والثقافية في البلاد والحفاظ على استمراريتها. وكان هذا - بالطبع - من حسن حظ الكويت.

وكان الأستاذ عبدالعزيز ملا حسين عبدالله التركيت قد ولد في مدينة الكويت في 26/11/1920 في بيت يعبق برائحة الدين والثقافة. وفي العام 1939، كان عبدالعزيز حسين الفتى ضمن أول بعثة جامعية كويتية ترسل إلى مصر للدراسة، حيث حصل على الشهادة العالمية من كلية اللغة العربية في جامعة الأزهر العام 1943، ثم شهادة تخصص التدريس من كلية اللغة العربية من الجامعة ذاتها العام 1945، ودبلوم المعهد العالي للمعلمين التابع لجامعة القاهرة في العام نفسه.

وكان 1945عاماً فاصلاً في حياة عبدالعزيز حسين باعتباره العام الذي دشّن فيه حياته العملية التي سعى خلالها إلى تحقيق كل أحلامه وطموحاته من أجل وطنه. ففي مطلعه عاد إلى الكويت، حيث عرض عليه تولي مسئولية الطلبة الكويتيين الدارسين في مصر، فعاد إليها مجدداً في أواخره ليصبح مديراً لبيت الكويت في مصر، وهو في الخامسة والعشرين من عمره. وظل يتولى هذه المسئولية حتى العام 1950.

وفي القاهرة، ظلت الكويت دائماً هي بدايته ومنتهاه. وكانت نهضتها هي همّه اليومي. وكما كان يحلم بأمة عربية ناهضة تحتل مكانة مرموقة بين شعوب العالم، كان يحلم بالكويت درّة ساطعة على جبين أمتها. وهو يصف فترة وجوده في القاهرة بقوله: (في هذه الفترة راقبنا الكويت تتفتح على وطنها العربي وعلى العالم، ومن مصر كانت هي همّنا الأول، كما كنا على صلة وثيقة بالكويت وأبنائها، نتابع كل كبيرة وصغيرة ونتطلع إلى اليوم الذي نستطيع فيه الإسهام بقسط في بنائها. وكنا نناقش رؤانا وأحلامنا كما يناقش المهندسون خريطة بناء).

وأدرك ببصيرته الثاقبة أن كيان الدولة الوليدة لن يترسخ، وفقاً لقواعد الجغرافيا السياسية، إلا اعتماداً على عمقيها الخليجي والعربي. لذا نجده قد ركّز كل جهوده أثناء توليه لمسئوليته كمشرف على بيت الكويت في القاهرة على تعريف العرب بالكويت، التي كان الكثيرون منهم لا يعرفون حتى اسمها. ومن هنا جاء إصداره لمجلة البعثة العام 1946 من القاهرة تجسيداً لهذا التوجه، ولكي تكون لسان حال الطليعة الكويتية الجديدة الساعية إلى اللحاق بركب العصر وبناء دولة عصرية تحتل مكانة متميزة على الصعيدين العربي والدولي. وفي شهادة مهمة عن تلك الفترة وإصداره لمجلة البعثة يقول عبدالعزيز حسين: (... عندما تقرر إقامة بيت الكويت في القاهرة، كان تصوّر أصحاب القرار لدوره ومهامه يختلف في جوانب عدة عن تصوّر المشرفين الفعليين عليه. لم يكن تصوّر هؤلاء أن مهمة هذا المكتب مجرد العمل على تخريج طلاب من معاهد مصر، وإعادتهم إلى الكويت لشغل مراكز محددة في دولة تفتقر إلى المختصين في كل ميدان، كان أفقهم يتسع لقيام بيت الكويت بمهام أكبر من ذلك تتصل بالتعريف بالكويت وبإقامة علاقات فكرية مع مصر وبتلبية حاجات الكويت، التي يمكن أن تقوم بها مصر في مجالات متعددة).

أعمدة النهضة الستة
وفي العام 1950، عاد عبدالعزيز حسين إلى الكويت. وفي العام نفسه، وقع عليه اختيار مجلس المعارف لبعثة جديدة إلى العاصمة البريطانية لندن لدراسة التربية وعلم النفس والاطلاع على نظم التعليم في الغرب.

وفي العام 1952، طلب مجلس المعارف من عبدالعزيز حسين العودة من لندن لكي يتولى منصب مدير (إدارة المعارف) وهو في الثانية والثلاثين من عمره، وهكذا، جاء إلى الموقع الذي خلق من أجله. وقدر للرجل الذي قال يوماً (إننا نعمل على أن نقطع في نهضتنا هذه خلال ربع قرن ما قطعه غيرنا في عشرة قرون) أن يغيّر خلال عشر سنوات تقريباً (1952-1961) كيان مجتمع بأكمله، وأن يحوّل كل أحلامه من أجل وطنه إلى واقع معيش يلمسه القاصي والداني. وكانت البداية بالنهضة التعليمية. فقد آمن الرجل بأن التربية رسالة تستهدف خلق أجيال تستطيع بناء بلدها وتسهم في نهضة أمتها، وأن التعليم هو الاستثمار الأبعد مدى والأكثر مردوداً، وهو إن لم يصطنع الأساليب الحديثة في التربية ولم يغرس المنهج العلمي لدى الناشئة، فشل في تحقيق الغايات المرجوّة منه والمعقودة عليه.

وفي زمن قياسي، حوّل الرجل إدارة المعارف (التي كانت بمنزلة وزارة تربية قبل الإعلان الرسمي للاستقلال) إلى خلية نحل هدفها تحقيق نهضة شاملة على جميع المستويات، وقامت هذه النهضة، وفقاً لاستراتيجيته، على ستة أعمدة رئيسية ناقشها في كتابه الوحيد (محاضرات عن المجتمع العربي في الكويت).

وكان أول تلك الأعمدة المجانية التامة للتعليم، التي لم يطبّقها بالمعنى المتعارف عليه في معظم بلدان العالم، بل طبّقها وفقاً لرؤيته الاجتماعية الخاصة. فلكي تصبح المدرسة مركز جذب، شملت المجانية الكتب والأدوات المدرسية والقرطاسية، كما تكفّلت المعارف بنقل التلاميذ الذين يقطنون مناطق نائية عن مدارسهم. ومن أجل المساواة بين أبناء الفقراء والأغنياء في معاهد العلم، كانت المعارف تمنح كل طالب زيّاً رسمياً موحّداً للصيف وآخر للشتاء، حسب جدول مدروس لكل مرحلة دراسية وكل نوع من التعليم. وأنشأت أيضاً مطبخاً مركزياً، اعتبر وقتها أكبر مطبخ من نوعه في العالم، كان ينتج أكثر من خمسين ألف وجبة كل يوم توزع بسيارات أعدتها المعارف خصيصاً لهذا الغرض. وكانت هذه الخدمات تقدم لجميع التلاميذ والتلميذات في المدارس دون النظر إلى مستوياتهم المادية أو جنسياتهم بهدف خلق جيل جديد معافى بدنياً وذهنياً. وحرصاً على جذب أبناء الفقراء إلى المدارس، خاصة أن التعليم لم يكن إجبارياً في ذلك الوقت، وقد لجأت إدارة المعارف إلى أسلوب فريد تمثل في تقديم إعانات اجتماعية شهرية لآبائهم توازي ما كانوا سيحصلون عليه لو دفعوا بأبنائهم إلى سوق العمل لسد احتياجاتهم المعيشية.

وكان تعليم البنات ثاني هذه الأعمدة، حيث يمكن القول إن إنجازات الأستاذ عبدالعزيز حسين في مجال تعليم الفتيات تعتبر بلا أدنى مبالغة ثورة اجتماعية حقيقية مازالت الكويت تجني ثمارها اليوم وغدا.

وكان ثالث الأعمدة التوسع إلى أبعد مدى في إرسال البعثات إلى الخارج، حيث راهن عبدالعزيز حسين على الأثر الاجتماعي الذي يتركه أعضاء البعثات بعد عودتهم في مجتمع صغير كالكويت سريع التأثر بالتطورات الحديثة، فهذه الفئة من الخريجين هي الفئة التي ستحتل القيادة في المجتمع الكويتي الجديد.

أما رابع الأعمدة فكان تشييد رياض الأطفال، حيث لم تكن الكويت تعرف رياض الأطفال إلا في العام 1954 عندما افتتحت روضتا أطفال على سبيل التجربة. لكن الأستاذ عبدالعزيز حسين تعامل مع رياض الأطفال باعتبـارها جزءا لا يتجزأ من العملية التعليمية انطلاقاً من أنها مرحلة تمهيدية تهدف إلى تكييف الطفل مع جو المدرسة الذي يختلف كثيراً عن جو المنزل.

وكان أهم هذه الأعمدة جميعاً ربط التعليم بالثقافة، حيث أدرك عبدالعزيز حسين بعبقريته العلاقة الوثيقة التي تربط بين التعليم والثقافة، باعتبار أن التعليم وحده لن يكفي للنهوض بالمجتمع إلا في سياق نهضة ثقافية واسعة تشمل الحياة كافة، وكل قطاعات المجتمع. وقد تعاملت إدارة المعارف في ذلك الوقت مع العملية التثقيفية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من العملية التعليمية. وهو ما تمثل في قيام الإدارة بإدخال المسرح المدرسي ودروس الموسيقى والفنون التشكيلية إلى مدارس الكويت. بل إن إدارة المعارف هي التي تولت إنشاء المرسم الحر، والمتحف العلمي، ومتحف الكويت الوطني، وإصدار قانون الآثار. وكانت المواسم الثقافية إنجازاً مهماً في ذاتها. حيث بدأت إدارة المعارف منذ أوائل العام 1955 في تنظيم موسم ثقافي سنوي في ثانوية الشويخ كان يدعى إليه نخبة من أبرز مفكري الوطن العربي لإلقاء محاضرات في موضوعات علمية وأدبية وفكرية متنوعة.

وكانت إدارة المعارف تجمع محاضرات كل موسم وتطبعها في مطابع دار المعارف بمصر في كتاب أنيق تعميماً للفائدة.

وكان الأستاذ يسعى من خلال هذه المواسم الثقافية إلى إثراء الحياة الثقافية في الكويت، لكنه كان يرمي من ورائها أيضاً، وربما بالدرجة الأولى، إلى تعميق معرفة العرب، خاصة مفكريهم، بالكويت، ونجح في ذلك إلى أبعد الحدود. فقد كانت هذه المواسم بداية علاقة لم تنقطع أبداً بين الكويت وهؤلاء المفكرين.

لقد سعى الأستاذ عبدالعزيز حسين إلى تحويل الكويت إلى مركز إشعاع حضاري ومنارة ثقافية وسط العالم العربي. وفي هذا السياق، استضافت معارف الكويت في ديسمبر 1958 المؤتمر الرابع للأدباء العرب، الذي نظم، بمشاركة وفود ست عشرة دولة عربية، في ثانوية الشويخ، وتولى الأستاذ سكرتاريته العامة. ومن الأشياء ذات الدلالة أن الكويت الصغيرة الطامحة هي التي استضافت المؤتمر بعد العواصم الثلاث العريقة للثقافة العربية، أي القاهرة ودمشق وبيروت.

وفي هذا السياق أيضاً، امتدت الأيادي الكويتية لتحمل مشعل التنوير إلى شقيقاتها الخليجيات. ويقول الأستاذ عبدالعزيز حسين (عندما بدأت النهضة التعليمية في الكويت في السنين العشر السابقة لإعلان الاستقلال العام 1961، وكان من بين الأولويات التي اهتمت بها إدارة المعارف آنذاك دعم التعليم وتنشيطه في إمارات ساحل عمان). وقد تولت الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي، التي بدأت مشروعاتها منذ عام 1935، تنظيم المساعدات التعليمية لإمارات الخليج واليمنيين. وهو الوجه الحضاري الذي آثرته الكويت في علاقاتها العربية.

وكان سادس وآخر تلك الأعمدة الاهتمام بالمدارس والمدرسين، حيث سعى الرجل إلى تخصيص أكبر جانب من ميزانية الدولة للتعليم. وتمتعت إدارة المعارف بحرية شديدة في تأسيس مدارسها واختيار مدرّسيها. ويقول في هذا الصدد (... في الواقع أنني قمت بإجراءات عدة - منها على سبيل المثال - أن تكون رواتب المدرسين مجزية ولا يجوز أن ينظر المجتمع إلى المدرسين نظرة دونية مطلقاً. وطلبت كذلك أن تقوم إدارة المعارف بإنشاء مدارسها بدلاً من أن ترتبط بدوائر أخرى فتدخل في عقبة الروتين. ولذلك كانت المعارف تشتري الأرض وتنشئ المباني إلى أن أنشئت وزارة الأشغال، فتركنا هذا الأمر.لكن السبب في انتشار المدارس بسرعة وفي كل مكان هو أن المعارف بنفسها قامت بالحصول على الأراضي والتصميم والإنشاء).

وكان يولي اهتماماً فائقاً باختيار المدرسين، فكان يسافر بنفسه إلى القاهرة والقدس لاختيار أفضل المدرسين من أجل التعاقد معهم للعمل في الكويت. وكان المدرسون يحصلون على أعلى الرواتب والامتيازات مقارنة بكل المهنيين الآخرين في ذلك الوقت.

وغني عن القول أن نشاطات إدارة المعارف لم تقتصر في ظل قيادة الأستاذ لها على الجوانب التعليمية، بل امتدت لتشمل المجالات الأخرى التي ترتبط بشكل أو بآخر بتربية الجيل الجديد والارتقاء به بدنياً ونفسياً. فولدت وزارة الشئون الاجتماعية في أحضان المعارف، بالإضافة إلى العديد من الهيئات والإدارات الأخرى التي استقلت فيما بعد بهياكلها الخاصة، مثل إدارة الحدائق، التي تحوّلت فيما بعد إلى إدارة الزراعة في وزارة الأشغال، والأندية الصيفية، ونادي الطيران.

صروح ثقافية
في العام 1961، كلف الأستاذ عبدالعزيز حسين بعرض المسألة الكويتية على مجلس الأمن بعد أن أثار عبدالكريم قاسم مشكلة العلاقة بين العراق والكويت. ثم توجه من نيويورك إلى القاهرة لكي يقدم طلب انضمام الكويت للجامعة العربية. وكانت هذه التحرّكات هي (... نقطة انطلاق للكويت المستقلة والمعترف باستقلالها دولياً. كما كان ذلك نقطة انطلاق في التغيرات الداخلية ليس أقلها وضع دستور حديث للبلاد وإقامة نظام ديمقراطي وإحداث إصلاحات اقتصادية عدة). وفي هذه الأزمة، استغل عبدالعزيز حسين كل العلاقات الطيبة التي رسّخها قبل ذلك مع أساتذته وأصدقائه أثناء الفترة التي أمضاها في القاهرة لدعم قضية الكويت. الذي كان أستاذاً له في قسم التخصص بكلية اللغة العربية، وقد نجح في مهمته وقبلت الكويت في الجامعة العربية. وعاد الرجل للكويت ليتم تكليفه بالقيام بمهمة أول سفير لدولة الكويت لدى الجمهورية العربية المتحدة في ديسمبر 1961. وهو ثالث سفير في تاريخ دولة الكويت الحديثة. واستمر في منصبه هذا حتى الأول من يناير 1963عندما تم استدعاؤه إلى الكويت للمشاركة في ثاني وزارة كويتية بعد الاستقلال حيث عيّن وزيراً للدولة لشئون مجلس الوزراء بتاريخ 82 يناير 1963. وظل يشغل هذا المنصب منذ العام 1963 وحتى العام 1965، ثم من العام 1971 حتى العام 1985.

ولن يكتمل الحديث عن عبدالعزيز حسين رجل النهضة إلا بالحديث عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. فقد وضع الرجل في هذا الصرح خلاصة تجربته وآماله وطموحاته. وبما أن الكويت كانت دائماً هي محور توجهاته، فقد أراد المجلس منارة متلألئة وعنواناً لها وسط المنطقة العربية. إذ كان يرى في الثقافة أداة رئيسة لترسيخ دور الكويت العربي انطلاقاً من أن الأمن الوطني الكويتي، وسط توازنات للقوى الإقليمية، لن يتحقق إلا في قلب عالمها العربي. وبالإضافة إلى ذلك، كان يؤمن بأن الثقافة هي الركيزة الأولى لأي تعاون عربي مثمر، وبأن المحور الثقافي التنويري، وليس السياسي، هو المحور الأساسي للوصول إلى هذا التعاون والتكامل. ولا يمكن قراءة إنجازات عبدالعزيز حسين الثقافية، وربما إنجازاته كلها، إلا في ضوء هذين التوجهين، أي تحقيق الأمن الوطني الكويتي من خلال ربط الكويت بعمقها العربي وتعزيز دور الكويت الثقافي والسياسي وسط العالم العربي، وتحقيق التقارب العربي من خلال نهضة تنويرية وثقافية شاملة تجعل العقول، وليس القلوب، تدرك الضرورات التاريخية لهذا التقارب والتعاون.

ولابد أن نضيف هنا أن اسم الرجل اقترن خلال الفترة التي تولى فيها الوزارة، إضافة لرئاسته للمجلس الوطني، بالعديد من الصروح الثقافية والعلمية سواء كان ذلك على مستوى الكويت أو على المستويين العربي والدولي. فقد ارتبط اسمه بشكل أو بآخر بتأسيس جامعة الكويت، ومعهد الكويت للأبحاث العلمية، والهيئة العامة للجنوب والخليج العربي وكلية العلوم والتكنولوجيا بالقدس، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والخطة الشاملة للثقافة العربية، ومشروع مكتبة الإسكندرية العالمية، ومعهد تاريخ العلوم العربية الإسلامية في جامعة فرانكفورت، ومعهد العالم العربي في باريس، وبنشاطات منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، واللجنة الدولية للمعهد العالمي للتنمية الثقافية.

لقد كان الأستاذ عبدالعزيز حسين واحداً من جيل روّاد التنوير العرب الكبار الذين لم تنحصر أحلامهم وطموحاتهم وإنجازاتهم داخل الحدود الإقليمية الضيقة، بل كانت مشاريعهم دائماً ذات بعد قومي وذات أفق رحب يأخذ في الاعتبار قضايا وهموم الأمة العربية بأسرها.

 

أحمد خضر

 
 




عبدالعزيز حسين