العدد (507) - اصدار (2-2001)
عقد كامل من الزمن مرّ على واحدة من أخطر الأزمات العربية، وهي مدة كافية لتجعلنا نتساءل: إلى متى يستمر هذا التدهور العربي؟ وهل لم يأن الأوان لوضع استراتيجية توضح البصيرة العربية في النظر إلى قضايانا المصيرية؟ لقد أصبحت الكويت قادرة الآن على التفكير في كل خيارات الحاضر والمستقبل أيضاً مطلوب تنمية ثقافية تعزز الإبداع وتحافظ على الهوية وتكفل حرية التعبير
يقول علماء تاريخ الإنسان - (الأنثروبولوجي) - إن هذا الكائن الجديد، الذي يمشي على قدمين ويستخدم الطرفين الباقيين في مختلف أغراض معيشته، بحذق ومهارة لا يدانيه فيهما كائن آخر، قد ظهر على كوكب الأرض منذ مليونين أو ثلاثة ملايين من السنين، وهم معذورون في ذلك، فالمهمة شاقة وعويصة، والعثور على جمجمة هنا وأصبع هناك مسألة تخضع للمصادفة، والدلائل مخبوءة في باطن الجبال والأنقاض
أخطر ما يمكن أن يقع فيه طبيب لمعالجة مرض أن ينصرف نظره من موضع العلة إلى سواه وأن يقرر الدواء والمعالجة قبل الوصول إلى التشخيص الصائب لطبيعة المرض وأسبابه، فتكون معالجته - حينئذ - ليست جهداً ضائعاً فحسب، بل تكون نوعاً من المرض المضاف. قبل التعرض لدراسة واقع الثقافة العربية في أسبابه ودوافعه، تجدر الإشارة إلى ظاهرتين تبعثان في نفس المتأمل لحال أمته المهتم بهمومها قدراً كبيراً من الحيرة والإرهاق
لجأت فرنسا من أجل توطين ثقافتها ولغتها في مستعمراتها ـ إلى إرسال الشبان المستعمرين الواعدين إلى باريس لتلقي العلم، ولكن هذه السياسة أدت إلى عكس المأمول منها..!! في ديسمبر عام 1958 دعا الرئيس كرامي نكروما رئيس غانا لعقد مؤتمر "كل الشعوب الإفريقية" الأول في العاصمة أكرا. واستغل نكروما الفرصة للدعوة إلى إقامة ما عرف باسم Pan-Africanism، وأثارت الفكرة والدعوة خيال كثير من الكتاب الأفارقة ـ وبخاصة في غرب القارة ـ للبحث عن الشخصية الإفريقية ومقوماتها بالرجوع إلى التاريخ والتراث الأفريقي التقليدي بكل ما يشتمل عليه من أساطير وأمثال وحكايات وأفكار إنسانية عميقة
ثمة سؤال يطرح نفسه بعد قراءة نتائج التحولات الاقتصادية في بعض الدول خلال العقدين الماضيين: كيف يمكن تحقيق التوازن بين دوري القطاعين العام والخاص؟ تطرح بإلحاح متزايد في السنوات الأخيرة مسألة التخصيص أو الخصخصة بوصفها الخيار الأمثل، والأكثر جدوى في نظر البعض، الذي يتيح للاقتصاد الوطني في هذا البلد أو ذاك مواجهة التحديات الكبيرة الناجمة سواء عن تبدل النظام الاقتصادي - الاجتماعي (كما هو الأمر في البلدان التي كانت تسمى اشتراكية)
إنه أحد المفكرين القلائل الذين نظروا إلى القومية في صورتها العقلانية، وبحثوا عن عوائق الحاضر قبل أن تأخذهم غيبوبة الأمجاد الماضية. فقدت الأمة العربية في 12 أغسطس الماضي الدكتور قسطنطين زريق، الذي توفي في مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت بعد فترة اعتلال قصيرة داهمته في عامه الواحد والتسعين. وبخسارة هذا المفكر القومي الرئيس، وهذا الأستاذ الجامعي والمربي الكبير، خسرت أمتنا رجلاً كان طوال حياته المديدة قدوة لزملائه وتلامذته ومريديه من المثقفين والسياسيين