العدد (507) - اصدار (2-2001)
هل حدث أن دخلت بيتك فافتقدت سماع أصوات أطفالك وجلبتهم وتدافعهم إليك فرحين بعودتك؟ معظمنا صار يفتقد هذه اللحظات الجميلة، تدخل إلى بيتك، فلا يشعر أحد بك، أطفالك مسمرون في أماكنهم كأن على رءوسهم الطير وقد سرق التلفزيون منهم كل حواسهم وجعلها منصبّة على ما يعرض، فغدوا في عالم آخر لا يمت إلى الواقع إلا بوجودهم الجسدي. عندما كنا أطفالاً، وقبل أن يغزو هذا الجهاز بيوتنا بهذه الصورة
بيننا ترقد هذه المرأة، بيننا تتردد أنفاسها الحارقة كحائط عال وسور من الأشواك. أمد يدي إليه، تتسلل أصابعي من تحت السور، تسيل دمائي على الأشواك وهي واقفة في المنتصف تنفث دخانها وأنفاسها الحارقة، عيناها الشاخصتان تحترقان ببريق غامض، شعرها المنفوش يطل ألسنة من نار، عظامها البارزة عند الكاحل ورجلاها تمتدان كالمخالب، كلما حاولت أن أمد ذراعي إلى ذراعيه خمشتني فأرتد حاسرة الطرف، كلما امتد إصبعي إلى الشوك توقدت عيناها ومع كل انسيال لدمي تبتسم